رئيس التحرير
خالد مهران

هل هى ولادة جديدة لمجلس الشيوخ؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين


لو أن الممارسة البرلمانية الديمقراطية التى تمت داخل مجلس الشيوخ ظهر يوم الإثنين الماضى مع وزير التعليم، استمرت فى كل القضايا، ومع كل الوزراء، فإن الحياة السياسية المصرية، سوف تشهد ازدهارا وتقدما ونضجا، مما يقوى من المجتمع والدولة فى كل المجالات.
كنت حاضرا لهذا النقاش السياسى الثرى جدا، والذى بدأ من الحادية عشرة صباحا واستمر حتى الثانية ظهرا تقريبا، من دون توقف، وبسببه فإن المجلس لم يستكمل التصويت على بقية مواد قانون نقابة المهندسين.
ورغم أننى أؤيد مشروع الوزير والحكومة والدولة المصرية لتطوير التعليم مع بعض التحفظات الجوهرية، ورفعت يدى تأييدا لتعديلات القانون، رغم رفض غالبية المجلس لها، إلا أننى كنت شديد الإعجاب بالممارسة السياسية، داخل المجلس، بقيادة هادئة وحكيمة من المستشار عبدالوهاب عبدالرازق. هذه الممارسة لم نرها كثيرا فى الحياة البرلمانية منذ عام 2016.
هناك اتهامات كثيرة للبرلمان، خصوصا مجلس النواب السابق، بأنه لم يستخدم فى أغلب الأوقات الأدوات الرقابية المتاحة له بحكم القانون لمساءلة ومحاسبة ومراقبة أداء الحكومة، وترسخ هذا الانطباع لدى كثيرين، بمن فيهم بعض المؤيدين للحكومة.
مجلس النواب الحالى بدأ بداية قوية، برئاسة المستشار حنفى جبالى، واستدعى رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى، وغالبية الوزراء لمناقشتهم فى الأداء الحكومى. صحيح أن هذه الاستدعاءات لم تكن بها مفاجآت، وانتهت بشكر غالبية الوزراء، لكنها أعطت انطباعا مختلفا، بأن هناك حراكا سياسيا مختلفا، والانطباع فى السياسة مهم جدا، بل يصبح أحيانا أهم من الحقيقة!.
لجنة التعليم بمجلس الشيوخ ناقشت تعديلات قانون التعليم، خصوصا فيما يتعلق بالنظام التراكمى لثلاث سنوات فى الثانوية العامة، وفرض رسوم على كل طالب يريد الامتحان مرة ثانية، سواء بسبب رسوبه فى مادة، أو تحسين مجموعه.
اللجنة وصلت إلى رأى برفض المشروع؛ لأسباب مختلفة أهمها: أنه قد يكون مخالفا للدستور، الذى يكفل تكافؤ الفرص ومجانية التعليم.
وما قد لا يعرفه كثيرون أن اللجنة طلبت حضور الدكتور طارق شوقى لمناقشته فى التعديلات، لكنه لم يتمكن؛ لأن الإخطار وصله فى وقت متأخر. وكان مرتبطا بموعد لا يمكن تأجيله، وربما يكون ذلك ساهم فى غضب النواب وترجيح رفض التعديلات، لكنه ليس السبب الرئيسى، والدليل أن نواب حزب الأغلبية مستقبل وطن كانوا معارضين للتعديلات بشدة، إضافة لنواب آخرين، فى حين أن المؤيدين كان عددهم قليلا جدا، وأبرزهم د. عبدالمنعم سعيد الذى أنصف الوزير ومشروع تطوير التعليم، وأؤيده فى كل ما قاله، باستثناء آخر جملة التى أثارت اعتراضات المؤيدين، وتم حذفها من المضبطة. مرة أخرى لا أتحدث اليوم عن رأيى فى تعديلات قانون التعليم، فقد كتبت عنها مؤيدا مع بعض التحفظات، لكن أركز اليوم على متغير مهم جدا، وهو أن مجلس الشيوخ استخدم حقه، ورفض مشروع قانون مهم جدا لكل بيت فى مصر، وقام بمناقشة ومساءلة وزير مهم فى الحكومة.
هذا الرفض لن يؤثر بصورة جوهرية على امتحانات الثانوية العامة هذا العام، لكنه قد يؤثر على بعض جوانب مشروع تطوير التعليم، وبالتالى فمن الأفضل أن تبحث وزارة التعليم ومعها الحكومة مع البرلمان بغرفتيه طرقا جديدة لمعالجة النقاط والمخاوف، التى أثارها نواب الشيوخ، وأن تعود الحكومة بمشروع تعديلات بصياغات جديدة، لكن أتمنى أن يسبق ذلك رسالة مشتركة من البرلمان ووزاة التعليم يطمئن أهالى الطلاب خصوصا الثانوية العامة، بأنه لا شىء يؤثر على امتحانات هذا العام التى تحل بعد أسابيع.
ظنى الشخصى أن الولادة الفعلية لمجلس الشيوخ كانت يوم الإثنين الماضى، حينما رفض الموافقة على تعديلات قانون التعليم، ولو استمر بنفس الأداء مع كل الوزراء والقضايا الجماهيرية، فإن شكل الحياة السياسية فى مصر سوف يختلف تماما.. فهل يحدث ذلك؟!! دعونا نأمل.
نقلا عن "الشروق"