رئيس التحرير
خالد مهران

علي جمعة يوجه رسالة مهمة للعُصاه

النبأ

وجّه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، رسالة للعُصاة بأن يُبادروا بالإقلاع عن الذنوب وعدم اليأس مهما بلغت معصيتهم.

رسالة للعُصاه

وقال علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: تركنا رسول الله ﷺ على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وكان يُكثر الموعظة والوصية عسى أن ترق القلوب، وعسى أن تستقيم الأعمال، وأن يستجيب الناس لله رب العالمين، ومما ترك لنا من وصية إصلاح ذات البين، والنبي ﷺ عظَّم إصلاح ذات البين، والصلح بين الناس، وإزالة الخصام، والنزاع، والصدام تنفيذًا لأمر الله سبحانه وتعالى {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.

وتابع: فالوفاق والصلح رحمةٌ في الدنيا، ورحمةٌ في الآخرة، والفساد بين الناس، والإفساد بين الناس أعظم من الكبائر التي نهى عنها رسول الله ﷺ، وطلب الود، والصفاء بين الناس هو الذي يجعلك في نظر الله، وفي رحمته، وفي رضاه، يستجيب الله لك، ويؤيدك، وينصرك، ويُزيل الكآبة من نفسك، ويشرح صدرك، ويُنوِّر قلبك، ويغفر ذنبك، ويستر غيبك، أما إذا رضيت بالفساد بين الناس بينك وبين أخيك خرجت من نظر الله، وعُلِّقت إلى أن تعود، وأن تتوب، وأن تصلح ما بينك وبين أخيك.

وأشار إلى أن هذه هى وصية رسول الله ﷺ لنا فإذا نحن أطعنا فقد أطعنا لأنفسنا، وإذا نحن أبينا فقد أبينا عليها لا يضر الله شيئًا؛ فالله سبحانه وتعالى هو الغني عني، وعنك، وعن العالمين؛ فهو رب العالمين، النبي ﷺ نهانا عن الهجر فقال: «لا يهجر أحدكم أخاه فوق ثلاث ليالي فيلتقيان فيُعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».

وأكمل علي جمعة: وفي الحديث «فمن بدأ بالسلام فقد خرج عن العهدة فلو استجاب له أخوه فمعه، وإذا لم يستجب له أخوه فليس بهاجر» يعني الذي بدأ بالسلام فلم يستجب له أخوه ليس بهاجر، وأصبح الهجر منحصرًا في ذلك الذي أبى، النبي ﷺ فيما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ «تُفتَّح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيُغفر لكل من لم يشرك بالله شيئا» من رحمة الله، من واسع مغفرته فهو الواسع سبحانه وتعالى، وهو الرحمن الرحيم «إلا رجلٌ بينه وبين أخيه شحناء» مشاكسة خصام صدام «فيُقال» أي ينادى في الملأ الأعلى، وتنادي الملائكة التي وكلها الله لتنظيم هذه الأعمال من فتح أبواب الجنان، من الغفران، من السجلات التي تكتب لمن لم يشرك بالله شيئا «فيُقال أنظرا هذين حتى يصطلحا، أنظرا هذين حتى يصطلحا، أنظرا هذين حتى يصطلحا» وكأن المنادي يؤكد فيُعيد ثلاث مرات، ويكررها كما ورد في الحديث، والإنظار الإرجاء، التأجيل، التعليق علِّقوا هذين فلا يُحكم لهما بجنة حتى يُغيرا من حالهما، وحتى يصطلحا.

واستدل بما جاء عن ابن عمر فيما أخرجه الطبراني والبزار عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله ﷺ «أفضل الصدقة إصلاح ذات البين» فلو أصلحت بين اثنين كُتب لك من الصدقة ما الله به عليم، كيف ذلك؟ أخرج أبو الشيخ الأصبهاني عن أنسٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من أصلح بين اثنين أصلح الله شأنه» انظر الفضل، وانظر أبواب الرحمة، وانظر الوصايا التي تركها لنا رسول الله ﷺ، وكيف أنه يرسم لك البرنامج الذي تسأل عنه، يا رب أريد أن أكون مرتاح البال، وأكون سعيدًا، ومستجاب الدعاء كيف هذا؟ «من أصلح بين اثنين أصلح الله شأنه» كلنا يريد أن يُصلح الله شأنه {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ما عليك إلا أن تبدأ، أصلح بين الناس، أنو؛ فإن الدال على الخير كفاعله، «وأعطاه الله بكل كلمةٍ تكلمها عتق رقبة»، ما هذا الفضل العظيم؟.

وقال علي جمعة: هناك يقول أفضل الصدقة الإصلاح بين الناس إصلاح ذات البين، أفضل الصدقة ما قيمة هذه الصدقة يا رسول الله؟ كل كلمة ستتكلم بها في الإصلاح بين الناس، وإصلاح ذات البين سيُعطيك الله بكل كلمة وكأنك قد عتقت رقبة، ليس هناك رق الآن، والرقبة ذهبت والحمد لله رب العالمين، وتحرر الناس، ولكن ما زال باب ثواب عتق الرقبة مفتوح أمامك أصلح بين الناس، أوليس هذا أجرٌ عظيم لا يتناسب مع المجهود الذي أبذله؟ نعم؛ فإنك تتعامل مع كريم، واسع، غفور، رحيم، ملك السماوات والأرض، ملك يوم الدين ومالكه، مع من تتعامل؟ أنت تتعامل الآن مع رب العالمين «أعطاه الله بكل كلمةٍ تكلمها عتق رقبة»، ثالثًا «ورجع وقد غَفر ما تقدم من ذنبه» صفحة جديدة كل ما تقدم من ذنبك غُفر، ابدأ صفحة جديدة مع الله.

واختتم عضو هيئة كبار العلماء قائلا: أيها العاصي الذي لا تستطيع أن تُقلع عن معصيتك أصلح بين الناس، وابدأ صفحةً جديدةً مع الله، أيها العاصي الذي تشكو نفسك لنفسك وللناس وتقول غلبتني شهوتي، وغلبتني نفسي، ولا أستطيع أن أتوب، ولا أعرف ماذا أفعل فيها أصلح بين الناس، هكذا قد غُفر ما تقدم من ذنبك، وأنت قد تحررت منه، ابدأ حياةً جديدةً مع الله، وجدد عهدك بالله، وكن مع الصادقين ستجد نفسك قد تغيرت، وبعد أن كانت تعاكسك تؤازرك، وعندما تريد طاعة تساعدك، وعندما تريد معصية تنأى بك، وتنهاك، وتتعجب ما الذي حدث يا نفسي؟ حدث عهدٌ جديدٌ مع الله، حدث أن غفر الله ما تقدم من ذنبك كما أخبرك سيدك رسول الله ﷺ.