هل يجوز محاكمة متهم ارتكب عدة جرائم لغرض واحد أكثر من مرة؟
لطالما راود البعض تساؤلًا بشأن، أنه كيف يتعامل القانون مع المتهم في حال ارتكابه عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها؟
وتجيب «النبأ» في هذا التقرير عن ذلك التساؤل.
وبحسب القانون، إنه إذا كانت تلك الجرائم التي ارتكبه المتهم، لا تقبل التجزئة، وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة، والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم المقترفة.
التعدد الحقيقي للجرائم
وبينت محكمة النقض ماهية كلا من التعدد المعنوي والتعدد الحقيقي حيث قررت المادة 32 من قانون العقوبات فى فقرتها الأولى على أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب تطبيق عقوبة الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها، فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوباتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الاخف، والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، ويعتبر الجاني كأنه لم يرتكب غير هذه الجريمة الأخيرة، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ببعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32، ولا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الاخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم، حيث أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا عقوبتها.
قانون الاجراءات الجنائية
ويترتب على ذلك ان المختص بالدعوى هو القضاء والمنوط به النظر في أشد أوصاف الفعل، لأنه الذي يستطيع النطق بالعقوبة المقررة لهذا الوصف، وإذا صدر في شأن الفعل حكم بالبراءة أو الإدانة على أساس أحد أوصافه، كان ذلك حائلًا دون تحريك الدعوى على أساس وصف آخر ولو كان أشد، وذلك تطبيقًا لمبدأ عدم جواز المحاكمة مرتين أو من أجل فعل واحد، عملًا بالمادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية.
المحكمة المختصة
ولا يخرج التعدد الحقيقي عن ذلك فتختص المحكمة المختصة بنظر الجريمة الأشد، وقد قضت محكمة النقض في هذا الشأن بأنه إذا كان المتهم قد وجهت إليه تهمتان، هما أنه ضرب شخصًا، فأحدث به إصابات أفضت إلى موته، وضرب آخر ضربا بسيطا، وكانت الواقعتان قد وقعتا في زمن واحد ومكان واحد ولسبب واحد، وفصلت النيابة بينهما فقدمت الجناية إلى قاضي الإحالة، فأحالها إلى محكمة الجنايات والجنحة إلى محكمة الجنح، وأصدرت فيها حكمًا، فهذا يكون خطأ إذ ما دامت الجريمتان مرتبطاتان إحداهما بالأخرى هذا الارتباط الذي لا يقبل التجزئة لكونهما قد انتظما فى فكر جنائي واحد، وحصلتا في ثورة نفسية واحدة، مما لا يجوز معه أن يوقع عنهما إلا عقوبة واحدة، وهي المقررة للجريمة الأشد، فإنه يكون من المتعين متى كان كل من القضيتين لم يفصل فيهما نهائيا، العمل على ان تفصل فيهما محكمة واحدة هي التي تملك الحكم في الجريمة التي عقوبتها أشد.
التفسير الصحيح للقانون
كما قضت محكمه النقض بأن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب حسب اللزوم العقلي، أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة، وتدور في فلكها بموجب الأثر القانوني، للارتباط بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقًا للمادة 32 من قانون العقوبات.