حظر استقالة «أصحاب البالطو الأبيض» يفجر أزمة بين الأطباء والبرلمان
أثار مقترح برلماني جديد بشأن حظر استقالة الأطباء، كحل للحد من الهجرة المتزايدة للخارج، أزمة كبيرة بين نقابة الأطباء من جهة، والبرلمان من جهة أخرى.
بداية الأزمة، كانت مع إعلان النائب عاطف المغاوري رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، تفاصيل مقترحه، والذي يقوم على تطبيق شروط استقالة ضباط الشرطة الجديدة على الأطباء والمعلمين، والخاصة بعدم ترك الخدمة بعد التخرج إلا بمرور 10 سنوات وإلا قام بدفع 3 أضعاف تكاليف ما تم صرفه على تعليمه من جانب الدولة على مدار وجوده بالكلية.
وأضاف «المغاوري»، أنه وجد تلك الشروط عند تناوله لتعديلات أكاديمية الشرطة، مقترحًا بأن يتم هذا الشرط على الأطباء والمعلمين باعتبار أن الصحة والتعليم هما المستقبل.
وواصل: «عندما يرفض الطبيب المتخرج الذي أنفقت عليه الدولة، العمل ويقرر استقالته نقول له لا لأن الطبيب المتخرج استفاد من الدولة فأنفقت عليه مبالغ طائلة لذلك يكون للدولة حق عليه»، معقبًا: «اقترحت بحظر استقالة الأطباء والمعلمين إلا بعد دفع 3 أضعاف تكاليف تعليمهم في الكليات أسوة بخريجي كلية الشرطة ضمن التعديلات الجديدة».
وذكر أن هناك نسبة استقالات عالية من الأطباء لأنهم يفضلون العمل في الخارج أو العمل في المؤسسات الطبية الخاصة في مصر، وبذلك يتم حرمان مؤسسات الدولة المصرية من الأطباء.
التصريح السابق، كان بمثابة الحجر الذي حرك المياه الراكدة، وصعد حالة الرفض تجاه أداء البرلمان في التعامل مع ملف أزمات الأطباء والتي تستدعي حلها لوقف إشكالية الهجرة بتوفير المناخ الملائم.
هجرة الأطباء
وكانت نقابة الأطباء حذرت ديسمبر 2022 الماضي، من تزايد الأرقام والإحصاءات الخاصة بهجرة الأطباء، وطالبت حينها بتدخل عاجل لبحث معوقات المنظومة الصحية، مشيرة إلى أن عزوف الأطباء عن العمل بالقطاع الحكومي يزداد، بالتزامن مع زيادة سعيهم للهجرة، فقد شهدت السنوات السابقة حسب دراسة أجرتها النقابة، أن عدد الأطباء الذين تقدموا باستقالاتهم من العمل الحكومي وحصلوا على شهادة طبيب حر من نقابة الأطباء، كالتالي:
عام 2016 كان عدد المستقيلين من الأطباء 1044 طبيبا.
عام 2017 كان العدد 2549 طبيبا.
عام 2018 بلغ عدد الأطباء المستقيلين 2612 طبيبا.
عام 2019 شهد استقالة 3507 طبيبا.
عام 2020 استقال 2968 طبيب.
عام 2021 فكان العدد الأكبر من المستقيلين من العمل الحكومي وبلغ 4127 طبيبا.
وأسفرت الشهور الأولى من عام 2022 حتى يوم 20 مارس 2022، عن استقالة 934 طبيبا؛ ليصل إجمالي المستقيلين 11 ألفا و536 طبيبا منذ أول 2019 حتى 20 مارس 2022.
وكشف تقرير المجلس الطبي العام في بريطانيا، عن زيادة في أعداد الأطباء المصريين الذين هاجروا إلى بريطانيا، حيث بلغ عددهم حوالي 5 آلاف طبيب خلال آخر 5 أعوام.
ووفقًا للتقرير، فإن مصر باتت تقبع في المركز الثالث بين أكثر الدول التي تورد أطباء إلى بريطانيا، كما أن عدد الأطباء المصريين الذين حصلوا على ترخيص مزاولة المهنة في بريطانيا، منذ عام 2017، وحتى العام الماضي 2021، كشف زيادة في أعداد الأطباء المهاجرين لبريطانيا بنسبة تزيد عن 200% مقارنة بين عام 2017 وعام 2021.
المساواة برواتب الضباط
وفي هذا الصدد، قال الدكتور حسين عبد الهادي، الأمين العام للنقابات الطبية، إن صاحب المقترح استدل في فكرته على النظر لجهاز الشرطة، والمساواة بهم، وعليه ما دام قرر ذلك فعليه المساواة بنفس رواتب ضباط الشرطة متابعًا: «لو فيه فلوس كافية للأطباء ماكنوش هيضطروا السفر للخارج أو الاستقالة.
وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ»: «المقترح يتحدث عن دفع 3 تكاليف ما تم صرفه، ولم يجب عن تساؤل يتعلق بقيمة تلك الأموال، وكذلك موقف خريجي الجامعات الخاصة الذين تكبدوا أموالًا كثيرة في التعليم».
وتابع: «صاحب المقترح يخرج تصريحات عنترية بهدف إثارة الرأي العام، ولا يوجد مخطط واضح سواء من الحكومة، أو اعضاء المجلس النيابية بهذا المقترح».
وأشار إلى أن المقترح غير دستوري، يستهدف صاحبه من وراءه البحث عن الشهرة، مضيفًا: «الأولى للبرلمان البحث عن الحلول، والسعى لإصدار قانون المسؤولية الطبية المعطل منذ 4 سنوات».
وتابع: «كل ما يُدار بشان ملف الأطباء يعاني عدم التخطيط، سواء فتح الكليات، وعدم دراسة أوضاع السوق والحالة المادية للطبيب».
بدوره، علق الدكتور جمال شعبان، عميد معهد القلب الأسبق، على المقترح، قائلًا: «بلاش مقترحات عصور السخرة والاستعباد».
وقال «شعبان»، إن الروشتة هي مرتبات عادلة وتدريب محترم وبيئة عمل سوية ومعاملة آدمية وأضمن لكم لن يستقيل أحد ولن يهاجر أحد.