المستشار وليد عز الدين يكتب: جريمة التعامل فى النقد الاجنبى خارج السوق المصرفى

أسند القانون رقم 194 لسنة 2020 إلى البنك المركزي المصري وضع سياسة سعر الصرف الأجنبي وتنفيذها وتنظيم سوق الصرف الأجنبي ورقابته.
وقد نظم القانون في الباب الخامس منه التعامل في النقد الأجنبي، وذلك بالترخيص للبنوك وشركات الصرافة وبعض الجهات الأخرى بالتعامل في النقد الأجنبي، على أن يقوم البنك المركزي بمراقبة تنفيذ عمليات النقد الأجنبي طبقًا لأحكام القانون واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذًا لذلك.
هل الاحتفاظ بالنقد الأجنبي جريمة؟
يحق لكل شخص طبيعي أو اعتباري أن يحتفظ بكل ما يئول إليه أو يملكه أو بحوزته من نقد أجنبي، وله الحق في التعامل أو القيام بأي عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل أو الخارج بشرط أن تتم هذه العمليات عن طريق البنوك أو عن طريق الجهات التي رخص لها بذلك طبقًا لأحكام قانون البنك المركزي المصري.
وعليه، فإن أي عمل إيجابي يأتيه الفرد على النقود، بما يشمل استبدالها بعملة أخرى أو تحويلها للداخل أو الخارج أو التعامل بها في مجال السلع والخدمات، لا يجوز تمامه إلا تحت رقابة وإشراف البنك المركزي المصري، سواء عن طريق أحد البنوك أو الجهات الأخرى المرخص لها بذلك.
وأن حيازة الأفراد للنقد الأجنبي والاحتفاظ به كمصدر للثروة دون عمل إيجابي منهم أمر سائغ ومشروع، بل ويحميه القانون. فلكل شخص طبيعي أو اعتباري أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي.
حدود المبالغ المسموح بها عند الدخول أو الخروج من البلاد
إدخال النقد الأجنبي إلى البلاد مكفول لجميع القادمين إلى البلاد، على أن يتم الإفصاح عنه في الإقرار المعد لهذا الغرض إذا جاوز عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأخرى.
وأخراج النقد الأجنبي من البلاد مكفول لجميع المسافرين بشرط ألا يزيد عن عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأخرى.
ما يعد جريمة وفقًا لأحكام القانون؟
التعامل في النقد الأجنبي أو به يعد جريمة وفقًا لأحكام قانون البنك المركزي إذا تم خارج السوق المصرفية الرسمية للبلاد.
علمًا بأنه قد ترتبط الجريمة المشار إليها بجريمة مباشرة عمل من أعمال البنوك دون ترخيص، وهي تقديم خدمة استبدال عملة أجنبية بنظيرتها الوطنية، سواء بسعر معادل لسعر الصرف المعلن أو يجاوزه أو أقل منه، دون ترخيص لمباشرة ذلك النشاط.
قيود رفع الدعوى الجنائية
نصت المادة 238 من قانون البنك المركزي على أنه في غير حالات التلبس، لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذًا له، وفي الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون، إلا بناءً على طلب كتابي من محافظ البنك المركزي.
أي أن المشرع قد وضع قيدًا إجرائيًا على سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية دون حالات التلبس، وهو طلب تحريك الدعوى.
وعليه، لا يجوز إصدار إذن من النيابة العامة بضبط جريمة التعامل في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي إلا بعد اتخاذ إجراءات مخاطبة محافظ البنك المركزي بطلب تحريك الدعوى الجنائية، عملًا بنص المادة (238) من القانون.
عقوبة التعامل في النقد الأجنبي خارج السوق المصرفي
يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر، كل من تعامل في النقد الأجنبي أو به خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك، أو مارس نشاط تحويل الأموال دون الحصول على الترخيص.
وفي جميع الأحوال، تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى، ويحكم بمصادرتها، فإن لم تضبط، حكم بغرامة مالية تعادل قيمتها.
الاختصاص القضائي للجريمة
نظم القانون قواعد الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية طبقًا للمادتين الرابعة والسادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008، وأشار إلى اختصاص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها بعدد من القوانين، ومنها قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد.
وعليه، فإنه ينعقد الاختصاص القضائي نوعيًا لهذه الجريمة ابتدائيًا واستئنافيًا إلى المحكمة الاقتصادية دون غيرها.