بمبادرة من «الرجل الثانى» ومباركة «المرشد العام»..
خطة من 7 بنود تكشف تحركات الإخوان لعقد صفقة التصالح الكبرى مع الحكومة
لا تزال تحاول جماعة الإخوان المسلمين المناورة مجددا من أجل العودة إلى مصر بعد سنوات من الهروب ومحاولة إشعال أزمات وفتن من خلال الأبواق الإعلامية التابعة لها في الخارج.
وفوجئ المراقبون والمهتمون بشئون جماعات الإسلام السياسي، خلال الفترة القليلة الماضية، إسدال حلمي الجزار، الرجل الثاني في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان ونائب صلاح عبد الحق القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، بإطلاق مبادرة جديدة من أجل الإفراج عن شباب الجماعة المحبوسين في مصر.
الجماعة تعلن استعدادها لاعتزال السياسة 20 عاما مقابل الإفراج عن السجناء
لعبة اعتزال السياسة
وعلمت «النبأ» تفاصيل البنود الرئيسية في مبادرة الإخوان الجديدة والتي تتمثل في التعهد للنظام المصري باعتزال العمل السياسي وعدم المشاركة في أي شيء يتعلق بالسياسة والمنافسة على الحكم لمدة تتراوح ما بين 15 إلى 20 عاما مقابل صدور قرارات بالعفو عن المحكوم عليهم بأحكام نهائية المحسوبين على الجماعة.
وقال «الجزار»، في بيان له، إن الإخوان أعلنت سلفًا أن من مد لها يدا فلن يجد منها إلا الوفاء، وأنها ترحب بأي مبادرة جادة في سبيل تحرير المسجونين.
وشدد على عدم المنافسة على السلطة الذي أعلنته الجماعة، وما زالت متمسكة به، مضيفا أن ذلك لا يعني أبدا الانسحاب من العمل السياسي، الذي يظل من ثوابت مشروع الجماعة الإصلاحي.
وأكد أن التنظيم جزء أصيل من الشعب المصري يدافع عن حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل ميدان، ولا يتخلى عنه كواجب شرعي ووطني.
وكشف الإعلامي الإخواني الهارب في تركيا ماجد عبد الله، عن أن حلمي الجزار «الرجل الثاني» طلب منه أن ينقل عن لسانه استعداد الجماعة لاعتزال العمل السياسي لمدة طويلة تصل لـ20 عاما مقابل إتمام صفقة التصالح وخروج شباب الجماعة من السجون.
مصالح شخصية
وأثارت المبادرة حالة واسعة من الجدل داخل الجماعة وزيادة حدة الانقسام داخل الجماعة لرفض البعض ما طرحه «الجزار» بالتوافق مع المرشد صلاح عبد الحق، خاصة وأن جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، لا تعترف أصلا بانتخاب «عبد الحق» -المحسوب على جبهة لندن- قائما بأعمال المرشد العام.
وادعى عدد من أقطاب جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، أن مبادرة «عبد الحق» وحلمي الجزار، نابعة عن تحقيق مصالح شخصية لهم ورغبة منهم في الإفراج عن أبنائهم ولا تمثل الجماعة.
وأكد عدد من المحسوبين على جبهة إسطنبول، أن هذه المبادرة لا تعبر عن منهج جماعة الإخوان، مشيرين إلى أن تلك المبادرة تحاول حل الأزمة بالانبطاح والاستسلام.
رسالة من داخل السجون
وبالتزامن مع مبادرة «الجزار» للتصالح مع مصر، أرسل عدد من سجناء جماعة الإخوان، رسالة يعلنون فيها استعدادهم للتوبة والانفصال تماما عن الجماعة مقابل الإفراج عنهم.
واعترف الشباب في رسالتهم بارتكاب بعض الأعمال الإرهابية والعنف بأوامر من قيادات الإخوان كاعتصام رابعة واغتيال النائب العام الأسبق هشام بركات، وإغلاق عدد من الطرق والكباري عمدا، بالإضافة إلى سد بالوعات الصرف الصحي، والتورط في تفجير عدد من محطات الكهرباء.
وتابع شباب الإخوان المسجونين في رسالتهم: «نرى ونراقب بكل وعي ما يحدث حولنا في الدول المجاورة من صراعات بين أبناء البلد الواحد يفنى فيها العمر، وتهلك فيها البلاد والعباد»، موجهين نداءً واعتذارًا لمصر وشعبها وآملين أن يكونوا جزءًا من نسيجها ويشاركون بفعالية في بنائها.
لقاء الرجل الثانى وإعلامي شهير
وعلمت «النبأ»، أن تلك المبادرة لم تكن المحاولة الأولى لـ«الرجل الثاني» في الجماعة -حلمي الجزار- من أجل الوساطة ومحاولة التوصل لمصالحة مع النظام المصري، بل سعى في وقت سابق مقابلة صحفي وإعلامي مصري محسوب على تيار 30 يونيو؛ من أجل بحث التفاهمات لإبرام الصفقة.
وبالفعل قابل حلمي الجزار، الإعلامي عبد الرحيم علي في دولة أذربيجان، محاولا إقناعه بإرسال رسالة للحكومة المصرية بضرورة الوصول لمصالحة ما بين الدولة والجماعة تلتزم فيها الجماعة بأي شروط مقابل الإفراج عن المسجونين.
ولم ينكر حلمي الجزار مقابلته مع الإعلامي عبد الرحيم علي في أذربيجان، في تصريحات تلفزيونية له، بل أكد أن اللقاء تم بالفعل من أجل البحث عن تسوية سياسية للوضع في مصر لا تقتصر على جماعة الإخوان والنظام المصري فقط بل تشمل كافة الأطراف في الداخل والخارج.
خطة شيطانية من 7 بنود
ورغم تجاهل الحكومة المصرية مبادرة حلمي الجزار، إلا أنه استمر في عقد عدة لقاءات في إسطنبول مع عدد من قيادات جبهتي لندن واسطنبول -حسبما علمت «النبأ»-.
وحضر تلك اللقاءات كلا من محمد الفقي ومحيى الدين الزايط ومدحت الحداد، من أجل البحث في إمكانية التصالح وإقناع النظام المصري بإتمام الصفقة مقابل اعتزال العمل السياسي وعدم المنافسة على أي سلطة بالبلاد، والاكتفاء بعدد من الأنشطة الاجتماعية والعمل الدعوي.
واتفق الحاضرون في اجتماع إسطنبول الأخير، أن الجماعة تحتاج للدفع بقيادات شابة جديدة لم يسبق لهم الظهور إعلاميا، لتبني أفكار جديدة مدعين أن الجماعة تراجع أفكارها ومسيرتها السابقة؛ من أجل تحسين الصورة الذهنية عنها.
ووضع حلمي الجزار وعدد من قيادات جبهة لندن، خطة عمل من أجل محاولة إقناع النظام المصري والحكومة بأهمية المصالحة وكذلك جذب الرأي العام تجاه طرحهم، من خلال إعادة هيكلة منظومة الإعلام التابعة للجماعة والتقليل من حدة الهجوم على الحكومة المصرية بالقنوات التابعة لهم، والتضخيم من الأزمات والمطاردات والتضييق الذي يعاني منه أعضاء الجماعة الهاربين في الخارج، والتأكيد على أن عناصر الإخوان أصبحوا مشردين ويتنقلون من عاصمة أوروبية لأخرى.
وارتكزت خطة «الجزار» على الاستعانة بعدد الإعلاميين المعارضين غير المحسوبين تنظيميا على الإخوان من أجل تقريب وجهات النظر، وإقناع الرأي العام المصري والدولي بأن النظام المصري هو الآخر يسعى للتواصل وبحث بنود المصالحة بشكل يخالف تماما الواقع، خاصة وأن مبادرة الرجل الثاني في جبهة صلاح عبد الحق، لم تلقى أي استجابة أو تعليق من الجانب المصري.
كما نصت خطة حلمي الجزار، على الترويج لمراجعات شباب الإخوان داخل السجون وهو ما حدث بالفعل، بإرسال عدد من المسجونين برسالة اعتذار للرئيس عبد الفتاح السيسي، والشعب المصري عما اقترفوه من جرائم عنف وإرهاب بحق الشعب بتعليمات مباشرة من قيادات الجماعة وقتها.
التوقيت المناسب
وفي هذا السياق، يرى أحمد بان، رئيس مركز النيل للدراسات الاستراتيجية، والباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، أن جماعة الإخوان أصبحت غير قادرة على اتخاذ قرار موحد يتمتع بالقبول من كافة الأطراف، خاصة وأن الجماعة تعاني منذ فترة من أزمات وانقسامات داخلية حادة.
وأضاف أن أي حديث عن مبادرة للتصالح أمر لا يمكن أن تتعاطى معها أي سلطة رشيدة خاصة وأن الجماعة نفسها من الداخل لم تراجع أفكارها ومشروعها وخططها حتى تصل للتصالح مقابل العزوف عن الحياة السياسية.
مناورة بلا أوراق
وأوضح أن جماعة الإخوان طوال تاريخها تعاني من أزمة عدم اختيار التوقيت المناسب، والمجيء بأفكار في أوقات متأخرة، متابعًا: «لا يملك تنظيم الإخوان أي أوراق جدية تدفع الحكومة والنظام المصري للتصالح في الوقت الحالي».
ومن جانبه، قال اللواء عادل عزب، الخبير الأمني، إن مبادرة حلمي الجزار مرفوضة من قبل الشعب المصري والحكومة شكلا ومضمونا، مؤكدا أن حلمي الجزار لا يملك أي صلاحيات فعلية داخل الجماعة من أجل إتمام مصالحة مع النظام المصري، إلا بعد موافقة مجلس شورى الإخوان.
ولفت «عزب»، إلى أن الإخوان بالرجوع إلى تاريخهم الأسود نجد أنهم سبق لهم التعهد أكثر من مرة بالابتعاد عن السياسة إلا أنهم لم يلتزموا، مؤكدا أن المبادرة ما هي إلا مناورة سياسية لتهدئة الضغوط الواقعة عليهم من الدول الأجنبية المستضيفة لهم بالخارج ومخطط جديد من أجل عودتهم للساحة والمشهد السياسي من جديد.
وأضاف اللواء عادل عزب متسائلًا: «هل تستطيع جماعة الإخوان قطع صلتهم بالتنظيم الدولي للإخوان بالقطع لا، وهنا تكمن الأزمة».