رئيس التحرير
خالد مهران

معًا ضد الإرهاب!

الكاتب الصحفي صبري
الكاتب الصحفي صبري الموجي

كم هو مؤلمٌ وقاسٍ ما نراه ونسمع عنه من قتل لأبرياء في شتى ربوع مصر بيد إرهاب جبان، لم يرحم فتوة شباب ماتوا في عمر الزهور تاركين وراءهم أحلاما وردية في ظلِّ وطن مُستقر ينعم بالأمن، وترفرف على أرجائه روحُ المحبة والإخاء!

ولا يخفي أن هذا الإرهاب الغادر - الذي ما دام أزعجنا دويُّ قنابله الآثمة، وكان آخره تعرضُ كمين شرطة بالإسماعيلية لهجوم مسلح أسفر عن مقتل شرطيين وإصابة آخرين بجروح بالغة - كم يتَّم أطفالا، ورمَّل نساء، وملأ قلوب آباء وأمهات حسرة وألما على فقد أعز ما يملكون، فتساوي مع الكثيرين منهم الموتُ والحياة بعدما فقدوا فلذات أكبادهم.


إن قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، هي جريمةٌ من أبشع الجرائم؛ لهذا جعل الشرع هدم الكعبة أهونَ عند الله من إراقة دم آدميٍ آمن سواء كان مُسلما أو غير مسلم، فما بالك بأرواح جنود بواسل لم يرتكبوا يوما جريمة أو يقصروا في واجب أو يخونوا أمانة، بل حملوا أكفانهم على أيديهم فداء لوطن، هو لهم مجمعُ الذكريات، وموطنُ الآباء والأجداد، ومرتع الأبناء والأحفاد!
إن ما يقع من قتل لأبرياء وترويع لآمنين، وما يُراق من دم طاهر يتطلب وقفة جادة من المجتمع كله لمنع انتشار ذلك الإرهاب الأسود، الذي لم يترك بيتا من بيوتات مصر إلا وأذاقه مرارة الثكل سواء كان المفقود ابنا أو قريبا، صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو أنثى.


إن مشكلة الإرهاب أنه يراك ولا تراه، ومن ثمَّ فإن مواجهته تتطلبُ سياسة رشيدة على عدة أصعدة، أولها رعاية الأسر لأبنائها، وتتبعُ خطوات الشاب بغرض التقويم وليس التضييق، بل ومساعدته في اختيار أصدقائه، فكم من صديق أفسد صديقه، وعطله عن تحقيق أهدافه وطموحات أسرته؛ لهذا أوصي المصطفي بضرورة اختيار الصاحب فقال صلي الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدُكم من يُخالل) أي من يُصاحب ويُماشي.


ولا يقل دورُ المدرسة عن الأسرة في تثقيف الناشئة علي حرمة الأوطان، وحرمة دماء الآمنين، لأن انتشار ذلك الإرهاب الأسود يعني شلل الحركة، وتعطيل مسيرة الحياة ووقف البيع والشراء، وكل صور التعامل، بل وحتي الخروج من البيت؛ لأنه يعني الموت.


ولا شك أن وسائل الإعلام عليها العبء الأكبر في صدِّ ذلك الخطر الأحمر، وذلك ببث برامج موجهة، وعمل حلقات تثقيفية وتنويرية يُدعى إليها علماء مستنيرون يُفندون ذلك الفعل الأحمق، بدلا من برامج (التوك شو) التي لا يجني من ورائها المُشاهد إلا الجلبة والصداع، وبرامج الرقص والطبخ التي أرهقت أرباب الأسر في ظل غلاء الأسعار الفاحش.


كما أن المساجد - التي اعتلى منابرها أهلُ الثقة على حساب أهل الخبرة- عليها عبء حل تلك المشكلة، بعمل ندوات وعظيَّة ومحاضرات علمية، تستضيف علماء أثبات يُفندون تلك الظاهرة، ويكشفون عوار فكر مرتكبيها، وتجريم فعلها، بل وإثم كلِّ من شارك فيها.


إن الإرهاب خطرٌ مُحدق، والسيطرة عليه وتقويضه يتطلب أن نهب زرافات ووحدانا لمواجهته، بدحض أفكاره، وسوق الأدلة علي تجريم ارتكابه، وتكفير فاعليه، وليس الحل في مصمصة الشفايف، وسكب العبرات علة شباب يموتون صباح مساء بلا ذنب ولا جريرة.