رئيس التحرير
خالد مهران

لقاءات مع الحاجزين تكشف: عيوب «خطيرة» تهدد وحدات مشروع «دار مصر للإسكان المتوسط»

مشروع دار مصر
مشروع دار مصر

«4» جهات عليا تتلقى المخالفات الكبيرة والصغيرة بالمشروع فى جميع المدن

«مقاولو الباطن» يخالفون المواصفات فى الأعمال الإنشائية

«الوزارة» تتجاهل بنود التعاقد المتعلقة بالتسليم والتشطيب والتنسيق

غياب الخدمات وسوء المرافق وراء «عزوف» الكثيرين عن الإقامة

«5» إجراءات عاجلة تعالج أخطاء الكبار وتنقذ المشروع من الضياع

قبل «3» أعوام ونصف العام كانت وزارة الإسكان تتباهى في جميع وسائل الإعلام بـ«مشروع دار مصر» للإسكان المتوسط، وبعد مرور هذا الوقت، شعر الحاجزون بالمشروع أنهم في ورطة كبيرة، بسبب جملة المشاكل التي تحيط بالمشروع، دون وجود حل من جانب المسئولين، حيث بات مسئولو وزارة الإسكان يتهربون من الحديث عن هذا المشروع العملاق بمرحلتيه الأولى والثانية، بل اتجهوا إلى التهليل من جديد لمشروعات أخرى جديدة كمشروع سكن مصر ومشروع جنة للإسكان الفاخر، دون غلق «الدفاتر» القديمة.

وكشف عدد كبير من الحاجزين بمشروع دار مصر للإسكان المتوسط، عن ظواهر سلبية كثيرة وفي منتهى الخطورة، تهدد مشروع دار مصر، لعلى أخطر هذه الظواهر أن بعض العمارات غير مطابقة للمواصفات، فضلًا عن سوء التشطيبات الداخلية والخارجية للعمارات والوحدات السكنية، وعدم اكتمال المرافق من مياه وكهرباء وصرف صحي على المستوى المطلوب، بخلاف تأخير تسليم الوحدات للحاجزين ليس شهورًا بل سنوات عديدة.

ونرصد عبر السطور القادمة أخطر الظواهر السلبية التي تهدد مشروع دار مصر، عبر ألسنة الحاجزين بالمشروع، على أمل أن ينتبه القائمون على المشروع لتلك الصرخات، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بأول مشروع سكني يخدم الطبقة ذات الدخل المتوسط.

في البداية قال "عزت حسن"، أحد الحاجزين بمشروع "دار مصر" بمدينة 6 أكتوبر، إن هناك ظواهر سلبية كثيرة تحيط بالمشروع وأصابت أصحاب الوحدات بالإحباط، في مقدمتها تأخير تسليم الوحدات للحاجزين لسنوات عديدة، كما أن أعمال التشطيبات سيئة، والمرافق والخدمات غير مكتملة، ومواقف السيارات غير كافية، فضلًا عن غياب تنسيق الموقع، واختفاء شركات الأمن والصيانة، وهذه الأمور مخالفة لبنود التعاقد.

ودلل «حسن»، على كلامه، بأنه بعد الانتهاء من العمارة رقم 154 بالمشروع، ورصف الشارع الأمامي، وإنهاء أعمال تنسيق الموقع تم اكتشاف خطأ فادح ألا وهو عدم توصيل صرف العمارة، وهذا الأمر يؤكد عدم وجود مهندسين في جانب مقاول الباطن والإشراف والمقاول الرئيسي ولا أيضًا من جانب وزارة الإسكان، قائلًا: «التسليم ماشي بالحب والبركة».

وأوضح أن الحاجزين بمشروع دار مصر سواء بالمرحلة الأولى أو الثانية أصبحوا في ورطة، خاصة وأن الحديث عن أي مشاكل بالمشروع هو بمثابة كابوس مزعج لا سيما لمسئولي وزارة الإسكان، مشيرًا إلى أنه حتى من استلم وحدته لم يسلم من إهمال المسئولين، حيث يعيشون أمرًا واقعًا ذا مرارة، بداية من انقطاع التيار الكهرباء بصفة مستمرة، وعدم انتظام مياه الشرب، وإهمال الحدائق والزراعات، وغياب الأمن، واختفاء شركات الصيانة.

أما أحمد طه أحد الحاجزين أيضًا بمشروع دار مصر بمدينة 6 أكتوبر، فأشار إلى كارثة أخرى خطيرة تتمثل أن شقق الدور الأرضي تكاد تتحول إلى بدرومات بدلًا من شقق سكنية، وقال: «المهندسون المسئولون عن تنسيق الموقع لم يجدوا أي حل سوى دفن شقق الدور الأرضي حتى أصبحت شبه البدروم، وأصبح الدور الأول هو الأرضي، موضحًا أن هذا الأمر أثر بشكل سلبي على الوحدات الأرضي خاصة الخلفية».

وقال خالد الجبالي، أحد الحاجزين بمشروع دار مصر بمدينة 6 أكتوبر: "مع احترامي للجميع المشروع مش فاشل، فعلًا هناك مشاكل كبيرة في بعض العمارات بسبب أن بعض المقاولين ليس لديهم ضمير ولا توجد رقابة ولا جهة مهتمة بالاستلام من المقاول، وأغلب المقاولين بالمشروع شغلهم متوسط».

وأضاف: «أنا استلمت شقتي، وحاليًا مقيم بها، وقابلت بعض العيوب التي تم تعديلها، بالطبع وزارة الإسكان ارتكبت تجاوزات كثيرة في المرحلة الأولى من المشروع غير متفق عليها في كراسات الشروط، وفي المرحلة الثانية الوزارة أمنت نفسها في كراسات الشروط، إن دار مصر المرحلة الأولى بكل ما فيها من أخطاء وعيوب مكان جميل ويستحق المبالغ التي تم دفعها فيه لكن بشرط اكتمال المشروع»، موضحًا أنه تم دفع ما يعادل ٨٤ ألف دولار في الوحدة١٤٠ مترًا.

وفي مشروع دار مصر بمنطقة الأندلس بالقاهرة الجديدة، روى عبد المنعم محمد، أحد الحاجزين بالمشروع، قصته المأسوية مع مسئولي وزارة الإسكان، وفوجئ عند استلامه الوحدة الخاصة به والتي تحمل رقم 17 بالعمارة رقم 18 بالمرحلة الأولي، بوجود عيوب كبيرة تتعلق بسوء التشطيب داخل الوحدة، ما أصابه بصدمة كبيرة ورفض التوقيع على محضر الاستلام، وتوجه لجهاز مدينة القاهرة الجديدة لمقابلة المهندس المشرف على التنفيذ، ولكن تم تجاهل شكواه.

وقال «محمد» إن وحدته بدار مصر بها عيوب كبيرة في مستوى «التشطيب»؛ فالحوائط بها شروخ كبيرة ناتجة عن سوء التشطيب، ومفاتيح الكهرباء لا تعمل، فضلا عن أن الحمام والبانيو لا يصلح للاستخدام، بجانب عيوب أخرى تتعلق بالنوافذ وكسر فى الزجاج وخلافه.

وفي دار مصر بمدينة العبور، رصد الحاجزون عددًا كبيرًا من مخلفات الإنشاءات والتشطيبات بالعمارات والوحدات السكنية، أولها أن أعمال النقاشة سيئة جدًا فهي مجرد مسح بالألوان على الجدران، كما أن مواسير المياه بها تسريبات تتسبب في ضرب أعمال النقاشة أسفل الجدران، والكهرباء غير موصلة ببعض الأسلاك فهناك توصيلات لا تعمل ولا يصل بها التيار الكهربائي، كما أن الأبواب والشبابيك لا تعمل بشكل جديد، كما أن أبواب شبابيك الألوميتال لا تعمل في جراراتها وأقفالها مصنوعة من البلاستيك فسرعان ما تكسر وتتآكل، كما أن السيراميك والبورسلين غير موزون فهناك عال ومنخفض كما توجد فراغات في الوسط. كما أن طقم الصحي والحمام والبانيو لا يعمل بصورة جيدة، حيث هناك تسريبات للمياه من الجوانب، كما أن الأسانسيرات لا تعمل، وغير مسموح حاليًا بتوصيل تليفونات أرضي وبالتالي لا يوجد نت بالمشروع، وأخيرًا بوابات العمارات لا توجد عليها أقفال.

وكشف عدد كبير من الحاجزين بمشروع دار مصر بالمدن الجديدة، أنهم تقدموا بشكاوى رسمية إلى أربع جهات، هي (رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء، ووزارة الإسكان، وهيئة الرقابة الإدارية)، يتضررون فيها من تأخير تسليم الوحدات المخصصة لهم، بالإضافة إلى التضرر من سوء المرافق والخدمات بالمشروع.

وقال الحاجزون في شكواهم، إن وزارة الإسكان روجت لمشروع دار مصر بكل وسائل الميديا المرئية والمقروءة والمسموعة، والذى بدأ فى إبريل 2014، على أن يتم تسليم الملاك الوحدات بمشروع متكامل الخدمات والمرافق فى شهر أكتوبر 2016، لكن هذا الأمر لم يحدث.

وأضاف الحاجزون أن وزارة الإسكان أضافت للمشروع المرحلة الثانية التي لم تكن أحسن حالًا من مرحلته الأولى، وبلغت نسبة إنجازها للمشروع وتسليم الوحدات على سبيل المثال فى مدينة 6 أكتوبر 47 %، تم تسليم وحداته للملاك وتسكينهم وسط حالة من السخط العام من فرط سوء التشطيب وضعف شبكات المياه وتكرار انقطاع الكهرباء «ليل نهار»، وعدم تشغيل مصاعد العمارات حتى تاريخه، بخلاف غياب الأمن والأمان لكل الملاك بالمدنية، وضعف مستوى أداء شركة الإدارة التى غابت تمامًا عن المشهد فحولت حياة الملاك إلى جحيم يتعرضون له يوميًا.

وأشار الحاجزون إلى أن باقى الحاجزين نسبة تزيد عن النصف بعد أربعة أعوام من بدء المشروع أصبحوا فى حالة ضياع واستنزاف لمواردهم ومدخراتهم بسبب عدم استلام وحداتهم، والبقاء بشققهم التي يستأجرونها، وسداد مستحقات الوزارة للأقساط الربع سنوية للوحدات، وزد على ذلك سداد غرامات تأخير فى حالة التأخر عن دفع الأقساط رغم التأخر في تسليم المشروع عامين كاملين حتى تاريخه.

وطالب ملاك وحدات مشروع دار مصر بمرحلتيه الأولى والثانية، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإسكان، بالمطالب التالية:

أولًا: تشكيل جديد لشركة إدارة حقيقة وفعالة، حيث إن الحالية لا وجود لها على أرض الواقع، مع اشتراك الملاك فى التشكيل الجديد للإشراف والمراقبة على الأداء وأوجه الصرف، فهم متلقى الخدمة، والأحرص على جودتها دون استنزاف وديعة الصيانة.

ثانيًا: التأكيد على جودة واستمرار الخدمات المقدمة لملاك الوحدات (كهرباء - مياه - غاز.... إلخ) كحق أصيل لنا.

ثالثًا: إنهاء كافة أعمال الإنشاءات والشبكات وتنسيق الموقع وتسليم المشروع بمرحلتيه الأولى والثانية بنهاية العام الحالى 2018، كامل المرافق والحدمات ككمبوند متكامل، كما نص التعاقد.

رابعًا: مشكلة التبة خلف عمارات كمبوند دار مصر أكتوبر، مطلوب تنسيق وتشجير لها بشكل يليق بملاك الوحدات المتضررين منها، وتحديد موعد انتهائها وتعيين مسئول للتواصل معه.

خامسًا: التوقف عن فرض غرامات على الحاجزين حتى تلسيمهم المشروع بالكامل، فليس من العدل تغريم الحاجزين فى وقت تأخر الوزارة عامين كاملين حتى تاريخه، دون تعويض الحاجزين من الضرر المادى والمعنوى الذى أصابهم جراء التأخر فى تسليم المشروع.

وفي المقابل أوضحت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أن هناك اهتمامًا كبيرًا من الوزارة في فيما يتعلق بتسليم شقق مشروع دار مصر للإسكان المتوسط بالمستوى المطلوب، حيث هناك تشديدات بإنهاء أعمال التنفيذ، وتشطيب العمارات والوحدات بأعلى جودة.

وقال المهندس كمال بهجت، مساعد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إن هناك اهتمامًا كبيرًا من الوزارة لتسليم الوحدات على المستوى المطلوب وبأعلى جودة، ويوجد فى كل موقع مشرفون ومسئولون عن المشروع يقومون بتسليم المواطن لشقته، وإذ كان لديه أى تعليقات على أى أمر يتعلق بالتشطيب، نقوم بتدوينها وحلها على الفور.

وعلق هاني يونس المتحدث باسم وزارة الإسكان، على تأخير تسليم وحدات مشروع سكن مصر للإسكان المتوسط قائلًا: «متقلقوش كله جاي دوره».