قصة الاستعانة بـ«تلميذ المشير» لحراسة الأمن القومي.. وترشيح محمود حجازي لرئاسة الحكومة
خلال الأسبوع الماضي، انشغل الرأي العام داخليًا - وربما خارجيًا - أيضًا بخبر خروج الفريق محمود حجازي من منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وتعيين الفريق محمد فريد حجازي، في المنصب بدلًا منه، وهو الحدث الذي كان بمثابة «الزلزال المفاجئ» للمهتمين بالشأن العسكري؛ لاسيما أن رئيس الأركان السابق هو «صهر» الرئيس، و«رفيق» رحلة الصعود العسكري له.
ولم يمر وقت طويل على هذا الحدث حتى ظهرت الروايات التي تفسر خروج «حجازي» من رئاسة الأركان، ومنها الروايات التي يرددها تيار «الإسلام السياسي» ومناصروه، مثل: وجود علاقة بين هذا التغيير، وما تردد عن تأخر الجيش في التدخل بـ«حادث» الواحات، والفشل في إيقاف تدفق الإرهابيين من الحدود الغربية لمصر، أو وجود غضب من قبل السيسي على «حجازي»؛ بسبب اكتشاف واشنطن للتنسيق العسكري بين مصر، وكوريا الشمالية، ثم العمل على «ترضية» وزارة الداخلية التي أطيح بعدد من قياداتها بسبب «حادث الواحات»، وهي روايات في أغلبها لا تهدف سوى لـ«إثارة البلبلة»، والتشكيك في قدرات الجيش.
على الجانب الآخر، ظهرت روايات أخرى تتعلق بأن خروج «حجازي» من رئاسة الأركان، مجرد بداية لـ«تلميع» رئيس أركان الجيش السابق؛ استعدادًا لتوليه منصب رئيس الحكومة، أو نائب الرئيس، إذا قرر عبد الفتاح السيسي استحداث هذا المنصب؛ ويدلل أصحاب هاتين الروايتين بإسناد منصب مستشار الرئيس لـ«التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات» للفريق محمود حجازي، وهي روايات يرددها المهتمون بـ«الشأن السياسي»، والانتخابات الرئاسية القادمة والتي لم يبق على إجرائها سوى شهور قليلة.
وبعيدًا عن كل تلك الروايات التي لا يُعرف ما أقربها للحقيقة، فقد كان مثيرًا للتساؤل أيضًا الاستعانة بالفريق محمد فريد حجازي في منصب رئيس الأركان الجديد؛ خاصة أنه ليس من الوجوه العسكرية الشهيرة.
المهتمون بالشأن العسكري يدركون أن الفريق محمد فريد حجازي، من «صقور» المشير محمد حسين طنطاوي، وأنه من القيادات العسكرية التي خدمت في سلاح «المشاة»، ويرتبط بعلاقات جيدة مع قيادات الجيش، لا سيما علاقته باللواء أحمد وصفي، مساعد وزير الدفاع الحالي، والرئيس السابق لـ«هيئة تدريب الجيش».
كان «حجازي» رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، ورئيس أركان الجيش الثانى الميدانى، ثم قائد الجيش الثانى الميدانى، وقبل تصعيده لمنصب رئيس الأركان، كان يتولى منصب الأمين العام لـ«وزارة الدفاع»، وأمانة سر المجلس العسكري، ما يشير إلى أن حجازي «جنرال قوي»، يحظى بتوافق كامل بين قيادات المؤسسة العسكرية.
كما ينتمي الفريق محمد فريد حجازي إلى مدرسة «طنطاوي» في إدارة القوات المسلحة، وهي المدرسة التي يكون كل تركيزها على الاهتمام بمشروعات الحرب، و«تفتيش الحرب»، ورفع الكفاءة القتالية للجنود، والاهتمام بالأسلحة الرئيسية في الجيش مثل أسلحة «المشاة، المدرعات، المدفعية».
وقال اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، إنه ليس مصدر معلومات في الواقعة الخاصة بخروج الفريق محمود حجازي من رئاسة الأركان، لافتًا إلى أنه لا توجد معلومات عن هذا الموضوع، وكل ما يتردد بشأن هذا التغيير المفاجئ في رئاسة أركان حرب القوات المسلحة «مجرد تقديرات».
وأضاف الخبير العسكري، أن من أهم هذه الشروط أن يكون تولى قيادة أحد الجيوش الميدانية، مشيرًا إلى أن «حجازي» كان قائدًا للجيش الثاني الميداني، ثم خرج من منصبه، وتولاه بعده اللواء أحمد وصفي، الذي يشغل حاليًا منصب مساعد وزير الدفاع.
وقال «شكيب»، إن الفريق محمد فريد حجازي، كان يتولى منصب الأمين العام لـ«وزارة الدفاع»، وهو منصب رفيع يجعله على اتصال مباشر ودائم بـ«وزير الدفاع» الفريق أول صدقي صبحي، متابعًا: «كل القرارات التي تصدر من القائد العام للقوات المسلحة تمر على الأمين العام لوزارة الدفاع؛ لتوزيعها على الجيوش الميدانية، والأفرع الرئيسية».
وتابع: «تعيين الفريق محمد فريد حجازي، رئيسًا جديدًا للأركان بالطبع تم بعد موافقة المجلس العسكري بالكامل».
بدوره، قال اللواء علاء عز الدين، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بـ«القوات المسلحة» سابقًا، إن تغيير رئيس الأركان يأتي من قبيل تجديد الدماء في القوات المسلحة، وتبادل الخبرات، مشيرًا إلى أنه لا يوجد قائد عسكري يستمر في منصبه للأبد، وأن الفريق محمود حجازي ظل في منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة أكثر من 3 سنوات، ومن الطبيعي أن يتم تغييره، وتصعيد شخصية أخرى.
وأضاف «عز الدين»، أن التغييرات العسكرية طبيعية، وحدوثها بالتزامن مع حادث الواحات، والتغييرات في قيادات وزارة الداخلية «مجرد صدفة»، لافتًا إلى أن حادث الواحات متعلق بالشرطة، ولا علاقة له بـ«القوات المسلحة».
وعن تولي الفريق محمود حجازي، منصب رئيس الحكومة، أو نائب الرئيس لو قرر السيسي استحداث هذا المنصب، قال «عز الدين» إن هذه الأمور تترك لوقتها، ودائمًا ما يكون هناك شائعات وتوقعات في رسم الحكومة الجديدة، ولكن يجب تركها لحينها، موضحًا أن رؤية القيادة السياسية هي التي تحدد الشخص الذي يشغل هذا المنصب أو ذاك؛ لأن رؤيتها أشمل، إضافة إلى أن مجلس النواب يكون له دور في هذه الأمور.
وعن رئيس الأركان الجديد، الفريق محمد فريد حجازي، قال اللواء علاء عز الدين، إنه تم اختياره من «الصفوة»، لافتًا إلى أن أداءه في رئاسة أركان الجيش سيكون رائعًا، مدللًا على ذلك بمهاجمة القوات الجوية لإحدى المناطق الجبلية بالفيوم، وتحرير النقيب «محمد الحايس» الذي كان مختفيًا منذ «حادث الواحات».
في نفس السياق، قال اللواء حسام سويلم، الخبير العسكري، إن الفريق محمود حجازي، كان يشغل في فترات سابقة، منصب مدير المخابرات الحربية، ولديه العديد من الخبرات في مجال الأزمات، وتأمين الحدود، مشيرًا إلى أن هذه الأمور تدخل ضمن مهام منصبه الجديد كمستشار لرئيس الجمهورية لـ«التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأزمات».
وأضاف «سويلم»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن خروج محمود حجازي من منصب رئيس الأركان له علاقة أيضًا بقضايا الحرب على الإرهاب، مشيرًا إلى أن «حجازي» لديه خبرة بالملف الليبي والحدود.
وتابع: «الجو مع ليبيا هيسخن الفترة اللي جاية»، مشيرًا إلى أن الرئيس يحتاج إلى شخص يتفرغ لمشكلات الحدود مع ليبيا.
وبخصوص تعيين الفريق محمد فريد حجازي، رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة، قال اللواء حسام سويلم، إن تعيينه في هذا المنصب هو «امتداد» للمنصب الذي كان يشغله من قبل كـ«أمين عام لوزارة الدفاع».
في نفس السياق، قال العميد محمود قطري، الخبير الأمني، إن إقالة محمود حجازي، كانت بسبب «حادث الواحات»، والإخفاقات المتتالية في سيناء فيما يخص محاربة الإرهاب.
وتابع في تصريحات خاصة لـ«النبأ»: «هناك أخطاء فيما يخص الخطة الأمنية في مواجهة الإرهاب، فلو كان هناك غطاء جوي أثناء عملية الواحات، لتم كشف أماكن اختباء الجماعات الإرهابية، ولم يكن سقط كل هذا العدد من شهداء الشرطة».
وتابع: «أعتقد أن نجاح القوات الجوية خلال الأسبوع الماضي، في إفشال محاولة لاختراق الحدود بـ 6 عربات دفع رباعي بها أسلحة ومتفجرات، فأل حسن لرئيس الأركان الجديد الفريق محمد فريد حجازي».
وتابع: «هذا الأمر يشبه مدرب الكرة المغلوب، ثم أنزل لاعبًا سجل هدفا.. فأعتقد أن رئيس الأركان جاب جول في الإرهاب».
وقال «قطري»، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لن يستعين بالفريق محمود حجازي، رئيس الأركان السابق، في تولي منصب رئيس الحكومة.