حكايات أطفال الشوارع بالغربية
تعد ظاهرة أطفال الشوارع شوكة فى ظهر المجتمع المصرى ككل، وازدادت حدتها فى الأونة الأخيرة، في شوارع محافظة الغربية، وتحديداً بمحطات القطارات، التى تعد مآوى لمعظم هؤلاء الأطفال، يسكنون إليها ليلًا وينطلقون منها صباحًا لممارسة أعمال التسول بأشكاله.
انشغلت الدولة ككل عن تلك القنابل الموقوتة التى تسير على أقدامها، وفى الوقت الذى توجهت كافة المؤسسات لتنشيط السياحة وإظهار مصر بأجمل صورة، هناك من يعيشون وسط الكلاب الضالة، حتى الكلاب قد تجد من يحنوا عليها ويلقى لها فتات تقتات منه، بينما هؤلاء ينظر لهم على أنهم أوبئة متحركة لا يجب القرب منهم، على الرغم من أنهم دليل قاطع على فشل المجتمع "بامتياز".
ورصدت " النبأ" تلك الظاهرة الخطرة بشوارع الغربية بعد أن أغفلتها مديرية التضامن الاجتماعى وجمعيات رعاية الأطفال الـ22 التى أغلقت أبوابها فى وجه هؤلاء.
يقول "أحمد- 12 سنة " أحد أطفال الشوارع إنه بعد أن توفيت والدته وتزوج والده لم يرغب أحد فى وجوده فخرج للشارع، فى بداية الأمر كان يتسول فى الشوارع وينام فى جراج محطة قطار طنطا إلى أن وجده " طارق" أحد المسجلين خطر فضمه لمجموعة من الأطفال فى مثل سنه، يوزع عليهم يوميًا أدوات التسول كالمناديل وفوط مسح السيارات وينشرهم فى الأماكن الرئيسية بشكل متسلسل كشارع المحافظة و شوارع الكليات والإشارات، وأخر الليل يجمع منهم الأتاوات ويلقى لهم ما يتبقى من طعامه، ومن لا يدفع مصيره الإيذاء البدنى والمعنوى والسب بأسوأ الألفاظ، ويخرجه من "جراج المحطة" الذي فرض سطوته عليه.
يكمل "أحمد": "أنا بحب الرسم أوى، عايز أعيش فى مكان نضيف وأتعلم وأبعد عن الشارع أنا وزمايلى العشرة، لكن مش لاقين مكان".
أما "محمد" فتختلف قصته قليلاً، فيقول: تركت أهلى ولا أريد العودة مرة أخرى لهم، فالشارع أهون كثيراً، أعمل طوال النهار وألهو دون رقيب، وسألناه عن سبب إصابته بحرق في قدمه، قال أن أحد المارة وجده نائم بجوار كشك الكهرباء بشارع الحلو فأشعل النار فى قدمه دون سبب، وعندما ذهب به أصحابه لمستشفى المنشاوى العام رفضت استلامه وعلاجه بحجة عدم وجود ضامن، لأنه طفل تحت السن القانونى، وعاد مرة أخرى للشارع.
وتابع: "إحنا محرم علينا دخول أى مستشفى، بيطردونا زى الكلاب، بيعتبروا إننا مالناش حق نعيش أو نمرض زى باقى الناس، فى أطفال كتير مننا عندهم أمراض جلدية ومعدية بحكم شغل الشارع، بنختلط بالناس وممكن ننقل عدوى وكتير ممكن نتعرض لشكة إبره والله أعلم فيها إيه أو بتاعت مين، لكن لا يتم استقبالنا فى المستشفيات، على الرغم من أن بعضنا يمكن أن يكون خطر على المجتمع بأكمله".
أما "أمنية ومؤمن" طفلين لا يتجاوز عمرهم الـ8 سنوات، يفترشون الرصيف بجوار كلية التربية جامعة طنطا، ببعض علب المناديل، يتجاذبون أطراف الحديث مع الطلبة المارة، يستعطفونهم تارة ويتسولون منهم الكلمة قبل الجنيه تاره آخرى، فقصتهم غريبه نوعا ما، لا يعلمون من والدهم، فأمهم هى الأخرى كانت من أطفال الشوارع، تركتهم منذ عدة أشهر، ومن وقتها مبيتهم فى محطة القطار مع طارق وباقى المجموعة .
تقول "أمنية" ببراءة شديدة "عايزة أدخل المكان ده زى البنات الكبيرة وأشيل كتب وشنطة ، لكن أنا عايشة فى الشارع، لما أكبر هيكون عندى بيت وأجى هنا".
مآساة لا نهاية لها يعيشها أطفال الشوارع، والمجتمع والدولة بكل مؤسساتها مسئولة عنهم، لا يحصلون على حياة ولا علاج ولا احترام، لديهم أحلام هي أقل حقوقهم في الحياة.