رئيس التحرير
خالد مهران

أزمات و«زلات لسان» أحمد حلمي تهدد نجوميته

أحمد حلمي
أحمد حلمي

رغم الشعبية الجارفة التي يحظى بها الفنان أحمد حلمي، إلا أن خياراته الفنية الأخيرة أصبحت مثار جدل واسع، مما يهدد تاريخه الحافل بالأعمال الناجحة التي أحبها الجمهور.

وواجه «حلمي» -مؤخرا- سلسلة من الأزمات، بدأت مع فيلم «النونو»، مرورًا باتهامات تتعلق بـ«الماسونية»، وصولًا إلى تصريحاته في مسرحيته الأخيرة، التي اعتبرها البعض إهانة للمصريين.

«النونو» بداية العاصفة

أثارت أخبار فيلم «النونو»، الذي أُعلن عنه في يوليو 2024 وكان من إنتاج هيئة الترفية السعودية، جدلًا واسعًا.

الفيلم من بطولة أحمد حلمي ومن المفترض أن يجسد فيه «حلمي» شخصية نصّاب مصري يسافر إلى السعودية، وهو ما فسره البعض بأنه في هذا الدور ذاهب لتنفيذ عملية احتيال على الحجاج وسرقتهم، مما تسبب في موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي.

واعتبر المنتقدون أن الفيلم يُسيء لصورة المصريين في الخارج، ويروّج لفكرة ارتباطهم بالنصب والاحتيال.

تفاقمت الأزمة لدرجة دفعت المستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، إلى إصدار بيان يؤكد إعادة النظر في أحد الأفلام لضمان عدم إثارة الفتن بين الشعبين المصري والسعودي.

وأشارت بعض التوقعات إلى أن المقصود هو فيلم «النونو»، ما شكّل ضربة قوية لـ«حلمي»، وزاد من الضغط عليه.

الماسونية ومسرحية «بني آدم»

لم تهدأ عاصفة «النونو»، حتى وجد «حلمي» نفسه في قلب هجوم جديد بسبب مسرحيته «بني آدم»، حيث ظهر حلمي خلال العرض مرتديًا بدلة سوداء مرسومًا عليها رأس شيطان، وهو ما دفع البعض لاتهامه بالترويج لرموز ماسونية، خاصة أن الملياردير إيلون ماسك سبق وارتدى تصميمًا مشابهًا.

أزمة «إهانة المصريين»

وخلال عرض مسرحية «بني آدم» في السعودية، وجه حلمي تعليقًا ساخرا للملحن مصطفى جاد زوج المطربة كارمن سليمان، الذي كان يجلس في الصف الأول مع زوجته، قائلًا: «مصري وفي الصف الأول؟ أكيد معزوم».

تصريح بدا للبعض مجرد مزحة، لكنه أثار استياء عدد كبير من المتابعين، معتبرين أنه يحمل استهزاءً بالمصريين، وكأن «حلمي» يرى أن المصري لا يمكنه الحصول على مكانة متقدمة إلا بدعوة وليس بقدرة على الشراء.

المفاجئ أن «حلمي» لم يُصدر أي توضيح أو اعتذار، بل اكتفى بنشر صورة على إنستجرام وهو يضع سماعات على أذنيه ويغطي وجهه، وهو ما اعتبره البعض تجاهلًا متعمدًا للانتقادات.

وبعدها خرج الكاتب الصحفي هاني سامي، ليوضح الموقف على لسان أحمد حلمي، قائلًا إنه تواصل مع أحمد حلمي وعاتبه، موضحا أن حلمي أكد أن الفيديو مجتزأ لشن الهجوم عليه فقط، وأنه لم يكن سوى مزاح مع أصدقائه، وأنه تم تفسيره بأنه إهانة للمصريين بسبب سوء النوايا.

«أصحاب ولا أعز»

الهجوم على «حلمي» ليس جديدًا، فقد بدأ منذ أزمة فيلم «أصحاب ولا أعز»، الذي شاركت فيه زوجته منى زكي، وأثار جدلًا واسعًا بسبب أحد مشاهدها، ما جعل البعض يهاجمها بشدة، ويمتد الهجوم إلى «حلمي» نفسه، متهمين إياه بدعم أفكار لا تتناسب مع المجتمع المصري.

لم يقصد الإساءة

يرى الناقد الفني أمين خير الله، أن الجدل حول تصريحات أحمد حلمي كان مبالغًا فيه، مشيرًا إلى أنه حتى لو افترضنا جدلًا أنه ينظر لمصر بهذه النظرة، فمن غير المنطقي أن يصرّح بذلك علنًا، وأمام الجمهور في السعودية تحديدًا.

وأضاف: «أحمد حلمي في النهاية ممثل كوميدي، والممثل الكوميدي معتاد على إطلاق الإفيهات في أي موقف، تمامًا كما كان يفعل عادل إمام وسمير غانم، فمجرد رؤيتك لهم كانوا يلقون نكتة أو تعليقًا ساخرًا، لكن في حالة حلمي، تم تحميل الموقف أكثر مما يحتمل، ربما خانه التعبير، لكن من المستحيل أن يكون تعمّد الإساءة إلى مصر، فماذا سيجني من ذلك؟ في النهاية، السوشيال ميديا لا تحكمها ضوابط، وأي تصريح قد يتم تضخيمه بشكل غير متوقع».

وعن الانتقادات الموجهة لمسرحية «بني آدم» وتعاون «حلمي» مع هيئة الترفيه السعودية، أوضح الناقد الفني أن التعامل مع الهيئة موضوع شائك في مصر، إذ يرى البعض أن السعودية «تخطف» نجوم الفن المصري، لكنه استدرك قائلًا: «في النهاية، أحمد حلمي فنان مصري، تمامًا كما أن محمد هنيدي، الذي حصل على الجنسية السعودية، لا يزال مصريًا ومن إمبابة عندما تصنع فيلمًا أو مسرحية ببطولة مصرية مثل حلمي وأحمد عز، فهم يظلون فنانين مصريين، ولا يوجد أي تقليل من مصر في ذلك، أما الجدل، فهو مرتبط بمواقف مختلفة، منها مشاكل بين بعض مشجعي الكرة والمستشار تركي آل الشيخ، أو رفض البعض للحفلات الفنية في السعودية، مما جعل الأمر شائكًا لكل الفنانين».

أما عن الجدل حول فيلم «النونو» وقصة النصب في السعودية، أشار «خير الله» إلى أن هذه الفكرة قدمت في فيلم «أولاد رزق 3»، دون أن يثير ذلك نفس الضجة، قائلًا: «فيلم “أولاد رزق 3” تناول قصص النصب في السعودية ولم يتعرض للهجوم كما حدث مع «النونو»، ربما لأن الفيلم كان امتدادًا لجزئين سابقين، حيث عُرف أن شخصياته نصابون منذ البداية، مما جعل الجمهور يتقبله بشكل مختلف».

على النجم الحذر

بينما يرى الناقد الفني جمال عبد القادر، أنه في الفترة الأخيرة، أصبح الجمهور يشعر بأن هناك تراجعًا في الفن المصري، خاصة مع انتقال بعض الفنانين المصريين للعمل في السعودية بالتزامن مع النهضة الفنية التي تشهدها المملكة.

وأضاف: «هذا التحول خلق نوعًا من الضغط، حيث أصبح أي فنان يتحدث على المسرح، سواء بكلمة مثل محمد فؤاد ومحمد الحلو، أو حتى بإفيه ساخر مثل أحمد حلمي، عرضة للهجوم بسبب حساسية الجمهور الزائدة».

وأوضح الناقد الفني جمال عبدالقادر، أن هناك حساسية مفرطة تجاه تصريحات الفنانين، مستشهدًا بموقف محمد الحلو عندما غنى «عمار يا إسكندرية»، ثم عدّلها إلى «عمار يا سعودية»، مؤكدا أن هذا مجرد تغيير في تتر مسلسل وليس نشيدًا وطنيًا، لكن الجمهور تعامل مع الأمر بحساسية مفرطة.

وتابع: «لو كان قالها (عمار يا إسماعيلية) كانت هتعدي عادي».

وعن الجدل الدائر حول المسرحية الجديدة التي اتُهمت بالترويج للماسونية، قال «عبدالقادر»: «ماسونية إيه؟ دا هزار.. شخصية الشيطان موجودة في أعمال كتير، زي (ونوس) ليحيى الفخراني، وعادل أدهم، ومحمود المليجي، وحتى نور الشريف».

وأوضح أن الاتفاق بين الشيطان والإنسان موضوع تمت معالجته في أكثر من 50 عملًا فنيًا، وهو مجرد عنصر درامي، مشيرا إلى أن الإفيه الذي أُطلق في المسرحية لم يكن موفقًا، إلى جانب تحامل الجمهور عليه بسبب الحساسية الزائدة.

أما عن رد أحمد حلمي على الهجوم، فقال عبدالقادر: «لا، دي مش بالصدفة.. أنت فنان كبير، مش مراهق، فأي خطوة ليك لازم تكون محسوبة، الإفيه ممكن يكون مش محسوب، لكن حتى الصورة اللي نشرتها مش محسوبة، وده استكمال لعدم التوفيق في التفاعل مع الجمهور، لأن البعض فهمها إنها تعالٍ وكِبر».

وعن الأزمة التي تعرض لها فيلم «النونو» قبل عرضه، وصف «عبدالقادر» الهجوم عليه بأنه «كلام فاضي»، متسائلًا: «إزاي يتم الهجوم على فيلم متشافش أصلًا؟ عادل إمام قدم دور نصاب وحرامي وماحدش قال حاجة!».

وأوضح أن الفيلم كان يمكن أن يقدم شخصية تمر بتحولات، إما أن تتوب أو أن تتراجع عن الجريمة، لكن البعض استغل الأمر للهجوم، خاصة مع حساسية الجمهور المفرطة.

وأضاف: «بدل ما تقدم الفيلم كدليل على حسن النية، روّحت لغيته، وكأنك كنت فعلًا ناوي تغلط».

واختتم عبدالقادر حديثه بأن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت سلاحًا ذا حدين، حيث وفّرت للجميع مساحة للتعبير عن آرائهم، لكنها أيضًا فتحت الباب للهجوم العشوائي والمبالغا، قائلًا: «الناس بقت تدخل على دار الإفتاء وتقول ليهم أنتوا هتفتوا، دول بيشتموا شيخ الأزهر ودار الإفتاء، مش هيشتموا أحمد حلمي».

هجوم غير مبرر

أكدت الناقدة ماجدة خيرالله، أن التصريح الذي أدلى به الفنان أحمد حلمي لا يليق بفنان يمتلك خبرة طويلة مثله، مشيرة إلى أنه لم يكن من المفترض أن يقع في خطأ كهذا، خاصة أنه أدلى به خارج مصر وأمام جمهور غير مصري.

وفيما يخص الانتقادات الموجهة لمسرحيته «بني آدم» قالت: «قدم شيطان ولا عفريت ولا جن الهجوم غير مبرر، المسرحية عمل فني يعتمد على فريق كامل، من ملابس إلى مكياج وأداء، ولا يجب خلط الأمور ببعضها أو تحميل الفنان مسؤولية اختيارات فنية متكاملة».

وحول الانتقادات التي طالت بعض الفنانين بسبب عملهم في السعودية، أشارت إلى أن فنانين مثل أحمد عز وكريم عبد العزيز قدّموا عروضًا مسرحية هناك ولم يتعرضوا للهجوم.

وأضافت: «العديد من الفنانين المصريين قدموا أعمالًا فنية متنوعة في السعودية، سواء في التمثيل أو الغناء أو المسرح، نحن لسنا ضد دولة بعينها، فالفنان يمكنه العمل في الأردن، السعودية، تركيا، ولبنان، ولكن الأهم ألا يسيء لنفسه أو لبلده».

وانتقدت «خيرالله» تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في تأجيج الرأي العام دون تفكير، مشددة على ضرورة الفصل بين المواقف المختلفة، قائلة: «السوشيال ميديا أصبحت تحرك البعض دون وعي، ويجب محاسبة الشخص على كل موقف بشكل مستقل دون خلط الأمور ببعضها».

واختتمت تصريحها بالتأكيد على أن ما حدث مجرد نكتة غير موفقة من فنان مصري، أدرك خطأه واعتذر عنه، مشيرة إلى ضرورة عدم تضخيم الأمور بشكل مبالغ فيه.

علاقة النجم بالماسونية

وفي ثياق متصل أكد الناقد الفني د. طارق سعد أن أحمد حلمي يُعد نجمًا كبيرًا وصاحب رصيد فني قوي، لكنه يعتمد على الكوميديا المركبة ذات الطابع الأقرب إلى الكوميديا الفرنسية، وهو ما قد لا يتناسب مع ذوق الجمهور المصري الذي يفضل الكوميديا السريعة والمباشرة، كما يفعل هنيدي ومحمد سعد.

وأضاف سعد أن حلمي يستغرق وقتًا طويلًا في بناء الموقف الكوميدي، مما لا يتماشى مع إيقاع الكوميديا الحديثة، مشيرًا إلى أن آخر أعماله الناجحة كانت في 2011، ومنذ ذلك الحين يتلقى انتقادات عديدة دون أن يُبدي اهتمامًا واضحًا. وأوضح أن مشكلته تكمن في تعقيد الأفكار والاستلهام من أعمال أجنبية بدلًا من الاعتماد على البساطة، التي جعلت أعمال إسماعيل ياسين خالدة حتى اليوم.

حول الجدل بشأن مسرحية "بني آدم"

وعن الجدل المثار حول مسرحية "بني آدم"، أشار سعد إلى أن العمل يتضمن رموزًا واضحة لها دلالات ماسونية، مما يطرح تساؤلات حول مدى وعي حلمي بهذه الرموز. وطرح احتمالين:

1. إما أن حلمي كان على علم بهذه الرموز، وعليه توضيح موقفه بشفافية.


2. أو أنه لم يكن مدركًا لدلالاتها، وهو أمر غير مقبول لفنان مثقف.

 

كما أشار إلى أن حلمي قد يكون مقيدًا بعقود إنتاجية تمنعه من التراجع، لكنه انتقد طريقة تعامله مع الأزمة، حيث اكتفى برد ساخر عبر "ستوري"، معتبرًا أن هذا يعكس إما تجاهله للانتقادات أو تحكم إدارات التسويق الرقمي في حساباته.

رسالة إلى أحمد حلمي

وجه طارق سعد رسالة لحلمي قائلًا: "أنت نجم محبوب، هل تمتلك الجرأة للخروج أمام جمهورك والاعتذار، ونفي علاقتك بهذه الرموز ومهاجمتها؟"

كما أشار إلى أن الجدل ليس الأول من نوعه، مستشهدًا بمشاركة منى زكي، زوجة حلمي، في فيلم "أصحاب ولا أعز" على منصة نتفليكس، التي تُتهم بالترويج لأجندات معينة، وهو ما يضع حلمي في موقف يحتاج إلى رد صريح.

عن المقارنة بين "بني آدم" و"ونوس"

رفض سعد المقارنة بين المسرحية ومسلسل "ونوس" ليحيى الفخراني، موضحًا أن "ونوس" تناول الصراع بين الإنسان والشيطان منذ بداية الخليقة، بينما استخدمت "بني آدم" رموزًا ماسونية صريحة مثل "بافوميت" والهرم المقلوب، وهو فارق جوهري.

حول واقعة المزاح مع زوج كارمن سليمان

وفيما يتعلق بمزاح حلمي مع زوج الفنانة كارمن سليمان، اعتبر الناقدسعد أن التصرف لم يكن موفقًا، وربما جاء نتيجة الضغوط التي تعرض لها بسبب الانتقادات، حيث كان مجرد محاولة للاستعراض والإضحاك، خاصة أن المسرح يعتمد بشكل اساسي على النجوم المصريين، ولولاهم لما كانت هناك صفوف أولى أو أخيرة.

في النهاية، يبقى أحمد حلمي واحدًا من أهم نجوم الكوميديا في مصر، لكنه يواجه تحديًا حقيقيًا بسبب خياراته الفنية وتصريحاته غير المحسوبة. هل يتمكن من استعادة شعبيته، أم أن الهجوم المستمر سيؤثر على مكانته الفنية
 

الناقد الفني أمين خيرالله

IMG-20250114-WA0025(1)

الدكتور طارق سعد

received_3920843708161967

الناقد الفني جمال عبدالقادر

IMG_٢٠٢٥٠٢١١_١٣٥٩٠٤

الناقدة السينمائية ماجدة خيرالله

642586344763202502061012341234

IMG_٢٠٢٥٠٢١١_١٣٤٧١٠
8243465821739094982