نتيجة التقارب السياسى..
ضوابط الحكومة تعرقل عودة نشاط السياحة التركية والإيرانية إلى مصر
شهدت مصر، في الفترة الأخيرة، عمليات تقارب مع بعض الدول في المنطقة، وصلت مع أنقرة إلى تطور كبير بعد عقد عدة لقاءات ثنائية بين الرئيسين السيسي وأردوغان، بينما لا تزال هناك محاولات من الجانب الإيراني للتقارب مع مصر مع توالي التصريحات الرسمية الإيرانية التي ترحب بعودة العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة، ومهدت هذه التقاربات لانفتاح سياحي بين مصر وكلا الدولتين.
وبدأ ظهور هذا التقارب في المجال السياحي بالقرار المصري بإعفاء السائحين الأتراك من التأشيرة من أجل القدوم إلى مصر؛ مما نتج عنه وصول أول فوج سياحي تركي إلى القاهرة في أبريل الماضي عبر رحلة سياحية ضمت 170 سائحا، وتوالت الرحلات القادمة إلى مصر، ولا سيما شرم الشيخ والغردقة.
وعلى الجانب الإيراني، سمح وزير السياحة بوصول السائحين الإيرانيين إلى مصر وتحديدًا إلى منطقة جنوب سيناء شريطة أن يكون عبر شركات سياحية لها برامج سياحية محددة.
وفي يوليو الماضي، أعلنت نقابة خدمات السفر الجوي والسياحة الإيرانية وصول الدفعة الأولى من السياح الإيرانيين بمصر خلال 45 يومًا، مشيرة إلى إجراء مباحثات مع الجانب المصري بهذا الشأن عبر وساطة عراقية -حسب وكالة تسنيم للأنباء الإيرانية-.
وعلى عكس السياحة الإيرانية، خطت السياحة التركية خطوات أوسع، حيث استعانت بعض المطاعم والواجهات السياحية المصرية بالبلوجر التركي ياسين جنكيز للترويج لها، كما تم تصوير بعض المسلسلات التركية في مصر مثل مسلسل «سنوات الحب والرحيل» والذي قام ببطولته بطل مسلسل السلطان سليمان.
وتوافد بعض نجوم المسلسلات التركية مثل النجم بوراك أوزجيفيت بطل مسلسل المؤسس عثمان الذي التقط صورا له من أمام الأهرامات وقام بتصوير إعلان دعائي لإحدى الشركات من مصر.
من جانبه، قال أحمد الشيخ، رئيس شعبة السياحة والفنادق بجنوب سيناء، إنه حتى الآن لم يصل إلى منطقة جنوب سيناء أي إيراني رغم تصريحات وزير السياحة بالسماح للسياح الإيرانيين بزيارة جنوب سيناء، متابعًا: «ومن ناحية السائحين الأتراك لا يزال أعدادهم متواضعة ولا يشكلون قيمة كبيرة وسط أعداد السائحين في جنوب سيناء».
وأكد «الشيخ»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن العائق الأساسي أمام السياحة الإيرانية هو عدم وجود طيران مباشر إلى جنوب سيناء، وحتى الآن لم يرى قرار وزير السياحة النور، بينما على العكس من ذلك السياحة التركية توجد خطوط طيران والطيران التركي موجود وبقوة، بل ويعد هو الناقل الرئيسي للسياحة الروسية، ولكن حتى الآن الموسم الرئيسي للسياحة التركية لم يبدأ بعد، لأن الشتاء تكون أفضل الأوقات لحضورها إلى مصر، مع ارتفاع درجات الحرارة هناك.
وأضاف، أن العوامل مهيأة في جنوب سيناء لاستقبال المزيد من السياح الأتراك سواء منشآت فندقية أو كوادر بشرية، بينما السياحة الإيرانية تعتبر عملية ربط السائح بشركة سياحة وبرنامج بالإضافة إلى أسعار الطيران مع الحاجة إلى وجود مرشدين سياحيين باللغة الفارسية كلها عوامل تؤدي إلى زيادة تكلفة وصول السائح الإيراني وبالتالي قلة الأعداد التي يمكن أن تصل منهم.
من جانبه، كشف عمرو صدقي، رئيس لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب سابقًا، ونائب رئيس غرفة السياحة الأسبق، أن مصر لا تمانع في وجود السياحة التركية وتشجع عليها، ولكن زيارتهم إلى مصر ليست كبيرة مقارنة بدول أخرى تصدر لنا السياحة.
وتابع: «لكن هناك نوع من التعاون مع الشركات التركية لتبادل الرحلات السياحية، وذلك أن تركيا بها أسواق ومصر لها أسواق أخرى، وتشترك الدولتين في أسواق وتوجد شركات تركية في مصر تسوق لتركيا وفي مواسم معينة نتيجة لعوامل جوية تركيا لا تكون مهيأة لاستقبال سائحين فتقوم تلك الشركات بتحويل تلك الأفواج إلى مصر، فهناك تعاون بين مصر والسوق التركي».
وأكد «صدقي»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه بالنسبة للسياحة الإيرانية كانت هناك محاولة وتوقفت نتيجة للعلاقات السياسية وعدم وجود خطوط طيران، ومن المعروف أنه لا توجد سياحة دون نقل، ولكن تشهد هذه الأيام تطورات بعد دخول مصر إلى منظمة بريكس، مشيرًا إلى أن إيران أصبحت عضوا في هذه المنظمة، مما يتيح احتمالية وجود تقارب بين مصر وإيران بعد تلك الاتفاقية، وهو ما قد ينتج عن هذا التقارب وجود الدولتين في منظومة واحدة إلى وجود تبادل سياحي بين الدولتين.
وأضاف، أن السائح التركي مثله مثل أي سائح آخر، يأتي إلى مصر تجذبه الروحانيات وزيارة آل البيت، والسياحة الدينية والأثرية، وليس سياحة الشواطئ، وهناك القلعة والقاهرة القديمة ومجرى العيون أحد عوامل الجذب للسائح التركي، مبينًا أنه يجب من وجود شركات سياحة متخصصة في هذا النوع من السياحة.
بينما كشف محمد أبو سبحة، الباحث في الشئون التركية، أن العائق الوحيد الذي يقف عقبة في وصول السائحين الأتراك إلى مصر هو الوضع الاقتصادي الصعب في تركيا وهو ما يؤثر على تدفق السائحين الأتراك إلى مصر ولدول أخرى، رغم كون مصر واجهة سياحية رخيصة شيئًا ما.
وبين الباحث في الشؤون التركية، أنه ينتظر من تركيا أن تعامل السائح المصري بالمثل كما قررت مصر أن تعامل السائح التركي، من ناحية إتاحة التأشيرة عند الوصول، وتسهيل الزيارة بالنسبة للمواطنين المصريين.
فيما يرى محمد خيري، الباحث في الفلسفة السياسية والمتخصص في الشؤون الإيرانية، أن مسألة الانفتاح على سياحة التقارب تقتضي الاتفاق على ضوابط سياسية أولًا قبل الشروع في فتح الحدود أمام السياح الإيرانيين بالتحديد.
وأضاف أن الضوابط التي حددتها وزارة السياحة المصرية فيما يتعلق بالسياح الإيرانيين من حيث التزامهم ببرنامج سياحي، وحصر تواجدهم في منطقة سيناء يشير إلى وضع الدولة المصرية في اعتباراتها ضوابط الأمن القومي.