رئيس التحرير
خالد مهران

بين تحديات ومكاسب..

أسرار عودة الملاحة بقناة السويس بعد تعديل 47 سفينة رحلاتها من رأس رجاء الصالح

قناة السويس
قناة السويس

تسببت التوترات في البحر الأحمر نتيجة هجمات الحوثيين التي كانت تهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، في تراجع أكبر مصدر لمصر من الدولار، هي قناة السويس، حيث انخفضت بنسبة 62% خلال عام 2024، مع انتهاء الحرب تحدث رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي عن استقرار الأوضاع فى المنطقة هو ما ساهم في عودة إيرادات قناة السويس تدريجيًا لطبيعتها مرة أخرى.

وبحسب البيانات الرسمية، فإن التحديات الإقليمية كبدت مصر نحو 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس في 2024.

وكانت إيرادات قناة السويس في عام   2024 تراجعت نحو 60% مقارنة بمستوياتها في عام 2023، والتي زادت عن 10 مليارات دولار، على إثر الأحداث الراهنة في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، والتي أثرت سلبًا على حركة الملاحة بالقناة واستدامة التجارة العالمية، حيث سجلت إيرادات قناة السويس خلال نهاية عام 2024، نحو 3.7 مليار دولار فقط.

وشنت جماعة الحوثي اليمنية، ما يقرب من 100 هجوم على سفن تعبر البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحفي، إن الأسبوعين الماضيين شهدا نوعًا من التوازن، في ظل تأثر إيرادات قناة السويس بالوضع الجيوسياسي.

وأوضح «مدبولي»، أنه في حال استقرار الأوضاع تم التحرك لتطبيق المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة واستقرار المنطقة، فإن التقديرات تشير إلى أنه اعتبارًا من إبريل المقبل ستعود إيرادات قناة السويس إلى ما كانت عليه، موضحًا أن هذا سيكون عاملًا مهمًا في نمو الاقتصاد.

وشدد رئيس مجلس الوزراء، على أن الدولة المصرية لديها رؤية واضحة تتحرك من خلالها وتطبقها بفاعلية لتسير الأمور بصورة جيدة، موجهًا رسالة طمأنة للمواطن المصري في هذا الشأن.

استقرار الملاحة في البحر الأحمر 

فيما توقع الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن تعود المزيد من الخطوط الملاحية للعبور من القناة، وذلك بعد تعديل 47 سفينة رحلاتها من طريق رأس الرجاء الصالح إلى قناة السويس، إثر استقرار الملاحة في البحر الأحمر.

وقال «ربيع»، في بيان صادر عن هيئة قناة السويس، إن المباحثات المشتركة مع الخطوط الملاحية واستشعار العديد من العملاء، يشير لوجود مؤشرات إيجابية لعودة الاستقرار إلى منطقة البحر الأحمر، أثمرت عن قيام 47 سفينة منذ بداية الشهر الجاري بتعديل مسار رحلاتها للعبور بقناة السويس بدلًا من طريق رأس الرجاء الصالح.

وحول أزمة الملاحة في البحر الأحمر بسبب الحرب في غزة، قال: «إنها فرضت تحديات أمنية غير مسبوقة بالمنطقة، بما انعكس سلبا على استقرار واستدامة سلاسل الإمداد العالمية».

وأكد رئيس هيئة قناة السويس، أن ذلك يتطلب تضافر الجهود نحو العمل المشترك، لاحتواء التبعات السلبية وضمان استمرارية الخدمات البحرية بالمنطقة.

ويرى خبراء اقتصاد، أن عودة الملاحة في قناة السويس، سيؤثر إيجابيًا على الاقتصاد المصري، حيث سيساهم في استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار وتوفير العملة الصعبة، بجانب زيادة مصادر مصر الدولارية لسداد ديونها، بالإضافة إلى استقرار أسعار السلع الفترة المقبلة، إلا أنه رغم ذلك يوجد عدد من التحديات أبزرها التوترات في المنطقة التي لم تنته حتى الآن.

مصدر غير مكلف

وفي هذا السياق، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن قناة السويس، أهم مصادر مصر للنقد الأجنبي، ويطلق عليه «مصدر غير مكلف للبلاد» وبالتالي نعتمد عليه بشكل كبير في التزامات الدولة.

وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن حرب غزة والتطورات في المنطقة تسببت في انخفاض إيرادات قناة السويس إلى أكثر من النصف، ولكن مع الوصول إلى هدنة لوقف إطلاق النار، ستعود الملاحة لقناة السويس بشكل تدريجي.

وأشار «الإدريسي»، إلى أن هناك تحديات صعبة ستقف أمام عودة الملاحة بقناة السويس لمعدلاتها الطبيعية لتصل الإيرادات إلى 9 أو 11 مليار دولار، لافتًا إلى أن وتيرة الأحداث الماضية انخفضت ولكنها لم تنته بشكل كامل حتى الآن، ولعل أبرزها الصراعات في سوريا، والتصريحات الأمريكية عن المنطقة وغزة والرسوم الجمركية.

وتابع: «نتمنى عودة الملاحة بقناة السويس، بشكل تدريجي ونستمر في ذلك لأن الاقتصاد بحاجة إلى زيادة الموارد في النقد الأجنبي، لتنعكس بشكل أكبر على سعر الصرف من ناحية ومعدلات التضخم من ناحية أخرى».

وأكد الخبير الاقتصادي، أن أي تحسن في إيرادات قناة السويس، ينعكس بشكل إيجابي على سعر الصرف وملف الديون الخارجية، ولكن يجب أن يكون مقابل هذه الإيرادات ترشيد للنفقات الحكومية والمصروفات الدولارية.

قناة السويس أهم مصادر مصر الدولارية

ومن ناحيته، قال النائب محمود الصعيدي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن مصر تمتلك 5 مصادر أساسية لجذب الدولار هي: «قناة السويس، وتحويلات المصريين في الخارج والاستثمارات المباشرة، والصادرات، والسياحة»، أهمهم قناة السويس، وعودة الملاحة بها بشكل طبيعي يعني زيادة موارد مصر من العملة الصعبة.

وأضاف -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-، أن قبل أحداث البحر الأحمر وهجمات الحوثيين كانت إيرادات قناة السويس وصلت إلى 11 مليار دولار، أي اقتربت من 15 مليار دولار.

وأشار «الصعيدي»، إلى أن هدوء الأوضاع في البحر الأحمر يعني عودة السفن للمرور بقناة السويس مرة أخرى والتي من المتوقع زيادة عددهم الفترة المقبلة، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري.

وتوقع حدوث تحسن ملموس في إيرادات قناة السويس، خلال الربع القادم من 2025، أو خلال السنة المالية المقبلة، متابعًا: «خاصة مع زيادة صادرات مصرية والاستثمارات المباشرة والسياحة العام الجاري».

وأكد عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن تحسن إيرادات قناة السويس، يساهم في استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، هو بالطبع يساعد على ثبات أسعار الخدمات والسلع والتي يدخل في مكوناتها العملة الصعبة، وهو ما يعود بالإيجاب على المواطن في النهاية.