النيابة الإدارية تعتمد دراسة لمناهضة العنف ضد المرأة
اعتمد المستشار عدلي جاد رئيس هيئة النيابة الإدارية، دراسة تهدف إلى تعزيز الجهود لمواجهة ظاهرة العنف الالكتروني ضد المرأة، وتنطوي على مجموعة قيمة من المقترحات التي بصدد عرضها على الجهات المختصة للنظر فيها.
وتتمحور الدراسة التي أعدها المستشار سعد خليل نائب رئيس الهيئة، وراجعها كل من المستشار الدكتور محمود إبراهيم، والمستشار محمد رامي نواب رئيس الهيئة، حول خطورة العنف الإلكتروني بصفة عامة، وضد المرأة على وجه الخصوص؛ وذلك لما يخلفه من آثار اجتماعية ونفسية واقتصادية خطيرة، علاوةً على اتساع قاعدة جمهور الفضاء الافتراضي "شبكة الإنترنت" والتطور اليومي لأدوات الاتصال، مما يؤدي أحيانًا لصعوبة معرفة الجُناة وتقديمهم للعدالة، فضلًا عن كون تلك الجرائم من الجرائم العابرة للأوطان، وعادة ما يصاحبها صور أخرى للجرائم كالتهديد والابتزاز.
بل ويزداد الأمر سوءً حال نشر المحتويات المسيئة بالفعل، حيث تتضاعف الأضرار الاجتماعية والنفسية على الضحية وأسرتها؛ الأمر الذي ربما يلقي بها بين براثن الاكتئاب النفسي، وقد يقودها في نهاية المطاف إلى الإقدام على الانتحار، بل وتعريضها لخطر الاعتداء عليها وتهديد حياتها على يد ذويها، بخلاف ما تتعرض له المجني عليها من الوصم المجتمعي، مما قد يدفعها نحو ترك عملها طواعية أو الطرد منه عنوة، وهو ما يستتبعه آثار بالغة الخطورة اقتصاديًا واجتماعيًا.
النيابة الإدارية تعتمد دراسة لمناهضة العنف ضد المرأة
كل ما سبق يؤكد خطورة هذه الظاهرة، سيما أن بعض الاستقصاءات – التي قامت بها منظمات دولية- أشارت إلى أن حوالي 75 % من النساء ممن يستخدمن شبكة الإنترنت عالميًا تعرضن بالفعل لمضايقات وتنمر وتهديد بالعنف.
وشددت الدراسة على ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي لمجابهة العنف الإلكتروني عامة وضد المرأة على وجه الخصوص، وتحديد صوره وأشكاله المختلفة، وتحديد التدابير الواجب اتخاذها؛ لإزالة المحتويات المسيئة أو الفاضحة التي يتم نشرها دون رضاء المرأة التي تقع ضحية لهذا العنف، وتيسير سبل الكشف الجُناة مرتكبي جرائم العنف الإلكتروني.
وأشارت الدراسة إلى أن صور العنف الالكتروني ضد المرأة يمكن حصرها في الصور التالية:
- اختراق الخصوصية أو محاولة اختراقها: - والذي يُقصد به الوصول إلى البيانات الشخصية، والمعلومات، والمحتويات الخاصة بالمجني عليها أو لأحد أفراد أسرتها أو عائلتها بصورة غير مشروعة أو محاولة الحصول عليها.
- الإفصاح عن المعلومات الشخصية: ويقصد به الكشف العلني عن معلومات خاصة أو تعريفية للضحية.
- التمييز ضد المرأة: وهي كل إساءة وتمييز وعنصرية ضد المرأة لكونها امرأة.
- التنمر ضد المرأة: وهو كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغلال ضعف للمجني عليها أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسيء للمجني عليها بقصد تخويفها أو وضعها موضع السخرية أو الحط من شأنها.
- المُضايقات الجنسية: إرسال الرسائل أو المحتويات المُسيئة أو الفاضحة دون رغبة المستلم.
- التحرش الإلكتروني: إرسال تعليقات أو رسائل أو محتويات مُسيئة أو فاضحة لبعض النساء أو إحداهن بغرض التعرض لها أو إهانتها أو خلق شعور بالكآبة لديها.
- التهديد الإلكتروني: إرسال رسائل التهديد للمجني عليها على شبكة الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي ومنها التهديد بنشر بياناتها الشخصية أو أي معلومات أو بيانات متعلقة بها أو نشر أي محتوى مُسيء أو فاضح لها.
- الابتزاز الإلكتروني: هو حمل الضحية على الاستجابة لمطالب الشخص المبتز إثر تهديدها بنشر بياناتها الشخصية أو أي معلومات خاصة بها أو نشر ما يُسيء إليها.
- نشر المحتويات المُسيئة أو الفاضحة لها دون رضاها: وهذه الجريمة تتحقق بنشر أي محتوى مسيء أو فاضح للمجني عليها دون رضاها حتى لو كان فعل الإساءة أو الفعل الفاضح كان برغبتها وعلمها ولكنها لا ترغب في نشره على نطاق أوسع مما وافقت عليه.
ونوهت الدراسة إلى أن تقييم العديد من الدول المتقدمة في صيانة واحترام حقوق الإنسان يتجلى في أبهى صوره في مكافحة التمييز والعنف ضد المرأة، كما أن هذه الدول تقف دائمًا في طليعة المطالبين للمجتمع الدولي باحترام حقوق المرأة وحمايتها من التمييز ضدها، ومكافحة كافة أشكال العنف قبلها؛ لذلك فإنه يتعين على تلك الدول الاضطلاع بمسؤوليتها حيال العنف الرقمي أو عبر الإنترنت ضد المرأة، والتأكيد على إيمانها بالمبادئ التي دائمًا ما تنادي بها، خاصة وأن تلك الدول هي التي تملك الإمكانيات الكبيرة على مكافحة هذا النوع من العنف ضد المرأة، أخذًا في الاعتبار أن معظم شركات ومواقع وخوادم الإنترنت موجودة بها وتخضع لقوانينها، وتملك -من ثم- وضع الأطر القانونية اللازمة لإلزام تلك المواقع والشركات بإزالة وحجب المحتويات المُسيئة والفاضحة التي تنشر عن المرأة دون رضاها، وذلك أسوة بما اتخذته هذه الدول من تدابير تلزم هذه المواقع والشركات بالالتزام بعدم نشر صور مُسيئة أو إباحية للأطفال وهو ما يتم الالتزام به حتى من المواقع الإباحية ذاتها، وذلك في ضوء الالتزام الوارد باتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص.
وأشارت الدراسة إلى أن الدولة عززت جهودها في مجال مكافحة العنف ضد المرأة، حيث قامت بتعديل قانون العقوبات بإضافة المادتيْن 306 مكرر أ، 306 مكرر ب بالقانون رقم 141 لسنة 2021 بتجريم صور التحرش بالمرأة وتشديد العقوبات بشأنها، وكذلك ما نصت عليه المادة 309 مكرر ب المُضافة بالقانون رقم 189 لسنة 2020 بشأن جريمة التنمر وتشديد العقوبات بشأنها فضلًا عن إصدار القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وغيرها من صور العنف ضد المرأة كتشديد العقوبة في جرائم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث "الختان"، والحفاظ على سرية بيانات المجني عليهم في جرائم الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات أو المادتين 306 مكرر/أ، ب.
وأوصت الدراسة بعدد من المقترحات في إطار تعزيز الجهود الوطنية لمكافحة ظاهرة العنف الالكتروني ضد المرأة ومنها:
أن ينص القانون على تحديد الأفعال التي تعد جرائم عنف إلكتروني سواءً كانت الضحية رجلًا أو امرأة، مع تشديد العقوبة متى كانت الضحية طفلًا أو امرأة، وأحقية المجني عليه ( ضحية العنف الإلكتروني) في الحصول على قرار أو حكم قضائي بإزالة المحتوى المُسيء أو الفاضح بصورة مستقلة عن إجراءات التحقيق أو المحاكمة، وأن يتم تنفيذ هذا الحكم سواء بحجب الموقع أو المواقع التي قامت ببث المحتوى المُسيء أو الفاضح كلما أمكن ذلك تقنيًا وماديًا، أو على الأقل إزالة المحتوى المُسيء أو الفاضح من الموقع كلما أمكن ذلك من الناحية الفنية، مع العمل على تيسير سبل التعاون الدولي في مواجهة هذه الجريمة لإلزام شركات ومواقع الانترنت بإزالة هذا المحتوى، ومساعدة الضحية على مقاضاة هذه الشركات والمواقع أمام المحاكم الأجنبية التي تدخل هذه الشركات والمواقع ضمن نطاق ولايتها القضائية ومطالبتها بالتعويض جراء ما يلحق بالضحية من أضرار نتيجة نشر وإذاعة المحتوى الفاضح أو المُسيء أو بقاءه دون رضاها.
وأكدت النيابة الإدارية أن الفعاليات العالمية لمحاربة كافة أشكال العنف التي تستهدف النساء والفتيات، وضمن حملة الستة عشرة يومًا التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة خلال الفترة من 25 نوفمبر وحتى 10 ديسمبر من كل عام.