تجاوزات وأعباء.. كيف يرى المُختصون ظاهرة حفلات التخرج بالجامعات والمدارس؟
- وائل كامل: الطالب يتحمل تكلفة الحفل داخل الجامعة كاملة ولذلك بيعمل اللي عايزة «بفلوسه»
- تامر شوقي: الطالبالجامعي يرقص أمام أساتذته لأنهم أصبحوا دون سلطة عليه وحفلات تخرج المدارس مالهاش لازمة
- أمين المجلس الأعلى للجامعات: وضع آليات للحفاظ على الأعراف والتقاليد الجامعية
تساؤلات عدة أثيرت بشأن أسباب خروج حفلات التخرج بالجامعات عن العادات والقيم الجامعية، أبرزها لماذا أساتذ جامعي أن يشهد تلك التجاوزات في حضوره سواء كان الحفل داخل الجامعة أو خارجها؟ وكيف للجامعة أن تُنظم حفل تخرج لا يحترم الحرم الجامعي؟ وكيف يمكن وضع حد لما وصفه الكثيرون بـ«المهازل»؟ وماذا عن حفلات تخرج المدارس التي تجاوزت كل الحدود هي الأخرى؟ ويجيب المختصون عنها في محاولة للتوصل إلى حل للأزمة برمتها.
«زنقة» الجامعات
الجامعات توافق مضطرة بمثل هذه الحفلات التي تشهد التجاوزات، لأنها «مزنوقة» في مجموعة صور لـ«تستف» أوراقها، لإثبات معيار الطلاب والخريجين، الذي تشترطه هيئة الجودة كأحد متطلبات حصول الكلية أو الجامعة على الجودة، حسبما أكد أستاذ التربية الموسيقية بجامعة حلوان، الدكتور وائل كامل.
ويضيف أن الجامعة لا تمتلك ميزانية لإقامة الحفل للطلاب -الذي يعتبر شرط لحصولها على الجودة- ما يضطرها إلى السماح للطلاب تحمل تكلفة الحفل، من تأجير للمسرح الخاص بالجامعة دون دعم منها، ومستلزمات حفل التخرج من أرواب وهدايا تذكارية وساوند سيستم وغيره، ما ينتج عنه ما تراه الآن من رقص وإسفاف ومناظر لا تليق بالحرم الجامعي، كما أظهرتها مقاطع الفيديو المتداولة: “والطالب بيعمل كدا بفلوسه”.
ويوضح أنه من غرائب متطلبات الجودة بمعيار الطلاب والخريجين، لا يقف فقط عند اشتراط أن تنظم الجامعات حفلات تخرج تتحمل تكلفتها كاملة أو جزء منها للخريجين، ولكن الأمر يصل إلى أن تكون مُلزمة بدشين رابطة للخريجين وأن تكون على تواصل مستمر معهم لدعمهم وتنمية قدراتهم، وعند توجيه تساؤلات بشأن تلك المتطلبات كافة، تكون إجابة الجامعة «مافيش ميزانية»، ما يجعلها تقترح فرض رسم مع المصروفات لدفعة السنوات النهائية بمختلف الكليات، تحت مسمى مستلزمات حفل الخريجين، إلا أن الإجابة تكون القانون لا يسمح بذلك، ما يجعل الجامعات تقع بين مطرقة متطلبات الجودة وسندان الميزانية التي لا تسمح.
الحل بالقانون
ويشير «كامل»، إلى أن حفلات تخرج المدارس الخاصة ما هي إلا «سبوبة» لأن الهدف الأول للمدارس الخاصة هو الربح، وحفلات التخرج وسيلة لذلك، ويؤكد أن وزارة التربية والتعليم ليس لديها الحق بالسيطرة على المدارس الخاصة، فحدود سلطة الوزارة يقف عند المصروفات الدراسية، وحسب، ولا علاقة لها بالنثريات الأخرى، فلا تستطيع منع المدارس من إقامة الحفلات، ولذلك نجدها تقيم تلك الحفلات حتى للطلاب في كي جي، لمجرد جمع الأموال من أولياء الأمور.
ورغم انتقال الأمر إلى المدارس التجريبية والحكومية إلا أنها قيمة الرسوم التي تفرضها على الطلاب إلى ما تفرضه المدارس الخاصة،لاسيَّما وأنها تُقام بالجهود الذاتية لمجرد تقليد الظاهرة ليس إلا، وفقًا لأستاذ الموسيقى بجامعة حلوان.
ويختتم «كامل» حديثه في هذا بشأن أزمة حفلات تخرج الجامعات، موضحًا أن مشكلة المسؤولين التعامل مع أي أزمة بمبدأ «العصا والجزر»، دون البحث عن أسبابها؛ فالمشكلة ليست في التجاوزات أو قبول الأساتذة الحضور بها والحل لن يكون بمعاقبتهم، مُضيفًا أن الحل يكمن في وضع ضوابط تبع لوائح لكليات أو أو مادة بالقانون أو قرارات من المجلس الأعلى للجامعات تسمح بتنظيم حفلات التخرج بشكل أكاديمي، وتخصيص بند في لوائح الكليات لتنظيم حفلات التخرج ومنع أن يكون الطالب هو المسؤول عن مصروفات الحفل داخل الجامعة، حتى لا يكون هو المتحكم الأول في شكل الحفل، وذلك وفق آلية تسمع بجمع مبلغ مالي من طلاب الفرق النهائية مع المصروفات تحت بند إقامة حفل التخرج، وتكون الجامعات المتحكم بالأمر، يجب أن يوجه المبلغ بأكمله إلى الحفل دون تخصيص نسب منه لبنود تخدم الجامعة تحت بند تعظيم مواردها، فلا يصح أن أفرض احترام الأعراف والتقاليد الجامعية في حين أن الطالب من يدفع تكلفة الحفل خارج إطار قانوني.
دواعي نفسية
فكرة إقامة حفلات التخرج داخل الجامعة جيدة، وتحقق مصلحة الطلاب والجامعة لتنمية مواردها الذاتية من ناحية أخرى، ولكن الأزمة فيما يحدث خلالها من انتهاكات تخالف الأعراف الجامعية التي تنص على ضرورة احترام الحرم الجامعي بكل الأحوال سواء أكان داخل المحاضرات أو الحفلات أو أي أنشطة أو حتى أنشطة موسيقية، فإذا تواجدت تلك الانتهاكات فإن تلك الحفلات ستكون بلا جدوى، حتى وإن كانت وسيلة لتنمية موارد الجامعة، حسبما يؤكد أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس الدكتور تامر شوقي لـ«النبأ الوطني».
ويضيف أن إدارات الكليات بالخروج بتلك الحفلات على أفضل صورة، إلا أن الطلاب سببًا في الخروقات التي تفشت في حفلات التخرج؛ لتأثرهم بالسوشيال ميديا وبالمهرجانات التي جعلتهم يتصرفون بهذه الصورة المُثيرة، ولكن يمكن القضاء على تلك التجاوزات من خلال وضع ضوابط للحفلات يلتزم بها الجميع.
ويوضح أستاذ علم النفس التربوي، أن هناك نواحي نفسية وسيكولوجية، وراء الرقص المبالغ فيه للطلاب بحفلات تخرجهم، على رأسها إهمال الوالدين لإكساب أولادهم قيم أخلاقية ودينية سليمة منذ الصغر، فيبدو لهم أن الرقص بحفل التخرج أمام الجميع أمرًا طبيعي على غير العادة، بخلاف تأثرهم بالسوشيال ميديا خصوصًا «التيك توك» أحد، وبعضهم يرقص لإثبات ذاته أمام زملائه من خلال مقدرته على الرقص؛ لاحتياجه للتقدير، وانعدام الأنشطة خلال الحفل سبب أيضًا في لجوء الطلاب إلى الرقص لإخراج طاقتهم المكبوتة.
بعض الطلاب يريد التمرد على الأعراف الجامعية عبر الرقص أمام أساتذته؛ الذين اعتادوا الإذعان لهم طيلة فترة الدراسة فيتمدون الرقص أمامهم؛ لأنه لا سلطة لهم الآن، فلا يحق للدكتور توقيع أي عقاب على الطالب، وللأسف الأساتذة يتفاجئون بما يحدث، ولكن المسؤولية تقع على أمن الجامعة المنظم للحفل، لا الأستاذ، حسبما يرى الدكتور تامر شوقي.
حفلات المدارس بلا جدوى
ويختتم «شوقي»، حديثه بالتطرق إلى ظاهرة حفلات تخرج المدارس، ويؤكد أنه أمر عديم الجدوى، لاسيَّما وأن التلاميذ في سن صغيرة، فالأمر لا يعدو كونه «سبوبة» من المدارس، التي تستعين بالنغنيين الذين يتقاضوا مئات الآلاف، وتحميل ذلك كله على عاتق أولياء الأمور، وفي النهاية ما يتم جمعه من أموال لا يتم صرفه على دعم العملية التعليمية، هذا بالنسبة للمدارس الخاصة والأجنبية، وحتى إقامة تلك الحفلات في المدارس الحكومية والتجريبية التي تكون تكلفتها بسيطة، فلا جدوى تربوية منه؛ لأن الطالب مازال في سن التشكيل.
إجراء رسمي
ويؤكد أمين المجلس الأعلى للجامعات الدكتور مصطفى رفعت، أن المجلس سيشكل لجنة لوضع آليات تحقق الحفاظ على الأعراف والتقاليد الجامعية وتصون هيبة الجامعات وصورتها في المجتمع، مُضيفًا أن المجلس سيناقش باجتماعه الدوري آليات تنفيذ القانون عبر الجهات المعنية بالدولة تجاه كل من يستخدم اسم الجامعات أو الكليات في تنظيم حفلات التخرج خارج أسوار الجامعة مُستغلًا أسماء الجامعات والكليات المختلفة.