رئيس التحرير
خالد مهران

تفاصيل معركة الأزهريين بسبب فتاوى سعر صرف الجنيه

النبأ

شهدت الفترة الماضية خلافات بين علماء الأزهر، حول ربط سعر صرف الجنيه أمام العملات الأخرى بالإيمان بالله، حيث رد الشيخ مظهر شاهين، الداعية الإسلامي، على ضيوف برنامج “لعلهم يفقهون”، الذي يقدمه الشيخ خالد الجندي ويشارك فيه عدد من علماء الأزهر الشريف، الذين تحدثوا عن تصريحات “شاهين” حول عدم ربط سعر صرف الجنيه بالإيمان بالله تعالي، ووصفوه بأنه مخالف للعقيدة ويدعو للإلحاد!

الرد على فتاوى سعر صرف الجنيه

وجاء رد “شاهين” في بيان مفصل عبر حسابه الشخصي على موقع  التواصل الاجتماعي “فيسبوك” كالتالي:

“أولًا: حديث البعض عن مخالفة كلامي للعقيدة  كلام فارغ وفيلم هابط، ولا علاقة له بما قلته، فأنا تحدثت عن وجوب عدم ربط سعر صرف الجنيه بالإيمان بالله تعالي، كما يزعم أحد الدعاة، وهو يتحدث  عن اسم الله المُسَعِّر! ولا علاقة بين هذا وذاك”.

وأضاف: “ثانيا: كيف أكون قد  خالفت العقيدة حين قلتُ إن القوة الاقتصادية لها أسبابها، التي ليس من بينها الإيمان أو الكفر؟ أم أنكم تهربون من أصل الموضوع حين عجزتم عن الرد بالعلم والحجة؟ ثالثا: حكمك يا صاحب المجلس على المخالفين لك في الرأي بمخالفة العقيدة والدعوة إلى الإلحاد، علي أساس أنك تمثل العقيدة وحدك، إرهاب فكري لا يهز شعرة في رأسنا، وسقطة لا يليق بأزهري مثلك أن يسقط فيها”.

وتابع: “رابعا: من يزعم أن سعر صرف العملة مرتبط بالعقيدة، ويتهم من يخالفه الرأي بمخالفة العقيدة، حين يدعو الناس إلى الأخذ بأسباب القوة الاقتصادية، فإنه بحاجة إلى أن يتعلم من جديد،خامسا: اعلم يا صاحب البرنامج أن سنن الله الكونية تسير وفق منهج إلهي محكم ينطق بالعدل والمساواة، وليس وفق الهوى”.

ووصل: “سادسا: كلامك بأن سعر صرف الجنيه مرتبط بالإيمان بالله كلام هزلي، واتهام للشعوب صاحبة العملات الرخيصة بأن إيمانها متدني، وهذا كلام عبثي واتهام باطل ومرفوض، سابعا: كلامكم عن اسم الله المسعر حق أريد به باطل، وهو كلام سطحي، ينم عن قلة الوعي بضرورة ما يجب فهمه من هذا الاسم، من وجوب الأخذ بالأسباب، ثامنا: كلامكم عن الاقتصاد بهذه الطريقة الهزلية يضر بالقضية، ويحملها على وجوه قبيحة،  أقلها أنك تتاجر بالدين من أجل أهداف بعينها، وهذا الأمر له مخاطره التي لا تغيب عن عاقل”.

وتابع مظهر شاهين: “بلاش شغل الغلوشة دا يا مولانا صاحب المجلس والبرنامج، في إشارة إلى الشيخ خالد الجندي، وبلاش تستخبي خلف أحد  لترميني بسهم غيرك من السادة العلماء الأفاضل الذي أشهد له بحسن الأدب، وتورطه في قضية هو ليس طرفا فيها لشئ في نفسك تَعْلَمُهُ وأَعْلَمُه، هروبا من المواجهة بالعلم كعادتك!!تحلي بالشجاعة وكن أنت في مواجهتي بالعلم وليس بالهمبكة، وأذكرك بأن أصل الخلاف بيننا  ليس حول أن الله هو المُسَعِّر كما تحاول أن تدعي، إحنا خلافنا حول دعوتك  إلي وجوب عدم ربط سعر صرف الجنيه بالدولار والذهب وإنما بالإيمان بالله تعالي، واللي أنا قلت عليه كلام فاضي، ركز معايا يا مولانا الفاضل ربنا يكرمك”.

وأوضح شاهين: “أما موضوع أن الله تعالي هو المُسَعِّر الذي تحاول أن تجعل منه مخرجا من الزنقة السودة اللي زنقت نفسك فيها لما قلت نربط سعر الصرف بالإيمان بالله تعالي، فهو حق أريد به باطل، وأنا سأقطع عليك طريق المزايدة كعادتك، وأقول إننا مؤمنون بأسماء الله تعالي وبصفاته العلية، وبأن كل شيء بيد الله تعالى، لكن يجب ألا نفصل بين إيماننا بأسماء الله تعالى، ووجوب الأخذ بالأسباب، ونفهم أن اسم الله تعالى المُسَعِّر، هنا إنما يكون بناء على أسباب اقتصادية وسنن كونية لا تتغير ولا تتبدل ولا علاقة لها بالإيمان أو الكفر كما تزعم أنت، وإنما بالأسباب والمقدمات، فمن جَدَّ وَجَد ومن زرعَ حصَد، اللي يزرع وياخد بالأسباب ويراعي زرعه هيحصد الثمار حتى لو كان كافرا، واللي هينام ويتكاسل لن يفلح زرعه حتى وإن كان إمام الحرمين، وأن اسم الله الشافي لا ينفصل عن التداوي وطلب العلاج والأخذ بأسباب الشفاء، مستحضرين قول الله تعالي لسيدنا أيوب عليه السلام (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ)، وإلا فكيف نفهم قول الله تعالي: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾، وقوله تعالي: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ وقوله: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ ﴾، وقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِنَ المؤمنِ الضَّعيفِ وفي كلٍّ خيرٌ. احْرِصْ على ما يَنفعُكَ، واسْتَعنْ باللهِ ولا تَعجزْ)، وقوله:(إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ)”.

وهنا ندرك الفارق الكبير والعميق بين فهمكم الضيق ووعيكم القاصر لما تشير إليه أسماء الله تعالي، وبين عظمة فهم ووعي قيادتنا السياسية الواعية لها، حين لم يعتمد  علي معني اسم الله "النصير"  علي طريقتكم،  وإنما فهمته فهما حقيقيا أدركت معه ضرورة الأخذ بأسباب النصر فقامت بتسليح الجيش المصري بأكبر وأحدث الأسلحة من طائرات وغواصات وفرقاطات ومعدات حربية، فجمعت سيادتها بين الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته العليَّة وبين الأخذ بالأسباب، وهذا ما ينبغي أن نسير عليه في فهمنا لمعاني ومرامي أسماء الله تعالي.

إن معني قوله صلي الله عليه وسلم في الحديث "المُسَعِّر هُو الله" لا ينبغي أن يُفهم إلا في إطار أن التسعير عنده سبحانه وتعالي قائم علي أسباب اقتصادية ليس من بينها أن فلانا مؤمن وفلانا كافر، فالله سبحانه يعطي الدنيا لمن أخذ بالأسباب فيها، وجعل سبحانه لكل شئ سببا "فأتبع سببا" "ثم أتبع سببا" والإيمان أو الكفر ليس من بين الأسباب التي يقوم عليها الاقتصاد في أي زمان أو مكان، فقد قص علينا القرآن أن من بين الأنبياء والمؤمنين من أوتي ملكا عظيما كسيدنا سليمان عليه السلام، وذي القرنين، ومن الطغاة كذلك من أوتي ملكا عظيما  مثل النمرود وبُخْتَنَصَّر، ولسبب آخر وهو أن  الله سبحانه هو العدل، وعدله سبحانه يقتضي أن من جدَّ وجد، ومن زرع حصد، بغض النظر عن إيمانه أو كفره، ولو ارتبط الاقتصاد بالإيمان لصرنا أغني الدول، فها هي المساجد عامرة بالمصلين، وها هم الحجاج والمعتمرون والمتصدقون والمسبحون والذاكرون بالملايين، ومع ذلك انخفض سعر الجنيه، الأمر الذي يؤكد أن أسباب تغير سعر الصرف اقتصادية وليست عقدية أو إيمانية كما تزعم.

إن العلاقة بين سعر الصرف والدولار قائمة علي أسباب منها: العمل والإتقان والمنافسة والإنتاج والاكتفاء الذاتي والتصدير وازدهار السياحة والتحويلات من الخارج، وغير ذلك من الأسباب الاقتصادية المعروفه، وأن الإيمان إنما يدفعنا إلى التوكل علي الله تعالي حق التوكل والأخذ بأسباب القوة بكل أشكالها وأنواعها، ومنها القوة الاقتصادية، تطبيقا لقوله تعالي: " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ"، وأننا لو طبقنا الإيمان لاجتهدنا في العمل وحققنا زيادة في الإنتاج، ولو أتقنا العمل لحققنا المنافسة التي   تمكننا من زيادة الصادرات والتي تجلب العملات الصعبة، التي تؤثر قطعا علي الاقتصاد وسعر الصرف ، لا أن نقول إن سعر الصرف مرتبط بالايمان وكأننا إذا اجتهدنا في الصلاة والصيام سوف يرتفع سعر الجنيه مثلا!

وأقولها صريحة: لو أن كافرا لا يؤمن بالله ولا برسله أخذ بأسباب القوة الاقتصادية لصار أغني الناس ولانعكس ذلك علي اقتصاده بالإيجاب والقوة، ولو أن مؤمنا عابدا اعتكف في صحن الكعبة المشرفة ولم يأخذ بأسباب القوة الاقتصادية لبقي علي حاله.

وواصل “شاهين”رده: "إذا أردنا اقتصادا قويا ومنافسة تدفعنا نحو الرخاء فعلينا ببناء المصانع مع المساجد، وعلينا بإتقان العمل مع قيام الليل، وعلينا بالتصدير مع التسبيح، وعلينا بتنمية السياحة مع الصيام، وعلينا بالاكتفاء الذاتي لتقليل الاستيراد مع أداء الحج والعمرة، وبذلك نكون قد عمَّرنا دنيانا وآخرتنا،  ونكون قد أخذنا بأسباب القوة الاقتصادية التي بها نتحكم في سعر الصرف "

وأكمل: "دعونا ندعو الناس إلي العمل وليس الكسل، إلي التوكل وليس التواكل، إلي المنافسة وليس المشاكسه، إلي تصدير المنتجات وليس تصدير اليأس، إلي دفع عجلة الإنتاج وليس إلي دفع عجلة الاستهلاك، إلي دعم الدولة المصرية، بالعلم والعقل والمنطق وما استقرت عليه سنن الله الكونية، ويصدقه الواقع"

وفي ختام رده طالب الشيخ مظهر شاهين" الشعب بمزيد من العمل والإنتاج والأخذ بأسباب القوة الاقتصادية، ومحاربة كافة أشكال الفساد، والوقوف مع الدولة المصرية، ودعم مؤسساتها الوطنية، وعدم عرقلة مسيرة الاستقرار، وإن شاء الله تعالي القادم سوف يكون أفضل بالعمل والصدق والجد والاستقرار.