رئيس التحرير
خالد مهران

أرقام وبيانات ومستهدفات

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين


يوم الأحد الماضى استمتعت بجلسة نقاش ماراثونية مهمة فى مجلس الشيوخ لمناقشة الخطة الاقتصادية والاجتماعية للدولة فى العام المالى ٢٠٢١ــ٢٠٢٢.
الجلسة بدأت الحادية عشرة صباحا، واستمرت حتى الرابعة عصرا تقريبا مع راحة إجبارية لمدة نصف ساعة فقط بسبب عطل طارئ فى التكييف بالقاعة الرئيسية للمجلس، مما جعل غالبية الأعضاء يحولون الأوراق الموجودة فى أيديهم إلى مراوح!!
النقاش كان ثريا جدا وأداره باقتدار المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المجلس، وكانت نجمته الأولى الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والعديد من الأعضاء الذين قدموا ملاحظات مهمة على خطة الحكومة.
المعروف أن مناقشة الخطة من الصلاحيات الأساسية لمجلس الشيوخ، حيث جاءت فى صلب قرار إنشائه فى التعديلات الدستورية قبل نحو عامين.
الخطة يفترض أنها توضح ما الذى تنوى الحكومة أن تفعله وتنفذه فى كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية خلال العام المالى المقبل، خصوصا توزيع بنود الاتفاق على المجالات المختلفة.
وهذه الخطة تتضمن العديد من البيانات والأرقام والمؤشرات، لكن ما لفت نظرى هو ما ورد فى القسم الثالث منها والمتعلق بالخطة الاستثمارية. هذا القسم يستعرض الصورة الكلية للتوازن الاقتصادى على فرضية التعافى من جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية بنهاية هذا العام.
وبالتالى فما ورد فى هذا القسم يعتمد اعتمادا أساسيا على فكرة التعافى من كورونا. الخطة تتوقع عودة النشاط الاقتصادى تدريجيا. وكان لافتا قول الدكتورة السعيد إن فيروس كورونا أطاح بالإنسانية فى العالم أجمع.
لا قدر الله إذا لم يتم التعافى فسوف تكون هناك مشكلة كبرى. وفى هذه الحالة يتوقف الأمر على تباين معدلات نمو القطاعات المختلفة على حسب درجة مرونتها واستجابتها لمبادرات التحفيز.
نظريا تستهدف الخطة معدل نمو يبلغ ٥٫٤٪، وهذا التقدير مرة أخرى يعتمد على احتواء جائحة كورونا فى منتصف هذا العام، وبما أننا نكاد نصل لمنتصف العام بعد أقل من شهر، ولم يتم احتواء الجائحة سواء فى مصر أو فى العالم، فإن التقديرات والتوقعات، قد لا تكون متطابقة مع الواقع. هذا التوقع المتفائل قد يكون قريبا من الواقع إذا تمكنت الحكومة من تطعيم نصف الشعب المصرى على الأقل بحلول نهاية العام، علما بأنه لم يتم حتى الآن سوى تطعيم ٢٫١ مليون مصرى من بين أكثر من مائة مليون مواطن طبقا لما أعلنه السفير نادر سعد المتحدث باسم الحكومة مساء الأحد الماضى. وبالتالى فلا يوجد بديل أمام الحكومة سوى الإسراع فى خطة للتطعيم الشامل، حتى يمكن تحقيق المستهدفات الأساسية فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإلا فإن البديل سيكون معدل نمو أقل، حتى لو كان إيجابيا، وللعلم فإن توقعات صندوق النقد الدولى وغالبية المؤسسات المالية الدولية أقل بكثير من معدل النمو الذى تتوقعه الحكومة وهو ٥٫٤٪ فى العالم المالى ٢١ ــ ٢٢.
من الأرقام المهمة التى ذكرتها الدكتورة هالة السعيد أمام مجلس الشيوخ أن القطاع الخاص سيساهم بنسبة ٦٨٪ من الإنتاج المحلى الإجمالى فى العام المالى المقبل، وفى بعض القطاعات سترتفع نسبة مساهمته ما بين ٨٥ ــ١٠٠٪
من بين المستهدفات الرئيسية للخطة زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلى بنسبة ٣٫٤٪ ومضاعفة معدل الادخار إلى ١١٫٢٪ وزيادة معدل الاستثمار إلى ١٧٫٦٪، والايرادات السياحية إلى ٦ مليارات دولار، وارتفاع الاحتياطات الدولية من النقد الأجنبى إلى ٤٢ مليار دولار مع نهاية الخطة.
تهدف الخطة أيضا إلى خفض معدل النمو السكانى إلى ٢٪ وتقليل التضخم إلى ٦٪ وخفض معدل البطالة إلى ٧٫٣٪؜، وتقليص معدل الفقر إلى ٢٨٫٥٪، وخفض نسبة الأمية إلى ١٧٫٥٪؜، وزيادة مشاركة الإناث والشباب فى قوة العمل، لتضييق الفجوة النوعية والعمرية فى معدلات البطالة.
جلسة مجلس الشيوخ حفلت بالعديد من الأرقام والبيانات، ويحتاج كل رقم إلى تحليل منفصل بالبحث فى دلالاته ومعانيه، وجاءت تعليقات ومداخلات بعض النواب ثرية ومعمقة، خصوصا من هانى سرى الدين وإبراهيم حجازى وآخرين.
والسؤال: كيف يمكن ترجمة ما جاء فى هذه الخطة على أرض الواقع؟ وسؤال آخر: كيف ومتى يشعر المواطن العادى بثمار هذه البيانات والأرقام والمستهدفات المتفائلة؟
هذا هو التحدى.

نقلا عن "الشروق"