رئيس التحرير
خالد مهران

لماذا يفضل المستثمرون صفقات الاستحواذ عن بناء المصانع؟..

سر تسابق دول الخليج على شراء أسهم الشركات المصرية الرابحة

شراء الأسهم
شراء الأسهم

شهدت الأيام القليلة الماضية، نشاطًا ملحوظًا لشركات إماراتية وسعودية وقطرية للاندماج والاستحواذ على شركات مصرية رابحة في الطاقة والخدمات البترولية والتنقيب.

وكانت عملاقة الطاقة القطرية، وقعت اتفاقية مع شركة شيفرون استحوذت بموجبها على حصة تبلغ 23% في اتفاقية الامتياز الخاصة بمنطقة شمال الضبعة البحرية (H4) في البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل المصرية.

وبموجب الاتفاقية، ستحتفظ شركة شيفرون (المشغّل) بحصة 40%، كما ستمتلك كل من شركة وودسايد حصة تبلغ 27%، وشركة ثروة للبترول، وهي شركة حكومية مصرية، حصة تبلغ 10%.

وتُعَد الصفقة الجديدة الثانية لقطر للطاقة للتنقيب عن النفط والغاز في مصر خلال العام الجاري؛ ما يرفع عدد المربعات التي تشارك فيها الدوحة قبالة سواحل القاهرة إلى 6 مشروعات؛ من بينها 4 مربعات في البحر المتوسط.

ووسّعت شركة قطر للطاقة نشاطها بأعمال التنقيب عن النفط والغاز في مصر بصفقة استحواذ جديدة تدعم خطط البلاد لزيادة احتياطيات الهيدروكربونات لتلبية الطلب المتزايد على الوقود.

فيما يترقب السوق المصري، صفقة استحواذ جديدة في قطاع الخدمات البترولية بين شركتين مصرية وسعودية، حسب مصادر.

كما قرر جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في مصر، الموافقة على 3 صفقات استحواذ جديدة لصالح شركة أبوظبي التنموية القابضة.

جاء ذلك خلال اجتماع لجنة فحص الملفات بجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والذي يأتي في إطار تطبيق الجهاز نظام الرقابة المسبقة على التركزات الاقتصادية «الاندماجات والاستحواذات»، تنفيذًا للتعديلات القانونية التي أجريت على قانون حماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005، بموجب أحكام القانون رقم 175 لسنة 2022.

الموافقة على ملف الإخطار المقدم من شركة أبوظبي التنموية القابضة (إيه دي كيو) بشأن الاستحواذ على 25% من أسهم شركة الحفر المصرية، مما يخول للشخص المستحوذ القدرة على التأثير المادي في الشخص المستهدف، والذي تلقاه الجهاز كاملًا بتاريخ 24 أكتوبر 2024.

كما وافق الجهاز على ملف الإخطار المقدم من شركة أبوظبي التنموية القابضة (إيه دي كيو) بشأن الاستحواذ على 30% من أسهم المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته (إيثيدكو)، مما يخول للشخص المستحوذ القدرة على التأثير المادي في الشخص المستهدف، والذي تلقاه الجهاز كاملًا بتاريخ 24 أكتوبر 2024.

ووافق الجهاز على ملف الإخطار المقدم من شركة أبوظبي التنموية القابضة (إيه دي كيو) بشأن الاستحواذ على 35% من أسهم الشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطى (إيلاب).

واللافت في الأمر، أن الشركات والمستثمرين الأجانب أو الخليجيين يتسارعون على شراء الأسهم والأصول، ولا يوجد شركات تسعى إلى بناء مصانع أو تشغيل عمالة والذي يعد أساس أي اقتصاد في العالم وليس كصفقات الاستحواذ والتي تعد مسكنات للاقتصاد فقط.

الحكومة متلهفة على بيع أصولها

ويرى خبراء الاقتصاد، أن صفقات الاستحواذ لها سلبيات وإيجابيات، أبرز السلبيات السيطرة على السوق والأسعار، والإيجابيات إعادة الإحياء للشركات الخاسرة، لافتين إلى أنه بالنسبة لتفضيلها عن بناء المصانع؛ نتيجة البيروقراطية والضرائب والأزمات العالمية، والخروج بالدولار، بجانب ارتفاع التكلفة.

وفي هذا السياق، قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، ومحلل أسواق المال، إن جميع الصفقات الاستحواذ من الجانب القطرى أو الإماراتي لم تعلن تفاصيلها حتى الآن، متابعًا: «هناك جوانب إيجابية وسلبية للاستحواذ، حيث السلبيات تكمن في الخلافات أو السيطرة على السوق المصرية من المستثمر الجديد، أما الإيجابيات هي ضخ استثمارات ودولارات وإعادة هيكلة للشركات».

وأضاف، في تصريحات خاصة، لـ«النبأ»، أن الدولة يجب أن تتعلم من التجارب السباقة، عندما استحوذ المستثمرون الأجانب على الشركات الناجحة، وتحولت لخسائر وبعضها غير متواجد في السوق، مثل إيديال والتي كان لديها حجوزات لـ3 سنوات قادمة في السوق الإفريقية ولكن بعد الصفقات لم نسمع عنها حتى الآن وكذلك مصانع فيروز.

وأشار «النحاس»، إلى أن الحكومة متلهفة على بيع أصولها بشكل غريب، متسائلًا: «هل هذا بهدف إرسال رسائل لصندوق النقد الدولي؟، بتنفيذ برنامج الخصخصة وتخارج الحكومة من الاقتصاد وترك المجال للقطاع الخاص ولكن حتى الآن لم نر مردودا إيجابيا».

وحول تفضيل شراء الأسهم عن بناء المصانع، أوضح الخبير الاقتصادي، أن عنصر التكلفة والإنتاج عند بناء المصانع في مصر مرتفع جدًا بخلاف الأسواق في  الخارج والتي تقدم تسهيلات بشكل أفضل.

وتابع: «هذا بالإضافة إلى احتياج الدولة الدائم للدولار، وهو ما يصعب عمليات الخروج بالدولار، حيث المستثمرين لا يستطيعون الخروج أو الحصول على الدولار بسهولة من السوق المصري».

وضع حد للبيروقراطية

ومن ناحيته، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن نجاح وجنى المكاسب من صفقات الاستحواذ الأخيرة على شركات الطاقة والخدمات البترولية والتنقيب يتوقف على نسبة شراء الأسهم.

وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه في حالة ارتفاع نسبة الصفقة من الجانب الخليجي عن المصري، فسيكون المردود سلبي، حيث الأمر سيدخل في سيطرة على السوق، متابعًا: «لكن في حالة أن تكون الحكومة لها اليد العليا في الشركات فهو أمر جيد وسيعود للاقتصاد بالإيجاب من حيث إعادة الإحياء للشركات الخاسرة، ونقل للخبرات».

وعن دفع الدولة ملايين الجنيهات لدعم الشركات وبعدها تباع للمستثمرين، أشار «فهمي»، إلى أن هناك تقارير تصدر بشكل سنوي تدل إذا كانت هذه الشركات ناحجة الآن وخاسرة في المستقبل أو خاسرة الآن وناحجة في المستقبل، ودخول مستثمر أجنبي للشركات المصرية ليس يعني أى خسارة بل مكسب، لأن الحكومة لا تستطيع دعم جميع الشركات في ظل الوضع الاقتصادي الراهن.

وأوضح أن هناك ضوابط مصرية لبيع أسهم المستثمر الأجنبي، سواء من ناحية القانونية أو الفنية، وهو ما يضمن استقرار الاقتصاد المصري، ودخول القطاع الخاص أفضل حل لاستمرار عمل الشركات، قائلًا: «نظام الإدارة الحكومية والقطاع العام أثبت فشلة».

وحول تفضيل شراء الأسهم عن بناء المصانع، لفت الخبير الاقتصادي، إلى أن هذا يرجع للبيروقراطية، والتعقيدات الضريبية، حيث هناك كثير من المستثمرين أغلقوا مصانعهم وخرجوا من البلاد نتيجة الملاحقات الضريبية سواء مستثمر محلي أو أجنبي.

وأكد أهمية وضع الحكومة حدا للبيروقراطية، بالإضافة إلى أزمة نقص الدولار، قائلًا: «لا أحد يعلم الدولار يدخل بكام ويخرج بكام، هذه التعقيدات أدت إلى خروج أكبر المستثمرين المحليين للخروج من السوق المصري خلال العام الماضي».