بحجة الإدارة والتشغيل..
تفاصيل خطة الحكومة لخصخصة المستشفيات الحكومية
قبل أيام، وخلال جلسات المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في شهر أكتوبر الماضي، دعا رئيس الجمهورية إلى إدخال القطاع الخاص في إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية، عوضًا عن الحكومة.
وجاءت تصريحات الرئيس بعد أشهر قليلة من حديث رئيس مجلس الوزراء حول إمكانية إشراك القطاع الخاص في إدارة المستشفيات الحكومية، وذلك مع مستثمرين وشركات كبرى تعمل بقطاع الصحة.
وخلال تلك الجلسات قال الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إن هناك ضرورة حتمية لزيادة مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ برنامج التأمين الصحي الشامل، خاصة وأن القطاع الخاص يمتلك خبرات إدارية جيدة.
واستكمالًا لحديث الرئيس، فإن الدولة مستعدة لعمل اتفاق مع المُستثمرين من أجل منحهم حق تشغيل المستشفيات الحكومية، مع تحمل الحكومة الميزانية المُخصصة للمستشفى مقابل نصيب فيه، متابعًا أن كفاءة إدارة القطاع الخاص ستساعد على تحسن الرعاية الصحية في البلاد.
حق التأمين الصحي في إنشاء شركات
لما صدر قانون التأمين الصحي الشامل في 2018، نص على السماح لهيئة الرعاية الصحية الجهة المنفذة لمشروع التأمين الصحي الجديد بإنشاء مؤسسات وأصول استثمارية ضمن اختصاصاتها ومهامها لاستثمار مواردها الذاتية وتعظيم مركزها المالي بما يضمن استمرارية الارتقاء بالخدمات والرعاية الصحية المقدمة للمواطنين واستدامة جودتها، وفقًا لنص المادة 23 من القانون.
وهذا ما دلل عليه رئيس هيئة الرعاية الصحية، أحمد السبكي، من أن إنشاء شركة قابضة للتأمين الصحي جاء متوافقًا مع نص القانون، مشيرًا إلى أن الشركة ستعمل في أهم مجالات الرعاية الصحية بشكل تكاملي مع هيئات منظومة التأمين الصحي الشامل والجهات المعنية بالشأن الصحي في مصر.
حقيقة طرح 5 مستشفيات
بعدها بأشهر، أعلنت وزارة الصحة، طرح 5 من أكبر مستشفياتها العامة أمام القطاع الخاص رسميًا، وهي المستشفى القبطي في شارع رمسيس الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1926، ومستشفى العجوزة في محافظة الجيزة الذي أنشئ عام 1936، ومستشفى هليوبوليس وأنشئ عام 1950، بالإضافة إلى مستشفى شيراتون في حي مصر الجديدة، ومستشفى الجلالة في محافظة السويس.
وقال الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة، إن المستشفيات المقرر طرحها أمام القطاع الخاص تتبع المؤسسة العلاجية، وهي هيئة اقتصادية تشرف عليها الوزارة -وفقًا لقرار إنشائها في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر-، مدعيًا أن الهدف من ذلك هو تعظيم الاستثمارات في المجال الصحي أمام القطاع الخاص، في إطار توجه الدولة نحو رفع مستوى الخدمة الصحية.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يوجد في مصر عدد 1798 مستشفى، منهم 622 مستشفى حكوميا، و1136 مستشفى خاصا، وعدد 1565 مركز إسعاف، و121 ألفا و394 طبيبا بشريا.
خطورة من خصخصة المرافق الصحية
من جهته، قال الدكتور محمد حسن خليل المنسق العام للجنة الحق في الصحة، إن التوجه الحكومي غير سليم، لأنه يناقض بنود الدستور المصري الصادر في 2014 والذي ينص على ضمان الدولة علاج المواطنين.
ويُضيف لـ«النبأ»، أن المؤسسة العلاجية هيئة اقتصادية صحيح بحكم لائحة تأسيسها، لكنها هيئة اقتصادية غير ربحية بمعنى أن القانون يكفل لها فقط حق تقديم الخدمة الصحية مقابل التكلفة وليس بهدف الربح، وهناك 5 مستشفيات تابعة لها أعلنت الوزارة عن طرحها أمام القطاع الخاص.
ويُشير «خليل» إلى أن المؤسسة العلاجية تهدف لتغطية نفقاتها فقط، وليست هادفة لتحقيق ربح، لكن القطاع الخاص يهدف بالتبعية لتحقيق ربح، وبالتالي فإن تعاقد المواطن مع أي من مستشفيات المؤسسة العلاجية كان في النهاية بغرض دفع نفقات التكلفة وليس النفقات المحملة بالربح.
ويُتابع المنسق العام للجنة الحق في الصحة، أنه في حال تحول ذلك القطاع إلى إدارة ربحية، فسوف يضاعف ذلك من تكلفة العلاج على المواطن، سواء المواطن الذي تعاقد مع التأمين الصحي الجديد أو المواطن الذي قرر العلاج داخل المستشفيات الحكومية.
ويُوضح «خليل»، أن تحويل المستشفيات من غير ربحية إلى ربحية اتجاه في منتهى الخطورة حتى لو كان المواطن لن يدفع مباشرة، وتحمله مشروع التأمين الصحي الجديد، لأن هذا سوف يسبب زيادة في حجم الإنفاق على الصحة، ومن ثم سوف يتسبب في تحول التأمين الصحي لتحقيق عجز مالي، وبالتالي يتسبب ذلك في معاناة مشروع التأمين الصحي الجديد ماليًا.
ومن ثم، فإن ذلك سيؤدي إلى بحث مسئولي التأمين الصحي عن مصادر جديدة للأموال والتي ستكون ناتجة إما عن زيادة الاشتراكات التي يدفعها المواطن، أو يقلل الخدمات التي يقدمها للمواطن، حسب المنسق العام للحق في الصحة.
وينهي «خليل» حديثه، بأن الحكومة أقرت في العام الماضي شركة لإدارة المستشفيات المنضوية تحت هيئة التأمين الصحي الجديد بما يشير بأنها خصخصة للخدمات الصحية في مصر.
طلب إحاطة بشأن زيادة المصروفات
من جهته، قدم عضو مجلس النواب عن محافظة البحيرة، محمد عبد الله زين الدين، سؤالًا إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار، بشأن غياب رقابة إدارة العلاج الحر على المستشفيات الخاصة على مستوى الجمهورية، وتحول أغلبها إلى مشروعات استثمارية هدفها تحقيق الأرباح، وليس تقديم الخدمات العلاجية، والتخفيف عن آلام المرضى.
قال زين الدين، في سؤاله، إنه تلقى عددًا كبيرًا من شكاوى المواطنين بسبب استنزاف المستشفيات الخاصة لجيوب المرضى، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعاني منها الجميع، موضحًا أن مصاريف احتجاز المريض من أجل تلقي الإسعافات الأولية فقط، قد تتجاوز 10 آلاف جنيه في كثير من المستشفيات.