في ذكرى وفاته.. تعرف على الساعات الأخيرة في حياة النبي محمد
تحل اليوم ذكرى وفاة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-،هذا وتعدد الرؤيات حول سبب وفاة النبي وما هي طبيعة مرضه وهل كان يعلم بقرب الأجل وماذا كان يفعل في هذا الوقت، “النبأ” تجيب في التقرير التالى عن تلك التساؤلات.
علامات قرب وفاة النبي
- ما روته عائشة -رضي الله عنها- من قول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لابنته فاطمة -رضي الله عنها- عندما جاءت إليه، وأجلسها إلى جانبه، حيث قالت: (إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده جميعا، لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي، لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها رحب قال: مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها، فبكت بكاء شديدا، فلما رأى حزنها سارها الثانية، فإذا هي تضحك، فقلت لها أنا من بين نسائه: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر من بيننا، ثم أنت تبكين، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: عما سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي، قلت لها: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني، قالت: أما الآن فنعم، فأخبرتني، قالت: أما حين سارني في الأمر الأول، فإنه أخبرني: أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة، وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإني نعم السلف أنا لك قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، قال: يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة).
- ما رآه العباس -رضي الله عنه- في رؤيا يشير تفسيرها كما أخبره النبي محمد إلى قرب وفاته، فقد ثبت عن العباس -رضي الله عنه- أنه قال: (رأيت في المنام كأن الأرض تنزع إلى السماء بأشطان شداد، فقصصت ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ذاك وفاة ابن أخيك).
- حديث النبي مع معاذ بن جبل حينما بعثه إلى اليمن، فأخبره بما يدل على اقتراب أجله، إذ قال: (يا معاذ إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا لعلك أن تمر بمسجدي وقبري)
- ما رواه العرباض بن سارية من حديث النبي بقوله: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة...)
مرض النبي
بدأ مرض النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أصابه صداع شديد في رأسه وهو عائد من جنازة كانت في البقيع، حتى إنه وضع عصابة على رأسه من شدة الألم، وحينما اشتد به الألم استأذن أزواجه أن يقضي فترة مرضه عند عائشة، فأخذه الفضل بن عباس وعلي بن أبي طالب إلى حجرتها، وقبل خمسة أيام من وفاته ارتفعت حرارة جسمه، واشتد عليه المرض، ثم أحس بخفة في جسمه؛ فدخل المسجد وعلى رأسه عصابة، وخطب بالناس وهو جالس على منبره، وصلى بهم الظهر.
وقد صلى النبي محمد بالمسلمين الصلوات جميعها حتى يوم الخميس قبل وفاته بأربعة أيام، ولما حضرت صلاة عشاء الخميس اشتد المرض عليه، فسأل عن صلاة الناس مرارا بعدما غمي عليه، فأخبروه أنهم ينتظرونه، ثم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، حيث قالت عائشة -رضي الله عنها-: (ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك، قال: ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال صلى الله عليه وسلم: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال: ضعوا لي ماء في المخضب قالت: فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: ضعوا لي ماء في المخضب، فقعد، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، والناس عكوف في المسجد، ينتظرون النبي عليه السلام لصلاة العشاء الآخرة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس، فأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر -وكان رجلا رقيقا-: يا عمر صل بالناس، فقال له عمر: أنت أحق بذلك، فصلى أبو بكر تلك الأيام).
وقبل يومين من وفاته كان النبي قد وجد تحسنا في جسمه، فخرج إلى المسجد، وكان أبو بكر -رضي الله عنه- يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر قدمه للإمامة بالمسلمين، فأشار إليه النبي بألا يتأخر، وقد صلى أبو بكر سبع عشرة صلاة في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الساعات الأخيرة من حياة النبي
صوّرت الساعات الأخيرة التي سبقت وفاة أعظم البشر مواقف حاسمةً للغاية؛ أوّلها عندما كان المسلمون يصلّون صبيحة فجر يوم الاثنين وكان إمامهم أبو بكرٍ، فحلّت إطلالةٌ باسمةٌ من وجه النبيّ الكريم عليهم بعدما كشف ستارة حجرة عائشة، وثانيها عند ارتفاع شمس الضحى، إذ أمر النبيّ بحضور ابنته فاطمة -رضي الله عنها- إليه، وأسرّ إليها فبكت، ثمّ أسرّ إليها أخرى فضحكت؛ فكانت الأولى إخبارها بأنّه سينتقل إلى الرفيق الأعلى، أمّا الثانية فقد أخبرها بأنّها أوّل أهل بيته لحاقًا به، وبأنّها سيّدة نساء العالَمين، وثالثها دعوته للحسين والحسن، وتقبيلهما، وتوصيته بهما حُسنًا، ورابعها دعوته لنسائه، ووعظهنّ.