عن طريق شركة إماراتية..
أسرار استيراد حكومة «مدبولى» القمح المنزرع فى مصر
أثار توقيع مصر لاتفاقية بقيمة 500 مليون دولار لشراء القمح من شركة الظاهرة الإماراتية، والتى تعمل في مصر، حالة من الجدل ولا سيما بعد شائعات سدادها بالدولار.
وأبرمت شركة الظاهرة، وهي شركة عالمية تعمل في القطاع الزراعي مقرها أبوظبي، اتفاق شراكة مع مكتب أبوظبي للصادرات لتزويد مصر بالقمح على مدى 5 سنوات تبدأ من 2023.
وبحسب بيانات الحكومة، الاتفاق سيزود مصر بقمح مستورد عالي الجودة، وبقيمة سنوية تبلغ 100 مليون دولار، وبقيمة إجمالية تصل إلى 500 مليون دولار وبأسعار تنافسية.
وتزود الشركة الإماراتية بالفعل الحكومة بالقمح المنتج محليا عبر فرعها المصري، الذي يزرع 28 ألف هكتار (نحو 70 ألف فدان) في مصر.
وقال وزير التموين والتجارة الداخلية، الدكتور علي المصيلحي، إن الشراكة تشكل مرتكزا أساسيا لجهودنا الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي للشعب المصري، كما أنها تتماشى مع أهدافنا الاستراتيجية وتقدم لنا الدعم في توفير حزمة متكاملة لشراء القمح عالي الجودة بتكلفة قليلة مع شروط دفع ميسرة.
وكانت مصر اشترت القمح، في الآونة الأخيرة، بقروض من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، التي ضاعفت العام الماضي تسهيلا ائتمانيا ممنوحا لمصر إلى 6 مليارات دولار، ومن البنك الدولي، الذي مول واردات القمح في وقت سابق من العام الحالي.
وحول سداد قيمة القمح بالدولار، قال وزير التموين، إن الاتفاقية مع شركة الظاهرة بغرض تمويل واردات القمح لمصر والتي من المقرر أن تقوم بتوريد القمح لمصر بطريقتين.
وأشار إلى أن الطريقة الأولى عن طريق القمح الذي يتم زراعته في أراضيها في منطقة توشكى وسيتم توريده بالجنيه المصري، كتوريد القمح المحلي من المزارعين المصريين وليس كما يقال بالدولار.
وأوضح أن الطريقة الثانية ستكون قمحا مستوردا وطريقة الشراء ستكون بنفس طريقة الإعلان عن مناقصة دولية، وفتح اعتمادات ثم الدفع بناء على المستندات والإجراءات المعتادة، حيث سيقوم صندوق أبوظبي بتمويل الكميات التى تم التعاقد عليها بعد الترسية على الشركة.
وقال «المصيلحي»، إن هذا الأمر يعطى ميزة لمصر في تخفيف الضغط على هيئة السلع التموينية لتوفير الدولار مع توفير احتياطي استراتيجي.
وأكد أن الاتفاقية المستهدف إبرامها مع شركة الظاهرة الزراعية لا بد من تصديق مجلس النواب عليها والذي سيعاود الانعقاد في أكتوبر المقبل، ثم اعتماد رئيس الجمهورية لها.
وأوضح «المصيلحي»، أنه بعد التصديق من جانب رئيس الجمهورية سيتم عمل الصيغة التنفيذية للاتفاقية من قبل وزارة العدل، متوقعا بدء العمل الفعلي بها يناير المقبل وتوفير القمح لمدة 6 أشهر.
ولفت وزير التموين والتجارة الداخلية، إلى أن الاحتياطي الاستراتيجي للقمح يكفي حتى 4.7 شهر.
وفي هذا السياق، قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن الاتفاقية جيدة جدًا خاصة أنها تزيد الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد وتقلل الضغط على الدولار.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن السعر الذي ستتعاقد عليه الحكومة مع شركة الظاهرة الإماراتية سيكون مخفضا وبالجنيه، فهي مميزات ستعطى لمصر لأنه يزرع في أراضيها.
وأشار «صيام»، إلى أن إنتاج الـ100 ألف فدان يقرب من 300 ألف طن قمح هو المتوقع توريده لمصر سنويًا من الشركة الإماراتية، قائلًا: «وفي المقابل مصر ستستورد 12 مليون طن قمح سنويًا».
وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعي، على ضرورة وضع الحكومة قواعد وقوانين للمستثمرين الزراعيين، يلزم بتوريد جزء من المحاصيل لصالح البلد التي يزرع فيها، بمقابل مادي بسيط، قائًلا: «هناك شركات تأخذ أرض حق انتفاع وتستخدم المياه للزراعة دون أي نفع على البلاد».
وأوضح أن تشجيع المستثمرين على زارعة محصول أمن غذائي أفضل بكثير من الزراعات الفرعية مثل البرسيم والخضر والفواكه.
ومن ناحيته، قال نادر نور الدين، مستشار وزير التموين الأسبق، والخبير الاستراتيجي بالجمعية العمومية لمنظمة الفاو، إن قانون الاستثمار الزراعي في مصر يعطي الحق للمستثمر في حرية التصرف في المحاصيل التي تنتج من خلاله.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن ذلك يتم من خلال 3 طرق تتمثل في التصدير لبلده أو عرضه في البورصات العالمية أو بيع جزء منه في السوق المحلي.
وأشار «نور الدين»، إلى أن شركة الظاهرة الإماراتية زرعت محصول القمح لحسابها ومن حقها توريده لبلادها أو بيعه لمصر.
وأوضح مستشار وزير التموين الأسبق، أن شراء مصر القمح الخاص بشركة الظاهرة بالعملة المحلية يحل أزمة الدولار، لافتًا إلى أن هذه الخطوة إيجابية.
وتابع: «دولة الإمارات تستورد قمحا ولكن بكميات أقل بكثير من مصر؛ لأن عدد سكانها 4 ملايين نسمة، ومع الاتفاقية سنأخذ جزءا من الإنتاج وفي نفس الوقت لن يؤثر على الإمارات وهو الأمر الذي سيؤدي إلى نجاح هذه الخطوة».