بعد الزيادة العالمية في القمح..
سيناريوهات الحكومة لرفع سعر رغيف الخبز المدعم في العام المالي الجديد
يبدو أن الحكومة اقتربت من رفع سعر رغيف الخبز المدعم، وشهور قليلة تفصلنا عن القرار الذى أصبح محل اهتمام الرأي العام الفترة الأخيرة ومصدر للجدل، ولا سيما مع ارتفاع أسعار القمح عالميًا، وهو الأمر الذي يكلف الدولة أعباء في الموازنة العامة.
وتأتي تصريحات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، حول دراسة الحكومة جميع السيناريوهات المتعلقة بسعر رغيف الخبز؛ لتؤكد خطوات الدولة الواضحة لتنفيذ القرار والذي أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهر أغسطس الماضي.
وقال «مدبولي»، خلال اجتماع الحكومة بالعاصمة الإدارية: «نضع السيناريوهات والاحتمالات لرغيف الخبز.. وهنتحرك هنتحرك.. وهنشوف الفئات المهمشة ونشوف التأثير عليهم، وعند اتخاذ خطوة رفع أسعار الخبز سنضمن عدم تضرر الفئات الأكثر فقرًا».
وتابع: «لازم يبقى فيه تحرك طفيف بشكل منتظم، عشان منجيش بعد 30 سنة نلاقي الدنيا خربت، بنتحرك بهذا الشكل ونضع السيناريوهات ونجلس مع خبراء كتير، وبندقق البيانات».
وجاءت التصريحات في الوقت نفسه الذي تشهد فيه أسعار القمح عالميًا ارتفاعًا كبيرًا، حيث ارتفعت بنسبة 50%، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى مما سيؤدى إلى زيادة الفاتورة الاستيرادية لمصر.
تمتلك مصر، حوالي 45% من احتياجاتها من إنتاجها من القمح محليًا، وتستورد حوالي 55%، إذ تستورد من 13 إلى 15 مليون طن قمح سنويًا.
تكلفة عالية
وفي هذا السياق، قال الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، إن ارتفاع أسعار القمح منذ بداية العام فقط كلفت الدولة 8.8 مليار جنيه، منها 4 مليارات جنيه تأثير مباشر في فاتورة استيراد القمح لدعم الخبز، و4 مليارات جنيه في زيادة سعر أردب القمح المحلي إلى 810 جنيهات للأردب بزيادة 1000 جنيه في الطن بإجمالي تكلفة 4 مليارات جنيه.
وأضاف وزير التموين في تصريحات أخرى، أنه يجري الآن دراسة رفع سعر الخبز المدعم تدريجيًا، مؤكدا أنه لن يتم المساس بالفئات الأكثر احتياجًا والأسر الأولى بالرعاية في تطبيق تحريك سعر الرغيف والذي يبلغ عددهم حوالي 25 مليون مواطن.
وأكد «المصيلحي»، أن الوزارة لا تتجه لتقليل حجم الخبز عن 90 جراما، ولكن يتم دراسة الرفع التدريجي لسعر الخبز مع بالتوازي مع تحديد الفئات الأكثر احتياجًا لتعويضهم عن الفارق.
وبعد ارتفاع تكلفة استيراد القمح واتجاه الحكومة لرفع رغيف الخبز، خرج الدكتور محمد معيط وزير المالية، قائلًا: «مش هنيجي جنب الطبقات الفقيرة اللي محتاجة دعم التموين ورغيف الخبز».
وكشف «معيط»، أنه يتم دعم رغيف الخبز بنحو 50 مليار جنيه قد تزيد إلى 58 مليار جنيه بسبب ارتفاع أسعار القمح المستورد، وزيادة سعر توريد طن القمح المحلي.
وأوضح وزير المالية أن أسعار القمح المستورد متوقع استمرار زيادتها حتى 30 يونيو المقبل، كما أنه تمت زيادة أسعار توريد القمح من المزارعين خلال الموسم القادم لتشجيع الفلاح على التوريد للحكومة.
وقال «معيط» إن تكلفة رغيف العيش قبل زيادة سعر القمح كانت 65 قرشا والمواطن يدفع منهم 5 قروش فقط، وحاليًا ارتفعت تكلفة رغيف الخبز إلى 80 قرشا، والمواطن يدفع 5 قروش فقط والدولة تدفع 75 قرشا.
وأضاف أن دعم بطاقات التموين وصل إلى 42 مليار جنيه سنويًّا، قائلًا: «إحنا مقولناش الدعم هيتشال احنا بنقول إزاي نضمن وصول الدعم لمستحقيه ومينفعش المواطن يركب عربيات ويجي يطلب دعم».
وحسب الإحصائيات الرسمية لوزارة التموين والتجارة الداخلية، فإن عدد المواطنين المستحقين للخبز المدعم والمسجلين على بطاقات التموين يبلغ نحو 71 مليون مواطن.
وتستحوذ منظومة دعم إنتاج رغيف الخبز على حوالي 50% من إجمالي مخصصات منظومة الدعم والتي تقدر بحوالي 84.5 مليار جنيه سنويا.
الدعم النقدي أحد الحلول
وكشفت مصادر رفضت ذكر اسمها، لـ«النبأ»، عن أن الحكومة وصلت لآخر كروتها في الحفاظ على سعر رغيف الخبز بـ5 قروش، قائلة: «جاء الوقت لكي يرتفع سعره، بعد استقرار دام أكثر من 34 عامًا».
وأضافت المصادر، أن أسعار القمح ارتفعت بنسبة تصل إلى أكثر من 50%، وهو الأمر الذي يكلفها الحكومة أعباء استيرادية وأعباء في توفير قيمة الدعم خلال موازنة العام المالي القادم 2022\2023 وخاصة مع ارتفاع التكلفة الإنتاجية.
وتوقعت المصادر، ارتفاع سعر رغيف الخبر سيكون طفيف بقيمة 5 قروش؛ ليصل إلى 10 قروش للمواطنين، لافتة إلى أنه من المتوقع حدوث تلك الزيادة قبل يوليو المقبل أي مع الموازنة الجديدة.
وأكدت المصادر، إلى أن هناك أكثر من مقترح أمام الحكومة يتم دراسته، بخلاف رفع سعر رغيف العيش، من بينهم تحويل دعم الخبز العيني إلى نقدي، وإنشاء كروت «ميزة» للمواطنين بجانب بطاقة التموين، وتوزيع ماكينات صرف ميزة لأصحاب المخابز.
وتابعت: «يتم توزيع قيمة دعم الخبز بشكل مادي شهريًا للمواطنين من خلال كروت (ميزة)، ويصرف رغيف الخبز بسعر نقدي من خلال الماكنيات التى توجد بالمخابز حتى لا يترك الأمر لأهواء المخابز أو المواطنين».
وقال إبراهيم عشماوي، مساعد أول وزير التموين ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، إن الدراسات المتعلقة بالأسعار متأنية وفي صالح المواطن «عند النظر والتحليل في سلعة مثل الخبز؛ ندرس بعناية كافة أسعار المنتجات الأخرى»، موضحًا أن هناك 72 مليون مواطن يستفيدون من الخبز المدعم.
وأكد «عشماوي»، أن دراسات زيادة السعر أو تقليل الأوزان أو خفض عدد الخبز، في هذا الصدد، لم يتم التوصل فيها إلى قرار «بطمن المواطن إننا في دراستنا لم نقرر بعد ماذا سيحدث في هذه السلعة الاستراتيجية»، لافتًا إلى أن الدراسات تكون بمشاركة وزير التموين ووزير المالية، وخبراء في السلع الاستراتيجية.
ضرورة ملحة
ومن ناحيته، قال خالد صبري، السكرتير العام لشعبة أصحاب المخابز بغرفة القاهرة، إن الخبز المدعم أصبح قضيتنا، خلال الفترة الحالية، وخاصة مع ارتفاع التكلفة الإنتاجية بعد زيادة أسعار المحروقات والكهرباء والمياه والقمح عالميًا.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن العدد المستفدين من منظومة الخبز 71 مليون مواطن وعدد المخابز على مستوى الجمهورية 28 ألف مخبز، ينتجون ما يقرب من 270 مليون رغيف يومي.
وأشار «صبري»، إلى أن الـ28 ألف مخبز يعانون من ارتفاع تكلفة إنتاج الخبز التي تصل فعليًا إلى 80 قرشًا ولكن على أرض الواقع لم يتم تجديدها لأصحاب المخابز منذ 3 سنوات، متابعًا: «يقدر سعر تكلفة إنتاج جوال الدقيق المدعم بقيمة 265 جنيها للمخابز العاملة بالسولار، و283 جنيها للمخابز العاملة بالغاز الطبيعى، مع تخفيض وزن رغيف العيش المدعم إلى 90 جراما، وزيادة عدد الأرغفة للجوال زنة 100 كيلو ليصل إلى 1450».
وأوضح السكرتير العام لشعبة أصحاب المخابز بغرفة القاهرة، أن زيادة التكلفة تأتي في ظل اضطرار أصحاب المخابز لرفع مرتبات العمالة مع التضخم، وسعر الخميرة ارتفع من 7 جنيهات إلى 18 جنيهًا، قائلًا: «وكل تلك التكلفة يتحملها صاحب المخبز من هامش ربحه».
ولفت إلى أن رفع سعر رغيف الخبز أصبح ضرورة ملحة، في ظل الارتفاعات المتتالية في الأسعار، مطالبًا أن يكون رفع سعر رغيف الخبز مصحوبا بإعادة النظر في التكلفة الإنتاجية لأصحاب المخابز.