رئيس التحرير
خالد مهران

استراتيجية جديدة لأول مرة.. كواليس خطة الحكومة لخفض الديون الخارجية في 2025

وزارة المالية
وزارة المالية

برلمانى: أتمنى وزير المالية يقدم مشروع قانون لزيادة المعاشات بدلا من الحصول على قروض وبيع أصول الدولة

 

ضياء الدين داوود: زيادة حجم الديون خطر بسبب الأوضاع الإقليمية ويضعف من قرار مصر السياسى

وزير المالية: سددنا 7 ونصف مليار دولار من الأقساط.. والدين يقل ولم يزد

خبير اقتصادى: استراتيجية الحكومة الجديدة ستكون نقطة تحول فى إدارة الدين العام

 

فتح مجلس النواب ملف القروض مرة أخرى، ليشن أعضاء البرلمان هجوما حادا على الحكومة بسبب سعيها نحو القروض الخارجية، مما تسبب في وصول الديون الخارجية إلى مستوى خطير.

واشتعل الغضب تحت قبة البرلمان، عقب مطالبة وزارة المالية الموافقة للحصول على تسهيلات تجارية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي من خلال بنك الإمارات دبي الوطني «كابيتال ليمتد»، وبنك «ستاندرد تشارترد»، وبنك الإمارات دبي الوطني ش. م. ع، وآخرين.

واستعرض الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، تقرير اللجنة، مؤكدا أن الاتفاقية تضمنت مادة وحيدة بالموافقة على اتفاقيات حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي من خلال بنك الإمارات دبي الوطني كابيتال ليمتد، وبنك ستاندرد تشارترد، وبنك الإمارات دبي الوطني ش. م. ع، وآخرين، وذلك مع التحفظ بشرط التصديق.

 

وأشار إلى أن خطة وزارة المالية تتمثل في تخفيض صافي رصيد الدين الخارجي للحكومة المركزية بمقدار 1 إلى 2 مليار دولار سنويًّا وتحقيق اتجاه نزولي لنسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي.

فيما أعلن النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، رفضه قرار رئيس الجمهورية رقم 574 لسنة 2024 بشأن اتفاقيات حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي من خلال بنك الإمارات دبي الوطني كابيتال ليمتد، وبنك ستاندرد تشارترد، وبنك الإمارات دبي الوطني ش. م. ع، وآخرين.

وقال «إمام»: «الدين كان 79 مليار دولار، والحكومة في مؤتمر صحفي كبير أعلنت نزوله إلى 75 مليارا، نحن أمام قرض كان 3 مليارات سددناه في نوفمبر، والآن نطلب قرض 2 مليار بفائدة 8% سنويًّا».

وأوضح عضو مجلس النواب، أنه مع تحرير سعر الصرف، من الوارد أن تزيد نسبة الفائدة وهي نسبة مرتفعة.

ولفت إلى أنه قبل ذلك كان المال الساخن 85% من الاحتياطي النقدي، بينما يمثل المال الساخن في الوقت الحالي إشكالية كبيرة.

 

وأكد النائب عبد المنعم إمام، أن ديون الحكومة كانت 168 مليار دولار، وتراجع بعد صفقة رأس الحكمة ليصل إلى 153 دولار، قائلا: «هنقفل السنة وإحنا رايحين لـ160 مليار، دولار احنا كده بنزود ولا بننقص الدين؟».

وأعلن النائب أحمد فرغلي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن حكومة الاقتراض تناقض نفسها، فيما يتعلق بالتوسع في القروض.

وأشار إلى أن القرض الحالي بفائدة 8% وهي نسبة كبيرة، محذرا من أن الاقتصاد المصري في انهيار، لا سيما في ظل التوسع في الاقتراض.

وأكد عضو مجلس النواب، أن معيشة المواطن المصري في تدهور مستمر بسبب زيادة الاقتراض، قائلًا: «كنت أتمنى وزير المالية يقدم مشروع قانون لزيادة المعاشات بدلا من الحصول على قروض وبيع أصول الدولة ورفع الدعم، وزيادة في أسعار الكهرباء، وزيادة في الضرائب».

مضاعفة الدين الخارجي

من جانبه، شن النائب ضياء الدين داوود، عضو  مجلس النواب، هجومًا حادًّا على الحكومة، بسبب سياسة الاقتراض.

 

وانتقد «داوود»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، زيادة حجم الديون، مشيرا إلى خطورة ذلك فى ظل الوضع الإقليمى الحالى، بالإضافة إلى خطورة ذلك على القرار السياسى لمصر.

وأشار إلى أن مصر تواجه تحديات اقتصادية نتيجة تفاقم حجم الديون خلال السنوات العشر الماضية، حيث تضاعف الدين الخارجي من 46 مليار دولار في عام 2014 إلى ذروته عند 168 مليار دولار في ديسمبر 2023.

توازنات داخلية

فيما دافع أحمد كجوك، وزير المالية، عن الحكومة، معلنا رفضه الاتهامات بشأن التوسع في الاقتراض، مؤكدًا أن مؤشر الدين العام في انخفاض.

وأشار إلى أنه خلال الفترة المالية تم سداد 7 مليارات ونصف المليار دولار من الأقساط، قائلا: «نحن سددنا أكثر ما اقترضنا، والدين يقل ولا يزيد».

وأوضح وزير المالية، أنه بالنسبة لقرض بنك الإمارات دبي الوطني، والذي تبلغ قيمته 2 مليار دولار كان الرقم أكبر من ذلك، إلا أننا أخذنا قرار تخفيض الرقم، مشيرًا إلى أن الأمر يخضع لتوازنات داخلية ومستلزمات الإنتاج.

 

استراتيجية جديدة

من جانبه، قال الدكتور محمود الشريف الخبير القتصادي، إنه بالرغم  من ارتفاع حجم الدين الخارجي، إلا أن الحكومة نجحت في تقليصه إلى 153 مليار دولار بنهاية يونيو 2024، بانخفاض قدره 15 مليار دولار.

وأضاف: «أما الدين المحلي، فقد شهد تراجعًا طفيفًا بنسبة 2.7% ليصل إلى 8.7 تريليون جنيه في يونيو 2024 مقارنة بـ8.9 تريليون جنيه في مارس من العام ذاته».

وأشار إلى أنه إزاء هذا الواقع، تعمل الحكومة على صياغة استراتيجية جديدة لخفض الديون، من المتوقع الإعلان عنها رسميًا خلال الربع الأول من عام 2025 حسب تصريحات وزير المالية أحمد كجوك.

ولفت إلى أن الاستراتيجية تهدف إلى تقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 85% خلال العام المالي الحالي، مقارنة بالمستوى الحالي الذي يتجاوز 96%.

وكشف الخبير الاقتصادي، عن أن تراكم الديون يشكل أزمة على الميزانية المصرية، حيث تستهلك الديون وفوائدها أكثر من 80% من إجمالي المصروفات الحكومية.

وأضاف أن الحكومة تسعى إلى خفض هذه النسبة إلى نحو 30% على المدى المتوسط، من خلال تطبيق عدة إجراءات رئيسية، تشمل هذه الإجراءات إدارة الدين بفعالية عبر إعادة هيكلة سياسة الاقتراض لتوجيه الدين نحو مسار هبوطي، وإطالة متوسط عمر الديون لتخفيف الضغط على المالية العامة.

 

وتابع: «كما تشمل تنويع أدوات التمويل من خلال إصدار أدوات دين جديدة، مثل الصكوك المحلية والسندات متغيرة العائد للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة، إضافة إلى حصر الاقتراض الخارجي على التمويلات الميسرة ذات الفوائد المنخفضة من المؤسسات الدولية».

واستكمل «الشريف»: «أما أهداف الاستراتيجية الجديدة فتشمل خفض تكلفة الفوائد، عبر توجيه جزء من حصيلة بيع الأصول الحكومية لسداد الديون، وينص القانون على تخصيص 50% من إيرادات بيع الأصول لصالح وزارة المالية، مما يعزز جهود تقليل الديون، ومن بين الأهداف تحويل الديون إلى استثمارات، من خلال الاستفادة من نماذج مبتكرة مثل صفقة "رأس الحكمة"، التي ساهمت في تقليص الدين الخارجي واستبداله باستثمارات منتجة».

ويرى الخبير الاقتصادي محمود الشريف، أن البيانات تظهر أن هذه السياسات بدأت تؤتي ثمارها، مع انخفاض الدين الخارجي والمحلي في النصف الأول من عام 2024.

وختم الشريف حديثه، قائلًا إن الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة في أوائل 2025 سيكون نقطة تحول في إدارة الدين العام المصري، متابعًا: «وإذا ما تم تنفيذ هذه الخطط بفعالية، يمكن لمصر تحقيق استقرار مالي أكبر، مما يخفف الضغط على الموازنة العامة ويعزز قدرتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة».