تهجير الفلسطينيين خط أحمر.. مصر ترفض دعوات «ترامب» لتهجير أهالي غزة لسيناء والأردن

- الرئيس السيسي: تهجير الفلسطينيين إلى مصر خط أحمر لأن نقلهم إلى سيناء يعني تحويلها إلى قاعدة لانطلاق عمليات ضد إسرائيل ما قد يستدعي ردود فعل عسكرية تؤثر على الأراضي المصرية
- وزير الخارجية يُعرب عن قلق مصر إزاء محاولات تهجير شعوب دول الجوار
- باحث سياسي: دعوات «ترامب» لتهجير الفلسطينيين تزيد التوتر بالشرق الأوسط
- مجلس النواب: أطروحات تهجير الفلسطينيين تمثل خطرًا جسيمًا على الأمن والاستقرار الإقليمي
- مجلس النواب: نرفض أي محاولات لتغيير الواقع الجغرافي والسياسي للقضية الفلسطينية
- مجلس الشيوخ: التهجير سيؤدي لتعميق المأساة الفلسطينية ويعرقل مساعي تسوية القضية
- وزير الخارجية الأسبق: الرفض المصري لتهجير الفلسطينيين لن يؤثر على العلاقات المصرية الأمريكية
- السفير محمد العرابي: «ترامب» سيضع في حسبانه الموقف المصري العربي الصارم جدًا قبل اتخاذ رد فعل
- باحث سياسي عن مخاوف رد فعل «ترامب» على الرفض المصري: «يخبط دماغه في الحيط»
- منير أديب: الفلسطينيين أنفسهم أفشلوا دعوة «ترمب» بتهجيرهم خارج أرضهم بعودتهم إلى شمال غزة
- منير أديب: الذين يصفون دخول بعض الأسرى الفلسطينيين إلى القاهرة بأنه بدايات تهجير وأن مصر قبلت التهجير أو أنها ستقبله بضغوط في المستقبل يردون تشويه الدولة والخروج عليها
- اللواء سمير فرج: الرفض المصري الحاسم ألجم ترامب، للدرجة التي منعته عن التواصل مع الرئيس السيسي
- خبير عسكري: دعوات «ترامب» تُعني إن عملية التهجير مازالت قائمة ويتم الضغط لتنفيذها
«لا لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الفلسطيين»، كان ذلك موقف مصر حكومةً ومعارضة وشعبًا، ردًا على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قُبيل 5 أيام، عن خطته لتطهير غزة -بحسب وصفه- من خلال تهجير أهلها إلى مصر والأردن، والتي وُجهت برفض حاسم ليس من مصر والمصريين وحسب، إلا أنه وُجه برفض فلسطيني أردني أيضًا.
رغم الرفض المصري والفلسطيني والأردني القاطع لمحاولات «ترامب» فرض تهجير الفلسطينيين، إلا أن هناك بعض المخاوف لدى قطاع كبير من المصريين، متسائلين عن ما إذا كانت أمريكا سوف تستمر في الضغط لتنفيذ مخططها بالتهجير إلى مصر والأردن؟ وهل هذا الرفض كافٍ لإفساده؟ وماذا عن تأثيره على العلاقات المصرية الأمريكية؟
ترامب يثير الجدل
موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين إليها أو إلى أي دولةٍ أخرى، ليس يُزيد التوتر بالشرق الأوسط، إنما دعوة «ترامب» للسماح بتهجير الفلسطينيين، هي من تفعل ذلك، حسبما يؤكد الباحث في الشأن السياسي وفي شؤون الجماعات المتطرفة منير أديب.
مصر أكدت تمسكها، بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، مشددة على رفضها أي مساس بتلك الحقوق الفلسطينية سواء من خلال الاستيطان أم ضم الأرض، أم عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير، أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم، سواء كان بشكل مؤقت أم طويل الأجل»، وحذرت من أن ذلك يهدد الاستقرار بالمنطقة، ودعت لدعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، حسما جاء في ردها الرسمي الأول عبر بيان وزارة الخارجية فور تصريحات «ترامب»، الأحد 26 يناير المُنصرم.
تصريحات «ترامب» التي أشعلت الغضب المصري والعربي أجمع، والتي قال خلالها: إنه يتعين على مصر والأردن استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة، بعد أن تسببت حرب إسرائيل ضد حركة حماس في وضع إنساني صعب بالإضافة إلى مقتل عشرات الآلاف -بحسب وصفه-
ولم يحدد الرئيس الأمريكي ما إذا كانت مقترح التهجير، مؤقتًا أو طويل الأجل، مُصرحًا يمكن أن يكون هذا أو ذاك، على الرغم أن بلاده أكدت العام الماضي في ولاية الرئيس جو بايدن، أنها تعارض النزوح القسري للفلسطينيين.
تهجير الفلسطينيين مرفوض
وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطي، أعرب عن قلق مصر إزاء محاولات تهجير شعوب دول الجوار، مُشيرًا إلى أن الأوضاع السياسية والإنسانية المتردية في المنطقة، بما في ذلك النزاعات والأزمات السياسية والآثار السلبية للتغيرات المناخية، تزيد موجات النزوح والهجرة، ما يؤدي إلى زيادة تدفق المهاجرين إلى مصر، التي تستضيف أكثر من 9 ملايين مهاجر ولاجئ وأشخاص في أوضاع شبيهة باللجوء، وذلك خلال لقائه بمدير عام المنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، الإثنين الماضي.
وباعتبار أن أطروحات تهجير الفلسطينيين تمثل خطرًا جسيمًا على الأمن والاستقرار الإقليمي؛ لأنها لا تقتصر على تهديد الفلسطينيين وحدهم، رفض مجلس النواب بشكل قاطع أي ترتيبات أو محاولات لتغيير الواقع الجغرافي والسياسي للقضية الفلسطينية، وذلك خلال جلسته العامة، الإثنين الماضي، برئاسة المستشار حنفي الجبالي.
في المقابل، حذَّر مجلس الشيوخ من تداعيات تلك أطروحات تهجير الفلسطينيين، على جهود تثبيت الهدنة القائمة وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، لاسيَّما وأنها تعد تهديدًا مُباشرًا لأمن وسِلم المنطقة، مؤكدًا رفضه القاطع لها خصوصًا وأنها تخالف لاتفاقيات والقرارات الدولية، ولا تُفضي سوى إلى تعميق المأساة الفلسطينية، وعرقلة المساعي الرامية إلى تحقيق تسوية عادلة وشاملة لهذه القضية العادلة.
وجدد المجلس رفضه، لأي إجراءات تهدف إلى ضم إسرائيل الأراض من الضفة الغربية، أو فصل الضفة الغربية والقدس الشرقية عن قطاع غزة، لأن مثل هذه التحركات من شأنها تصفية القضية الفلسطينية مع حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
مصر تؤكد رفضها
الرفض المصري لتهجير الفلسطينيين على جميع المستويات، لن يؤثر على العلاقات المصرية الأمريكية -كما يعتقد البعض- لاسيَّما وأن موقف مصر ليس جديدًا أو مفاجئًا ولكنها أعلنت عنه مرارًا خلال الفترة الماضية، بخلاف أنها سجلته، قبل سنوات خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حسبما يؤكد رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي.
ويرى أن تخوفات البعض بشأن غضب أمريكي مرتقب ردًا على الرفض المصري للتهجير، غير منطقي؛ خصوصًا أن أمريكا تعلم جيدًا مدى مكانة مصر بالمنطقة، بينما سيزيل التواصل الهاتفي المرتقب بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الأمريكي، تلك المخاوف، يؤكد خلالها الطرفين على تعزيز التعاون لتحقيق السلام بالشرق الأوسط.
ومنذ اندلاع حرب غزة، لطالما أكد الرئيس السيسي، أن تهجير الفلسطينيين إلى مصر خط أحمر، مُشددًا على موقف مصر الثابت، برفض تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة إلى مصر أو أي مكانٍ آخر، لأنه يعني تصفية القضية الفلسطينية، خلال كلمة له بتاريخ 12 أكتوبر 2023.
وحذّر «السيسي» -مرارًا- من أن نقل الفلسطينيين إلى سيناء قد يؤدي إلى تحويلها إلى قاعدة لانطلاق عمليات ضد إسرائيل، مما قد يستدعي ردود فعل عسكرية تؤثر على الأراضي المصرية.
لا شيء بيدِ «ترامب»
الموقف المصري جعل البعض يتخوف من رد فعل أمريكا تجاه مصر، مُتسائلين هل بوسعها أن تفعل شيئًا!
يرى السفير محمد العرابي، أن «ترامب» سيضع في حسبانه الموقف المصري العربي الصارم جدًا، قبل قيامه بأي رد فعل، هذا على الرغم من أنه لا يُمكن توقِّع رد فعله.
ويتفق معه الباحث في الشؤون السياسية والجماعات المتطرفة منير أديب، مؤكدًا أن «ترامب» ليس بديه ما يفعله أمام الرفض المصري القاطع، مُعقبًا: «يخبط دماغه في الحيط».
الرفض المصري الحاسم ألجم ترامب، للدرجة التي منعته عن التواصل مع الرئيس السيسي، بعدما كان يعتزم التواصل، لأنه اعتقد تصريحاته تلك ستُمرر دون معارضة، إلا أنه فوجئ برفض شعبي أقوى من أي شيء بخلاف الرفض الرسمي الذي لطالما أكدته مصر، حسبما يؤكد الخبير العسكري ومدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق اللواء سمير فرج.
ويعتقد أن، دعوات «ترامب» الأخيرة، تُعني إن عملية التهجير مازالت قائمة ويتم الضغط لتنفيذها، وفي المقابل مازالت الدولة المصرية بجميع مؤسساتها وشعبها، يرفض مخطط التهجير.
ويشدد اللواء سمير فرج في حديثه مع «النبأ الوطني»، على أن الرئيس الأمريكي ليس بوسعه فعل أي شيء لتنفيذ مخططه أو الإضرار بمصر -كما يتخوف البعض- لأن مصر التي تملك زمام الأمور، قائلًا: “مصر هي اللي معاها المفتاح”.
رفض فلسطيني وعربي
وعقب تصريحات «ترامب»، جددت الأردن أيضًا رفضًا لمخططات تهجير الفلسطينيين، خلال تصريحات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
وفي المقابل، لاقى الموقف المصري والأردني تأييدًا عربيًا واسعًا، وذلك لأن الموقف العربي لا يُساون في موضوع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم سواء في غزة أو الضفة، حسبما صرَّح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، يوم الإثنين.
الرئاسة الفلسطينية، أكدت أنها لأن تسمح بتكرار النكبات التي عانى منها الشعب الفلسطيني عامي 1948 و1967، وعليه لن يتخلى الشعب عن أرضه ومقدساته، مُشددة على رفضها القاطع لأي مشاريع تهجير للفلسطينيين من غزة.
وشكرت الرئاسة الفلسطينية مصر والأردن على مواقفهما الحازمة لرفض مخطط التهجير، معربة عن امتنانها للدول الشقيقة والصديقة التي دعمت هذا الموقف.
في حين، أكدت حركة حماس تمسّك الشعب الفلسطيني بأرضه ورفض النزوح والترحيل، وثمَّنت موقف مصر والأردن الرافض لتهجير الشعب الفلسطينى أو تشجيع نقله أو اقتلاعه من أرضه تحت أية ذريعةٍ أو مبرر، في بيان رسمي، يوم الأحد الماضي.
ودعت «حماس» جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى التأكيد على رفضهما القاطع لكافة أشكال التهجير لشعبنا الفلسطيني، وإلى دعم حقوقه الوطنية في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
دعم مصر ملموس
لم تكتف مصر بإعلان رفضها للتهجير وحسب، ولكنها أشرفت على عملية مرور النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، الذي انتقلوا بالسيارات عبر طريق صلاح الدين، صباح الإثنين 27 يناير المُنصرم.
«حماس» صرَّحت، ليل عملية العبور النازحين، أن حركة المركبات في طريق صلاح الدين، "لن تتم إلا بعد التواصل مع الجهات المصرية"؛ لمنع حدوث أي مشكلة، وأنه لن يتم البدء بسير المركبات إلا بإشارة من «الإخوة المصريين والوسطاء»ـ لأن هذا العدو «لا يؤمن مكره»، في إشارة منها إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.
مزاعم خبيثة
ومع ذلك الرفض المصري والعربي لفكرة التهجير ذاتها، إلا أن البعض فسَّر أو زعم أن دخول الأسرى المُبعدين المُفرج عنهم إلى مصر تمهيدًا لانتقالهم إلى دول أخرى مثل الجزائر وتركيا، ما هو إلا خطوة في سبيل تنفيذ مخطط التهجير.
الموقف المصري كان واضحًا من تهجير الفلسطينيين، قسريًا كان أو طوعي، كما رفضت تهجيرهم ليس لأراضيها وإنما لأي دولة أخرى أيضًا، وعبرت على لسان الرئيس السيسي أن التهجير يعد تصفية للقضية الفلسطينية، حسبما يؤكد الباحث في الشؤون السياسية والحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب، في حديثه مع «النبأ الوطني».
ويُضيف، أولئك الذين يصفون دخول بعض الأسرى الفلسطينيين إلى القاهرة بأنه بدايات تهجير وأن مصر قبلت التهجير، أو أنها ستقبله بضغوط في المستقبل، يردون تشويه الدولة والخروج عليها، ويفعلون ذلك الأمر على مدار الـ13 عام الماضية، منذ اندلاع ثورة 30 يونيو، فهم لديهم أصوات نشاز يستهدفون من خلالها الدولة المصرية وليس تشويه القيادة السياسية فقط.
ويتفق معه اللواء سمير فرج، في هذا الشأن، مؤكدًا أن اعتقاد أن مرور الأسرى المبعدين المنتمين لحركة حماس عبر مصر إحدى خطوات تنفيذ مخطط التهجير غير منطقى، لأنهم مصر ما هي إلا «ترانزيت» بالنسبة لهم ومنها سيتوجهون إلى الجزائر وتركيا وقطر، حسبما نص أحد بنود اتفاق وقف تبادل النار.
«السيسي» يتحدى «ترامب»
مصر كانت ومازالت وستظل داعمًا رئيسًا وأساسيًا للقضية الفلسطينية، ليس فقط لوجود حدود مشتركة بيننا وبين فلسطين، ولكن لأنها كانت حاضنة للقضية منذ النكبة الأولى عام 1948، بدليل أن مصر خاضت حروبًا كثيرة مع إسرائيل جزء منها كان مرتبطًا بعودة الحق المصري في أراضينا المسلوبة، في ارتبط آخر بعودة الحق الفلسطيني، بحسب «أديب».
ويُشير منير أديب، إلى أن الرئيس السيسي وضع خطًا أحمرًا للكيان الصهيوني ولأمريكا -خلال تصريحات سابقة- متمثلًا في تهجير الفلسطينيين، والذي رفض تعديه في أي حالٍ من الأحوال، ورغم أن ذلك الخط الأحمر وضعه في ولاية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، إلا أنه مازال قائمًا بالنسبة لمصر، وهذا هو الموقف المصري.
ويعتقد، أنه كما تحدى الرئيس السيسي نظيره الأمريكي السابق جو بايدن، سوف يتحدى الرئيس الحالي دونالد تراب والعالم بأكمله، وليس الرئيس وحسب ولكن مع الشعب المصري، وهو الجبهة الداخلية التي تتماهى تمامًا مع القيادة السياسية في هذا الأمر، متفقة مع تصريحاته، منذ اندلاع الحرب أكتوبر 2023، والتي قال فيها: إنه وأن كان ثمة تهجير للفلسطينيين، فصحراء النقب أمامكم، والتي تدخل ضمن ما يسمية الكيان الصهيوني دولة إسرائيلي، فلو أنتم لو عايزين مكان للفلسطينيين فادوهم قطعة من أرضكم المزعومة.
الفلسطينيين أفشلوا التهجير
ويختتم «أديب»، حديثه مؤكدًا أن الفلسطينيين أنفسهم أفشلوا دعوة «ترمب» بتهجيرهم خارج أرضهم بعودتهم إلى شمال غزة، كما أفشلوا صفقة القرن ودعوات «بن غفير» والحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وبالتالي لا مجال أبدًا للتهجير الذي رفضه الجميع، مُعقبًا: «أرادوا أن يمسحوا غزة من الجغرافيا، فسجلت نفسها في التاريخ»، بمشاهد عودة الفلسطينيون من جنوب القطاع إلى شماله، والتي شاهده العالم كله، والتي أظهرت أنهم ليس فقط ينتقلون أو يسيرون إلى الوطن بل كانوا يزحفون إلى وطنهم؛ لتمسكهم بأرضهم، ولن يتركونها أبدًا، بدليل أنهم لم يفرطوا فيها وهم تحت القصف، فكيف الآن!