شيخ الأزهر: العولمة نوع جديد من الاستعمار الأجنبي
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن المدقق في حال الأمة الإسلامية اليوم - لا يساوره أدنى شكٍّ في أنَّها تقف في مُفتَرق طريقَيْن لا ثالثَ لهما: إمَّا التطوُّرُ في إطارِ تأكيد الذات والحفاظ عليها، واتخاذِها مَرجِعًا أول لما تَأخذ وما تدع، وإما التيهُ والانتحار في حال إلغاء الذات أو الهروب منها أو تجاهلها.
وأضاف فضيلته، خلال كلمته الرئيسية للمؤتمر الدولي «الإمام أبو منصور الماتريديُّ والتعاليم الماتريدية: التاريخ والحاضر» بمدينة سمرقند في أوزبكستان، أنَّه لا يكون مُتَشائمًا لو قال: إنَّ عالمنا العربيَّ والإسلاميَّ لا يزال يراوح مكانه بين هذين النقيضين: لا يحسم أمره، ولا يعرفُ أين يُولِّي وجهه، رغم أنَّه تحرَّر من الاستعمارِ منذ أكثَر من نصفِ قرنٍ مضى، وتِلكُم فترةٌ كافيةٌ للنقاهةِ واستعادة العافية، والقدرة على اتخاذ القرار وضبط الاتجاه. وأكّد شيخ الأزهر أن طُغيان العولمة قد زاد الطِّينَ بلةً، مضيفًا: ولسنا نبالغ إن قلنا: إنَّ العولمة ليست إلا نسخةً مُتوحِّشةً، وعهدًا جديدًا من عهود الاستعمار «يشطر العالم شطرينِ: عالم المُنتجين والمسيطرين عبرَ الشركات والبنوك والشبكات، وعالَم المُستهلِكين للمَأكُولات والمعلَّبات والمشروبات والصُّورِ والمعلوماتِ التي تُفرَضُ عليهم».
وأوضح فضيلته، أن المستعمرين لم ينسوا -كالعادة- أن يقدِّمُوا بين يدي «العولمة» نظريَّاتٍ استعماريةً ألبسوها ثوب الفلسفةِ والبحثِ العلميِّ، مثل نظريَّة: «صراع الحضارات»، ونظريَّة: «نهاية التاريخِ»، تعمل على تزييفِ وعي الشعوب وشلِّ إرادتها وتحذيرها من استعادةِ شخصيَّتِها واكتشافِ ذاتِها وهُويَّتِها، وهذه النظريَّات ليست جديدةً ولا مُستَحدَثة، بل هي خمرٌ قديمٌ يعَاد بيعه في جِرارٍ جديدة، فيما يقول المثل المعروف.
ويشارك فضيلة الإمام الأكبر في المؤتمر العلميِّ «الإمام أبو منصور الماتريديّ والتعاليم الماتريدية: التاريخ والحاضر» والذي يُعقد على مدار ثلاثة أيام من 3 إلى 5 مارس 2020، بمدينة سمرقند بأوزبكستان، ويناقش تحليل سيرة الماتريدي وآثاره العلمية، والآراء والأفكار المرتبطة بتاريخ تطور علم الكلام في عهده، وبحث تطور التعاليم الماتريديَّة، وأهمية تراث الإمام الماتريديِّ وأتباعه في حل القضايا الملحة في العصر الحالي. وتُعدُّ هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها فضيلة الإمام الأكبر دولة أوزبكستان، بعد الزيارة الأولى في أكتوبر 2018 والتي عقد خلالها سلسلةً من اللقاءات مع كبار المسئولين السياسيين والدينيين في أوزبكستان، وعلى رأسهم الرئيس شوكت ميرضيايف، ورئيس الوزراء عبد الله عارفوف، ونعمة الله يولداشيف، رئيس مجلس الشيوخ، وجاء هذا المؤتمر ثمرة للقاء شيخ الأزهر ورئيس جمهورية أوزبكستان.