حدث في مثل هذا اليوم
اليوم.. ذكرى احتلال الفرنسيون لدمياط في الحملة الصليبية السابعة
يرتبط يوم 5 يونيو، في ذاكرة المصريين، بحرب 1967، ولكن هذا التاريخ لا يرتبط بتلك الحرب فقط، وإنما بعام أبعد من ذلك بكثير وتحديدا عام 1249 عندما احتلت قوات الحملة الصليبية "الفرنسية" السابعة مدينة دمياط، وإيمانًا من "النبأ" برغبة قرائها بمعرفة لحظات من التاريخ، ننشر لكم أبرز ملامح احتلال الحملة الصليبية السابعة لدمياط.
جنوح السفن يكشف للمصريين مجيء الحملة
قال المؤرخ جمال الدين الشيال في كتابه "تاريخ مصر الإسلامية": "باءت حملة جان دي بريين بالفشل، ولكن الصليبيين لم ينسوا مشروعهم الذي كان يهدف إلى الاستيلاء على مصر؛ لهذا لم يكد يمضي على الحملة السابقة 30 عاما حتى أعدوا العدة للانقضاض على دمياط مرة ثالثة، ولم تأتِ الحملة هذه المرة من سواحل الشام وإنما أتت من فرنسا، وأبحر أسطول ضخم يزيد على 1800 سفينة تحمل 80 ألف مقاتل ومعهم عدتهم وسلاحهم ومؤونتهم وخيولهم وكان قائد الحملة الملك لويس التاسع ملك فرنسا".
وتابع "الشيال"، أنه نظرا لكبر حجم الحملة وضخامتها حدثت عوائق بيئية تسببت في كشف رحلتهم إلى مصر، ومرت الحملة في طريقها إلى مصر بجزيرة قبرص وقضت بها بعض الوقت، ثم أقلعت من قبرص وهدفها الوصول إلى دمياط، لكن رياح عاصفة اعترضتها في طريقها فاضطر عدد من سفنها - ما يقرب من 700 سفينة- الانفصال والجنوح إلى شواطئ الشام.
وأضاف: "كان الذهاب إلى الشام أمر في صالح مصر، حيث كانت علاقات الود تربط بين ملوك الأيوبيين منذ عهد الملك الكامل، وأرسل الملك فريدريك الثاني أحد رجاله متخفيا في زي تاجر إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب؛ ليبلغه نبأ هذه الحملة ويستعد لها".
وأكمل: "عندما وصل الخبر إلى الملك الصالح – كان مريضا حينها - قرر العودة إلى مصر على الفور، وأمر أن يحمل على محفة ونزل عند قرية أشموم طناح، وأصدر أوامره في الحال بالاستعداد، وشحنت دمياط بالأسلحة والقوات والجنود، وبعث الملك إلى نائبه بالقاهرة الأمير حسام الدين بن أبي علي يأمره بإعداد سفن الأسطول، ففعل وأرسلها إلى دمياط، ثم أرسل الملك الصالح الأمير فخر الدين، على رأس جيش كبير؛ ليعسكر في البر الغربي لدمياط، ليكون في مقابلة الفرنسيين عند وصولهم".
وعلق "الشيال": "هذه الحوادث الأولى وحوادث الحملة جميعا تدل على أن المصريين استفادوا من الحملة الماضية، كما تدل على أن الصليبيين لم يستفيدو شيئا من أخطائهم في الحملة السابقة، حيث أدرك المصريون أن حملة جان دي بريين نزلت أول ما نزلت على الشاطئ الغربي لدمياط، ولذلك أمر الملك الصالح جيشه بأن يعسكر على هذا البر ليمنع نزولهم".
وأضاف: "بالنسبة للفرنسيين يظهر عدم استفادتهم في أن حملة دي بريين نزلت على دمياط، وأرادت الوصول إلى القاهرة بالسير بمحاذاة فرع دمياط فاعترضتها المجاري المائية الكثيرة المتفرعة عن هذا الفرع، وكان هذا أحد أكبر أسباب الحملة، وكان يمكن للقادة الآخرين أن يتفادوا هذا الخطأ في محاولتهم هذه بالنزول على الإسكندرية ولكنهم لم يفعلوا".
وأكمل: "عندما اقتربت السفن الفرنسية من الشاطئ المصري، فوجئوا بكثرة الجيوش والأسلحة وصليل الخيول وشعروا بالفزع وهم في سفنهم".
وقال جرانفيل مؤرخ الحملة وأحد قادتها: "وصل الملك أمام دمياط ووجدنا هناك كل جيوش السلطان تقف على الشاطئ كتائب جميلة تسر الناظرين ذلك أن أسلحة السلطان صنعت من ذهب فكانت الشمس تشرق على هذه الأسلحة وتزيدها بريقا ولمعانا، وكانت أبواقهم الشرقية تدخل الرعب في أفئدة السامعين".
بدأت المعارك بين الجيشين، وكان الجيش المصري كبير العدد، -كما وصفه الفرنسيون- وكان الشاطئ الشرقي للمدينة مؤمن وحصين بالجند والأسلحة؛ تلاشيا لسلبيات التعامل مع الحملة السابقة.
وقال الشيال: "لو أن الأمور سارت سيرا طبيعيا لاستطاع المصريون هزيمة الحملة رغم قوتها وكثرة جندها، ولكن الحوادث تطورت، كان السلطان الملك الصالح نجم الدين مريضًا ومقيما في أشموم، وعندما وصلت الحملة وبدأت المعركة أرسل الأمير فخر الدين الحمام الزاجل إلى السلطان، وتعددت الرسائل دون أن يتلقى ردا فاعتقد أن السلطان مات فانتظر حتى الليل، وانسحب بجيشه كله من الشاطئ الغربي وتركها وسار جنوبا، وعندما جاء الصباح وجد المدينة خالية من الجنود فظن أنها مكيدة، وأرسل من يستكشف الموقف فتأكد من خلو المدينة بالفعل ونزل بها".