بالمستندات.. مخالفات مالية بالملايين مسكوت عنها داخل الجامعات الحكومية
تبذل الدولة جهودًا كبير نحو تطوير المؤسسات التعليمية الجامعية المختلفة لتتواكب مع إستراتيجية الدولة للتنمية المستدامة، إلا أنه مازالت هناك مسافات بعيدة بين هذا التطوير وبين عدد من الجامعات التي تغرق في بحر من المخالفات «المسكوت عنها»، والتي تعيق وتهدد العملية التعليمية داخل الحرم الجامعي.
البداية، مع جامعة جنوب الوادي، حيث كشف تقرير مركز التخطيط الاستراتيجي التابع لجامعة جنوب الوادي -الذي حصلت «النبأ» على نسخة منه- عن مجموعة من نقاط الضعف التي تهدد العملية التعليمية داخل جامعة جنوب الوادي، وذلك بالرغم من وقوع تلك الجامعة على مساحة كافية لتلبية كافة احتياجاتها ومتطلباتها المستقبلية تقدر بنحو ألف فدان، وبالرغم من شمولية كليات الجامعة لقطاعات التخصصات العلمية والصحية والإنسانية والاجتماعية، وتوافر المنشآت الرياضية والصحية والبنية التحتية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخدمة المكتبة الرقمية وقواعد البيانات البحثية.
وقال التقرير، إن نقاط الضعف التي تهدد العملية التعليمية بجامعة جنوب الوادي يأتي في مقدمتها ضعف توافق اللوائح الدراسية للبرامج التعليمية بكليات الجامعة مع احتياجات سوق العمل والمعايير الدولية وضعف المهارات البحثية لدى الخريجين؛ مما تسبب في وجود نسبة بطالة كبيرة بين خريجي الجامعة في عدد من التخصصات وقلة توافق مهارتهم مع متطلبات سوق العمل.
وأضاف التقرير، أنه تبيّن وجود قصور في تطوير الخطط الاستراتيجية والهياكل التنظيمية والموارد المالية والمادية والجهاز الإداري بكليات الجامعة وعدم التزامها بمعايير القيادة والحوكمة والتقييم المؤسسي المستمر والمصداقية والأخلاقيات المهنية، وكذلك وجود قصور في تبني الكليات وتطبيقها للمعايير الأكاديمية القومية، ووجود قصور في تطويرها لتوصيفات البرامج والمقررات وتبنيها لاستراتيجيات التعليم والتعلم واستراتيجيات تقويم الطلاب.
وأشار التقرير، إلى وجود قصور في بعض مهارات أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم والجهاز الإداري وضعف نظام الرعاية الصحية والاجتماعية لهم، وقصور البرامج التدريبية بمركز تنمية القدرات للوفاء باحتياجاتهم في تنمية المهارات المهنية والشخصية والإدارية وقلة عدد الحاصلين منهم على الدرجة العلمية والإدارية لتولي المناصب القيادية، كما تبيّن قصور آليات جذب المتميزين من أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم والجهاز الإداري وتحفيزهم والاحتفاظ بهم، هذا بخلاف وجود قصور في امتلاك الطلاب لبعض مهارات القرن الحادي والعشرين والمهارات العملية ومهارات اللغة الإنجليزية ومهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وتابع التقرير، أنه تبيّن قصور استيفاء منشآت الجامعة للمواصفات الفنية ومعايير الاعتماد خاصة متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة وقصور أعمال الصيانة الدورية لها، بخلاف قلة المساحات الخضراء بالجامعة، وعدم كفاية وصلات الإنترنت ومحدودية الإنترنت السلكي «الواي فاي» في معظم كليات وإدارات الجامعة والمدن الجامعية التابعة لها، مع نقص استيفاء قواعد البيانات وعدم تغطية نظم المعلومات الإدارية لكافة أنشطة الجامعة التعليمية والبحثية والخدمية، ونقص أعداد الكوادر المدربة اللازمة لتشغيل وصيانة المنظومة الرقمية بالجامعة.
وأشار التقرير إلى عدم اشتمال الخطة البحثية بالجامعة على توجهات إستراتيجية الدولة للتنمية المستدامة 2023 وعدم متابعة تنفيذها، كما أن بعض البحوث العلمية غير تطبيقية وغير متسقة مع استراتيجية التنمية المستدامة، مع وجود نقص شديد في البحوث التطبيقية التي تعدها الجامعة بالتعاون مع مؤسسات وجهات المجتمع وتدر ربحًا، وقلة الشركات والمشروعات البحثية الممولة من الجهات المجتمعية والدولية وعدم تنوع تخصصاتها، مع انخفاض نسبة النشر الدولي وبراءات الاختراع لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم مقارنة بجامعات أخرى مناظرة.
ولفت التقرير إلى عدم وجود أدوات مقننة للتعرف على احتياجات المجتمع الفعلية من الجامعة، وعدم وجود خطة معتمدة ومعلنة ومفعلة بالجامعة لقطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة لتحقيق استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة، كما تبين ضعف شراكة الجامعة مع الصناعة، وعزوف أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم والجهاز الإداري عن المشاركة في خدمة المجتمع وتنمية البيئة وعن الإسهام الفعال في أنشطة الجودة، مع ضعف جاهزية معظم كليات الجامعة وبرامجها للحصول على الاعتماد الأكاديمي والبرامجي، كما تبيّن عدم وجود خطة واضحة وممولة لدعم تنافسية الجامعة وتميزها وحصولها على تصنيفات متقدمة بين الجامعات محليًا ودوليًا واقتصارها على مبادرات فردية من البعض، هذا بخلاف أن الأعمال الإنشائية بالجامعة مازال البعض منها يفتقر للمواصفات الفنية معايير الجودة.
الحال لا يختلف كثيرًا في جامعة الوادي الجديد، خاصة فيما يتعلق بجزئية افتقار الأعمال الإنشائية إلى الجديدة إلى المواصفات الفنية المطلوبة، وهذا ما أشار إليه تقرير التقرير الصادر من الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن المخالفات التي تمت في الأعمال الإنشائية للمبنى الإداري الفندقي لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة، والذي يقام على مساحة 1000 متر مربع، ويتكون من دور أرضي و7 أدوار مُتكررة، ويحتوي على مبنى الإدارة والمطعم وصالة استقبال ومخازن وقاعات للاجتماعات، و56 غرفة.
تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، قال إن المختصين بجامعة الوادي الجديد قاموا بالتعاقد بالأمر المباشر على عملية إنشاء مبنى السكن الإداري الفندقي لأعضاء هيئة تدريس جامعة الوادي الجديد بمبلغ 59 مليونًا و660 ألف جنيه، ولكن المفاجأة هي ما تبيّن من عدم إدراج هذا المبلغ بخطة الجامعة، وعدم وجود اعتمادات مالية للمشروع.
وأضاف التقرير، أن إدارة جامعة الوادي الجديدة قامت بصرف مبالغ مالية نظير أعمال استثمارية بالمبنى الإداري الفندقي المشار إليه غير مدرجة بالخطة بلغت نحو 3 ملايين جنيه، مما يعد مخالفة صريحة لأحكام المادة (11) من قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة والتي تنص على أنه: «يجب على الجهة الإدارية قبل البدء في اتخاذ إجراءات الطرح التحقق من توافر الاعتمادات المالية لديها لتنفيذ موضوع التعاقد على أن تتضمن شروط الطرح ما يفيد ذلك، ويكون التعاقد بالنسبة للمشروعات الاستثمارية المدرجة بالخطة في حدود التكاليف الكلية المعتمدة على أن يتم الصرف في حدود الاعتمادات المالية المقررة».
وأكد التقرير على تعمد المختصين بجامعة جنوب الوادي التضليل والتحايل لمخالفة الحظر الوارد بتأشيرات الموازنة العامة للدولة على الباب السادس لتنفيذ مشروعات غير مدرجة بالخطة، ومما يدلل على ذلك أن تاريخ التعاقد على تنفيذ المشروع مخالف للتاريخ المعلن من الجامعة بشأن إدراج المشروع بالخطة، هذا بخلاف عدم توافر الاعتمادات المالية للمشروع لعدم إدراجه بالخطة، الأمر الذي ترتب عليه توقف العمل بالمشروع لعدة أشهر لحين الإدراج بالخطة.
وأشار التقرير إلى أنه تبيّن من خلال الفحص عدم التزام مقاول تنفيذ مشروع مبنى السكن الإداري الفندقي لأعضاء هيئة التدريس بجامعة الوادي الجديد باستخراج تراخيص البناء اللازمة لأعمال الإنشاءات بالمبنى، وذلك على الرغم من قيام المقاول بأعمال الإنشاءات ولمدة جاوزت 15 شهرًا وصرف مستحقات عن أعمال منفذة جاوزت 15 مليون جنيه دون اتخاذ أي إجراءات قانونية من إدارة الجامعة في هذا الشأن.
ولفت التقرير إلى أنه تبين تعديل حدود الارتفاعات بموقع العملية من 30 مترا في تاريخ تسليم الموقع إلى 15 مترا في ضوء التعديلات الأخيرة لحدود الارتفاعات داخل المدن، والتي تم تجاوزها على الطبيعة بالأعمال المنفذة بالموقع الأمر الذي يعرض المبنى أو الأدوار المتجاوزة لحدود الارتفاعات لخطر الإزالة.
كما ذكر التقرير قيام الختصين بجامعة الوادي الجديد بصرف قيمة تشوينات وهمية غير مطلوبة للعمل وقت صرفها لمقاول عملية إنشاء مبنى السكن الإداري والفندقي، الأمر الذي يشير إلى تسهيل صرف مبالغ مالية دون وجه حق لمقاول العملية تجاوزت 1.127 مليون جنيه، تمثلت في تكييفات للمبنى بعدد 75 "تكيبف" بالرغم من عدم نهو أعمال الأساسات للمبنى، منها 20 تكييف قدرة 1.5 حصان بتكلفة 244 ألفًا و250 جنيهًا، و40 تكييف قدرة 2.25 حصان بتكلفة 599 ألفًا و400 جنيه، وعدد 15 تكييف قدرة 3 حصان بتكلفة تجاوزت 283 ألف جنيه.
وأوصى تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات باتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه مقاول العملية مع تحميله بكافة الآثار المترتبة على عدم استخراج التراخيص في وقتها قبل بدء الأعمال الإنشائية، مع إحالة الموضوع لجهات التحقيق لإعمال شئونها نحو صرف مستحقات للمقاول عن أعمال منفذة دون استخراج التراخيص اللازمة في هذا الشأن.