«النبأ» تستعرض خطة ترامب للضغط على مصر لقبول تهجير الفلسطينيين إليها
في خضم التحولات السياسية الكبرى التي تشهدها المنطقة، خلال الفترة القليلة الماضية، خرجت الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب لتحاول فرض رؤى جديدة ومخطط حقيقي لتصفية القضية الفلسطينية بتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن.
ولم يكتف دونالد ترامب بالحديث عن خطته بل لوّح باستخدام بعض أوراق الضغط ضد مصر والأردن لتمرير خطته والقبول بملف تهجير الفلسطينيين من خلال فرض العقوبات الاقتصادية وقطع المعونة العسكرية والاقتصادية، ووقف الدعم والمساعدات الإنسانية والتنموية عن بعض الدول العربية والمنظمات العاملة داخل الأراضي الفلسطينية.
وتحاول «النبأ»، خلال السطور التالية، كشف أبعاد خطة ترمب السرية للضغط على مصر والأردن لتمرير صفقته الجديدة بشأن التهجير القسري للفلسطنيين، وما تحمله مصر والأردن والعرب لمواجهة سيناريوهات تهديد الأمن القومي العربي وتصفية القضية الفلسطينية برمتها.
ابتزاز سياسي
يرى أحمد عطا، الباحث السياسي الدولي، أن الإدارة الأمريكية لم تعد توفر الحماية سوى لإسرائيل، لافتا إلى أن ترامب مُصر أن يكون في مواجهة الشعوب العربية، وأن ينفذ عملية ما تبقى من أهالي غزة وترحيلهم إلى دول الجوار -مصر والأردن- ملوحًا بالمعونات بالنسبة لمصر.
وأضاف «عطا»، أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت أنها قدمت الكثير لمصر والأردن وهذا غير صحيح، معقبًا: «بالنسبة لمصر فهو يمارس عليها ابتزاز سياسي والتلويح بعقوبات اقتصادية وهذا يشير بأنه ليس لديه قراءة جيدة بالنسبة للشعب المصري».
وأكد الباحث السياسي، أن حجم المعونات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية لمصر سنويا بقيمة مليار دولار عبارة عن قطع غيار للأسلحة الأمريكية التي حصلت عليها مصر خلال السنوات الماضية، أما المعونة الأمريكية فهي عبارة مبلغ ضئيل بقيمة 45 مليون دولار.
وأشار إلى أن الأردن هي التي قدمت الكثير بالنسبة لها فقد وافقت على القواعد العسكرية على أراضيها، بجانب أن الأردن نقطة جغرافية فاصلة تشكلت وتكونت لعدم ضمان استهداف إسرائيل من ناحية العراق وإيران.
وأوضح أحمد عطا، أن ترامب يريد ضمان أمن إسرائيل من خلال عملية إجلاء سكان غزة وهي خطة قديمة تُعرف بـ«الأرض الخالية»، مؤكدا أن هذه الخطة ستكون غزة خالية من السكان وتستطيع إسرائيل تفكيك البنية التحتية الأمنية لحماس وتدميرها ولا يمكن أن يحدث ذلك سوى بترحيل سكان غزة إلى مصر والأردن.
وتابع: «لهذا بدأ ترامب بوقف المعونات والمنح للسودان والتلويح باتخاذ نفس النهج ضد مصر والأردن ولكنه سيخسر بقاء الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط لأن هناك ثنائي منافس له في إفريقيا والشرق الأوسط وهما روسيا والصين، لهذا ترامب يبتز مصر والأردن سياسيًا من وجهة نظر رجل أعمال وليس رئيس أكبر دولة في العالم».
واختتم «عطا» حديثه مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية ستواجه مشكلات كثيرة لم تواجهها من قبل بسبب سياسات ترامب.
سياسات حمقاء
فيما يرى الدكتور محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز العربي للدراسات السياسية والاقتصادية، أن تصريحات وخطط دونالد ترامب بشأن رغبته في تهجير الفلسطينيين قسريا من قطاع غزة لمصر والأردن ستؤثر على الولايات المتحدة نفسها.
وأوضح «إسماعيل»، أن السياسات تعاد مرة أخرى كما حدث في عهد جورج بوش، الذي كان ينظر إلى كل الأمور بالاستعلاء الأمريكي مما سيؤدي في النهاية إلى نتائج كارثية على الولايات المتحدة الأمريكية، لافتا إلى أن منطقة الشرق الأوسط ستبحث عن بدائل للولايات المتحدة الأمريكية ومنها روسيا كوسيلة ضغط.
وأكد أن تصرفات ترامب ستجلب عليه العداوة ليس فقط لشخصه إنما للسياسات الأمريكية وللحزب الجمهوري، مضيفا أن بعض المنظرين حتى في الولايات المتحدة الأمريكية يتحدثون عن مسألة كراهية العالم للولايات المتحدة الأمريكية، مثل ميشيل فوكو الذي تحدث عن ثقافة الحضارات أو صناعة الحضارات إضافة إلى بعض الكتب التي صدرت في أمريكا».
وتابع أنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تعيد النظر في هذه السياسات الحمقاء لأنها ستؤدي في النهاية إلى نتائج كارثية عليها وعلى منطقة الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن هناك أعداء للولايات المتحدة الأمريكية بحجم روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران ودول أخرى إضافة إلى دول أوروبا التي لا تعجبها السياسات الأمريكية حاليًا، معقبا: «وبالنظر أيضا إلى المكسيك وكولومبيا، وبالتالي الولايات المتحدة ستفتح أكثر من جبهة ربما هي التي تدفع الثمن آجلا أو عاجلًا».
تدهور الأوضاع
وفي السياق ذاته، قال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي ومدرس الاقتصاد، ومدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إن خطة دونالد ترامب ستؤدي إلى حدوث هجرة جماعية ونزوح للسكان الأوضاع المعيشية السيئة قد تدفع الناس للهجرة إلى دول أخرى بحثًا عن فرص أفضل، مما قد يزيد من أزمة اللاجئين.
وأضاف «خضر»، أن هذا سيكون له -أيضًا- تأثير على العلاقات الإقليمية بين الدول واحتدام للنزاعات مما يضعف الدول سياسيا واقتصاديا وهو ما ينذر بتفاقم النزاعات القائمة وليس حلها وهو ما له تأثير كبير على الأمن الإقليمي.
وأوضح أن تصاعد التوترات وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يؤدي إلى زيادة الاحتجاجات وعدم الاستقرار، كذلك تفاقم الأزمات الإنسانية احتمالية وتفشي الأمراض وزيادة أعداد النازحين بسبب الظروف المعيشية السيئة، والحركات الاحتجاجية قد تتزايد ضد الحكومات المحلية أو السياسات الدولية، مما يؤدي إلى مزيد من التوترات والإرهاب والتطرف.
واستكمل: «تدهور الأوضاع قد يستغل من قِبل الجماعات المتطرفة لتعزيز نفوذها، مما يزيد من خطر الإرهاب في المنطقة ردود فعل دولية قد تحاول بعض الدول أو المنظمات الدولية إيجاد حلول بديلة أو تقديم مساعدات عاجلة، لكن هذا يعتمد على الظروف السياسية والاقتصادية».
ولفت إلى أن مخطط ترامب يؤدي إلى رفع معدلات البطالة وتفشي الفقر للدول المستضيفة لسكان قطاع غزة، مشيرا إلى أن التصدي لهذه التحديات يتطلب تعاونا عربيا ودوليا واستجابة عاجلة لضمان دعم الفلسطينيين.