بالمستندات.. صفقات عقارية مشبوهة وراء إهدار 59 مليون جنيه باتحاد نقابات المهن الطبية
بالرغم من الجهود التي تقوم بها الدولة في مكافحة الفساد والقضاء عليه بكافة الجهات والمؤسسات الحكومية، إلا أن الفساد ما زال يضرب بجذوره في بعض القطاعات خاصة القطاع الطبي، ومن تلك الوقائع التي وصلت لعدد من الجهات الرقابية ما قام به اتحاد المهن الطبية من مجموعة من القرارات التي تمثل إهدارًا للمال العام بدعوى استثمار أموال الاتحاد.
وكان على رأس تلك القرارات التي اتخذها اتحاد المهن الطبية، دفع مبالغ مالية بلغت نحو 59 مليون جنيه في شراء عقارات من إحدى الشركات الخاصة بطرق مخالفة بالعاصمة الإدارية الجديدة والإسكندرية، ما يمثل إهدارًا للمال العام -حسب مستندات حصلت «النبأ» على نسخة منها-.
وبحسب مذكرة مقدمة من الدكتور محمد عبدالحميد، أمين صندوق اتحاد المهن الطبية السابق، إلى المستشار هشام بدوي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، فإن اتحاد نقابات المهن الطبية الذي يضم نقابات «الأطباء البشريين- أطباء الأسنان- الصيادلة- الأطباء البيطريين» ويتكون مجلس إدارته من النقيب، والأمين العام، وأمين الصندوق، لكل من النقابات الأربعة، قد اتخذ عدة قرارات مالية خاطئة، تتمثل في شراء 10 وحدات سكنية في برج سكني مخالف يحمل اسم «سرايا المندرة» بحي المنتزه شرق بمحافظة الإسكندرية بمبلغ 21 مليون جنيه، وكذلك شراء وحدات إدارية من شركة خاصة لم تستخرج تصاريح البناء بالعاصمة الإدارية الجديدة بمبلغ 28 مليون جنيه.
وأوضحت المذكرة، أنه تبيّن وجود العديد من المخالفات المالية في الصفقتين، حيث لم يتم اتباع الطرق القانونية في عملية الشراء من نشر إعلان، وتلقي عروض مختلفة ثم الترسية على العرض الأفضل والأقل سعرًا، كذلك عدم وضوح أسباب اختيار مدينة الإسكندرية بالذات لشراء الوحدات السكنية بها ومن قام بالتفاوض لشراء تلك الوحدات، فضلًا عن عدم الإعلان عن أوجه استخدام تلك الوحدات، بخلاف عدم الإفادة بأسباب شراء الوحدات الإدارية بالعاصمة الجديدة من شركة خاصة لم تستخرج تصاريح البناء دون الشراء من مشاريع الدولة المطروحة بالعاصمة الإدارية.
وفي ذات السياق، قال الدكتور محمد عبد الحميد، أمين صندوق اتحاد المهن الطبية السابق، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، إنه لم يتلق أي رد على المذكرة التي تقدم بها للجهاز المركزي للمحاسبات بشأن عمليات شراء الاتحاد لعقارات بالعاصمة الإدارية والإسكندرية، بالرغم من أن تلك المخالفات موجودة لا يستطيع أحد إنكارها.
وأضاف «عبدالحميد»، أن شراء الوحدات بالعاصمة الإدارية تم من شركة خاصة لم نسمع لها سابقة أعمال معروفة، فضلًا عن أن الاتحاد دفع كامل ثمن الوحدات بمبلغ 38 مليون جنيه والتسليم بعد 4 سنوات، وفي الوقت الذي لم تستخرج فيه الشركة تصاريح البناء، وكان ينبغي شراء تلك الوحدات من مشروعات الدولة المطروحة حتى لا يتم ضياع أموال الاتحاد.
وأشار «عبدالحميد»، إلى أن عملية شراء وحدات مدينة الإسكندرية تمت في عقار مخالف، حيث إن العقار له رخصة 5 أدوار فقط، في حين أن العقار على الطبيعة مقام على 20 دورًا، هذا بخلاف المخالفات الإنشائية الواردة بتقرير استشاري اتحاد نقابات المهن الطبية.
وكشف تقرير استشاري اتحاد نقابات المهن الطبية بشأن عقار الإسكندرية الذي تم شراء الوحدات به، أن المبنى مخالف لترخيص البناء الممنوح له بخمسة أدوار فقط لا غير بزيادة قدرها 4 أضعاف حيث يبلغ طول المبنى 20 دورًا، كما أن المبنى وإن كان إنشائيا طبقًا للرسوم المسلمة من مندوب المالك مطابق للكود المصري للمنشآت المسلحة إلا أنه تنفيذيًا مخالف للرسوم وكذلك مخالف للكود المصري للزلازل والرياح والعزوم.
وقال التقرير، إن الأعمدة الخراسانية للمبنى جاءت مختلفة عن الرسم الإنشائي، فضلًا عن وجود اختلافات جوهرية بالحائط الخلفي، كما أن الأدوار العلوية تحتاج إلى تدعيمات معدنية عديدة والأدوار السفلية تحتاج إلى تدعيمات أقل لبعض الكمرات لمخالفتها الرسوم حتى يصبح المبنى آمنا ومطابقًا للمواصفات، كما أنه نتج عن هذه المخالفات شرخ يتسع مع ارتفاع الأدوار.
وأشار التقرير، إلى أن المبنى يرى البحر بزاوية ضيقة تتسع كلما ارتفعنا إلى أعلى، وجميعنا يعلم مناخ الإسكندرية جيدًا وما تواجه سنويًا من نوات ورياح يصبح معهما إهمال الكود المصري الخاص بأعمال الرياح والعزوم مستحيلًا لمواجهة الرياح القادمة من البحر، كما أن وجود المبنى بشارع ضيق مواجه للبحر ينتج عنه فرق ضغط يزيد من سرعة الرياح بالممرات العمودية على البحر.
وأكد التقرير، أنه بالرغم من أن قرار مجلس الاتحاد هو الاكتفاء بشراء الأدوار المرخصة فقط لعدم المخاطرة بشراء أدوار قيد التصالح لم يصدر قرار نهائي بشأنها بعد، إلا أن ذلك يجعل التدعيمات المطلوبة في الأدوار العليا المخالفة خارج سلطة الاتحاد حال شراء الأدوار السفلية فقط، وإذا كان للاتحاد القيام بتدعيم الأدوار السفلية التي يحوزها بالشراء فأن له ضمان تمام هذه التدعيمات فيما لا يملكه، أو اضطراره لإنفاق أمواله على إنشاءات تقع في أموال الغير وذلك بالمخالفة للقانون.
ونوه التقرير، إلى أن عرض الشارع المتواجد به العقار 12 مترًا فقط، بينما يأتي ارتفاع العقار الذي يرغب الاتحاد بشرائه والعقارت المحيطة لأكثر من 60 مترًا، علمًا بأن أقصى ارتفاع للمباني المحيطة يضمن صحة التهوية والتشميس هو ضعف الشارع مرة ونصف فقط، بما يجعل الأدوار السفلية التي قام الاتحاد بشرائها وتقديمها كمصايف للأطباء غير صحية وغير جيدة التهوية ولا يدخلها ضوء الشمس بشكل كاف وستلازمها حتمًا رائحة عطن لا يخطئها أنف أي مصطاف لأي وحدة بنفس العيوب.
وذكر التقرير، أنه تبيّن وجود آثار رطوبة غير معلومة السبب علمًا بأن المبنى قريب من البحر، مما يشير غالبًا إلى عدم معالجة وعزل الأسطح بشكل كاف بما يضمن سلامتها واستدامتها.
وبخلاف مخالفات الصفقات العقارية لاتحاد نقابات المهن الطبية، وجهت اتهامات أخرى للاتحاد بإهدار 56.5 مليون جنيه في مشروع مناقصة التحول الرقمي وتوريد المواشي، منها 24.5 مليون جنيه في مشروع مناقصة التحول الرقمي الذي تم إسناده إلى شركة «دراك»، و32 مليون جنيه في مشروع توريد المواشي.