رئيس التحرير
خالد مهران

الاحتفال بالكريسماس.. جدل سنوى يتكرر بداية كل عام ما بين التحريم والإيجاز

النبأ

كعادة كل عام تتصدر فتاوى الجدل بين رجال الدين حول الاحتفال بالكريسماس،وسط رفض تام للتيارات السلفية هذا الأمر وترحيب شديد من جانب المؤسسات الدينية بمصر بجواز التهنئة  بالعام الميلاد الجديد، من جانبها أكدت دار الإفتاء أنه لا مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين كما يدَّعي بعض المتشددين.

وأضافت الدار عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أن تهنئة شركاء الوطن من غير المسلمين بمناسباتهم وأعيادهم من حسن الجوار ورد التحية بالحسنى وحسن التعايش، وهي مبادئ إنسانية راقية يدعو إليها الشرع الشريف كتابًا وسنةً ومارستها السيرة النبوية العطرة.

تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد 

وشهدت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية حالة من الجدل المعتاد في هذا الوقت من كل عام حول مشروعية تهنئة غير المسلمين بأعياد الميلاد.

وأكدت دار الإفتاء أن الاحتفال برأس السنة الميلادية مناسبة تتناولها مقاصد: اجتماعية، ودينية، ووطنية؛ فإنَّ الناس يودِّعون عامًا ماضيًا ويستقبلون عامًا آتيًا حسب التقويم الميلادي الـمُؤَرَّخ بميلاد سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، والاختلاف في تحديد مولده عليه السلام لا يُنَافي صحَّة الاحتفال به؛ فإنَّ المقصودَ إظهار الفرح بمضي عام وحلول عام، وإحياء ذكرى المولد المعجز لسيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، مع ما في ذلك من إظهار التعايش والمواطنة وحسن المعاملة بين المسلمين وغيرهم من أبناء الوطن الواحد، ومن هنا كان للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة عدة مقاصد، وكلُّها غيرُ بعيد عن قوانين الشريعة وأحكامها.

فأما المقصد الاجتماعي: فهو استشعار نعمة الله في تداول الأيام والسنين؛ ذلك أنَّ تجدُّد الأيام وتداولها على الناس هو من النعم التي تستلزم الشكر عليها؛ فإن الحياة نعمة من نعم الله تعالى على البشر، ومرور الأعوام وتجددها شاهد على هذه النعمة، وذلك مما يشترك فيه المجتمع الإنساني ككلّ، فكان ذلك داعيًا لإبراز معاني التهنئة والسرور بين الناس، ولا يخفى أن التهنئة إنما تكون بما هو محلّ للسرور؛ وقد نص الفقهاء على استحباب التهنئة بقدوم الأعوام والشهور؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 283، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قال القمولي: لم أر لأحد من أصحابنا كلامًا في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي أنه أجاب عن ذلك: بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه، والذي أراه: أنه مباح لا سنة فيه ولا بدعة. انتهى] اهـ.

رسالة شيخ الأزهر للأقباط

ومن جانبه حرص فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، البابا فرنسيس وقادة الكنائس والمسيحيين في الشرق والغرب بأعياد الميلاد.

وقال شيخ الأزهر: "أهنئ إخوتي وأصدقائي الأعزاء البابا فرنسيس، والبابا تواضروس، ورئيس أساقفة كانتربري د. جاستن ويلبي، وبطريرك القسطنطينية برثلماوس الأول، وقادة الكنائس، والإخوة المسيحيين في الشرق والغرب بأعياد الميلاد".

 ودعا شيخ الأزهر عبر صفحته الرسمية بفيسبوك الله "أن يعلو صوت الأخوَّة والسلام، ويسود الأمان والاستقرار في كل مكان".

 

حكم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد

أكد  الدكتور عبد الفني سعد أستاذ الفقة جامعة الأزهر، أن غالب فقهاء المسلمين نصوا على تحريم تهنئة المسلمين للمسيحيين في أعيادهم، منوها أن كلام الفقهاء في زمانهم كان صحيحا وما كانوا متشددين في قولهم هذا أبدا ومن يقل عليهم بالتشدد لا يفهم شيئا.

 

وأشار إلى أنه يجب تغيير هذه الفتوى الآن، لأن فقهائنا عندما منعوا التهنئة لم يمنعوها بناء على نص في منعها، وإنما منعوها بناء على أن التهنئة في ثقافتهم وعرفهم تساوي إقرار على معتقد المسيحيين.

وتابع: كان قديما إذا قال الرجل "كل سنة وانت طيب" يساوي إقراره بما هو عليه من معتقد وطبعا هذا لا يجوز، وبناء على ما سبق لم تكن الكنيسة قديما تهنئ المسلمين في أعيادهم ولا في مناسبات المسلمين.

وهناك فتاوى وآراء تراثية يعتمد عليها السلفيين في تحريم تهنئة الأقباط بعيد الميلاد،فمثلا هناك فتوى  قديمة للشيخ "ابن عثيمين" والتى جاءت كالتالى: "قال الشيخ ابن عثيمين: تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم – رحمه الله– فى كتابه "أحكام أهل الذمة" حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الكُفْرِ فَهُوَ مِنَ المُحَرَّمَاتِ. وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ تُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَلِيبِ، بل ذلك أعظم إثمًا عند الله، وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع فى ذلك، ولا يدرى قبح ما فعل، فمن هنأ عبدًا بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه".