مساعد وزير الخارجية الأسبق
السفير علي الحفني: وجود قوات مصرية فى الصومال لا رجعة فيه.. و«القاهرة» لا ترغب بإشعال الحرائق بالقرن الأفريقى (حوار)
- السفير علي الحفني: مصر تدعم أي خطوة لتحقيق الاستقرار بأفريقيا ورفضها لوجود دول غير مشاطئة بالبحر الأحمر من حقها
- السفير علي الحفني: مصر حريصة على دعم استقرار المنطقة الأفريقية والمصالحة «الإثيوبية الصومالية» أمامها 4 أشهر لبحث كيفية تنفيذها
مساعد وزير الخارجية الأسبق: رغم ترحيب مصر بأي مبادرة تدعم الاستقرار بمنطقة القرن الأفريقي إلا أننا نأمل حُسن نوايا أطرافها لتؤتي ثمارها
علي الحفني: مصر تدعم الاستقرار بالمنطقة الأفريقية وتؤكد على سيادة الدول والمصالحة «الإثيوبية الصومالية» لن تقضي على مخاوفها تجاه إثيوبيا
مساعد وزير الخارجية الأسبق: السماح لإثيوبيا بتدشين منفذا بحريًا لن يتم إلا بموافقة جميع الدول المعنية بالأمر
«البحر الأحمر للدول المشاطئة له فقط، ولا يمكن القبول بأي طرف آخر» بهذا التصريح الذي أعلنه وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطي، قُبيل 5 أيام خلال اجتماع القاهرة لكبار المسؤولين للدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر بالقاهرة، حسم موقفها من وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر، وذلك عقب المصالحة الإثيوبية الصومالية برعاية تركيا، والتي أثارت جدلًا واسعًا بشأنها خلال الأسبوعين الماضيين، لاسيَّما وأن البعض رأى أن أحد بنودها المُعلنة يُشير إلى اعتراف ضمني للسماح لإثيوبيا تنفيذ منفذًا بحريًا على البحر الأحمر، بعد أزمتها مع الصومال بشأنه.
تحاور «النبأ الوطني» عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير علي الحفني، للوقوف على مدى تأثير تلك المصالحة على مصر وتواجدها بالداخل الصومالي، وتأثيرها على الأوضاع بمنطقة القرن الأفريقي، وقراءة المشهد بأكمله.
برأيك.. هل رعاية تركيا للمصالحة سببًا في إثارة الجدل حولها أم هناك شيء آخر؟
المصالحة تثير الجدل والتساؤلات حولها؛ لأنه في حال تحققها على أرض الواقع سيكون إنجازًا كبيرًا، ولكن يجب أن نؤكد أنه مهم توافر عناصر الديمومة والنجاح لتنفيذ مختلف الاتفاقات.
إذًا من واقع قراءتك للمشهد كيف تعتقد أن موقف مصر من المصالحة الإثيوبية الصومالية؟
دعم الاستقرار بالمنطقة، أحد ثوابت السياسة الخارجية المصرية، وعليه فإن أي اتفاق من شأنه يحقق الاستقرار سيلاقي دعمًا وتأييدًا من مصر، لاسيَّما في ظل التوتر بالقرن الأفريقي، والذي يهدد الأمن القومي المصري والعربي وحتى الدولي، كما أنها تدعم احترام سيادة الدول ووحدة التراب الوطني والسلامة الإقليمية لهذه الدولة أو تلك واحترام مؤسسات كلًا منهما ووحدة مكونات المجتمع، وللذلك علينا الانتظار لمعرفة ما إذا كانت المصالحة ستوفر تلك العناصر من عدمه.
وما الدافع وراء ذلك؟
مصر تنظر إلى منطقة القرن الأفريقي على أنها منطقة مضطربة للغاية، سواء بفعل الاضطرابات الداخلية في بعض الدول أو النزاعات الحدودية أو أطماع توسعية أو خلافات على الحدود أو خلافات ذات طابع سياسي أو عرقية ودينية، وذلك يفتتح المجال أمام المنظمات الإرهابية ويخلق حالة من الفوضى وبالتالي تنتعش عصابات الجريمة المنظمة والجريمة العابرة للحدود مثل تجارة السلاح والمخدرات.
وماذا عن المخاوف من استفحال الإرهاب بالمنطقة؟
بالطبع، بالنسبة لمصر الخوف من تفشي العنف والإرهاب والممثل في فصيل «الشباب الإسلامي بالصومال»، يأتي على رأس مخاوفها، والذي له امتدادته في بعض دول جوار الصومال، لاسيَّما وأن هناك علاقات تربط هذا التنظيم بمليشيا الحوثي في اليمن، وعليه فإن الأمر متعلق بأمن البحر الأحمر، ومصر يهمها أيضًا استقرار الأوضاع في مضيق «باب المندب» باعتباره بوابة البحر الأحمر والذي بدوره يؤثر على حركة الملاحة في قناة السويس، وهذا ما شهدناه مؤخرًا عندما تأثر دخل «القنال» بشكل كبير بسبب مواجهة ميليشيا الحوثي وأساطيل دول أخرى بالمنطقة.
هل نستيطع الجزم بأية نتائج متعقلة بها الآن وفقًا للمعطيات؟
مازال أمام أطراف المصالحة 4 أشهر تم الاتفاق عليها لبحث كيفية وضع الاتفاق موضع التنفيذ.
هل تعتقد أن هناك ما يُعيق تنفيذ المصالحة على أرض الواقع؟
على الرغم من ترحيب مصر بأي مبادرة تدعم الاستقرار بمنطقة القرن الأفريقي، إلا أننا نأمل أن تحسُن نوايا أطراف المصالحة، حتى تؤتي ثمارها، ويتم ترجمة التفاهمات تلك على أرض الواقع والالتزام بها بشكل دائم.
إذًا.. يمككنا القول بإن الاتفاق ستقضي مخاوف مصر من المواقف الإثيوبية؟
لن يمكننا الذهاب إلى هذا البعد؛ لاسيَّما في ظل وجود مشكلات ذات طبيعة أخرى والمتعلقة بسد النهضة مع إثيوبيا، وحتى داخل المجتمع الإثيوبي هناك نزاعات عرقية وهذا يتسبب في إشاعة عدم الاستقرار والفوضى داخلها
وهذا ما شهدناه في المواجهة بين القوات التيجرانية وبين قوات الحكومة الفيدرالية، والتي كانت دموية وارتكبت بها الكثير من الفظائع، وبالتالي عدم معالجة مشاكل الداخل تتيح الفرصة للمنظامات الإرهابية والجريمة مما يساهم في استمرار جو الاضطراب وعدم الاستقرار بالمنطقة؛ لأن الدول تتأثر بعضها بالآخر.
هل ما نصت عليه المصالحة بشأن أنه سيكون للصومال السيادة يعد اعترافًا ضمنيًا للسماح لإثيوبيا بتدشين منفذًا بحريًا؟
بالطبع بنسبة كبيرة ولكن لم نستطع الجزم بتحقيق ذلك البند إلا بموافقة جميع الأطراف المعنية بالأمر، مع العلم أن الأزمة لم تكن في حصول إثيوبيا على منفذ بحري ولكن كانت في تجاهلها للحكومة الصومالية الشرعية في سبيل ذلك المطلب، واتفقوا مع إقليم «صوماليا لاند» المنفصل، ما يعني أنه تعدي على سيادة الصومال، والرئيس الصومالي في زيارته قبل الأخيرة بمصر، قال من يريد تحقيق مصالح من هذا القبيل عليه التعامل مع الحكومة الشرعية وليس الكيانات المنفصلة، وبذلك فإن موقفه كان واضح في هذا المسألة.
كما أن البيان الذي أصدرته تركيا الراعية للاتفاق، يشير إلى احترام سيادة الصومال وهذا ما تريده مصر؛ وذلك ما جعل القاهرة لم ترحب مصر باتفاق حكومة آبي أحمد مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي.
وكيف ترى رفض مصر وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر؟
رفض مصر يرجع إلى أنه ليس من المقبول ترك هذا الأمر للقوى الدولية التي لها مصالح في تأمين البحر الأحمر وحركة مرور السفن خلاله، خصوصًا وأن المرور به تعرض لمخاطر تؤثر على حركة السفن، أدى إلى التأثير على أوضاع تلك الدول المشاطئة للبحر الأحمر ومصالحها وعلى الوضع الاقتصادي الدولي.
خصوصًا وأن الدول المشاطئة لها مصلحة أكيدة في قيامها بأدوارها والاضطلاع بالتزاماتها نحو تأمين المرور بالبحر الأحمر، وذلك لأنه الأمر مرتبط بأمنها وتعزيز علاقاتها ببعض، لاسيَّما وأنها مرتبطين بمصالح مشتركة في هذا الإطار.
أخيرًا.. إلى أي مدى ستؤثر المصالحة على مشاركة مصر بقوات حفظ السلام بالصومال واتفاق تقديم المساعدات العسكرية لها؟
لن تؤثر المصالحة الإثيوبية الصومالية على اتفاق القاهرة ومقديشو في هذا الشأن، لأن هذا اتفاق تم بطلب من الحكومة الفيدرالية، ووجود القوات المصرية لا رجعة، ومصر ستقوم بدورها بدءًا من يناير 2025 كقوة أفريقية تشكلت بإرادة الاتحاد الأفريقي، وتواجدها وتقديم الدعم اللوجستي والأمني سيستمر؛ لاسيَّما وأن الصومال في احتياج شديد لدعم دول مثل مصر.
كما أن الجيش المصري سيقدم كل الدعم لتعزيز نظيره الصومالي وتأهيل الكوادر العسكرية والأمنية، وذلك بناءً على طلب من الحكومة الشرعية في الصومال، خصوصًا وأنها نجحت في التعاون معها في مواجهة الإرهاب في كل ربوع الصومال، في ظل اتفاقية الدفاع المشترك التي تجمع مصر والصومال بخلاف كونهما أعضاء في جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي.
إذًا.. فتواجد مصر داخل الصومال هدفه التنمية بشكل عام وليس عسكريًا فقط؟
بالطبع، فمصر دولة مسؤولة، وتواجدها بالصومال ليس الهدف منه زيادة ذلك الإقليم المضطرب اضطرابًا أكثر ولا لإشعال الحرائق؛ ولكن لتحقيق الاستقرار الذي سيصب بمصلحة الجميع مصريًا وعربيًا وأفريقيًا، حتى تنصرف الجهود المصرية باتجاه التنمية بالداخل أيضًا، وهي الأولوية في الأجندة الوطنية المصرية، لأن التنمية لن تتحقق في جو مضطرب، ولذلك فاستقرار القرن الأفريقي سيساعدها على تنمية ذاتها ودول أفريقية أخرى،خصوصًا وأنها معنية بالأجندة الأفريقية لعام 2063 عبر بذل الجهود لتحقيق التكامل والاندماج الأفريقي.