بسبب الخسائر.. حقيقة طرح استاد القاهرة والمحطات النووية وهيئات أخرى للبيع
تواجه الدولة أزمة اقتصادية كبيرة منذ سنوات حتى في ظل سعي الحكومة ودخول مليارات الجنيهات من الصفقة الإماراتية الأخيرة لرأس الحكمة، وإتمام قروض من صندوق النقد الدولي إلا أنه لا يزال الاقتصاد يعاني، إضافة إلى خسائر العديد من الهيئات التي تمثل عبئا كبيرا على الدولة.
وكشف تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، والذي يخص الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة، وموازنة الخزانة العامة، والحسابات الختامية لموازنات الهيئات العامة الاقتصادية، وختامي موازنة الهيئة القومية للإنتاج الحربي، عن السنة المالية 2022- 2023، أن أكبر محقق فعلي لخسائر في العام المالي 22/23، الهيئة الوطنية للإعلام التي بلغت نحو 10585.4 مليون جنيه تمثل 73.3%، تليها الهيئة القومية للإنفاق التي بلغت نحو 1896.8 مليون جنيه تمثل نسبة 13.1% من جملة خسائر العام، وتليها هيئة النقل العام بالقاهرة التي بلغت نحو 726 مليون جنيه تمثل نسبة 5.0% من جملة خسائر العام، ثم هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء والتي بلغت نحو 600.1 مليون جنيه تمثل نسبة 4.2% من جملة خسائر العام.
وفي الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة، وجد أن هناك 16 هيئة حققت خسائر، كهيئة استاد القاهرة التي بالرغم من مرور 5 سنوات على صدور القرار الجمهوري عام 2018 بتحويلها من هيئة خدمية إلى هيئة عامة اقتصادية، إلا أن الهيئة حققت خسائر 55 مليون جنيه رغم كل ما تم منحه لها من صلاحيات لتنمية مواردها وتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة، وتم الحديث مؤخرا عن بيعها، فما هو حل مشكلة هذه الخسائر الفادحة؟ وهل ستلجأ الحكومة إلى بيع تلك الهيئات؟
الحكومة لا تملك أي حلول
وفي السياق، قال إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن الدولة تتعرض لخسائر فادحة بسبب العديد من الهيئات وذلك بسبب سوء الإدارة حتى في حالة عدم وجود خسارة مادية تتعرض الهيئة للبيع أو التأجير.
وأضاف «منصور»، أن سوء الإدارة من الحكومة وعدم اعترافها بأخطائها هو من وصلنا لهذه الخسائر؛ مما لجأت الحكومة إلى البيع أو التأجير، لافتا إلى أنه لإنقاذ هذه الهيئات علينا تحليل المشكلة جيدا وبشفافية ومصارحة، ومعرفة نقاط الضعف والقوة، ووضع خطط.
وأكد أن هناك أكثر من 16 هيئة حققت خسائر فادحة، كما أنه لا يرى من قبل الحكومة أي حلول، ولكنه يرى تسويف للأمور وتأجيل للمشكلات، مشيرا إلى أن الهيئات التي حققت مكاسب لا نرى منها شيئا مثل هيئة التأمين الصحي الشامل التي حققت أكثر من 30 مليار جنيه في الحساب الختامي من الأرباح ولكن المواطن لم يستفد شيئا وكان من الأفضل أن يستفيد بها المريض في علاجه أو تقديم خدمات جيدة، أوحل مشاكل المستشفيات.
وتابع أنه بدل اللجوء إلى البيع يجب على الحكومة العمل على حل المشكلات الإدارية الفاشلة، مؤكدا أن الحكومة لا تملك أي حلول ولكنها حكومة بيع وتأجير وقروض فقط لا غير.
وأكد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب، أن الدولة استحوذت على الكثير من المليارات، في الفترة الأخيرة، من صفقة رأس الحكمة وقروض من صندوق النقد الدولي ونحن في حاجة إلى إدارة اقتصادية قوية ونهضة عمرانية قادرين على إدارة الأموال حتى لا تطير وتتبخر، قائلا: «الحكومة تدور البلد بفكر المقاول».
أسباب الخسائر
من جانبه، قال الدكتور السيد خضر، الخبير الاقتصادي ومدرس الاقتصاد، ومدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إنه في البداية تكبد 16 هيئة خسائر فادحة بما فيهم هيئة استاد القاهرة التي تم الحديث عن بيعها، خلال الفترة الماضية، وذلك بسبب الأزمات سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، خاصة أزمات التخريب كذلك تداعيات جائحة أزمة كورونا.
وأضاف «خضر»، أن من أسباب الخسائر عدم وجود الإدارة المحترفة القادرة على تحقيق الكفاءة التشغيلية والربحية الجيدة، ومع وجود فساد مالي وإداري في بعض الحالات؛ مما أدى إلى هدر الموارد وعدم الاستغلال الأمثل للأصول المستغلة، كذلك الدعم الحكومي المفرط من خلال اعتماد هذه الهيئات بشكل كبير على الدعم الحكومي والموازنة العامة للدولة، مشيرا إلى أن هذا الاعتماد أضعف الحافز لديها لتحسين أدائها وتحقيق الربحية، وضعف الكفاءة التشغيلية والتسويقية افتقار هذه الهيئات إلى الخبرات اللازمة في التسويق وتنويع مصادر الإيرادات، وضعف الاستفادة من الأصول والموارد المتاحة لديها، وارتفاع تكاليف الصيانة والتشغيل بسبب القدم والتلف في البنية التحتية، وارتفاع تكاليف الأجور والمرتبات نتيجة لسياسات التوظيف الحكومية، وغياب الاستراتيجية التنموية والتحديث وافتقار هذه الهيئات إلى رؤية استراتيجية واضحة لتطوير أعمالها وتحديث منشآتها، وضعف الاستثمار في التكنولوجيا والتحديث التشغيل.
وتابع أن معالجة هذه المشكلات يتمثل في إعادة الهيكلة وتطبيق ممارسات الحوكمة الرشيدة؛ مما سيكون له انعكاس إيجابي كبير على أداء هذه الهيئات وتحسين مركزها المالي.
وأكد أن استمرار خسائر تلك الهيئات سيؤثر على أداء الاقتصاد المصري من خلال تراجع الإنتاجية وانخفاض الأداء التشغيلي لبعض الهيئات نتيجة سوء الإدارة والفساد، وارتفاع تكاليف التشغيل والخدمات؛ بسبب التضخم والتغيرات الاقتصادية، وعدم كفاية الاستثمارات في البنية التحتية والتكنولوجيا الحديثة، الإنفاق الحكومي المرتفع على دعم بعض السلع والخدمات التي تقدمها هذه الهيئات، مما أثر سلبا على الميزانية العامة للدولة وقدرتها على الاستثمار في المشروعات التنموية الأخرى.