خلاف جديد بين مجلسي النواب والدولة يُعطل الإنتخابات في ليبيا
بعدما عم التقارب بين مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة وأصبحت ليبيا على بُعد خطوات معدودة من تشكيل حكومة جديدة تُحقق ما فشلت فيه الحكومات السابقة من توحيد مؤسسات الدولة وإجراء إنتخابات رئاسية حرة ونزيهة، عاد الخلاف من جديد بين الطرفين بعد قرار مجلس النواب الاخير.
هذا حيث أقر رئيس مجلس النواب الليبي المستشار، عقيلة صالح، قانون إحداث محكمة دستورية عليا في مدينة بنغازي لتكون بديلة عن الدائرة الدستورية في المحكمة العليا في طرابلس.
وقد أكد المستشار عقيلة صالح إن إنشاء محكمة دستورية من قبل مجلس النواب، السلطة التشريعية، هو تأكيد لما تضمنته مسودة الدستور في المواد ( 138 إلى المادة 145 ) التي توافق عليها أعضاء لجنة المسار الدستوري المشكلة من مجلس النواب ومجلس الدولة ولم يتم الاعتراض عليها من أحد، مما يؤكد رغبة الجميع في إنشاء قضاء دستوري يحمي الحقوق والحريات.
وعلى الرغم من عقلانية هذا القرار لضمان المضي قدمًا نحو الإنتخابات وفق المسار السياسي السلمي في البلاد، إلا ان هنالك من لا يرغبون في تنفيذ الإستحقاق الإنتخابي، وعلى رأس هؤلاء الغير راغبين نجد المجلس الأعلى للدولة الذي أعرب عن رفضه لهذا القرار.
هذا حيث أعلن المجلس الأعلى للدولة عن رفضه للقانون وأصدر بيان طالب فيه مجلس النواب بالتراجع عنه، مهددًا باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تنفيذه مُعتبرًا أن ما صدر عن مجلس النواب يعد مساسًا بالأساس الدستوري لهذه السلطة المستمد من دستور 1951 الذي ينص في المادة 43 منه على أن السلطة القضائية تتولاها المحكمة العليا والمحاكم الأخرى التي تصدر في حدود الدستور وفق القانون.
وبالنظر إلى ما تمر به البلاد من تخبط سياسي ووجود حكومتين أحدها في طرابلس والثانية في سرت وفشل كلاهما في المضي قدمًا نحو الإنتخابات الرئاسية، توافق كلًا من مجلسي النواب والدولة على ضرورة تشكيل حكومة جديدة ف ليبيا قادرة على توحيد البلاد، وضرورة التوافق حول القاعدة الدستورية المنظمة للإنتخابات.
وعلى مدار الفترة الماضية ظل المجلس الأعلى للدولة مُتمسك برفضه لأحد أهم بنود القاعدة الدستورية بخصوص ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية في الإنتخابات الرئاسية، حيث يرفض المجلس الأعلى للدولة هذا البند في محاولة منه لإقصاء عدد من الشخصيات العسكرية ذات الشعبية من خوض الإنتخابات، بينما يوافق مجلس النواب على هذا البند كونه يكفل حق الترشح والإنتخاب لجميع أبناء الشعب الليبي.
وبعدما كان الطرفين على مقربة من إنهاء هذا الخلاف، قرر المجلس الأعلى للدولة أن يختلق خلافًا جديدًا برفضه لإحداث محكمة دستورية في بنغازي، على الرغم من درايته بأن هذا القرار يأتي لتحييد القضاء الليبي عن الخلافات السياسية لا سيما بعدما حاول رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، إستغلال القضاء للبقاء في السلطة.
ففي وقتٍ سابق مارس الدبيبة ضغوطات عنيفة على رئيس المحكمة العليا في طرابلس عن طريق الميليشيات المسلحة ونجح في تفعيل الدائرة الدستورية التي تخوله لإسقاط مجلسي النواب والدولة وإجراء إنتخابات برلمانية ويبقى الدبيبة في السلطة لاطول فترة ممكنة.
وفي ظل هذه التطورات والمد والجزر بين مجلسي النواب والدولة بين الحين والأخر يظل السؤال الأهم هو، هل ستنجح الأطراف السياسية الليبية في تخطي جميع الخلافات وتحقيق مطالب الشعب الليبي وإنجاز الإنتخابات في القريب العاجل، أم سيزداد الإنقسام ويبقى الحال على ماهو عليه؟