رئيس التحرير
خالد مهران

تحركات مصر لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا

تحركات مصر لزيادة
تحركات مصر لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا

خلال الأيام الماضية، وبعد قرار المفوضية الأوروبية والولايات المتحدة بفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، على إثر غزوها جارتها أوكرانيا، ارتفعت العقود قصيرة الأجل وطويلة الأجل لتصدير الغاز الطبيعي، بصورة كبيرة، مما أثر بشكل كبير على الأسواق العالمية. 

ويُنتظر أن تتسبب الحرب الروسية الأوكرانية في أزمات محدقة للأوروبيين بسبب اعتمادهم بشكل كبير على واردات الغاز الروسي، لكن وبحسب المحللين، يمكن أن يساعد ذلك مصر في تحقيق حلمها في تصدير الطاقة إلى أوروبا، وتسريع عملية تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة في شرق المتوسط.

وارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة لتتجاوز 4.9 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بعد ساعات من إعلان روسيا شن هجمة عسكرية على أوكرانيا، مقابل 4.6 لكل مليون وحدة حرارية بريطانية يوم 16 فبراير 2022.

وبحسب بيانات وزارة البترول، من المتوقع ارتفاع صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال إلى 7.5 مليون طن بنهاية العام المالي الجاري، كما أن هناك خططا لإضافة 450 مليون قدم مكعب غاز، و17.2 ألف برميل متكثفات خلال العام المالي المقبل. 

ولفتت البيانات إلى أن إجمالي استثمارات البحث والتنمية والإنتاج في قطاع الغاز في مصر سيتجاوز 1.6 مليار دولار خلال العامين الحالي والمقبل، وتطمح مصر إلى التحول لمركز طاقة يجمع تجارة وتداول النفط والغاز، خاصة في ظل تزايد الدور الذي يؤديه قطاع الغاز الطبيعي في قيادة النمو والتطور في الاقتصاد المصري. 

وكانت مصر صدرت غازًا طبيعيًا ومسالًا بلغ 3.5 مليون طن خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، حسب بيانات وزارة البترول.

وبلغت صادرات الغاز الطبيعي المسال المصرية خلال 2021 نحو 6.5 مليون طن مقابل 1.5 مليون طن عام 2020، بمعدل نمو سنوي 385%، وهي نسبة النمو الأعلى عالميًا مقارنة بباقي الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال خلال عام 2021.

صادرات الغاز الطبيعي

زيادة في حجم صادرات الغاز الطبيعي 

إلى ذلك، قال السفير نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء، إن ذلك قد يكون له أثر كبير يسهم في زيادة أكبر قدر من الغاز والاستفادة من فارق العملة الأجنبية، خاصة مع ارتفاع أسعار الطاقة جراء الحرب في أوكرانيا. 

وأضاف، أن زيادة أسعار الطاقة على إثر الحرب الروسية الأوكرانية سيكون له فائدة كبيرة للدولة المصرية، إذ يمكن أن تساعد على تصدير أكبر كمية من الغاز الطبيعي الموجود لدى مصر، وبذلك قد يكون له أثر على استفادة مصر من فارق السعر والعملة الأجنبية والتي سوف تساعدنا على تغطية فارق سعر النفط الذي ارتفع وبشدة خلال الفترة الماضية وكذا القمح. 

وأشار «سعد» إلى أن ذلك سيكون تفكيرا اقتصاديا مميزا أن نصدر أكبر قدر من الغاز الطبيعي الموجود في مصر بعد الوفاء باحتياجات المصانع واستخدام الطاقة البديلة. 

كما قال المهندس محمد كمال، الخبير الاقتصادي، إن فرص مصر قوية جدا لتصدير الغاز والطاقة إلى أوروبا خلال المرحلة المقبلة، مؤكدًا أن مصر تشهد تطورًا كبيرًا في النهوض بقطاع الكهرباء والطاقة وأصبحت مركزًا إقليميًا للطاقة في الشرق الأوسط.

وأضاف، أن مصر تشهد حاليًا تصدير الغاز بالفعل إلى أوروبا، ولكن في نطاق معين لوحدات الإسالة بإدكو ودمياط وحتى لا يكون على حساب الاستهلاك المحلي في مصر، متابعًا أن فرص مصر قوية خلال المرحلة المقبلة لتصدير الغاز المسال، ذلك أنه يمكن التعاون مع الدول الكبرى المُنتجة للغاز وإعادة إسالته ثم تصديره لأوروبا. 

ويعتمد الاتحاد الأوروبي على روسيا في توفير ثلث إمدادات الغاز، وقد تؤدي العقوبات الأمريكية والأوروبية إلى تعطيل هذه الإمدادات.

ولفت «كمال» إلى أن مصر لعبت دورًا مهمًا في منتدى غاز شرق المتوسط وبدأت الاستفادة من خطوط أنابيب مزمع تدشينها بين مصر من جهة واليونان وقبرص من جهة أخرى لزيادة الكميات المصدرة إلى أوروبا. 

ربط حقوق الغاز القبرصية بمصانع مصر

تسريع عملية ربط حقوق الغاز القبرصية بمصانع مصر 

وبحسب دراسة صادرة عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، فإن أوروبا شهدت أزمة في توافر الغاز الطبيعي والطاقة خلال العام الماضي وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعاره إلى مستويات قياسية، ويتزامن ذلك مع تسجيل صادرات الغاز الطبيعي في مصر قفزات خلال فترات من العام الماضي، خاصة مع أن محطتي الإسالة التي تملكهما مصر تعملان بطاقتهما القصوى من أجل تسييل الغاز المعد للتصدير.

وأضافت الدراسة الصادرة في فبراير الجاري، أن مصر تخطط لزيادة الصادرات، حيث مهدت الاتفاقيات الأخيرة مع اليونان وقبرص الطريق لإنشاء خطوط أنابيب جديدة تحت البحر ستسمح لمصر بزيادة صادرات الغاز وتعزيز مكانتها كواحدة من أهم موردي الطاقة إلى أوروبا. 

وأشارت الدراسة، إلى أن هذا الخط الذي يربط بين حقل أفروديت للغاز القبرصي ومنشآت الغاز الطبيعي المسال في مصر، سيسمح بإعادة تصدير الغاز القبرصي إلى أوروبا، في حين أن مذكرة التفاهم الموقعة مع اليونان خلال الأشهر الماضية ستؤدي إلى زيادة الشحنات إلى البلاد الواقعة على البحر المتوسط وإنشاء خط أنابيب يربط مصر بالبر اليوناني. 

من جهته، قال البرلماني، محمد الجارحي عضو مجلس النواب، إن الغزو الروسي على أوكرانيا سيشكل متغير كبير على السياسة الدولية، بل أنه قد يؤثر على النظام العالمي كله، وسيكون له تأثيرات اقتصادية كبيرة سواء عالميا أو محليا. 

وأضاف في بيان له، أن أبرز هذه المؤشرات السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية تتمثل في ارتفاع أسعار الطاقة لأعلى مستويات لها منذ سنوات وتوقعات بمزيد من الارتفاع، حيث تخطت أسعار خام برنت في عقود مارس بعد ساعات قليلة من إعلان موسكو التدخل العسكري بأوكرانيا حاجز الـ103 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ العام 2014. 

وأوضح «الجارحي»، أن الفرصة سانحة أمام مصر للحصول على حصة جيدة من واردات الغاز المصري إلى أوروبا خاصة مع تزايد الإنتاج المصري من الغاز الطبيعي، بعدما حققت الاكتفاء الذاتي في عام 2018. 

وأشار إلى أن مصر تحولت منذ عام 2018 إلى واحدة من الدول الكبرى في عملية تصدير الغاز الطبيعي بعدما كانت مستوردة للغاز، حيث بلغت صادرات مصر من الغاز الطبيعي المُسال إلى نحو 3.9 مليار دولار خلال عام 2021، بنسبة نمو بلغت حوالي 55%، وذلك من إجمالي 12.9 مليار دولار صادرات بترولية خلال العام الماضي، وبالتالي ستستفيد مصر من احتمالية وقف تصدير الغاز الروسي لأوروبا، عبر إتاحة فرص الإقبال على الغاز المصري؛ لتعويض نقص إمداد الغاز الروسي لأوروبا والاستفادة من الأسعار المرتفعة للغاز. 

قطر والغاز الطبيعي

قطر مستفيد أيضًا 

من جهته، قال سعد بن شريدة الكعبي وزير الطاقة القطري، إنه لا يمكن لدولة واحدة تعويض إمدادات الغاز الطبيعي المسال الروسي الموجه إلى أوروبا، مشيرًا إلى أن 30 إلى 40 % من إمدادات الغاز إلى أوروبا تأتي من روسيا.

وأضاف، أن روسيا مسئولة عن توريد ما بين 30 و40% تقريبًا من الإمدادات لأوروبا، مشيرًا إلى أن أغلب الغاز الطبيعي المسال مرتبط بعقود طويلة الأجل ووجهات واضحة للغاية، ويتطلب تزويد أوروبا بالغاز من الدول المنتجة لتعويض إمدادات الغاز الروسي القيام باستثمارات كبيرة من أجل زيادة إنتاجها، في حين أن الاتحاد الأوروبي ما زال مترددًا في إبرام عقود لمدة 10 أو 15 أو 20 عامًا. 

ويذكر أن روسيا تصدرت قائمة الدول الأعلى بمخزون الغاز الطبيعي لعام 2020، ليصل حجم احيتاطاتها إلى 48.9 تريليون متر مكعب. وجاءت روسيا في المقدمة في قائمة الدول الأعلى بصادرات الغاز الطبيعي ليصل حجم صادراتها لعام 2020 إلى 199.9 مليار متر مكعب، حسب النشرة الإحصائية السنوية لمنظمة أوبك قبل عامين.

وكانت واشنطن طلبت من الدوحة تزويد أوروبا بالغاز القطري، حال انقطاع إمدادات الغاز من روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا، لكنّ قطر والدول المنتجة الأخرى تؤكد على عدم وجود احتياطات كبيرة يمكن تحويلها إلى أوروبا، كما أنها خطوة من شأنها أن تحلق أزمات بالكثير من المستوردين الحالين للغاز القطري.