بعد حالة الجدل..
حقيقة انتشار الأكمنة الأمنية أمام البنوك للقبض على حاملي الدولارات

«أكمنة أمنية للقبض على أصحاب الدولارات»، جملة ترددت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، هدفها إثارة البلبلة والشائعات في الشارع المصري، وضرب العملة الوطنية مقابل الدولار وإعادة النشاط في السوق السوداء، حسب ما أكده خبراء اقتصاد.
وكانت انتشرت منشورات على «فيسبوك» و«إكس»، تحذيرية حول إنشاء أكمنة بإلقاء القبض على بعض المترددين على البنوك خاصة عقب استلامهم لحوالات خارجية بالعملات الأجنبية، حيث قال البعض إن هناك ضباط شرطة يعملون على ضبط من يملك دولار عند خروجه من البنك، متهمين البنوك بالتواطؤ مع الأمن للقبض على العملاء -على حد قولهم-.
فيما قال آخرون، إن هناك عصابات تنتحل صفة شرطة أموال عامة بملابس مدنية، تعمل على خطف حائزي الدولار، لأخذ العملة، عن طريق الكمائن، ويتم معرفة ذلك عن طريق التتبع بعد الخروج من البنك أو عن طريق الإنترنت، محذرين من التعامل عن طريق السوق السوداء، والتحويل يكون فقط من خلال البنوك والصرافة.
ومع كثرة الشائعات والجدل حول العملة خلال الفترة الماضية، خرج مصدر أمنى بوزارة الداخلية نافيًا جملة وتفصيلا صحة ما تم تداوله بشأن الادعاء بقيام الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على المترددين على البنوك عقب استلامهم لحوالات خارجية بالعملات الأجنبية.
وأوضح المصدر الأمني، أنه يقف خلف هذه الادعاءات عدد من الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية بمواقع التواصل الاجتماعي والتي أصدرت وزارة الداخلية في الفترة الأخيرة عشرات البيانات لنفي ادعاءاتها.
وقال المصدر الأمني إن ذلك يأتي في إطار محاولة جماعة الإخوان الإرهابية لتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب لمحاولة تأليب الرأي العام وهو الأمر الذى يعيه الشعب المصري.
وأصبح هناك لغط كبير بين الاتجار في العملة وحيازة العملة؛ نتيجة لعدم فهم مواد القانون الخاصة بالبنك المركزي، والتي يترتب عليها الحبس ومصادرة الأموال.
وخلال السطور التالية نستعرض مواد قانون البنك المركزي التي تبيح حيازة النقد الأجنبي وتجرم الاتجار فيه والعقوبات الواردة.
حق المواطن في حيازة الدولار والتعامل به
وتنص المادة 212 من القانون أن لكل شخص طبيعي أو اعتباري أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي، وله الحق في التعامل أو القيام بأي عملية من عمليات النقد الأجنبي، بما في ذلك التحويل للداخل والخارج.
واشترط القانون أن تتم عمليات التحويل عن طريق البنوك أو عن طريق الجهات التي رخص لها بذلك طبقا لأحكام هذا القانون، وطبقًا للقواعد والإجراءات التي يحددها مجلس إدارة البنك المركزي.
ويكون التعامل داخل مصر بالجنيه المصرى، وذلك ما لم ينص على خلاف ذلك في اتفاقية دولية أو في قانون آخر أو في الحالات التي يصدر بتحديدها قرار.
إدخال وخروج النقد الأجنبي من البلاد
تنص المادة 213 من القانون على أن إدخال النقد الأجنبي إلى البلاد مكفول لجميع القادمين للبلاد، على أن يتم الإفصاح عنه في الإقرار المعد لهذا الغرض إذا جاوز 10 آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها، بالعملات الأجنبية الأخرى.
أما إخراج النقد الأجنبي من البلاد مكفول لجميع المسافرين بشرط ألا يزيد على 10 آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى، مع السماح عند المغادرة لجميع المسافرين أن يحمل ما تبقى من المبالغ السابق الإفصاح عنها عند الوصول إذا زاد على 10 آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى.
ويجوز للقادمين للبلاد أو المسافرين منها حمل أوراق النقد المصري في حدود المبلغ الذي يحدده مجلس إدارة البنك، ويحظر إدخال النقد المصرى أو الأجنبي أو إخراجه من خلال الرسائل والطرود البريدية.
عقوبة الاتجار في العملات الأجنبية
ونصت المادة 233 على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه أو المبلغ المالى محل الجريمة أيهما أكبر.
ويعاقب -أيضا- بالعقوبة السابقة كل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك، أو مارس نشاط تحويل الأموال دون الحصول على الترخيص.
ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة ولا تزيد على أربعة أمثال ذلك المبلغ، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف من أحكام المادة 213 من هذا القانون.
وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى وبحكم بمصادرتها فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها.
ويرى خبراء اقتصاد، أن بعض مروجي الشائعات يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي لضرب الاقتصاد المصري وخاصة التشكك في وضع البنوك وتوفير الدولار، مع عدم وعي المواطنين بقوانين حيازة النقد الأجنبي.
إعادة تنشيط السوق السوداء
وفي هذا السياق، قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، ومدير عام مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، إن الشائعات حول أكمنة الدولار غير منطقية، سواء من الشرطة أو أفراد تنتحل صفتهم، لافتًا إلى أن هذه الشائعات تهدف إلى إثارة الذعر بين المواطنين وضرب الاقتصاد المصري وإعادة تنشيط السوق السوداء، وهروب تحويلات المصريين في الخارج.
وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن الداخلية على الفور تحققت من الواقعة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنه لا يوجد أكمنة دولار في مصر، وكذلك القانون يمنع القبض على حيازة الدولار.
وأشار «عامر»، إلى أن القانون يحمي المواطن الذي يصرف دولار من داخل البنك لأنها طريقة مشروعة، لافتًا إلى أن الأمر عكسه في التجارة في العملة لأنها تفتح أبواب السوق السوداء مرة أخرى.
وأكد الخبير لاقتصادي، أن البنوك تعمل طوال الشهر على توفير الدولار لمنع لجوء العملاء إلى السوق السوداء.
يهدد الاقتصاد القومي
ومن ناحيته، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن الشائعات التي تستهدف العملة هدفها تقليل قيمة الجنيه المصري، في ظل استقراره أمام الدولار، لافتًا إلى أن هناك قوانين في مصر تحمي حيازة الدولار وتحدد حدود للسفر خارج البلاد والدخول أيضًا.
وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن ذلك يأتي في ظل ظروف صعبة تمر بها البلاد من انخفاض إيرادات قناة السويس بالدولار، بنسبة تصل إلى 60%، وتراجع الصادرات ومع عدم القدرة لتقليل فاتورة الاستيراد بالفعل سيكون هناك ضغط على الدولار، ولذلك استغل البعض عدم وعي المواطن بالقوانين والضغط على الدولار لنشر الشائعات حول الأكمنة للقبض على أصحاب الدولارات وخاصة مع التوترات السياسية والاقتصادية الحالية.
وأشار «فهمي»، إلى أن مرآة الاقتصاد هي العملة، وإذا كان الاقتصاد هش تصبح العملة هشة أيضًا، متابعًا: «نعم يوجد نقص في العملة نتيجة انخفاض مصادر الدولار في مصر ولكن الاحتياطي النقدي في ارتفاع مستمر ولكن هناك توفير للدولار في البنوك».
وأوضح أن هناك تعليمات لدى البنوك بالاستعلام عن مصدر الدولار لذلك يجب على المواطنين من حائزي الدولار اتباع التعليمات بشكل صحيح، لافتًا إلى أنه لا يجوز حيازة الدولار بهدف التجارة هذا غير قانوني، ويهدد الاقتصاد القومي.
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن ضبط الأسواق يحتاج إلى رقابة أمنية، وهو أمر متعارف عليه في جميع دول العالم، أيضًا بين شركات الصرافة، والسؤال على مصدر الدولار مشروع، قائلًا: «ولكن الأمر لن يصل أبدًا في مصر لحد التفتيش والقبض للحيازة».