بالأرقام والحقائق..
القصة الكاملة لإطاحة «عائلة خميس» بـ«الفتى المُدلل» وتأسيس حزب جديد في 90 ساعة
حالة من الجدل انتابت الحياة السياسية في مصر، خلال الساعات القليلة الماضية بعدما أطاح المكتب السياسي لحزب مصر أكتوبر بالنائب الأول لرئيس الحزب والأمين العام، الدكتور محمد بدران.
وصاحب قرار الدكتورة جيهان مديح رئيس الحزب، بإقالة «بدران» وتعيين اللواء محمود خميس بدلًا منه، حالة من الصخب السياسي في سابقة لم تكن معتادة في الحياة الحزبية، خاصة أن القرار صدر بعد فترة بسيطة من تولي «بدران» مهام «الرجل الثاني» في الحزب.
وبعد لحظات من صدور القرار، قرر المكتب السياسي لحزب مصر أكتوبر، إقالة المهندس وليد عبد الوهاب قوطة، من منصبه كأمين تنظيم الحزب، وتعيين الدكتور محمد جمال حنفي أمين تنظيم الحزب بجانب منصبه كنائب لرئيس الحزب للشؤون القانونية.
أصغر رئيس حزب فى العالم
وأحدث محمد بدران، المُلقب بـ«الفتى المُدلل» جدلًا واسعًا منذ الوهلة الأولى لدخوله عالم السياسة كأصغر رئيس حزب في العالم، بعد توليه رئاسة حزب «مستقبل وطن».
وذاع صيت «بدران» الذي نجح في تحويل حملة «مستقبل وطن» التي ولدت من رحم «دولة 30 يونيو» إلى حزب سياسي، وأصبح حديث «الساسة» بعدما روّج له داخل الأوساط الحزبية أنه متعدد العلاقات بأجهزة الدولة المختلفة رغم صغر سنه، ليأتي ظهوره جوار الرئيس عبد الفتاح السيسي على «يخت المحروسة» أثناء افتتاح قناة السويس الجديدة عام 2015، دليلًا على ذلك.
وتأكدت مزاعم «القوة الضاربة» لـ«بدران» بأجهزة الدولة بعد منع جريدة الصباح الأسبوعية الصادرة بتاريخ 22 من شهر أغسطس عام 2015 بسبب مقال للدكتور أحمد رفعت كان يهاجم فيه محمد بدران.
قصة سيطرة الرجل الثانى داخل «مصر أكتوبر» على الأمانات المركزية وإخضاع الجهاز الإعلامى تحت سيطرته
حلقات مسلسل الجدل حول «الفتى المُدلل» لم تتوقف قط، بل زاد الأمر من حدته، بعدما تقدم «بدران» باستقالته من رئاسة حزب «مستقبل وطن» الذي كان بمثابة نبراس والنواة الأولى لتأسيس الحزب، على إثر حدوث أزمات واستقالات متتالية بين قياداته وأعضاء أماناته على مستوى المحافظات اعتراضًا على دمج الحزب بحملة «كلنا معاك من أجل مصر» بسبب سعي الحملة لـ«التكويش» على المناصب الرفيعة داخل الحزب والسيطرة على معظم الأمانات التنظيمية بالمحافظات.
أسباب الإطاحة بـ«بدران»
وعلمت «النبأ» من مصادر مُطلعة داخل حزب مصر أكتوبر، أن السبب الرئيسي وراء إقالة «بدران» من الحزب، نجاحه في فرض السيطرة الكاملة على مفاصل الحزب الأساسية والأمانات المركزية، علاوة على إخضاع الجهاز الإعلامي للحزب بالكامل تحت سيطرته.
ونجح «بدران» خلال 6 أشهر في السيطرة بشكل كامل على 24 مكتبا لأمانات «مصر أكتوبر» بالمحافظات، من أصل 27 مكتبا مركزيا بجميع أنحاء الجمهورية.
وأضافت المصادر، أن مؤسسي الحزب شعروا بأن «مصر أكتوبر» يتعرض لمحاولة اختطاف شاملة، خاصة أن الحزب منذ تأسيسه كان يسيطر عليه الطابع العائلي، لا سيما تأسيسه على يد رجل الأعمال الراحل محمد فريد خميس، وشقيقه البرلماني السابق اللواء محمود فريد خميس.
تشكيل لجنة عليا
ووفقًا لما علمته «النبأ» من داخل أروقة حزب «مصر أكتوبر»، تقوم حاليًا الدكتورة جيهان مديح، رئيس الحزب، بتشكيل لجنة عليا لتسيير أعمال الحزب على مستوى المركزية والأمانات بكافة المحافظات؛ لإعادة سيطرتها على مفاصل الحزب.
ورحبت «مديح» باستمرار الأعضاء القدامى الذين ينتمون لكيان حزب مصر أكتوبر وليس للأشخاص.
إحصائية:
27 ألف شخص انضموا لحزب مصر أكتوبر على يد الدكتور محمد بدران وفقًا لتصريحات الدكتورة أسماء حسنين أمين الإعلام السابقة بالحزب
تأسيس حزب جديد
كما حصلت «النبأ» على معلومات -من أحد المصادرة المقربة من الأعضاء الذين تقدموا باستقالتهم تضامنًا مع «بدران»-، تفيد استعداد الدكتور محمد بدران، إلى تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسما مبدئيا لم يتم الاستقرار عليه بشكل نهائي وهو «الجمهورية الجديدة».
وقتها، سعى الدكتور محمد بدران في الوقت الحالي، هو ومجموعة من الأعضاء الذين تقدموا باستقالات جماعية من حزب مصر أكتوبر، لوضع قائمة بأبرز السياسيين الموجودين على الساحة السياسية حاليًا لجذبهم لتأسيس حزبه الجديد.
وعلمت «النبأ» من المقربين لـ«بدران» تفاصيل الاجتماع العاصف الذي جمع بينه والمستشار أحمد البراوي، رئيس حزب صوت الشعب، داخل إحدى الفيلات الفخمة بالقاهرة.
وأعرب «البراوي» خلال الاجتماع عن ترحيبه بانضمام الدكتور محمد بدران، ومجموعة الشباب المتضامنين معه إلى حزب «صوت الشعب».
وقرر المستشار أحمد البراوي، خلال الاجتماع تنازله عن رئاسته للحزب لصالح الدكتور محمد بدران.
وحاول «بدران» خلال الساعات القليلة الماضية، إجراء بعض الاتصالات بالمسئولين بلجنة شئون الأحزاب وعدد من أجهزة الدولة رفيعة المستوى؛ للحصول على موافقة لتغير اسم الحزب ليصبح حزب «الجمهورية الجديدة» إلا أن طلبه قوبل بالرفض.
وأكدت المصادر لـ«النبأ»، أن الدكتور محمد بدران اكتفى بإجراء بعض التعديلات على اللوجو الخاص بالحزب القديم.
كواليس قرار الإقالة
من جانبها كشفت الدكتورة جيهان مديح، رئيس حزب مصر أكتوبر، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، كواليس وأسباب إقالة الدكتور محمد بدران من الحزب، وما تابعه من تقديم استقالات جماعية لعدد من الأمانات بالحزب.
وقالت جيهان مديح، إن أمين تنظيم الحزب الذي تمت إقالته تواصل مع بعض الأمانات وتلاعب عليهم طالبًا منهم تقديم استقالات جماعية لحين تنظيم الحزب من الداخل وهو أمر مخالف للحقيقة.
وأضافت «مديح» أن بعض الأمانات عادت للتواصل معها وأكدوا أنهم شعروا بحدوث شبهة تلاعب من قِبل أمين التنظيم الذي تمت إقالته، وطلبوا منها العودة مُجددًا.
وأشارت رئيس حزب مصر أكتوبر، إلى أنه منذ تولي الدكتور بدران مسؤولية نائب رئيس الحزب، كان هناك خطة واتفاق بالتواجد بشكل فعلي على أرض الواقع بالمحافظات، متابعة: «ولكن مع الأسف لم يتم تنفيذ أي شيء من ما تم الاتفاق عليه مع بدران».
جيهان مديح: محمد بدران لم يقدم شيئا للحزب.. وتعمد تجنيب الكفاءات والكوادر لصالح محاسيبه
وأوضحت، أنها طوال الوقت كانت تطالب «بدران» بعقد لقاءات مع الأشخاص الذي يقوم بإسناد مهام تنظيمية لهم داخل الحزب قبل صدور قرار رسمي بالتعيين وهذا لم يحدث –على حد وصفها-.
وأضافت جيهان مديح، لـ«النبأ» أنها اتخذت القرار بالإقالة لأنه بالفعل لم يقدم الدكتور محمد بدران أي شيء للحزب كما كان متوقع.
ولفتت رئيس حزب مصر أكتوبر، في حديثها لـ«النبأ»، إلى أنها كانت ضد صدور قرارات تعيين بهذه الصورة الكبيرة لأمانات غير مفعلة، معقبة: «كان لازم يكون في أمانات حقيقية على أرض الواقع تقدر أنها تشتغل وتتم مهمتها مش بالكترة والعدد، عاوزين نشتغل الحياة كلها أصبحت مقابلات في مكتبه فقط ولا يوجد عمل على أرض الواقع».
وألمحت «مديح» إلى أن معظم من صدر لهم قرارات خلال الفترة الماضية بتولي مناصب داخل الحزب مقربين من الدكتور بدران بشكل شخصي، ومن لهم تجارب سابقة معه سواء خلال العمل الطلابي والجامعي بجامعة بنها وتجربته الحزبية السابقة».
وقالت الدكتورة جيهان مديح، إن الدكتور محمد بدران خلال فترة توليه النائب الأول لرئاسة الحزب تعمد ضم عددا كبيرا من المحسوبين على الأحزاب الأخرى، متابعة: «كنت ضد فكرة الاستقطاب من الأحزاب الأخرى كان البعض بيقدم استقالته من الأحزاب الأخرى ويعلن انضمامه لحزب مصر أكتوبر، استقطاب الشخصيات اللي عندها مشاكل مع الأحزاب، ليه حزب مصر أكتوبر يدخل صراعات مع أحزاب أخرى، خاصة أننا نعمل جميعًا في مصلحة الوطن ولا داعي لوجود صراع واختطاف قيادات من الأحزاب الأخرى».
إحصائية:
24 مكتبا من أصل 27 مكتبا بجميع أنحاء الجمهورية نجح «بدران» في السيطرة عليهم بشكل كامل خلال 6 أشهر
واستكملت رئيس حزب مصر أكتوبر حديثها لـ«النبأ»: «مشكلتي لم تكن في شخص الدكتور بدران مع كامل احترامي وتقديري له، ولكن فيما سلكه من نهج منذ انضمامه للحزب من كثرة القرارات دون وجود أي عمل على أرض الواقع، بالإضافة إلى الخلاف في وجهات النظر مع بعض المحيطين به».
وتابعت: «الدكتور بدران نفسه منذ تعيينه لم يخرج في أي فاعلية بالشارع، من شهر 6 وبدران معانا حتى الآن في شهر يناير، لم يتم تنظيم فاعلية واحدة قوية على أرض الواقع، حتى الماراثون الذي تم تنظيمه اعتذر الدكتور بدران عن حضوره».
وأشارت إلى أنها كانت تتمنى أن تصل الأمور مع الدكتور محمد بدران لأفضل من ذلك.
وعن وجود أي محاولات للتواصل مع الدكتور محمد بدران قبل صدور قرار إقالته، أكدت الدكتورة جيهان مديح في تصريح خاص لـ«النبأ»، أنها تواصلت معه كثيرًا وحاولت لفت نظره للأخطاء والأصدقاء والمقربين منه، بما فيها محاولته هو ومن حوله تجنيب العديد من الكفاءات والكوادر داخل الحزب إلا أنه رفض ذلك.
جهود موثقة ومرصودة
على الجانب الآخر، ردت الدكتورة أسماء حسنين، أمين عام الإعلام بحزب مصر أكتوبر، والتي تقدمت باستقالتها جراء إقالة الدكتور محمد بدران، الأمين العام للحزب، على التصريحات التي أدلت بها الدكتورة جيهان مديح، رئيس الحزب، لـ«النبأ».
وأكدت «حسنين»، أن كل ما شهده الحزب من جهود على أرض الواقع مرصود وموثق على الصفحة الرسمية للحزب على «فيسبوك».
وأشارت أسماء حسنين، في تصريح خاص لـ«النبأ»، إلى أنها كانت شاهدا إعلاميا بالتغطية الصحفية لكل حدث تم تنظيمه بمعرفة الدكتور محمد بدران داخل حزب مصر أكتوبر، متسائلة: «كيف تتحدث الدكتورة جيهان مديح عن عدم وجود أي عمل فعلي على أرض الواقع؟ في حين أن الحزب شهد تشكيل أمانات بـ27 محافظة على مستوى الجمهورية ووجود أكثر من 300 مقر في جميع أرجاء البلاد».
أمين الإعلام السابق: رئيسة الحزب فرغت التجربة من كوادرها وتُسأل عن ذلك
وحول حديث «رئيس الحزب» عن اختيار «بدران» للمقربين منه للمناصب القيادية بالحزب دون علمها، قالت أسماء حسنين، إن الدكتورة جيهان مديح عقدت لقاءات دورية بنفسها وهذا موثق بالصور مع كل من تم تكليفه بأمانة مركزية في الحزب وتم عرض عليها خطط شهرية وتم تنفيذ أكثر من 90% من تلك الخطط.
وأضافت: «كل ما حدث من إنجازات داخل حزب مصر أكتوبر تم في وقت وجود الدكتورة جيهان مديح خارج البلاد وسفرها لتركيا، ثم إصابتها بفيروس كورونا».
وتعجبت أمين الإعلام السابق بحزب مصر أكتوبر، من حديث الدكتورة جيهان مديح حول قيام الدكتور محمد بدران باستقطاب عدد من كوادر وقيادات الأحزاب الأخرى وانضمامها إلى الحزب، متسائلة: «هل الـ27 ألف شخص الذين انضموا للحزب خلال الأشهر الـ6 الماضية على يد محمد بدران، كانوا على خلافات مع أحزابهم واستقالوا للانضمام إلى مصر أكتوبر هل يعقل ذلك؟».
واختتمت الدكتورة أسماء حسنين، حديثها لـ«النبأ»، قائلة إن ما فعلته الدكتورة جيهان مديح من الإطاحة بالنائب الأول لرئيس حزب مصر أكتوبر، يعتبر تفريغ للحزب من كوادره وقياداته بشكل كامل وتُسأل عنه هي.
مسئولة العلاقات العامة بالشرقية: الأزمة فى اختيار غير الأكفاء.. والولاء يجب أن يكون للكيان
صراعات على الكراسى
فيما ترى رشا عزت، أمين العلاقات العامة بحزب مصر أكتوبر أمانة محافظة الشرقية، أن قيادات الحزب وقعوا في خطأ وحيد بوضع الثقة في سلة واحدة.
وأكدت، أن الولاء كان يجب أن يكون للكيان وليس للأشخاص، معقبة: «إذا أصبح الولاء للأشخاص، فلن يكون هناك حراك لحياة سياسة وستتحول لصراعات على الكراسي».
وأشارت إلى أن سرقة الصفحة الرسمية للحزب دليل على ذلك، وشيء واضح للجميع لأنها ليست صفحة شخصية.
واختتمت رشا عزت، حديثها لـ«النبأ»، أن الأزمة بدت واضحة في اختيار غير الأكفاء حتى في عملية إصدار البيانات الرسمية عن الحزب.