رئيس التحرير
خالد مهران

مستقبل صحي مظلم

عزوف شركات الأدوية الكبرى عن تطوير المضادات الحيوية يهدد بكارثة صحية

عزوف شركات الأدوية
عزوف شركات الأدوية الكبرى عن تطوير المضادات حيوية جديدة يهدد

أصبحت الحاجة إلى تطوير المضادات حيوية جديدة، أكثر إلحاحًا اليوم، من أي وقتٍ مضى، إلا أن عزوف غالبية شركات الأدوية الكبرى عن ضخّ الاستثمارات يُهدد بوأد عقود من الأبحاث الطبية التي كانت تبدو يوما ما واعدة. فهل يكمن الحلّ في تقديم حوافز مالية لشركات عملاقة تحقق أرباحا طائلة؟ سؤال يثير الجدل.
التنبؤ بمستقبل مظلم للوضع الصحي العالمي:
ووفقًا لرويترز  بأن خبراء الصحة العامة  يتنبئون بمستقبل مظلمٍ يخّيم على الوضع الصحّي العالمي إن لم تظهر مضادات حيوية جديدة، فقد أدّى الاستخدام المفرط وغير الصحيح للمضادات الحيوية المستخدمة حاليا إلى ظهور أنواع من البكتيريا تملك آليات دفاعية تُحصّنها أمام العلاجات التي كانت في السابق ناجعة للاستشفاء من أمراض مثل السل والسيلان. 

وكانت مجلة نيتشر التي تصدر باللغة الإنجليزية قد نشرت مقالا في شهر يناير من هذا العام يُسلّط الضوء على عواقب هذه الظاهرة “ عدم تطوير مضادات حيوية جديدة ”.  وبحسب المقال، فإن الأمراض المعدية التي تسببها جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية قد أودت بحياة نحو 1.27 مليون شخص في عام 2019، وهو رقم يتجاوز بكثير الوفيات الناجمة عن أمراض مشهورة مثل فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا.


وتتوقعدراسة أخرى   أن مقاومة المضادات الحيوية ستودي بحياة 10 ملايين شخص سنويا بحلول عام 2050. وتبرز خطورة التوقعات هذه عند مقارنتها بعدد الوفيات التي سببتها جائحة كوفيد-19، إذ توفي نحو 6.2 مليون شخص على مدى العامين اللذين أعقبا انتشار الوباء.
وفي مقابلة مع SWI swissinfo.ch قال جون يونغ، الذي يترأس أنشطة مجموعة روش في مجال بحوث أدوية الأمراض المعدية، ويشرف على المراحل المبكرة من التجارب السريرية في هذا المجال: "تتزايد قدرة الميكروبات على مقاومة المضادات بسرعة تفوق قدرتنا على ابتكار الأدوات اللازمة لمكافحتها... وقد واجهت بعض الشركات العاملة في هذا المجال تحدّيات مالية شائكة، وانتهى بعضها بالإفلاس بسبب غياب سوق مستدامة".
وعلى مدى عقود من الزمن، كانت شركة روش التي تتخذ من مدينة بازل السويسرية مقرا لها لاعبا رئيسيا في مجال المضادات الحيوية، وطورت عقاقير هي الأكثر مبيعا مثل باكتريم وروسيفين، لكنها انسحبت من السوق في عام 1999 لتعود إليها في عام 2013. ويقول يونغ إن من بين الأسباب التي دفعت روش إلى العودة إلى سوق المضادات الحيوية هو الانتشار الواسع للبكتيريا التي تُبدي مقاومة شديدة للمضادات الحيوية التقليدية. وتُجري روش بازل وشركتها الفرعية في الولايات المتحدة الأمريكية بحوثا لا تزال في المرحلة السريرية لاثنين من المضادات الحيوية وتبحثان أيضا عن حلول رقمية وتشخيصية تساعد في "توفير الدواء المناسب الذي يستهدف مُمرِضات بعينها في الوقت المناسب".