خطة إسقاط شيخ الأزهر برعاية مؤسسة أمريكية ونائب بالبرلمان
مجددًا يدخل مجلس النواب و«مشيخة الأزهر» في صدام جديد؛ في إطار الحرب الباردة بين الطرفين، وينوي نواب الأزمة مع الأزهر إشعال أزمة خطيرة، وهذه المرة تحت مسمى الدفاع عن حقوق المرأة داخل الأزهر، وحقها في تولي المناصب القيادية الدينية بالمشيخة كذلك عضوية المجمع الفقهي في العالم الإسلامي متمثلًا في هيئة كبار العلماء بـ«الأزهر»، ولكن الغريب في الأمر أن مؤسسات أمريكية وأجهزة تقف وراء مخطط اسقاط شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
وتناقش لجان الاقتراحات والدستورية مشروع قانون يطالب بدخول المرأة في عضوية هيئة كبار العلماء، وكشف الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، والمفصول من حزب «الوفد» بقرار من بهاء الدين أبو الشقة، عن تقدمه بمشروع قانون لإعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها؛ لضمان تمثيل المرأة بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بنسبة لا تقل عن 25% من عدد الأعضاء، بدلًا من إقصائها تشريعيًا، ومنع وجود صوت يمثلها داخل الهيئة بما لا يتسق مع نصوص الدستور والتي كفلت للمرأة المساواة في كافة الحقوق العامة وعدم التمييز.
مقدم المشروع، قال في نص المذكرة الإيضاحية: «إن ذلك يأتي التزامًا بنص المادة 9 من الدستور التي تلزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، والتزامًا بالمادة 11 من الدستور التي تنص على أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية على النحو الذي يحدده القانون».
ونص مشروع القانون بتعديل على المادة «32» مكرر لتصبح «تنشأ بالأزهر هيئة تسمى هيئة كبار العلماء يرأسها شيخ الأزهر وتتألف من عدد لا يزيد على أربعين عضوًا من كبار علماء الأزهر من جميع المذاهب الفقهية الأربعة، على أن تمثل المرأة نسبة لا تقل عن 25% من عدد الأعضاء».
على مدار عقود مضت، غابت المرأة عن المناصب القيادية في جميع قطاعات الأزهر الشريف؛ حتى تصور البعض أن الأمر مرتبط بوجود موقف خفي، ربما ارتقى لعداء غير معلن من جانب القيادات في المؤسسة الدينية الرسمية، تجاه المرأة، أو أن هذا الموقف يستند -ربما- إلى رأي فقهي بعينه.
قراءة تاريخ تولي المرأة المناصب القيادية في الأزهر الشريف، يلاحَظ أنه ليس منصفًا لها، وإنما يمنح أصحاب الأفكار المغرضة، ذريعة لترويج أفكارهم؛ إذ إنه رغم وجود أكثر من 200 ألف فتاة تدرس بمختلف كليات جامعة الأزهر، فإن عدد السيدات في منصب «عميدة كلية» لا يتجاوز 12 امرأة فقط، مقابل 65 رجلًا.
ولا يختلف الأمر فيما يتعلق بقطاع المعاهد الأزهرية، المقسمة إلى 27 منطقة، ومع ذلك تغيب المرأة تمامًا عن المناصب القيادية بها.
ولا يوجد أي تمثيل للمرأة داخل الهيئات الفقهية الأزهرية، بدايةً من هيئة كبار العلماء، التي تعد أعلى مرجعية دينية في مصر، وتضم 21 عالمًا، وأعاد الإمام أحمد الطيب تشكيلها عام 2012 لأول مرة منذ قرار الرئيس جمال عبدالناصر بحلها عام 1961، لكن دون أن تضم في عضويتها أي عنصر نسائي، وهو ما كانت عليه الهيئة منذ نشأتها عام 1911، وحتى تم حلها على يد عبدالناصر في التاريخ المُشار إليه.
ورغم أن مجمع البحوث الإسلامية يضم 50 عضوًا، فإنه يخلو أيضًا من النساء، منذ إنشائه عام 1961 وحتى الآن، رغم أنه يشمل أكثر من 20 عضوًا غير مصريّ من كبار العلماء في مختلف الدول الإسلامية.
ولا توجد أي قيادة نسائية داخل مشيخة الأزهر الشريف، التي تضم بعض النساء في المركز الإعلامي، ومرصد الأزهر للغات، والبوابة الإلكترونية فقط، فضلًا عن بعض العاملات في أماكن مختلفة.
أزمة تمكن المرأة من العمل داخل الأزهر كانت محور انتقادات وفد مؤسسة «رحلة حوار الأديان» الأمريكي بمشيخة الأزهر مؤخرا، وتم فتح الملف من قبل الوفد الأمريكي، ما كان سببا في اضطرار الإمام الأكبر للتأكيد أنّ منع المرأة من الحصول على حقها بكفاءتها، تقاليد خاطئة ومرفوضة؛ لأنها تشوه موقف الإسلام من المرأة. وأكد خلال اللقاء عدم وجود أي توجه رسمي لمنع المرأة من المناصب القيادية، كما شدد على أن أي توجه أو رأي يحجر على المرأة؛ يمثل تشويهًا لموقف الإسلام منها، ولا يتجاوز حد التقاليد المنبوذة.
وتأكيدا على كلامه أصدر «الطيب» قرارًا رسميًّا بتولي السيدة جمالات كامل حسن أحمد، مدير عام التعليم الإعدادي بمنطقة الأقصر الأزهرية، منصب المدير العام للعلوم الدينية والعربية بالمنطقة؛ الأمر لكي ينفي تمامًا كل ما أشيع حول أي موقف -سلبي- يتخذه الأزهر من المرأة داخل جدرانه العريقة.
ووفقا لتأكيدات عضوات من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، فإنه من عام 2000، ومن بعد ثورة 25 يناير، قام عدد من عضوات هيئات التدريس بالظهور دائما بوسائل الإعلام، والتقدم لعضوية مجمع البحوث الإسلامية ومؤخرا لعضوية هيئة كبار العلماء، وقدمن أوراقهم في المناسبات التي أعلن فيها الأزهر عن اختيار أعضاء جدد بالهيئة أو مجمع البحوث الإسلامية، ورغم أن جميع الشروط تنطبق عليهم، كن يتم استبعادهن واختيار من هم أقل منهم كفاءة من الرجال، وهناك عضوات هيئات تدريس مشهور لهم بالكفاءة والسمعة الطيبة بالعلم والأخلاق والفقه.
وبحسب ما يراه مهتمون بالشأن الديني داخل المشيخة، فإن الأزمة تعود إلى أن هناك مخاوف كثيرة لدى العمائم الأزهرية من فتح ذلك الباب، خصوصا أن الهيئة هى المعنية باختيار شيخ الأزهر من بين أعضائها، وبالتالى دخول المرأة للهيئة قد يجعلها محل ترشح لمنصب شيخ الأزهر الشريف، فهى مؤهلة قانونا لأن تكون شيخا للجامع الأزهر بموجب عضويتها، الأمر الذى يعد مرفوضا جملة وتفصيلا ليس بهيئة كبار العلماء فقط وإنما فى كل الهيئات التابعة للأزهر على أساس أنه لا يجوز للمرأة أن تكون بمثابة الإمام الأكبر أو إمام المسلمين.
في الوقت نفسه، فإن هناك الكثير من القيادات الدينية بالأزهر توجد بينهم اختلاف كبير فيما يخص تولي المرأة القيادة الدينية داخل الأزهر، ويدور الانقسام فيما بينهم، فيرى فريق من العلماء جواز أن تتولى المرأة المناصب القيادية، وأن لها أن تتولى سائر الولايات في الدولة الإسلامية؛ لأنها تتساوى مع الرجل في التكاليف الشرعية، وعلى رأس هؤلاء الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية.
وفي المقابل يرى فريق آخر من العلماء أن تولي المرأة المناصب القيادية، أمر غير مسموح به، مستندين إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، وأنه يجوز توليها المناصب الإدارية فقط بالمشيخة في حالة الضرورة فقط، وينص قانون تنظيم الأزهر، رقم 103 لسنة 1961، فى المادة الخامسة، على أنه «عند خلوّ منصب شيخ الأزهر، يُختار من يشغله بطريق الانتخاب من بين أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر، وتختار الهيئة لهذا المنصب ثلاثة من أعضائها الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة بشأن شيخ الأزهر عن طريق الاقتراع السرى فى جلسة سرية يحضرها ثلثا عدد أعضائها، ثم تنتخب الهيئة شيخ الأزهر من بين المرشحين الثلاثة، فى ذات الجلسة، بطريق الاقتراع السرى المباشر، ويصبح شيخًا للأزهر إذا حصل على الأغلبية المطلقة لعدد أصوات الحاضرين، ويباشر عمله شيخًا للأزهر اعتبارًا من تاريخ انتخابه، ويُعتمد اختياره بقرار من رئيس الجمهورية».
وتشترط الهيئة فى عضويتها، ألا يقل السن عن 51 عاما، وأن يكون معروفا بالتقوى، وحاصلًا على الدكتوراه وأن يكون تعليمه أزهريا بحتا، وأن يكون له بحوث ومؤلفات كثيرة وألا يكون قد وقعت عليه عقوبة.
ووفقا لهذه المادة فإن المخاوف من السماح بتمرير المقترح الجديد في البرلمان، هو أن اختيار نسبة 25% من أعضاء كبار العلماء "سيدات" يجعل نسبتهم سوف تكون أعلى عند التصويت في اختيار شيخ أزهر وبالتالي لا يستعبد من اختيار إحداهن فى المنصب وهو ما يمثل أزمة فقهية كبيرة داخل الأزهر؛ لذلك يرفض الأزهر تماما هذا القانون، وأعلنت المشيخة وفقا للمعلومات عن الوقوف ضد تمرير القانون أو فتحة أصلا داخل لجان البرلمان، وهناك تنسيق أزهري مع لجنة الشئون الدينية بالبرلمان للاعتراض على القانون من حيث الشكل والمضمون، وتبحث المشيخة عدة سيناريوهات للخروج من مأزق الضغط الإعلامي عن وجود المرأة داخل المشيخة عن طريق إصدار بعض القرارات بتعيين قيادات نسائية في المناصب القيادية بقطاع المعاهد الأزهرية، ولكن لن يتم إسناد مناصب دينية قيادية داخل الأزهر للمرأة مثل رئاسة المناطق الأزهرية، بل ربما يتم تعيين أول أمراة في منصب موجه ورؤساء أقسام بالإدارات الأزهرية.
وتم التنبيه لبعض أعضاء قيادات هيئة كبار العلماء بالخروج أمام وسائل الإعلام والتأكيد على عدم وجود مانع لدخول المراة الأزهر، وعضوية المجامع الفقهية بدليل وجود واعظات بلجنة الفتوى بالأزهر، وأكد الدكتور محمود مهنى، عضو الهيئة، أن "كبار العلماء" ليس لديها أى مخاوف من مسألة دخول المرأة فى عضويتها، مؤكدا أن الباب مفتوح للجميع رجلا كان أو امرأة، قائلا: إن السبب الرئيسى فى غياب المرأة عن عضوية الهيئة راجع إلى المرأة ذاتها، فهى ليست مؤهلة للعضوية لأنها ليست ملمة بالعلوم الشرعية والعلمية التى تجعلها جديرة بعضوية أعلى مرجعية سنية بالوعلقت الدكتورة آمنة نصير، عضوة مجلس النواب، وأستاذة العقيدة والفلسفة بالأزهر، على الأمر، بأن الأزهر ليس له الحق فى تلك المخاوف وذلك لأن اختيار شيخ الأزهر يكون مبنيا على أسس كثيرة وليس لكونه مجرد عضو بالهيئة، فضلا عن أنه، وفى كل المؤسسات التى يعمل بها رجال ونساء، غالبا ما يتم الاختيار فى المناصب الحساسة بمعايير أخرى منها الكفاءة، وليس بالضرورة دخول المرأة بالعضوية، أن تفهم كمحاولة للمنافسة على منصب شيخ الجامع الأزهر عالم، فهن غير مؤهلات.
وعن عدم تأهيل الأزهريات، علقت نصير قائلة: "التعميم مرفوض، فغياب التأهيل عند بعض النساء موجود مثله عند بعض الرجال بالأزهر، فالحق في العضوية مرهون بالكفاءة، والتأهيل العلمى والشرعي موجود عند الأزهريات وهن كثر".
من جانبه رفضت لجنة الشئون الدينية مشروع القانون الجديد الذى تقدم به النائب محمد فؤاد، حيث طالب اللواء شكري الجندي، عضو لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بالبرلمان، أعضاء مجلس النواب بالابتعاد عن الأزهر الشريف وقوانينه التي تنظمه.
عضو لجنة الشؤون الدينية، قال إن هيئة كبار العلماء ليست تركة يتم توزيعها، ومن ثم نظام «الكوتة»، لا يصلح في الهيئة، حيث إن اختيار عضوها يخضع لشروط وليست بمنحة من أحد.
مطالبًا الشعب المصري بالنظر إلى مشيخة الأزهر الشريف بأعين الآخرين، لا سيما أن انتقاد الأزهر لا يأتي إلا من قلة قليلة من أبناء مصر، بينما في الخارج يكن له الجميع الاحترام والتقدير، فهو – أي الأزهر- القوة الناعمة التي تعبر عن مكانة مصر أمام العالم، بحسب قوله.