رئيس التحرير
خالد مهران

حسام صلاح الدين يكتب: ما بين "جاي فوكس وهنية".. جوهرية الأفكار

حسام صلاح الدين باحث
حسام صلاح الدين باحث ومعيد بجامعة الأزهر

ما بين التاريخ والواقع نتذكر دائمًا كلمات المفكر العربي إبن خلدون في مقدمته، في محاولته بالقول أن الواقع هو امتداد للتاريخ، وإعادة صياغة لأحداث وأفكار الماضي بطريقةٍ  جديدة.

ونتذكر أيضًا رمزية "جاي فوكس"  ذلك الثائر الانجليزي الذي وصفه لنا التاريخ أنه صاحب مؤامرة البارود الفاشلة في لندن عام 1605 ميلاديًا حيث كان ينوى هو ومجموعته تفجير مجلس اللوردات في مدينه لندن لرؤيتهم أنهم أساس فساد الحياة في تلك الفترة المظلمة من تاريخ أوروبا.

وبالرغم من وصف المحاولة بالفشل والقبض على "جاي فوكس"  ومحاكمته وإعدامه، لكنها تظل محاولة يذكرها التاريخ دائمًا كونها رمزية ومُلهمة لما بعدها من الثورات في تاريخ الإنسان المعاصر لما تحمله من رسائل وأفكار لا تنتهي.


ويوضح لنا المخرج المبدع "جيمس مكتيغ"  من خلال فيلمه الشهير "V for Vendetta"  فكرة المقاومة المأخوذة عن "جاي فوكس"  في مشهد إبداعي والمقولة الخالدة للبطل
"وراء هذا القناع أكثر من مجرد لحم، وراء هذا القناع فكرة، والأفكار لا تموت".

توضح لنا تلك المقولة" جوهر فكرة المقاومة" فبالرغم من موت البطل في الفيلم إلا أن فكرته لم تمت قط، بل زاد أعداد المؤمنين بها وأصبح القناع رمزية تدل على "فوكس"  وفكرته الخالدة ونجاحها في النهاية.

وفي هذا الحديث عن أفراد المقاومة في كل رواية وأحداث تاريخه، نتذكر جوهر وحقيقة الفكرة، بأن المقاومة فكرة والأفكار لا تموت.

فمهما حاول الاحتلال إغتيال القادة والأشخاص أصحاب "الذوات الحقيقية"  إلا أنه يظل عاجز في قتل "الفكرة المجردة" وهي المقاومة وإسترداد الحقوق.

لإنه في الأصل لا قيمة للأشخاص مقابل المعنى والفكرة وهذه هي رمزية "جاي فوكس".

فدماء المقاومين هي السبيل الوحيد لبقاء الفكرة وهذا أساس معضلة بقائها، فهي تظل باقية مادام لها قادة وأتباع مؤمنون بها لدرجة الهوس يضحون بأنفسهم في سبيل بقاء فكرتهم.

وهذا الذي لا يفهمه الاحتلال، فلقد قتل الاحتلال الكثير من قادة المقاومة على مدار تاريخها فهل انتهت؟  بل تزداد قوة وصلابة، من الشيخ الجالس أحمد ياسين، إلى يحيى عياش، مرورًا بأبطال كثر إنتهاء بإسماعيل هنية، هل نستطيع أن نقول إنتهت المقاومة؟ بالطبع لا، بل تزداد الفكرة تعمقًا في جوهرها، ويستبدل القائد بمن هو أقوى منه، وتظل المقاومة ثابتة في فكرتها لا تتبدل لأن قانونها الثابت: 
"وراء هذا القناع ما هو أكثر من اللحم، وراء هذا القناع فكرة والأفكار لا تموت"

"فالمقاومة فكرة، لم ولن تموت".