موجات تضخمية جديدة..
ماذا ينتظر المصريون خلال الـ4 أشهر المقبلة؟
يعيش الشعب المصري في حالة من الغضب بسبب موجات الغلاء الذي تشهدها الأسواق وخاصة في السلع الأساسية والخدمات منذ بداية عام 2024 حتى الآن.
وجاءت تصريحات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، حول رفع أسعار العديد من الخدمات، خلال الفترة المقبلة، بشكل تدريجي، كالصاعقة على رؤوس المصريين ولا سيما الطبقة المتوسطة التي بدأت في الاختفاء مع استمرار زيادات تفاقم أزمة التضخم مع تدني الأجور.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة تعمل جاهدة لاكتساب ثقة المواطن وسط الظروف الاقتصادية الصعبة.
وأضاف، أن أي قرارات تتعلق بزيادة الأسعار أو تحريكها تأتي كخيار أخير، حيث تسعى الحكومة دائمًا لتجنب فرض أعباء إضافية على المواطنين.
وأشار «مدبولي»، إلى أن الحكومة تحاول قدر الإمكان، تأجيل أي زيادة في الأسعار على أمل أن تنتهي الأزمات العالمية، إلا أن تصاعد الأزمات يؤدي في النهاية إلى تراكم الأعباء على الدولة، مما يجعل من الصعب الاستمرار في هذا النهج.
وأكد أن الحكومة تتحمل جزءًا كبيرًا من الأعباء المالية، ولكن في بعض الأحيان يكون من الضروري نقل جزء من هذا العبء إلى المواطن.
وذكر رئيس الوزراء، أن تكلفة دعم المواد البترولية تصل إلى 450 مليون جنيه يوميًا، موضحا أن الدولة لا تستطيع تحمل هذا العبء الضخم بشكل دائم.
وأوضح أن الاستمرار في دعم المواد البترولية بهذا الشكل غير ممكن، وأن الحكومة تسعى لتحقيق توازن بين تحمل الأعباء وتخفيفها عن المواطنين.
زيادات في الكهرباء والبنزين والمترو والقطارات
وكانت الحكومة قررت رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق والقطارات للمرة الثانية خلال عام 2024 بداية شهر أغسطس الجاري، حيث وصل بدءًا من محطة حتى 9 محطات 8 جنيهات، وكبار السن 4 جنيهات، ومن 10 إلى 16 محطة 10 جنيهات، وكبار السن 5 جنيهات، ومن 17 إلى 23 محطة 15 جنيها، وكبار السن 8 جنيهات، وأكثر من 23 محطة بـ20 جنيها، وكبار السن بـ 10 جنيهات، وسعر موحد للتذكرة 5 جنيهات لذوى الهمم.
وأما بالنسبة للقطارات فزاد سعر تذكرة الدرجة الأولى التالجو 50 جنيها، لتصبح 275 جنيها، بدلا من 225 جنيها على خط القاهرة الإسكندرية.
وزاد سعر تذكرة الدرجة الثانية التالجو 25 جنيها لتصبح 175 جنيها بدلا من 150 جنيها على خط القاهرة الإسكندرية.
والقطارات الإسبانية والفرنساوي والـVIP ذات الدرجة الأولى والروسي المكيف والروسي التهوية الدرجة الثالثة بأنواعها شملت سعر التذكرة زيادة 12.5% والتقريب لأقرب خمس جنيهات.
والقطارات الإسبانية والفرنساوي والـVIP الدرجة الثانية والروسي المكيف والروسي التهوية الدرجة الثالثة بأنواعها شملت زيادة 12.5% في سعر التذكرة والتقريب لأقرب خمس جنيهات، وقطارات الضواحي وتحيا مصر.. زيادة 25% والتقريب لأقرب خمس جنيهات.
كما رفعت الحكومة أسعار البنزين، للمرة الثانية، خلال العام الجاري، لتبدأ الزيادة الجديدة من شهر يوليو الماضي، حيث تحريك سعر البنزين بأنواعه والسولار وزاد سعر لتر بنزين 80 من 11 جنيهًا إلى 12.25 جنيه، أي بقيمة 1.25 جنيه، وسعر لتر بنزين 92 من 12.5 جنيه إلى 13.75 جنيه، أي بقيمة 1.25 جنيه، وبنزين 95 من 13.5 جنيه إلى 15 جنيهًا، أي بقيمة 1.5 جنيه، وسعر لتر السولار من 10 جنيهات إلى 11.5 جنيه، بزيادة 1.5 جنيه، كما تقرر رفع سعر لتر الكيروسين من 10 جنيهات إلى 11.5 جنيهات، بزيادة 1.5 جنيه.
وكان رئيس مجلس الوزراء أكد أنه سيتم زيادة أسعار بعض المنتجات البترولية تدريجيًا حتى نهاية ديسمبر 2025.
وكشفت وزارة البترول والثروة المعدنية، عن ارتفاع دعم السولار للضعف تقريبًا لتصل تكلفته 20 جنيهًا، وهو ما يعني زيادة قيمة البنزين بنفس التكلفة لتحرير الدعم عن المحروقات خلال الـ17 شهرًا الذي أعلن عنهم رئيس الوزراء.
وقال خالد عثمان، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية، إن الدول المحيطة تبيع السولار بسعر يتخطى 35 جنيهًا، في حين يبلغ سعره بالأسواق العالمية نحو 34 جنيهًا.
وأضاف: «الدعم اليومي المقدم للسولار يخسر الدولة 450 مليون جنيه يوميًا، ولو أضفنا دعم البنزين ودعم المحروقات التي يتم توريدها للكهرباء يتخطى الدعم مليار جنيه يوميًا، وهذا رقم مرعب».
ومن المقرر -أيضًا- تحريك أسعار شرائح استهلاك الكهرباء بقيمة 20%، خلال الأيام المقبلة، خاصة مع ارتفاع تكلفة إنتاج الكيلو وات ساعة مما ترتب عليه زيادة الأعباء المالية على الحكومة المصرية.
وتوقع خبراء الاقتصاد، حدوث زيادة للمرة الثالثة قبل نهاية عام 2024، في أسعار الكهرباء والبنزين بقيمة تتراوح بين 15% إلى 20%، بينما سيصل سعر الدولار إلى 50 جنيهًا أو أكثر في ظل الظروف العالمية المحيطة من الحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرئيلي على غزة وزيادة التصعيد الإقليمي بعد دخول إيران ولبنان، والصراع في السودان، ما سيترتب عليه ارتفاع في أسعار السلع الغذائية بنسبة 30%.
التعامل مع الصندوق أصبح أمرا لا بد منه
وفي هذا السياق، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن هناك تخبطا بين الحكومة وبعضها وهذا ظهر بشكل واضح في تصريحات رئيس الوزراء والبنك المركزي، عندما أعلن ارتفاع الاحتياطي النقدى، في الوقت نفسه الذى تتراجع فيه تحويلات المصريين بالخارج والسياحة، وإيرادات قناة السويس بنسبة 60%.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذا يدل على أن ارتفاع الاحتياطي نتيجة لبيع الأصول مثل رأس الحكمة بجانب قروض صندوق النقد، وهو ما يفرض شروطا جديدة على مصر، مثل مزيد من زيادة في أسعار الكهرباء والبنزين وتحويل الدعم العيني إلى نقدي، وتحرير في سعر الصرف.
وأشار «فهمي»، إلى أن التراجع عن التعامل مع صندوق النقد بسبب استمراره في فرض شروط تضغط على المواطنين وتزيد من الموجات التضخمية وارتفاع السلع والخدمات أصبح صعبا، قائلًا: «التعامل مع الصندوق أصبح أمر لا بد منه».
وتوقع ارتفاع أسعار البنزين بنسبة 15%؛ ليصل بنزين 92 إلى بين 15 و17 جنيهًا والسولار بين 13 و15 جنيهًا، قبل نهاية 2024، حيث سيتم رفع الأسعار عن المحروقات كل 3 أشهر مع اجتماع لجنة تسعير المنتجات البترولية، حتى يتم التحرير بشكل كامل ديسمبر 2025.
وتابع: «أسعار الكهرباء سترتفع أيضًا 15%، رغم زيادتها، خلال الشهر الماضي، والحكومة لم تعلن تطبيق الشرائح الجديدة، حيث ظهرت شكاوى من ارتفاع كبير في الفواتير الفترة الأخيرة، ولكن استبعد حدوث أي زيادة جديدة في تذاكر المترو أو القطارات خلال عام 2024».
وأوضح أن هناك مزيدا من ارتفاع أسعار السلع بجانب زيادة في سعر رغيف الخبز المدعم والسياحي؛ نتيجة الارتفاعات للأسعار العالمية، متابعًا: «قريبا سعر رغيف الخبز السياحي سيصل إلى 1.75 جنيه».
وحول سعر الدولار، أكد الخبير الاقتصادي، أنه لا يزال البنك المركزي يتحكم في سعر العملة، متوقعًا وصول سعر الدولا بين 50 إلى 60 جنيهًا مع استمرار سياسات القروض وانخفاض الصادرات وإيرادات قناة السويس مع الظروف العالمية المحيطة بالبلاد.
شبكة حماية اجتماعية في الأجور والمعاشات
ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن المحروقات ارتفعت بالفعل بين 10% و15%، وفي انتظار ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 20% الفترة المقبلة، كما بدأت أسعار الأدوية في الارتفاع بين 20% و30%.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذا بجانب اتجاه الدولة إلى تحويل الدعم العيني إلى نقدي، مشيرًا إلى أن الزيادات في أسعار الكهرباء والبنزين، يعتبر ضغوطا تضخمية على المواطن، لذلك يجب أن يقابلها شبكة حماية اجتماعية متكاملة في الأجور والمعاشات لمواكبة الزيادات القادمة.
وتوقع «الإدريسي»، حدوث زيادات جديدة في سعر الدولار ليصل إلى 50 جنيهًا الفترة المقبلة، وخاصة مع شرط الصندوق بعدم دعم العملة الوطنية، وتأثر مصادر مصر الدولارية بعد تراجع إيرادات قناة السويس، والتزامات مصر الخارجية من الديون، قائلًا: «وهي نقطات تؤثر بشكل واضح على سعر صرف الجنيه».
وحول وصوله إلى 60 جنيهًا، أكد أن الاستثمارات التركية والإماراتية والسعودية وتشجيع السياحة والصادرات وعودة تحويلات المصريين في الخارج يعطي نوع من الاستقرار في سعر الصرف، بجانب القروض، قائلًا: «من حق البنك المركزي التدخل في حالة الزيادة المفرطة في سعر الجنيه، حيث الارتفاعات بشكل تدريجي أمر طبيعي مقبول اقتصاديًا ولكن القفزات إلى 60 و70 جنيهًا أمر لن يحدث».
أما بالنسبة لارتفاع جديد في أسعار الكهرباء والبنزين، أوضح الخبير الاقتصادي، أن مصر تشهد لأول مرة تحريكا في الأسعار في مرتين في سنة واحدة، يناير ويوليو وهو ما يجعل زيادة الأسعار مرة أخرى في نهاية العام أمر وارد، مع سعر الصرف وتكلفة الاستيراد، وحجم الطلب على المحروقات.
وتوقع تأثير السلع الغذائية بارتفاع أسعار الكهرباء والبنزين بنسبة تقترب من 30%، قائلًا: «السلع ستتأثر بزيادات بنسب متفاوتة، ولكن نتحدث عن زيادة 15% في المحروقات و20% في الكهرباء فنسب الزيادة في السلع تتجاوز هذه القيمة وتصل إلى 30%».