وزير الزراعة يشارك فى المؤتمر العربي الأول للمناخ والتنمية المستدامة الأخضر حياة
شارك السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي في المؤتمر العربي الأول للمناخ والتنمية المستدامة "الأخضر حياة " والذي عقد في القاهرة اليوم برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ ورئيس أمناء المحكمة العربية للتحكيم، ومشاركة بعض الوزراء وممثلي شركاء التنمية من الهيئات والمؤسسات العربية والدولية.
وخلال كلمته أكد القصير أن هذا المؤتمر يأتي فى توقيت دقيق للغاية تتعاظم فيه قضية التنمية المستدامة وفي القلب منها ملف الأمن الغذائى فى ظل الأزمات والتحديات التى تواجه العالم أجمع بلا استثناء، بدءًا من أزمة كورونا ومرورًا بالأزمة الروسية - الأوكرانية بالإضافة إلى تحديات التغيرات المناخية، وكلها تحديات وأزمات أثرت بشكل كبير على اقتصاديات الدول من خلال تقييد حركة التجارة الدولية والتأثير على سلاسل الإمداد والتوريد وانخفاض الإنتاجية فى القطاع الزراعى وارتفاع أسعار السلع والمنتجات ونقصها فى بعض الدول وارتفاع أسعار الشحن والتأمين، كل ذلك أدى إلى الحد من قدرة بعض الدول ومنها المتقدمة على توفير الغذاء بالقدر الكافى لشعوبها، وجميعها مؤشرات أكدت أن الأموال وحدها لا تكفي لتحقيق الأمن الغذائي للشعوب.
وقال وزير الزراعة أن التغيرات المناخية تعتبر هي القضية الحاسمة في عصرنا، فالآثار العالمية لتغير المناخ واسعة النطاق ولم يسبق لها مثيل من حيث الحجم، مع تزايد ضراوة الظواهر المناخية الجامحة في كثير من المناطق على سطح الأرض، وذوبان القمم الجليدية القطبية، وارتفاع مستويات مياه البحار، كل هذا أدى إلى زيادة حدة الجفاف وتدهور التربة وزيادة مساحات التصحر وقلة الأمطار وزيادة حدة التأثير على المناطق الهامشية، بالإضافة إلى تغير كبير فى نظم الزراعة والغذاء.
وتابع: “لعلكم تابعتم هذا الكم الكبير من حرائق الغابات والفيضانات والسيول والجفاف الذى أصاب مناطق متفرقة من العالم”.
وأضاف: "ومما يجب ذكره في هذا المقام، أنه على الرغم من أن مصر هي واحدة من أقل المساهمين في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، حيث تبلغ نسبتها 0.6٪ فقط، إلا أنها تعتبر واحدة من الدول كغيرها من الدول الأفريقية التي تتأثر بشكل كبير بتغير المناخ".
حيث تشير الدراسات إلى أن 20 دولة (وهي الدول الصناعية الكبرى) هي المسببة لأكثر من 80% من الانبعاثات الكربونية، ومن ثم فإنه يجب على هذه الدول والمؤسسات الدولية وشركاء التنمية في العالم دعم الدول النامية ومنها مصر والتي تأثرت وتتأثر بدرجة كبيرة بالتغيرات المناخية رغم مساهمتها المحدودة جدًا في هذه الانبعاثات.
وقال "القصير" إن السوابق التاريخية توضح أن معظم المشاكل على سطح الأرض هي من صنع البشر وبالتالي يجب أن تُحل من خلال البشر أنفسهم، ويحضرني هنا كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية خلال منتدى الشباب في يناير 2022.
وأشار إلى أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الموجود على الأرض القادر على الإصلاح والإعمار بقدر ما هو قادر على التدمير، وأن وجود الخطر لا يمنع من وجود سبيل لمجابهته. ومن هنا فإنه يجب على العالم أن يخلق من هذه التحديات فرص في الوقت الحالي، خاصة وأن التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية سيكون أكثر صعوبة وتكلفة في المستقبل إذ لم يتم القيام باتخاذ إجراءات جذرية لمكافحة التغيرات المناخية الآن.
وعلى المستوى الوطني وتنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية فقد قامت الدولة المصرية بتدشين إطار مؤسسي ينظم الجهود المتعلقة بملف التغيرات المناخية ومنها:
• إنشاء "المجلس الوطني للتغيرات المناخية" برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية الوزراء والجهات المعنية لتحديد المهام والاختصاصات بشأن التعامل مع التغيرات المناخية.
• إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، والتي تستهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية منخفضة الانبعاثات وبناء المرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية وأيضًا تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، بالإضافة إلى تحسين حوكمة وإدارة العمل المناخي وتعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي المجتمعي لمكافحة تغير المناخ.
• إصدار أول سندات خضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستهدف توفير تمويل للمشروعات الصديقة للبيئة مع خفض تكلفته.
• كما يجرى الانتهاء من إعداد الخريطة التفاعلية لمخاطر التغيرات المناخية على جمهورية مصر العربية لمساعدة متخذي القرار على تحديد المناطق المعرضة للمخاطر المحتملة لتغير المناخ.
• زيادة جاذبية مصر للاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة حيث أصبحت مصر من أفضل 20 دولة على مستوى العالم في القوانين والتشريعات التي تُشجع الاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة.
• كما تحركت مصر وبخطى ثابتة نحو تصنيع الهيدروجين الأخضر عبر الاتفاقيات والشراكات الدولية بهدف الحفاظ على البيئة وإنقاذ الكوكب من تداعيات التغير المناخي.
وبناءً على ما سبق فقد تقدمت مصر 5 مراكز في مؤشر المناخ (من المركز 26 في 2014 إلى المركز 21 في عام 2022)، كما تقدمت مصر 20 مركزًا في مؤشر السياسة المناخية طبقا لمؤشر أداء تغير المناخ 2022.
وقد ثمن البنك الدولي اتخاذ مصر خطوات لتسريع الانتقال إلى نموذج تنموي شامل وأكثر استدامة وقدرة على الصمود لتحسين نوعية الحياة للمصريين بما في ذلك الفئات الأكثر احتياجًا.
كما أشار صندوق النقد الدولي إلى أن إصدار السندات الخضراء السيادية لمصر يدعم مبادرات المناخ ويعزز جهود الدولة المصرية للتكيف المناخي والتحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وأضاف وزير الزراعة أن ملف الأمن الغذائى أصبح واحدًا من أكبر التحديات التى تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء ولم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية سياسية استراتيجية ترتبط بالأمن القومى والإقليمى لدرجة أصبح الغذاء سلاحًا فى يد الدول المنتجة والمصدرة له تضغط به على الدول المستوردة لتحقيق أهداف سياسية.
هذا وحيث يعتبر قطاع الزراعة والأنشطة المرتبطة به أحد أهم الركائز الأساسية فى اقتصاديات الدول فى دعم ملف الأمن الغذائى وبمحاوره المختلفة نظرًا لأنه القطاع المسئول عن توفير الاحتياجات الأساسية للشعوب وتوفير المواد الخام اللازمة لكثير من الصناعات إضافة إلى مساهمته الملموسة فى الناتج المحلى كما أنه قطاع تشابكى ويعتبر آلية مهمة لتوطين التنمية، وأكثر القطاعات استيعابا لفرص التشغيل.
لذلك نجد أن قطاع الزراعة فى الدولة المصرية قد شهد نهضة ودعم غير مسبوق من القيادة السياسية خلال الثمانى سنوات الماضية حيث وضعت الدولة المصرية ضمن إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة عدد من الأهداف استهدفت الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وتحسينها ورفع كفاءتها والقيام بمجموعة من الإجراءات الاستباقية مكنت الدولة المصرية وبكل فخر من توفير الأمن الغذائى الآمن والصحي والمستدام لشعب مصر العظيم فى وقت عجزت فيه كثير من الدول عن تحقيق هذا الهدف لشعوبها.
وقال "القصير" إن استضافة مصر لمؤتمر التغيرات المناخية (COP27) تنشــأ فرصــة غيــر مســبوقة للــدول الأعضــاء لكــي تتوســع فــي جهودهــا الراميــة إلى تنفيــذ الإجراءات المتعلقــة بالمناخ والحلـول التـي تتنـاول نـدرة الميـاه والطاقـة والنظـم الغذائيـة وينبغــي أن تشــتمل كذلـك علـى حلـول زراعية ذكيـة مناخية تعمـل علـى تعزيز بنـاء الصمـود وتسـاعد القطاعــات الزراعيــة والغذائيــة على التكيف، وتحسين البيئة التمكينيــة لتنفيذ الإجراءات الخاصـة بالمنـاخ، وضمـان توفيـر المـوارد الكافيـة للمزارعيـن لكـي يتخـذوا إجـراءات فـي الوقـت المناســب بشــأن الأولويــات المتوسطة إلى طويلة الأجل.
• مع التأكيد على البلدان الأطراف من الدول الصناعية الكبرى الوفاء بالتزاماتها بما يتناسب مع مبادئ مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو واتفاقية باريس، وتعزيز التآزر بين اتفاقيات ريو الثلاثة (مكافحة التصحر والتنوع البيولوجى وتغير المناخ) وتوفير الاعتمادات المالية بالقدر اللازم لتنفيذ برامج العمل الوطنية وحسن استغلال الموارد المالية المتاحة.
• وتأتي أهمية مؤتمر COP27 لكي نضع أمام العالم كله الأطر التنفيذية لمواجهة قضية التغيرات المناخية، باعتبارها قضية تهم البشرية أجمع.
وفي نهاية كلمته وزير الزراعة أكد على مجموعة من التوصيات التي يجب على الحكومات وشركاء التنمية العمل عليها:
أولًا: مساندة موقف الدولة المصرية في المفاوضات الداعية إلى قيام الدول والمؤسسات الدولية المعنية بضخ التمويل بالقدر المناسب لمجابهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية وتمويل برامج التكيف والتخفيف.
ثانيًا: على الحكومات القيام بتشجيع القطاع الخاص على المشاركة بالاستثمارات لتدعيم مشروعات التكيف والتخفيف من خلال تحفيزات وتسهيلات ضريبية.
ثالثًا: الاهتمام بالتشريعات الداعمة لإجراءات التكيف والتخفيف في مواجهة التغيرات المناخية.
رابعًا: القيام بإجراءات " شمولية " ليست فقط لخفض الانبعاثات ولكن لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
خامسًا: تشجيع إنشاء "منصة الكربون" لمساعدة المجتمعات المحلية فى زيادة قدرتها على الانخراط في بناء الأنظمة الزراعية الأكثر صمودًا واستدامة وخاصة فى المناطق الهامشية والهشة مناخيًا.
سادسًا: دعم إنشاء أنظمة الإنذار المبكر على المستوى القومي والإقليمي لتمكين المزارعين وغيرهم من اتخاذ الإجراءات الاستباقية فى ظل تسارع وتيرة التغيرات المناخية.