العراق.. فتنة «تسريبات المالكي» تشتعل وتعمق الأزمة السياسية في بلد الرافدين
ما زالت الأزمة بين رئيس وزراء العراق الأسبق، نوري المالكي، وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تتصاعد، بعد أن تناولت وسائل إعلام عراقية تسريبات صوتية تنسب للمالكي وتسيء للصدر وعدد من الرموز السياسية في البلاد؛ والتي سربها الصحفي العراقي المقيم في الولايات المتحدة علي فاضل، وهي عبارة عن سلسلة ينشرها فاضل على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وقال إنها «تسجيل لاجتماع طوله ساعة بين المالكي وآخرين»، من دون الإفصاح عن طريقة حصوله على التسجيلات أو مصدرها.
وأدت هذه التسريبات إلى حدوث أزمة سياسية خطيرة في البلاد، بعد أن أعلن الصدر الانسحاب من حراك تشكيل الحكومة العراقية، كما أمر الصدر باستقالة كتلته النيابية وعددها 73 نائبا من البرلمان العراقي.
حزب الدعوة يدعو إلى عدم الانجرار وراء الفتنة
فقد دعا «حزب الدعوة الإسلامية»، بزعامة نوري المالكي، اليوم (الثلاثاء)، إلى عدم الانجرار وراء الفتنة من قبل الأجهزة السرية في الداخل والخارج ممن يطمعون لتحويل العراق إلى بؤرة صراع.
وقال الحزب في بيان، «إننا لن ننجر إلى فتنة عمياء بين أبناء الوطن الواحد، وندعو أبناء شعبنا وقواه السياسية للحذر من الوقوع في صراع لا يخدم إلا أعداء الإسلام والوطن».
وأوضح أنه «مع إرهاصات تشكيل الحكومة نرى أن هناك من يذكي نار الفتنة بيننا نحن أبناء الصدرين الذين عبرنا عنهم عند دخولنا العراق بالرمز والهوية وعملنا سياسيًا مع جميع إخواننا الإسلاميين وغيرهم، ولم نستأثر بسلطة، إنما كان التصدي وفق المعطيات والسياقات التي أقرها الدستور».
وأضاف: «لم ندخل صراعًا حزبيًا مع أي طرف، ولم ننجر إلى صراعات جانبية تبعدنا عن أهدافنا الإسلامية والوطنية».
وحذر «حزب الدعوة الإسلامية»، في بيانه، من «أننا نرى في هذه الأيام بوادر فتنة تصب الزيت على النار من قبل المرجفين والمتربصين بشعبنا الدوائر، ومن قبل الأجهزة السرية في الداخل والخارج ممن يطمعون لتحويل العراق إلى بؤرة صراع من خلال تسريب واستراق إلكتروني دخل عليه التزييف والتزوير».
القضاء العراقي يفتح تحقيقا في التسريبات
كما أعلن القضاء العراقي، الثلاثاء، فتح تحقيق بشأن تسريبات صوتية نسبت لرئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، وأججت التوتر بينه وبين زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، ليزداد تعقيد المشهد السياسي المتأزم منذ الانتخابات التشريعية المبكرة.
وأعلن مجلس القضاء الأعلى، في بيان، أن محكمة تحقيق "تلقت طلبًا مقدمًا إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة لنوري المالكي، وتجري حاليا التحقيق بشأنها وفق القانون".
بداية الأزمة
وبدأت الأزمة، عندما قام الناشط والصحفي العراقي، علي فاضل، المقيم في الولايات المتحدة، بنشر خمسة أجزاء من تسريب صوتي منسوب لنوري المالكي، تناول فيه جملة قضايا، أبرزها علاقة المالكي بالصدريين، ونعته لمقتدى الصدر بالـ "قاتل"، كما اتهم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، بأنه سعى إلى ضرب الشيعة، عبر احتضان النازحين من السنة، وكذلك قياداتهم.
وهاجم فيها المتحدّث، الذي قُدِّم على أنه المالكي، قوى شيعية لا سيما التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر، الذي تجمعه معه علاقات متوترة منذ سنوات.
ويتحدّث صاحب الصوت في التسجيل عن احتمال حصول اقتتال داخلي بين القوى الشيعية، واصفًا الصدر بأنه "يريد دمّ" و"أموال".
ويهاجم كذلك الحشد الشعبي حلفاء المالكي في الإطار التنسيقي بالقول إن "أمرها بيد إيران".
المالكي ينفي
وقد نفى المالكي صحة التسريبات الصوتية المنسوبة إليه، ووصف في تغريدة على «تويتر»، «الحشد» وقادته بأنهم «الأمل الكبير»، وقال: «لن تنال كل عمليات التزييف والفبركة من علاقتنا بأبناء القوات المسلحة و(الحشد الشعبي)».
وكان المكتب الإعلامي للمالكي قد نفى بعد ساعات من نشر التسريبات، صحتها، في بيان، أكد أن «ما نشر هو تسجيل تم توليفه عبر تقنيات الصوت الحديثة مستخدمين تقنية (Deep Fake)، التي أصبحت متوفرة بسهولة، لتقليد صوت شخص ما بدرجة من الدقة يمكن أن تخدع الجمهور بواسطة الأجهزة الذكية المتوفرة في الأسواق».
كما أصدر المالكي بيانًا ثانيًا، قال فيه «أبلغ تحذيري لكل إخواني في العملية السياسية من عمليات التزوير والتزييف واستخدام أجهزة التقنية الحديثة في نسبة تصريحات لي ولغيري».
وأضاف: «بمناسبة ما نشر في مواقع التواصل من كلام بذيء منسوب لي فيه إساءة لسماحة السيد مقتدى الصدر، وأنا أعلن النفي والتكذيب وأبقى متمسكًا برغبة العلاقات الطيبة مع السيد وجهازه المحترمين، وأرجو ألا يصدقوا ما ينشر لأن ما يصلني من مثل هذا الفيديو كثير، لكني أهمله لأني أعرف أنها فتنة يبعثونها لتمزيق الصفوف وإثارة الاضطرابات».
الصدر يرد
وفي رده على التسجيلات، دعا الصدر في تغريدة على «تويتر» أمس (الاثنين)، المالكي، إلى «اعتزال السياسة»، وتسليم نفسه للقضاء.
وطالب الصدر بـ«إطفاء الفتنة من خلال استنكار مشترك من قبل قيادات الكتل المتحالفة معه من جهة، ومن قبل كبار عشيرته من جهة أخرى»، في إشارة للمالكي.
كما أكد في معرض رده، تعجبه من "محاولة قتله من قبل حزب الدعوة وكبيرهم المالكي". وقال "أنصح المالكي بالاعتكاف واعتزال العمل السياسي"، مشيرًا إلى أن "وصوله للسلطة سيكون خرابا ودمارا للعراق وأهله".
وقال: «وأن لا يقتصر الاستنكار على اتهامي بالعمالة لإسرائيل أو لاتهامي بقتل العراقيين، بل الأهم من ذلك، هو تعديه على قوات الأمن العراقية واتهام الحشد الشعبي بالجبن وتحريضه على الفتنة والاقتتال (الشيعي - الشيعي)».
ونصح زعيم التيار الصدري، المالكي، بـ«إعلان الاعتكاف واعتزال العمل السياسي واللجوء إلى الاستغفار، أو تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية».