أبرز 5 بدائل للحبس الاحتياطي على مائدة الحوار الوطني
عاد الحديث مجددًا بشأن ملف الحبس الاحتياطي، وأثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية، خلال هذه الأيام، خاصة بعد إدراجه للمناقشة على رأس جدول أعمال الحوار الوطني، وذلك نظرًا لأن البعض يعتبر أن الحبس الاحتياطي هو فلسفة جديدة من العقوبات السالبة للحريات، وأن مناقشته خلال جلسات الحوار الوطني تمثل أهمية بالغة بالنسبة لغالبية رجال القانون والسياسة، لا سيما أن هناك العديد من البدائل للحبس الاحتياطي وفقًا للقانون.
ضبط وإعادة صياغة مواد الحبس الاحتياطى
يأتي ذلك في الوقت الذى انتهت فيه اللجنة الفرعية لصياغة وإعداد قانون الإجراءات الجنائية المتكامل الجديد، من ضبط وإعادة صياغة مواد الحبس الاحتياطى، والمقرر أن تعمل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، خلال الإجازة البرلمانية المقبلة، للانتهاء من إعداد تقريرها حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية؛ تمهيدًا لمناقشته خلال دور الانعقاد المقبل.
وتتضمن التعديلات تخفيض مدد الحبس الاحتياطي لتكون فى الجنح 4 أشهر بدلًا من 6 أشهر، وفى الجنايات 12 شهرًا بدلًا من 18 شهرًا، و18 شهرًا بدلًا من سنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام، وتحديد حد أقصى للحبس الاحتياطى من محكمة جنايات الدرجة الثانية أو محكمة النقض فى الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد ليصبح سنتين بحد أقصى بدلًا من عدم التقيد بمدد؛ لأنه كانت هناك بعض التعديلات بسبب القضايا الإرهابية، وهى اعتبار مدة الحبس فى الجرائم التى تصل عقوبتها إلى الإعدام أو أمن الدولة مددًا مطلقة، وقيدها القانون بسنتين.
خسائر اقتصادية كبيرة يتسبب فيها الحبس الاحتياطي
وبحسب دراسة أجراها مركز «جسور للدراسات والاستشارات الثقافية والتنموية»، فإنه لا شك أن الحبس الاحتياطي أحد أهم الإجراءات الجنائية التي تضمن مصلحة التحقيق والمحاكمة بالنظر لمبرراته التي حددها القانون لا سيما الحول دون هروب المتهم أو العبث بأدلة الجريمة أو غيرها، إلا أن هذا الإجراء له تداعيات اقتصادية وتكلفة تتحملها الدولة، وخسائر يتحملها المتهم الذي ربما يكون حبسه احتياطيًا دون وجه حق إذا صدر حكمًا بتبرئته أو قرارًا بلا وجه لإقامة دعواه، وبالتالي فيتعين أن تكون التكلفة الاقتصادية محل اعتبار في ضلوع السلطة المختصة بحبس متهم ما من عدمه، وأضحى إعمال التناسب بين صدور الأمر بالحبس من ناحية، والتكلفة الاقتصادية المترتبة عليه من ناحية أخرى، ضرورة يجب الالتفات إليها، لما تحدثه من عبء وتكلفة اقتصادية، تارة على الدولة، وتارة أخرى على المتهم على الرغم من براءته بحس الأصل وفقا لقرينة البراءة.
واستعان المركز بنموذج تطبيقي من خلال عينة تتمثل في مجموعة من أوامر الحبس الاحتياطي في مصر بين عامي 2009 و2022 لبيان أوجه تكلفة الدولة والخسارة المالية التي يتحملها المتهم، ثم استجلاء الوسائل التي يمكن أن تؤدي للحد من هذه التكلفة سواء بوسائل تقليدية أو وسائل تكنولوجية.
وأوضح أنه يقصد بالتكلفة الاقتصادية للحبس الاحتياطي، مجموع الخسائر المالية التي يتكبدها المتهم والدولة نتيجة لهذا النوع من الحبس، بالنسبة للمتهم ربما يفقد عمله أو مصدر رزقه أثناء احتجازه، مما يؤدي إلى انخفاض دخله أو فقدانه تمامًا خاصة إذا كان من العمالة الموسمية أو اليومية أومن يضطلعون بأعمال تجارية، وما يتكبده من تكاليف باهظة لإثبات براءته، كدفع أتعاب المحامين والرسوم القانونية الأخرى كالكفالة على سبيل المثال التي تجنب المتهم الحبس الاحتياطي في بعض الحالات، ويدخل في التكلفة كذلك ما قد يصيب المحبوس احتياطيًا من مشكلات صحية ونفسية يدفع مقابلها تكاليف طبية، يضاف إلى ذلك معاناة عائلة المتهم من عبء مالي للإعاشة اليومية بسبب حبسه، خاصة إذا كان هو المعيل الرئيسي للعائلة.
واستكمل: «وأما بالنسبة للدولة فيقع على كاهل موازنتها العامة تكلفة كبيرة أيضًا، يدخل فيها نفقات الإيواء والطعام والرعاية الطبية للمحبوسين احتياطيًا، يدخل كذلك ضمن التكلفة الاقتصادية قيمة الوقت المهدر لسلطة التحقيق التي تتولى إصدار الأمر بالحبس الاحتياطي، وفقدان إنتاجية المحبوسين احتياطيًا، وغيرها من مصروفات نقل وتأمين بعدد ما يتردد المحبوس احتياطيًا على سلطة التحقيق حال سماع أقواله أثناء التحقيق، أو في كل مرة يتم تجديد الحبس الاحتياطي له».
وأضاف: «وتتفاقم التكلفة الاقتصادية للحبس الاحتياطي مع تضخم أعداد المحبوسين من ناحية إذ يتطلب الأمر توفير مزيد من التأمين والمراقبة، ومن ناحية أخرى تضطرد التكلفة مع تمديد مدد الحبس الاحتياطي وهو ما يعرّض الكثير من المحبوسين احتياطيًا لفقدان وظائفهم، فضلًا عن زيادة تكلفة الإيواء وتوفير الغذاء والمياه والكهرباء والنقل والرعاية الصحية وغيرها من المصروفات الأخرى».
إجراءات الحبس الاحتياطي
وتعليقًا على ذلك، قالت الدكتورة صابرين أحمد مصطفى، المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، إن الحبس الاحتياطي وفقًا لتعليمات النيابة العامة؛ يُعد إجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائي من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك، والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجني عليه، وكذلك وقاية المتهم من احتمالات الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة.
وأضافت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة لـ«النبأ»: «لذلك يتعين بعد انتهاء التحقيق صدور قرار وكيل النيابة بحبس المتهم 4 أيام، وتختلف طريقة حساب الأربعة أيام حسب مصدر قرار الضبط، فإذا كانت النياية هى من أصدرت قرار الضبط فإن حساب الأربعة أيام تبدأ من لحظة القبض على المتهم تنفيذا لقرار النيابة، أما إذا كان القبض على المتهم نتيجة للتلبس بجريمة، وتم عرضه بعدها على النيابة يبدأ حساب الأربعة أيام من تاريخ عرضه على النيابة، طبقا للمواد 35 و36 و201 إجراءات جنائية».
واستكملت: «بعد انتهاء الأربعة أيام يتم عرض المتهم على القاضى الجزئي لإصدار قراره، وله الحق فى إصدار قرار باستمرار حبس المتهم لمدد لا تتجاوز فى مجموعها 45 يوما، ثم بعد ذلك يتم عرض المتهم على محكمة الجنح المستأنفة المنعقدة بغرفة المشورة والتى لها أن تقرر حبسه مدد لا تتجاوز فى مجموعها 3 أشهر، ليتم عرضه على محكمة الجنايات منعقدة فى غرفة المداولة، وتكون أقصى مدة للحبس الاحتياطى 18 شهرا باستثناء الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد والتي تكون سنتين».
وأشارت المحامية، إلى أن سلطة محكمة الجنح المستأنفة المبينة فى المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية اقتصرت على النظر فى مدة الحبس الاحتياطي بعد استنفاد المدة المقررة لقاضى التحقيق، مددا متعاقبة لا تزيد كل منهـا على 45 يوما، شرط ألا تزيد مدة الحبس الاحتياطي على 3 أشهر، فإذا كانت التهمة المنسوبة إليه جناية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على 5 شهور، أى أن لغرفة المشورة الحق في التجديد حتى 5 أشهر.
خطة تنفيذ توصيات المرحلة الأولى وقانون الحبس الاحتياطي
من ناحيته، قال نجاد البرعي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، إن اجتماع مجلس أمناء الحوار ناقش خطة تنفيذ توصيات المرحلة الأولى وقانون الحبس الاحتياطي، مؤكدًا على أهمية التعاون الدائم بين الحوار الوطني والحكومة وبالأخص الجهات المعنية فى قضايا الحبس الاحتياطى لما يبين مدى التعاون لإظهار حقوق المواطنين فى التعبير.
وأضاف عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، في تصريح خاصة لـ«النبأ»، أن قانون الحبس الاحتياطي وكيفية التعامل مع المتهم أمر في غاية الأهمية، مشيرًا إلى وجود بدائل كثيرة للحبس الاحتياطي في القانون منها: الكفالة، المنع من السفر خارج البلاد، أو منع الشخص من التحرك خارج المحافظة أو المدينة أو الحي المقيم فيه، أو المنع من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، المراقبة القضائية، هناك بدائل كثيرة يمكن استبدال الحبس الاحتياطي بها دون وقوع ضرر على أحد.
وأشار «البرعي»، إلى أن معظم دول العالم تعتمد على بدائل للحبس الاحتياطي، وأن هناك إرادة سياسية في مصر لتعديل قانون الإجراءات الجنائية ليعكس هذه التوجهات، مضيفًا أن تبني بدائل للحبس الاحتياطي لن يخفف العبء عن الأفراد فحسب، بل سيقلل أيضًا من النفقات المالية التي تتحملها الدولة.
وأكد عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، على أهمية تطوير النظام القضائي ليعزز من حقوق الإنسان ويحافظ على كرامته، منوهًا إلى أن الإصلاحات المقترحة ستساهم في تحقيق العدالة وتحسين صورة النظام القضائي في مصر.