بالصور.. 5 حيل تكشف تلاعب التجار على المواطنين فى أسعار السلع
بين ضربات أزمات اقتصادية خانقة، خلفت ارتفاعات كبيرة فرضها وضع عالمي صعب، ومطرقة بعض التجار وأصحاب السلع، وضعاف النفوس، أصبح المواطن غنيمة سهلة، يراها أولئك «وجبة شهية» يمكن التكسب من ورائها، بجميع الحيل والأساليب التى قد تتجاوز القانون، رغم جهود الدولة الرقابية لضبط فوضى الأسعار، والتصدي لسوق المنتجات المغشوشة.
هذا الدور الرقابي، كشفته أكبر ضربة وجهتها، الحكومة المتمثلة في وزارة التموين، لهذه الفئة، بعدما نجحت في ضبط ما يقرب من 5 ملايين عبوة مقلدة من النسكافيه والشاي والبيكنج بودر بجانب 3 طن مواد خام، و1920 كرتونة شاي منتهي الصلاحية.
منتجات المترو المغشوشة
«3 باكيت مناديل بـ10 جنيه» جملة قصيرة، ولكنها باتت صديقة لآذان عموم مرتادي المترو الذين اعتادوا على رؤية العشرات من البائعين، بعدما نجحوا في عمل سوق مواز يروجون فيه منتجاتهم مجهولة المصدر، في خفية من رجال الأمن الذي يحظرون تواجد الباعة الجائلين في عربات المترو.
ولم تكن واقعة بيع المناديل بالمترو وحدها، وإن كانت الأبرز، والتي يقدر سعر المنتج الأصلي منها بـ60 جنيها، في السوبر ماركت، ولكن أيضًا بعض المناديل المبللة ذات العلامة التجارية المشهورة، والتي تباع بـ5 جنيهات في المترو، في الوقت الذي يتجاوز سعرها الـ50 جنيها في الصيدليات، بالإضافة لمستحضرات التجميل وزيوت الشعر وغيرها، والتي يتراوح أسعارها من 10 لـ25 جنيها، بعضها تتخذ أسماء ماركات عالمية.
ووفقًا لقانون حماية المستهلك، فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه سواء في المكون الأساسي للسلعة أو بما من محتواها.
سوق سعد زغلول
مع خطواتك الأولى خارج محطة مترو سعد زغلول، ستقع عيناك على سوق ضخم، للمنتجات والسلع الغذائية، تتصارع حوله ربات البيوت والموظفون الهاربون من نار الأسعار في محاولات محمومة لترويض وحش الغلاء الفاحش.
فالسوق الذي اتخذ، موقعَا مميزا بالقرب من مجموعة من الوزرات والهيئات الحكومية، وشارع القصر العينى، مثل: (وزارات المالية، الداخلية، الآثار، الصحة، العدل)، يحتضن بين طياته مستلزمات جميع طبقات المجتمع، بداية من «البونبونات» التي يقدر سعرها بأقل من جنيه للقطعة مرورا بالشيكولاتات المستوردة، ومنتجات الألبان والعطارة والزيوت وصولا لأطعمة الحيوانات.
ما أن تطأ قدماك السوق، حتى تنتابك رغبة ملحة في السؤال عن السر وراء انخفاض الأسعار لتلك المنتجات، مقارنة بمثيلاتها في «السوبر ماركت» ولكنها ستتلاشى تلك الحالة عندما تكتشف أن بعض هذه المنتجات على سبيل المثال شيكولاتة «كيت كات» والأجبان مدُون على عبواتها ما يشير إلى أنه متبقى على انتهاء صلاحيتها شهران أو أكثر بقليل، أو أن البعض الآخر من تلك المنتجات مقلد لأحد المنتجات الشهيرة باهظة السعر.
سليمة 100%
بنظرات ثابتة، وتعبيرات واثقة، يتحدث أحد الباعة بالسوق عن منتجاته، قائلا إن أزمة ارتفاع الأسعار طالت الجميع، فلم تفرق بين بائع على رصيف أو حتى في هايبر مشهور، ولكنها تتفاوت من مكان لآخر، مشيرًا إلى أن معظم المواطنين يلجأون للشراء من هذا السوق بسبب انخفاض تلك الأسعار مقارنة بالأماكن الأخرى تتراوح ما بين بين الـ30 و50 جنيهًا في بعض السلع.
ويؤكد البائع الذي يصفح مظهره عن حالته المادية الميسورة: «منتجاتنا سليمة 100%، ولدينا زبائن تتعامل معنا بشكل مستمر منذ زمن، ونبيع منتجات معروفة، كما نستورد بعضها، ولكن في الوقت ذاته فهذه المنتجات هي آخر شحنة لدينا بسبب أزمات توقف الاستيراد»، متابعًا: «نبيع هذه المنتجات وعلى بعد خطوات منا وزارات مهمة، إذا كان هناك شيء لن يتركونا».
حيل أخرى
لم تكن أساليب تقليد المنتجات، وغشها أو حتى الرهان على قرب انتهاء صلاحيتها، هى المخرج الوحيد المتاح أمام بعض التجار والبائعين، للتعامل مع ارتفاع الأسعار، ولكن هناك حيل أخرى ترتبط بتقليل الأوزان بعضها يكون بعلم المستهلك وأخرى قد تكتشفها بالصدفة، كأن تجد العبوة بدلا من 1000 جرام، أصبحت 900 جرام، وبأسعار غير ثابتة تتفاوت من مكان لآخر، أو قد يلجأ المصنع لتقليل الجودة كما يحدث مؤخرا مع الأرز وكثير من المنتجات رغم ارتفاع أسعاره.
التمييز بين الأصلي والمغشوش
من جانبه يقول، عمرو عصفور، عضو شعبة المواد الغذائية والبقالة بغرفة القاهرة التجارية، إن ظاهرة المنتجات المغشوشة يعود سببها الرئيسي إلى موجة الغلاء العالية التي يواجهها المواطنون، متابعًا: «المستهلك يبحث عن الأرخص وليس الأجود، فحتى الآن مازال اليعض منهم يبقبل على شراء كسر الجاتوهات والشيكولاتات».
ويضيف في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن عملية التمييز بين ما هو مقلد وأصلي ليست سهلة، معقبًا: «نحن كتجار لا نملك القدرة على التفرقة بينهما، ونكون حريصين على التعامل مع الشركات بشكل مباشر ومندوبيها، وعبر الفواتير».
ويتابع: «دائمًا ما يلجأ الغشاشون، أصحاب النفوس الضعيفة طوال الوقت إلى الحيل التي يضمنون بها التهرب من الرقابة، وبالتالي يظل الجديد في طرق الغش غير معلوم، وفي الظروف الاخيرة فوجئنا أن هناك غش في عبوات النسكافيه، والفانيليا، وبيكنج بودر، على الرغم أن الوقت الماضي كان ما يمكن غشه هو التلاعب في ميزان السكر أو الأرز، أو تقليد العلامة التجارية، دون التلاعب في المنتج».
وينوه عضو شعبة المواد الغذائية والبقالة، إلى أن الحل يتمثل في الشراء من الماركات والمتاجر المعروفة وذات السمعة الطيبة، مضيفًا: «المنتجات المغشوشة عادة ما تكون على الرصيف والمترو، والباعة الجائلين».
وينصح «عصفور» المستهلك بضرورة عدم الشراء من أماكن مجهولة المصدر والباعة الجائلين، وخاصة المواد الغذائية منها، مشيرًا إلى أن المستهلك عليه دور كبير في ضبط هذه الإشكالية.
ويشدد: «مؤسسات الدولة تقوم بدورها على أكمل وجه ولكنها بحاجة لتكاتف المستهلك معها»، متابعًا: «ما ينفعش اشتري نسكافيه بـ3 جنيهات وسعره الأساسي 5 جنيهات ولا أتوقع أن يكون هناك غش أو تلاعب ما».
وتؤيد الدكتورة سعاد الديب، عضو مجلس مجلس إدارة حماية المستهلك، حديث عمرو عصفور بشأن صعوبة التعرف على المنتجات المغشوشة، معقبة: «في بعض الأحيان لا نستطيع التميز بين ما هو مقلد وأصلي بسبب تطور الوسائل التكنولوجية».
وتضيف في تصريح خاص لـ«النبأ» أن هذه الظاهرة تتتصاعد في ظل زيادات الأسعار بشكل يفوق طاقة المواطنين على التحمل، من خلال مستغلى الأزمة الباحثين عن التربح والتكسب الذي وجدوا ظروف المجتمع أرضا خصبة للتلاعب.
وتتابع: «حالات اكتشاف جهاز حماية المستهلك للغش ترتبط في كثير من الأحيان بالاستخدام، فنخن لا نعرف إلا عندما يبلغ المستهلك، ويرسل شكوى مرفق بها المستندات كفاتورة الشراء، وعليها يتعامل الجهاز معها»، مشيرة إلى أن الجهاز يملك حق الضبطية القضائية للتفتيش.
وأوضحت عضو مجلس حماية المستهلك، أن أغلب الشكاوى خلال الفترة الحالية تدور حول المغالاة الشديدة في أسعار السلع الغذائية، البيض والفراخ واللحوم.
وبعيدًا عن عملها بالجهاز الحكومي، تؤكد أنها كناشطة في العمل الأهلى بالاتحاد النوعي لجهاز حماية المستهلك تدعم حملة مقاطعة للحوم.