علي الهواري يكتب: سعد الدين الهلالي وفتنة «خدمة المرأة لزوجها»
قال الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن «الزوجة ليست ملزمة بشغل البيت وحضانة الأولاد»، موضحًا أن «الزوجة تقوم بذلك طوعًا، لكنه تحول إلى حق مكتسب للرجل».
مطالبا بأهمية توجيه شكر الزوجة على ما تقوم به من أعمال منزلية أو تربية للأبناء، وخاصة أن الزوج على استعداد لشكر كل من يقدم له خدمة في الأماكن الأخرى، مضيفًا: «الحقوق والواجبات تكون بالتراضي بين الطرفين، والأطراف الثالثة ترفع يدها».
ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها «الهلالي»، عن قضية خدمة الزوجة لزوجها، ففي 2016 أصدر الدكتور سعد الدين الهلالي، فتوى بأن خدمة الزوجة لزوجها تفضّلٌ منها لا فرض عليها، بعد قيام مواطن مصري برفع دعوى قضائية ضد زوجته، بتهمة إهمالها لواجباتها المنزلية، من تنظيف وطهو الطعام وغيرها من الأعمال المنزلية.
وقال الهلالي، في إحدى الندوات العامة، بأن الإسلام لم يلزم المرأة شرعًا بخدمة زوجها، وإنما تفعل ذلك تفضلًا لا فرضًا، وتثاب على ذلك إذا احتسبت النية عند الله أنها تفعل ذلك إرضاء وطاعة لربها، فيكون ثوابها على ذلك مضاعفًا، ثناء من الزوج وحسن معاشرته، وكذلك تقربًا إلى ربها المطّلع على النيات، لقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».
وحذر الدكتور الهلالي من سوء تفسير بعض الأحاديث النبوية لتبرير إذلال المرأة، مثل قول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): «اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم»، وفسر العلماء «العاني» بأنه «الأسير»، أي أنها في مرتبة الأسير في خدمة من هو تحت يده، وبالتالي يكون الزواج نوعًا من الرق، حيث قال بعض السلف: «النكاح رق، فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته».
واستشهد الدكتور الهلالي على فتواه بتأكيده أن عقد الزواج في الإسلام مقتضاه الاستمتاع، وفقًا للضوابط الشرعية، لا الاستخدام والعبودية والإذلال، كأنها خادمة مهمتها الخدمة والطاعة العمياء فقط، فهذا ليس من خلق الإسلام الذي كرّم المرأة وجعلها شقيقة الرجال، فقال (صلّى الله عليه وسلّم): «إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم».
وأنهى الدكتور الهلالي كلامه، مؤكدًا أن بعض الفقهاء أجازوا للزوجة أن تطلب أجرًا على خدمة زوجها، لكننا لا نقول ذلك، وإنما ندعو إلى احترام الأعراف والتقاليد المنضبطة، التي لا تتعارض مع تعاليم والإسلام واحترام آدمية المرأة وإنسانيتها المساوية لإنسانية الرجل تمامًا، بدليل قول الله تعالى في أول آية من سورة النساء: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»، وفي الوقت نفسه أمرنا باحترام العرف القائم على مكارم الأخلاق، فقال: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» (آية 199) سورة «الأعراف».
وفي شهر يناير 2021، استنكر الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بعض الفتاوى التي تجعل المرأة آثمة حال عدم تحضير وجبة الإفطار لزوجها، مشددًا على جمهور العلماء قالوا أن الرجل مسئول عن خدمة زوجته أو أن يأتي لها بخادم.
وتابع "الهلالي"، خلال تقديمه برنامج "كن أنت"، المذاع عبر القناة الأولى المصرية،:"المذهب المالكي قال أنها لو كانت تخدم نفسها في بيت أهلها..تخدم هي نفسها وزوجها لكن لو كانت لا تخدم نفسها في بيت أهلها على زوجها أن يوفر لها خادم أو أثنين أو ثلاثة..باقي الفقهاء قالوا يكفى خادم واحد ".
وفي شهر ديسمبر الماضي، أكد الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، أن الزوج هو المسئول عند تدبير أمور البيت من خلال جلب خادمة أو أكثر للقيام بالأمور المنزلية وليست الزوجة.
وأضاف "الهلالي"؛ خلال لقائها مع برنامج "الحكاية"؛ المذاع عبر فضائية "إم بي سي مصر"، أن إجماع كتب الفقه أكد على الزوجة ليست مسئولة عن تدبير أمور المنزل، بل أن المالكية قالوا بأنه لو تطلب الأمر أكثر من خادمة عليه أن يستعين بهم للقيام بتلك المتطلبات.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن الزوج ارتبط بزوجته ارتباطا وجدانيا وروحيا ولم يرتبط بها كي تقوم على أمور المنزل وخدمته، مشيرا إلى أن المذهبين الحنفي والمالكي قالوا بأنها يمكن أن تعمل في منزلها نظيرا لكونه يعمل خارج البيت.
حق السعاية في الوظيفة المنسية
وفي شهر يناير الماضي، اصدر الدكتور سعد الدين الهلالى أستاذ الفقه المقارن المتفرغ بجامعة الأزهر دراسة بعنوان «حق السعاية في الوظيفة المنسية»، والوظيفة المنسية هنا يقصد بها «الهلالى» وظيفة ربة المنزل أو سيدة البيت، مطالبا في دراسته بالاعتراف بتلك الوظيفة مستقلة عن صفة الزوجية.
ويستهل الدكتور سعد الهلالى دراسته، بتأكيد ضرورة السعى لتقنين وظيفة «ربة المنزل» كوظيفة مستحدثة يقتضيها التطور البشرى أسوة بالوظائف التى بدأت تطوعية دون مقابل مادى، ثم صارت تكارمية يقبل أصحابها المخصصات بصفة المنح والعطايا، ثم تحولت إلى وظائف مهنية بأجر مرتب، مستشهدا بما استجد على وظيفة «المؤذن» التى أسندها الرسول صلى الله عليه وسلم فى أول الأمر لبلال بن رباح وعمرو بن أم مكتوم ولم يخصص لهما أجرًا ماديًا، حتى إذا طال الزمان واستقرت تلك الوظيفة صارت من الوظائف ذات الأجر عند أهلها.
ويقول الهلالى فى دراسته: إن يد الحضارة الإنسانية الرشيدة قد طالت جميع الوظائف الحياتية فى معاملات الناس بالتقنين الرسمى أو العرفى، وتحديد حقوقها الاقتصادية ومستحقاتها المالية إلا أنها لم تقترب بعد فى أكثر بلادنا العربية والإسلامية وكثير من دول العالم الأخرى من أقدم وظيفة فى التاريخ وهى وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» التى لا تزال عندنا منسية فى سياسة التقنين، وغامضة فى الفكر الثقافى، ومختبئة فى العادات والتقاليد باحتسابها جزءًا من صفة الزوجية ووضعيتها، وليست مستقلة عنها حتى يتقرر لها حق السعاية أو المشاركة فى الأموال المكتسبة للزوجين خلال فترة الزوجية بعد الطلاق أو الوفاة.
ويضيف الدكتور سعد الهلالى فى مفتتح دراسته قائلا: إن الأديان لم تأت لتنحية الفطرة الكونية والإنسانية واحتلال كرسي حاكميتها في معايش الناس، وإنما جاءت بتأكيد أصول تلك الفطرة المرعية بالصدق والأمانة، وتنزيهها عن النقائص التي لا تليق بالإنسانية من نحو الغش والخيانة والإضرار بالمتعاملين، مع ترك الإنسانية الرشيدة طليقة بقانون التدافع الفطري في تعيين الوظائف المستحقة للأجر، أو المتروكة للمكارمة بالمنح والعطايا، أو المبذولة تطوعًا بالشهامة والمروءة على وفق المقتضيات العرفية التي تدور في فلك المصلحة الإنسانية المستجدة. فلا مانع من تعطيل وظيفة وإن كانت شائعة في زمنها مثل الخافضة أو الخاتنة للنساء بعد تجريمه مؤخرًا سنة 2008م، ولا مانع من التنزه أو الترفع عن أجر فى وظيفة كانت مصدر رزق لمن يمتهنها دهرًا لمتغيرات الأعراف مثل وظيفة المرضعة للمولودين التي كانت ذائعة الصيت قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم وبعدها.
ويدلل الدكتور الهلالى على أهمية تطبيق دراسته بقوله: « آن الأوان في عصر الجمهورية الجديدة التي تعتمد تقنية الرقمنة..، ومع صحوة إنصاف المرأة التي بدأت جزئيًا وتدرجت حتى نهض العالم إليها اليوم بمعناها الشامل أن يتم الاعتراف بوظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» مستقلة عن صفة الزوجية، وأن تذكر فى حضارة التقنين بحيث يتم إدراجها ضمن الوظائف التأمينية في ظل سياسة التمكين الاقتصادي للمرأة، أو إدماج المرأة في التنمية»، مشيرا إلى أن هذا ما يهدف إليه فى هذه الدراسة المختصرة، والتي يتحدث فيها عن «شبهات الرافضين لتقنين حق السعاية في وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت»، وأسباب تقنين هذا الحق كما يبين تكييفه الفقهي، وطرق تقدير مستحقاته، وأثر تقنينه عمليًا على أرض الواقع عند المنكرين المتشائمين به وعند المعترفين المتفائلين به، ونتوجها بخاتمة الدراسة وتوصيتها.
وتشير الدراسة إلى أن وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» خدمية فى ثلاث مهمات، الأولى: إدارة شئون المنزل اليومية بالنفس أو بالإشراف على تجهيز المأكل والملبس وتهيئة السكنى نظافة وترتيبًا لأهله، والثانية: إعانة الزوج فى جدولة أموره ومشاركته في الرد على هاتفه واستقبال ضيوفه وتذكيره بمهامه واحتماله في ضغوطات عمله، والثالثة: عند الأكثرين إرضاع المولودين وحضانتهم والقيام على تمريضهم ونظافتهم وألعابهم ومتابعة دروسهم وتدريباتهم وخروجاتهم وأصحابهم ومشكلاتهم.
أما وظيفة «ربة المنزل» أو سيدة البيت»- كما جاء في الدراسة- فيمكن التعرف على طبيعتها من خلال بيان أقوال الفقهاء في مسئولية الخدمة والرضاع والحضانة، كما يلي:الخدمة المنزلية كالعجن والخبز والطبخ والغسل وشراء الطعام وغيرها، إرضاع المولود، حضانة الأطفال.
وعن طرق تقدير حق السعاية في وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت»، يقول الهلالي في دراسته، أن حق السعاية للزوجة يقدر بأحد طريقين فى الحضارة الإنسانية، وهما التراضي وهو الأصل، أو التقاضي وهو الاستثناء.
وبحسب الدراسة، فمع عدالة قضية حق السعاية إلا أنها ظلت قرابة خمسة عشر قرنًا تؤجل - ولو حكمًا - جيلًا بعد جيل؛ لأن وقتها لم يحن بعد، وإن كثرت فتاوى بعض كبار الفقهاء المالكيين بالمغرب اعتبارًا من أواخر القرن العاشر الهجرى بحق السعاية للزوجة والأولاد والأخوة الذين يكدون مع ذويهم دون سابق اتفاق بينهم، ولكن الرأي العام كان رافضًا الاعتراف بهذا الحق.
ويضيف الهلالي في دراسته، أنه عندما حسمت أمريكا وكثير من الدول الأوروبية في العقود الأخيرة أمرها بإصدار قوانين نافذة في إنصاف المرأة ودمجها في التنمية، وانتشالها من الفقر والعوز بتقرير حق كل من الزوجين عند الطلاق في نصف ثروة الآخر التي تملكها من كسبه المعتاد وليس من ميراثه أو نحوه، وفى خلال فترة الزوجية وليس قبلها.
من هذا الوقت القريب سارع كثير من فقهاء المغرب المالكيين إلى إشاعة فتوى ابن عرجون التي سبقت أمريكا وأوروبا في حق السعاية للزوجة لصدورها فى أواخر القرن العاشر الهجري أو السادس عشر الميلادي، ونجحت دولة مملكة المغرب العربية في تثبيت هذا الحق في القضاء والقانون بالمادة (49) من مدونة الأسرة سنة 2004م.
وتشير الدراسة إلى أنه «نظرًا لغرابة حق السعاية المستحق للزوجة على أعراف الدول النامية وواقعها العملي فإن فقهاءهم قد اختلفوا في بيان آثاره حال تعميمه تبعًا لاختلافهم في الاعتراف به أو إنكاره، وكلا الفريقين لا يتكلم عن بيانات واقعية ميدانية لعدم حدوثه بعد في بلادهم، وإنما يتكلم من خياله وتصوره الحالم، فمن كان معترفًا بحق السعاية للزوجة فإنه سيبدى آثارًا إيجابية متفائلة، ومن كان منكرًا لحق السعاية للزوجة فإنه سيقدم آثارًا سلبية متشائمة.
وفى ختام دراسته، يقول الدكتور سعد الهلالى إن حق السعاية المقترح للزوجة فى المحفظة المالية للحياة الزوجية قد بدأته بعض الدول الغربية، وأخذ طريقه نحو الانتشار في نهضة إنسانية رشيدة تسعى إلى التمكين الاقتصادي للمرأة ودمجها في سياسة التنمية، وسيكتب له النجاح لبنائه على قواعد الفطرة العادلة، والتخريج الفقهي الإسلامي الصحيح الذي استبق إليه الفقهاء المغاربة المالكيون منذ أكثر من أربعة قرون، وأثبته الشعب المغربي في قضائه بمدونة أسرته سنة 2004م.
ويضيف أستاذ الفقه المقارن أن التحدي الذي يواجه حق السعاية المقترح للزوجة هو في الموروثات الثقافية والعادات التراكمية، وليس في أصول الدين أو الفطرة الإنسانية، مثل التحديات التي واجهت منع الرق وقتل الأسير واحتلال الدول والتمييز بالجنس أو الدين.
واختتم «الهلالي» دراسته بقوله «إن توصية دراستنا لحق السعاية في وظيفة «ربة المنزل» أو «سيدة البيت» هي العمل بتوصية النبى صلى الله عليه وسلم تجاه المرأة «استوصوا بالنساء خيرًا».
لا يجوز الاحتكام لقوانين الغرب
وقد تواصلت مع الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، للرد على هذه الدراسة، حيث أكد أن المرأة في بيتها راعية، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل في بيته راع ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسئولة عن رعيتها»، ومن الناحية الشرعية أن المرأة لها ذمة مالية خاصة لا ينازعها فيه منازع، أما إذا كانت المرأة عاملة أو موظفة فعليها أن تدفع جزء من راتبها في البيت مقابل خروجها للعمل، والحديث عن منح المرأة مرتب مقابل عملها في المنزل ليس فيه تكريما للمرأة لأن خدمة المرأة لزوجها وأولادها شرف لها، ولكن للمرأة في الإسلام حقوق، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم «ما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم»، وقال الله سبحانه وتعالى « ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف، وللرجال عليهن درجة»، فمنح المرأة أجر عن العمل في بيتها انتقاص لقدرها، والزوج مسئول أن يأتي لزوجته بخادمة إذا كانت من ذوات الخدم، أي إذا كانت لديها خادمة في بيت أهلها قبل أن تتزوج، ويرى بعض الفقهاء أنه من حق المرأة الحصول على أجرة من أجل إرضاع طفلها، وإذا امتنع الطفل عن الإرضاع من ثدي غيرها ففي هذه الحالة واجب على المرأة أن ترضع طفلها، وأضاف أن المقصود من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم « استوصوا بالنساء خيرا» ليس منحها مرتب شهري نظير عملها في بيت زوجها، ولكن المقصود هو أن يتقى الزوج الله فيها ويعاملها معاملة كريمة ترضى الله ورسوله ويلبي لها طلباتها وأن يطعمها ويسقيها ويكسوها، مشيرا إلى أن المرأة في الغرب تشارك زوجها في كل ما يملك مناصفة، وإذا طلقت يأخذ الأب أولاده، مؤكدا على أنه لا يجوز الاحتكام لقوانين الغرب، مشيرا إلى أن هناك اختلاف في الدين والتقاليد بين المسلمين والغرب، متسائلا: هل يجوز للمسلم أكل لحم الخنزير كما يحدث في الغرب، وهل يجوز للمسلم شرب الخمر كما هو مباح في الغرب؟، مؤكدا على أن الإسلام يعلو ولا يعلو عليه، وليس هناك أفضل من تعاليم الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول « زوجها لتقي، فإن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها»، مؤكدا على أن الغرب ليس حجة على الإسلام، مستبعدا أن يقوم مجلس النواب بإصدار قانون بهذا الخصوص، مشيرا إلى أن مجلس النواب فيه نواب كويسين جدا وفاهمين كويس ودارسين قانون وشريعة وعلم اجتماع، موضحا أن شعار الأسرة المسلمة هو « وأخذنا منكم ميثاق غليظا»، منوها أن الغرب ليس حجة على الإسلام، ولكن بالعكس الإسلام يحارب التقاليد الغربية، مؤكدا على أن التقاليد الإسلامية التي نزل بها القرأن الكريم على الرسول الكريم لا يجوز أن نتقدم أو نتأخر عنها.
مغالاة وتشبيه بالحضارة الأوربية
كما تواصلت مع الشيخ علي عبد الباقي شحاتة، الأمين العام السابق لمجمع البحوث الإسلامية، الذي أكد لي، على أن هذه الدراسة لا تعبر عن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المصري، وأن فيها مغالاة وتشبيه بالحضارة الأوربية في غير موضعه، مشيرا إلى أن الدكتور سعد الدين الهلالي من المفتونين بالحضارة الغربية وخاصة من النواحي الاجتماعية، مؤكدا على أن ما جاء في الدراسة مخالف لما تضمنه الفقه الإسلامي، لافتا إلى أن تحويل هذه الدراسة إلى قانون سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الطلاق في مصر إلى 95%، موضحا أن الشرع ألزم الزوج بالإنفاق على زوجته في كل شئ إذا كانت الزوجة لا تعمل، أما إذا كانت الزوجة تعمل فالشرع ألزمها أن تشارك زوجها أعباء الحياة مناصفة بينهما، مشيرا إلى أن الإسلام اشترط في الزواج الكفاءة الاجتماعية، فالرجل الذي يتزوج من امرأة والدها باشا أو رجل أعمال أو وزير ملزم أن يوفر لزوجته نفس المستوى الذي كانت تعيش فيه في بيت أبيها وأن يحضر لها خادمة، وبالتالي الكفاءة الاجتماعية تصبح شرطا في صحة الزواج، مؤكدا على أن تطبيق ما يقوله الدكتور سعد الدين الهلالي سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الطلاق لعدم القدرة المالية والاقتصادية لغالبية المجتمع المصري، منوها أن الزوجة لا تعمل عند زوجها، ولكن من واجبها شرعا خدمة زوجها وأن تعينه على الكسب، مشيرا إلى أن المرأة المصرية في الريف تعمل إلى جنب زوجها في الحقل والزراعة، لافتا إلى أن الحضارة الغربية منفلته أخلاقيا وليس كلها محاسن والناس في الغرب يمارسون الجنس في الطرقات، مؤكدا على أن الحديث عن تخصيص راتب للمرأة فيه مغالاة وضرب لقاعدة عريضة من المجتمع، مشيرا إلى أن الإسلام جاء لوضع قوانين وأحكام للغالبية العظمى من المجتمع وليس للقلة، مؤكدا على أن ما جاء في هذه الدراسة فيه غلو في التفكير ومخالفة للشرع لأن الشرع جاء لبناء السلام والمحبة والمودة بين أفراد الأسرة، مؤكدا على أن تحويل هذه الأفكار إلى قوانين سيؤدي إلى ضياع المجتمع وعزوف الشباب عن الشباب ونشر العنوسة، وبالتالي يدفع الشباب إلى تفريغ طاقته في الحرام، معبرا عن احترامه وتقديره للدكتور سعد الدين الهلالي، لكن هذه الدراسة في غير موضعها وغير وقتها، متسائلا: إذا كان الشخص غير قادر على أن يأكل نفسه فمن أين سيأتي بمرتب وخادمة لزوجته، مطالبا الدكتور سعد الدين الهلالي بالرحمة بالفقراء والغلابة، موضحا أن أي فكر يخدم مصالح المجتمع ويحافظ على المودة والسكينة والمحبة بين أفراد المجتمع فهو مطابق للشرع، وأي فكر لا يخدم مصالح المجتمع ولا يحافظ على المودة والسكينة والمحبة بين أفراد المجتمع فهو مخالف للشرع، مشيرا إلى أن بناء الأسرة على أسس المحبة والمودة والسلام من مقاصد الشرع، مؤكدا على أن هذه الدراسة لا تحقق أي مصلحة للمجتمع، بل أنها تؤدي إلى تدمير المجتمع.
ورد الشيخ أحمد تركي، الداعية والعالم الأزهري، على الدكتور سعد الدين الهلالي، وقال في منشور له عبر صفحته الشخصية بموقع فيسبوك، موجها حديثه إلى الهلالي: ما تفضلت بذكره صيغة حكم قضائي أم فتوى؟!، مضيفا: شكلًا: كلماتك بهذه القوة دون أدلة تصل إلى حد الكفاية، كأنها حكم قضائي صادر من القاضي وليس من فقيه!!.. وهذا مردود لأن حضرتك لست قاضيًا.
وواصل تركي: أما مضمونًا فإليك الآتي:
1- عقد الزواج ليس عقد منفعة كبقية العقود وقد تفضلت أنت بذكر هذا مسبقًا، إنما هو ميثاق غليظ قائم على القنوت، قال تعالى: "فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله"، مبينًا أن القنوت هو الإيثار والبذل عن حب!!
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله، يخيط ثوبه ويصلح نعله ويهتم بشئون زوجته عن حب وكأنه خادمها!!.
وأوضح تركي خلال منشوره أن السيدة خديجة وهي من أثرياء مكة وعندها من الخدم الكثير تأنى بالطعام إلى زوجها وحبيبها وهو معتكف في غار حراء وتصعد به جبل النور بكل حب وإيثار.
واستكمل أحمد تركي: وكانت السيدة فاطمة الزهراء تقوم بأعمال المنزل في بيت زوجها سيدنا علىَّ رضي الله عنه وحينما شق عليها أعمال المنزل وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعينها بخادمة، لم يقل لها أنت غير ملزمة بأعمال البيت كما تفضلت يا هلالي، إنما أرشدها إلى بعض الأذكار والدعوات التي تعينها معنويًا على جهدها المبذول في خدمة زوجها وولديها سيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضى الله عنهما.
2. إذا انتقل الزوجان إلى مرحلة الخلافات فأمرهما الله تعالى بالمعروف! وحدد الحقوق المالية والزوجية وترك مساحة كبيرة للمعروف والتضحية وفق ظروف كل أسرة وكل عصر وكل واقع يعيشه الزوجان والتي من أبرزه عمل المنزل وتدبيره!!
3.ما تفضلت به يا دكتور هلالي مخالف تمامًا لمنهجك الذى ندعو إليه وهو أن الفتوى خاصة وليست عامة !!! وأنه لا يجوز لأي فقيه إلزام الناس بفتوى ؟!!! فلمَ تريد من النساء الالتزام بفتوى فضيلتك التي قيلت على لسان بعض الفقهاء منذ أكثر من ألف عام وكانوا بالطبع يعيشون ظروفًا وواقعًا مغايرًا عن الواقع المصري الآن؟!
هناك شبه إجماع على وجوب خدمة الزوجة لزوجها
وكان الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قد أكد في فتوى سابقة، أن الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة لا تقوم على الحقوق والواجبات وإنما تقوم على المعاشرة بالمعروف والكرم والفضل، أما الحقوق والواجبات فنستدعيها أمام القاضي فقط.
وقال أمين الفتوى في البث المباشر لصفحة دار الإفتاء على فيس بوك، إن الرأي الفقهي الذي يقول بعدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها والقيام بالأعمال المنزلية، هو قول واحد وليس إجماع الفقهاء فلا يصح أن نتمسك به ولا نرى غيره.
وأضاف، أن هذا الرأي ليس القول الوحيد، وإنما كثير من الفقهاء رأوا أنه يجب على المرأة شرعا أن تقوم بأعمال المنزل وخدمة زوجها والسيدة فاطمة كانت تفعل ذلك مع زوجها، منوها بأنها لو فعلت ذلك وقامت بأعمال المنزل فلها الأجر الكبير على ذلك، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت".
وأشار إلى أنه لا ينبغي أن نكون انتقائيين ونأخذ بالأقوال التي توافق أهوائنا.
خدمة الزوجة لزوجها وإرضاع الأولاد سنة حسنة
أما الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فقال، إن الحكم الشرعي في خدمة الزوجة لزوجها وإرضاع الأولاد قال عنها الإمام النووي إنها سنة حسنة سارت عليها نساء المسلمين، هن يقمن تفضلا منهن بخدمة الزوج ورعاية الأطفال فهذا من الفضل، وننصح النساء أن تزيد منه.
وأضاف علي جمعة خلال أحد الدروس الدينية بمسجد فاضل قائلا إن هذا الفضل هو سبب دخول المرأة الجنة بغض النظر عن كونه فريضة أو غير فريضة أو له أجر أو ليس له أجر.
وتابع: الفقهاء الأربعة أجمعوا أن خدمة المرأة في بيتها ليس واجبا عليها، ولكن هي سنة حسنة صارت عليه نساء المسلمين منذ بدء الخليقة، لذا يجب على الزوج أو الرجال عموما أن تقدم الشكر والامتنان للمرأة على ما تقدمه له ولأولاده عمليا ولفظيا وبحسن الخلق وتوفير متطلباتها كلما تيسر ذلك.