الخشت: الخطاب الديني ليس هو الدين ونحتاج إلى تأسيس آخر جديد
قال رئيس جامعة القاهرة، الدكتور محمد عثمان الخشت، إن الخطاب الديني ليس هو الدين؛ فالدين إلهي مقدس بينما الخطاب الديني هو خطاب بشري لأن تعريف الخطاب الديني يبين أنه الكلام البشري المكتوب أو الشفهي عن الدين، في ضوء سياق ثقافي اجتماعي اقتصادي معين في فترة زمنية معينة، أنه هو ما يفهمه العلماء والناس ويكتبونه أو يقولونه أو يتصرفون طبقا له، وهو طريقة فهمنا للدين وتعبيرنا عنه شفاهية أو كتابة أو فعلا، مؤكدًا أن الغرض من تأسيس خطاب ديني جديد هو إصلاح عقول وأحوال الناس في ظل الدولة الوطنية.
الخشت: مفهوم الدولة الوطنية ليس بمعزل عن ضرورة تأسيس خطاب ديني جديد
وبحسب «الخشت»، خلال محاضرة في ندوة بمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب بعنوان «الدولة الوطنية وتجديد الخطاب الديني»، إن مفهوم الدولة الوطنية ليس بمعزل عن ضرورة تأسيس خطاب ديني جديد، مؤكدًا أن تأسيس خطاب ديني جديد لا يعني إنشاء دين جديد بل العودة إلى المنابع الأصلية، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية المتواترة في ضوء العقل النقدي المنضبط، موضحًا العلاقة الوطيدة بين تأسيس خطاب ديني جديد وبين مفهوم الدولة الوطنية.
وركز رئيس جامعة القاهرة، في محاضرته، على سورة الكهف وما بها من قضايا متعددة حيث تبدأ بقضية سلامة المعتقد من خلال قصة الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى، وكيف أنهم عندما اختلفوا مع قومهم لم يمارسوا الإرهاب ضد مجتمعهم، ثم قضية علاقة سلامة المعتقد بالرفاهية والإنتاج الزراعي من خلال قصة صاحب الجنتين، ثم قضية تحقيق العدالة والإنصاف من خلال قصة العبد الصالح، ثم القصة الختامية التي تمثل ذروة السورة، وهي قصة ذي القرنين التي جمعت بين مقاصد القصص السابقة وحققتها على الأرض من خلال مفهوم الكيان السياسي أو الدولة، وهى قصة الدولة القائمة على الإنصاف والتنمية ومحاربة الإرهاب والاستعمار الظالم، فسورة الكهف تتدرج من سلامة المعتقد في أول قصة فيها مرورا بالقصص الأخرى حتى تصل إلى المبادئ المثالية للدولة في قصتها الأخيرة، وهى قصة ذي القرنين مع الأقوام الذين حكمهم، قائلًا إن قصة ذي القرنين تقدم مبادئ وقوانين مهمة في الحكم، وقد توقف عندها الدكتور الخشت بالتحليل في ضوء تفسير القرآن بالقرآن بعيدًا عن الأساطير المروية التي تعج بها كثير من كتب التفسير.
رئيس جامعة القاهرة: مفهوم الدولة بوصفها الذروة ليس أمرًا مبتدعًا
وأكد الدكتور محمد الخشت،أن الخطاب الديني الجديد يحتوي على مفهوم الدولة بوصفها الذروة والمقصد لتحقيق الإنصاف والازدهار، وهذا ليس أمرا مبتدعا، وإنما هو عودة للوحي الكريم، لافتًا إلى أن الدولة الوطنية تقوم على عدة محاور أهمها: الإقليم، والشعب، وعقد المواطنة، والدستور، والسلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، والنظام القانوني المؤسسي، وأنها تستهدف الإنصاف والاستقرار والأمن والتنمية الشاملة ومواجهة الإرهاب، لافتًا إلى أن الإصلاح الديني وتغيير منظومة القيم شرط للانتقال إلى دولة قوية ذات مفهوم تنموي شامل.
وقال رئيس جامعة القاهرة، الدكتور محمد عثمان الخُشت، إن الدولة الوطنية هى الانتماء والولاء والملاذ في مقابل الفوضى والضياع ومهددات الوجود، لافتًا إلى أن الدولة الوطنية هى التي يتساوى فيها الجميع الذين يعيشون في الوطن نفسه مساواة كاملة في الحقوق والواجبات، وأمام القانون دون تمييز بينهم على أساس اللون أو العرق أو الدين أو الفكر أو الغنى والفقر أو الانتماء السياسي، ويحترم كل مواطن المواطن الآخر، داعيًا إلى ترسيخ سمات الدولة الوطنية من خلال مجموعة من الوسائل، أبرزها تعليم القدرة على التنوع داخل دائرة من الوحدة الوطنية، والتوسع في تذوق وتعليم الفنون والآداب وتاريخ الحضارة وتاريخ العلوم، ونوعية جديدة من التعليم تقدم له أسلوب حياة وطريقة عمل، ونوعية جديدة تعتمد على التعلم بدل التعليم، والبحث بدل النقل، والحوار بدل الاستماع، والقدرة على الاختلاف بدل التسليم المطلق بالأفكار السائدة، بالإضافة إلى طرق تدريس جديدة قائمة على التربية الحوارية والتي تهدف إلى تخريج شخصية حرة واعية قادرة على الحوار، وغير متعالية عليه؛ مما ينشأ عنه النمو في تكوين المواقف والآراء الجديدة.