كواليس إصدار أول قانون لطالبى اللجوء إلى مصر
في خطوة تأخرت كثيرًا، قررت الحكومة تنظيم لجوء الأجانب، وإنشاء لجنة لإدارة شؤونهم، حيث أصدر مجلس الوزراء مشروع قانون بإصدار قانون لجوء الأجانب.
ونص مشروع القانون على أن يلتزم اللاجئون وطالبو اللجوء بتوفيق أوضاعهم طبقًا لأحكام هذا القانون خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية به، ويجوز لرئيس الوزراء مد المدة لأخرى مماثلة.
ووفقًا لمشروع القانون، تنشأ لجنة تسمى «اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين»، تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتبع رئيس الوزراء، ويكون مقرها الرئيسي محافظة القاهرة، وتكون هي الجهة المهيمنة على كافة شؤون اللاجئين بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بأعدادهم.
وحسب القانون، تتولى اللجنة بالتنسيق مع وزارة الخارجية التعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وغيرها من المنظمات والجهات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين، وكذا التنسيق مع الجهات الإدارية في الدولة لضمان تقديم كافة أوجه الدعم والرعاية والخدمات للاجئين، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون اختصاصاتها الأخرى.
وتضمن القانون كذلك أن يكون تشكيل «اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين»، ونظام عملها، وفق قرار من رئيس الوزراء خلال 3 أشهر من تاريخ العمل، وتعد اللجنة تقريرا بنتائج أعمالها كل 3 أشهر يعرضه رئيسها على رئيس الوزراء.
ووفقًا لاتفاقية اللاجئين عام 1951، يُعرَّف اللاجئين بأنهم الأشخاص الذين أُجبروا على مغادرة بلدهم وغير قادرين أو غير راغبين في العودة خوفًا من الاضطهاد على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى جماعة اجتماعية معينة، جماعة أو رأي سياسي.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكد في تصريحات له، أن مصر تستضيف 9 ملايين لاجئ على أراضيها، دون أي مزايدة للحصول على دعم، مؤكدا أنهم يعيشون في مصر كمواطنين لحين تحسن ظروف بلادهم.
وفي أغسطس من العام الماضي، قدرت المنظمة الدولية للهجرة، أعداد المهاجرين الدوليين الذين يعيشون في مصر بـ9 ملايين شخص من 133 دولة، يتصدرهم السودانيون بـ4 ملايين مهاجر، والسوريون بـ1.5 مليون، واليمنيون والليبيون بمليون مهاجر.
واستقبلت مصر منذ اندلاع الاشتباكات في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع 200 ألف لاجئ سوداني، وفقًا لتصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
من جانبه، يقول محمد فرحات، محامي متخصص في شئؤون اللاجئين، إن مشروع القانون سيتم عرضه على مجلس النواب، ولم يتم الاطلاع عليه، مشيرا إلى أن هناك عددا من المفاهيم التي يجب أن يتضمنها القانون، أبرزها توضيح مصطلح تقنين الأوضاع خاصة أنهم مسجلين بالمفوضية السامية للاجئين.
وأضاف، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن هناك لجنة مشكلة خاصة بشؤون اللاجئين بوزارة الخارجية، ماذا سيكون وضعها واختصاصها حال تشكيل لجنة جديدة تابعة لمجلس الوزراء؟، بالإضافة إلى أن هناك إشكالية كبيرة تتعلق بمن سيحدد وضع اللاجئين هل ستكون اللجنة التي يتم تشكيلها من مجلس الوزراء أم المفوضية؟ لأنه وفقًا لمذكرة التفاهم التي وقعتها مصر فإنها من مهام مفوضية اللاجئين.
وتابع: «العدد الرسمي للاجئين المسجل فعليًا لدى المفوضية وصل لـ300 ألف من 60 جنسية»، مشيرًا إلى أن مصر تصنف من الدول المستقبلة للاجئين بشكل دائم، لافتًا إلى أنه لا توجد أرقام حقيقة حول العدد الموجود على أرض الواقع.
وأوضح أن الجزء الآخر يتعلق بآلية التطبيق، خاصة أن معظم اللاجئين يتعاملون معاملة الأجانب وليس لاجئين، مشيرا إلى أن إجراءات تسجيل النازح كلاجئ تقوم على عدة مراحل، أولها الذهاب إلى المفوضية، ويتقدم بطلب تسجيل لاجئ، بعدها يتم تحديد مقابلة بشأن تحديد وضع اللاجئ، وحال رفضه من المفوضية فإنه يحق للشخص الاستئناف على القرار وإذا تم تأييد الرفض يتم عمل ما يسمى غلق ملف.
وتابع: «الأزمة أن هؤلاء الأشخاص يظلون موجودين ويتغير وضعهم القانوني من لاجئ إلى مهاجر وهو ما يقتضى تقديم سبب إقامته في مصر، والقانون المستهدف يتعلق باللاجئين وليس المهاجرين».
ولفت «فرحات»، إلى أن تحديد وضع اللاجئ في الدول الأوربية هو حق أصيل لهذه الحكومات، خاصة أنها تملك من القدرات الاقتصادية بما يسمح لها بالإنفاق على اللاجئين ولكن المفوضية هو وضع استثنائي في الدول العربية والإفريقية.
وأشار إلى أنه حال اتخاذ الحكومة دور تحديد وضع اللاجئ فإنه سيتولى ذلك موظفون مصريون وهو ما يحتاج تأهيلهم بشكل سليم، ولديهم دراية بكل ما يقتضيه القانون، مطالبًا بفترة انتقالية 5 سنوات للتدريب وتخصيص دوائر للاجئين على غرار الدول الأوربية التي أنشأت محاكم للاجئين تمنح اللاجئ حق الطعن أمامها بدلا من الاستئناف أمام المفوضية حال الرفض.
ولفت إلى أنه من الضروري أن يتضمن القانون حق اللاجئ، فيما يتعلق بمدد الإقامة وإجراءاتها، وحق العمل، مضيفًا: «لو ساوى القانون بين المهاجر واللاجئ فإنه لم يقدم جديد».
وأشار إلى أن الجزء الأخطر والذي لا بد ألا يغفل عنه القانون، هو مراكز استقبال اللاجئين على الحدود، لأن معظمهم يأتون عن طريق التهريب وهو ما يشكل خطورة على الأمن القومي، وهو ما يتوجب تقنينه.
وتابع، أن القانون من الممكن أن يساهم في تحقيق مكاسب اقتصادية إذا تم إقراره وتطبيقه بشكل جيد، من خلال تعميم فكرة استخراج تصاريح العمل للاجئين وإدخالهم في الاقتصاد الرسمي بدلًا من العمل بطريقة غير شرعية.
وفي الوقت ذاته، أعرب «فرحات» عن عدم تفاؤله بمشروع القانون، متابعًا: «من 2008 حضرنا مناقشات ومحاولات عدة بشأن مشروعات لإصدار قانون ولكنها لم تسفر عن أي جديد، مضيفًا «نعتبر أنه من ثغرات حماية اللاجئين عدم وجود قانون».
بدورها، قالت سهام مصطفى، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إنه كان لا بد من وجود قانون ينظم اللجوء خاصة في ظل العدد الكبير من اللاجئين بمصر، متابعة: «لا بد من وجود قاعدة بيانات، لأنه لا يوجد أرقام محددة بعددهم، بالإضافة إلى وجوب وضع قواعد ومعايير للجوء، وتنظيمها».
وأضافت، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن هذا التحرك ليس بدعة فقد سبقت مصر فيه كثير من الدول، مشيرة إلى أن هناك دولا لا تستقبل أي شخص دون تأشيرة وإقامة رغم ميزانيتهم واقتصادهم الأغنى والأقوى منا بكثير، وبالتالي فإن خروج هذا القانون تأخر كثيرًا.
وتابعت: «لدي ثقة في قدرة القيادة السياسية على تطبيقه، خاصة أن ترك الأمر دون تنظيم فيه خطورة على الأمن القومي».