الأحزاب تتدخل..
خطط الدولة لحماية الأمن القومى ومواجهة حروب الشائعات
وحدات لإيواء الفلسطينيين الأبرز.. واستمرار شائعة رسائل إعانات العمالة غير المنتظمة
مها عبد الناصر: الدولة مسؤولة.. وغياب الشفافية والمصارحة أبرز الأسباب
ناجى الشهابى: الشائعات من ضمن حروب الجيل الرابع والخامس
تعد الشائعات، ومطلقيها العدو الأول للدولة لما تمثله انعكاساتها من خطورة على أمن المجتمع، فرغم المحاولات المستمرة للحكومة، في محاصرتها، بداية من الرد المباشر عليها، والبيانات الرسمية التي تصدر عن الوزارات وصولا لتقرير الحقائق الصادر عن مجلس الوزراء، إلا أنه ما زال هناك من يستغل الأزمات سواء بقصد أو عن جهل لترديد الأخبار غير الصحيحة.
السطور السابقة، أكدها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تصريحات عدة، وحذر في أكثر من لقاء له من الاستماع لها، مؤكدا أن هذا يؤدي لتهديد مباشر على الأمن القومي، وزعزعة لاستقرار الدولة، مشددا على ضرورة استقاء الأخبار من مصادرها الرسمية.
اللافت في الأمر، أنه مؤخرا أصبحت لا تقتصر الحرب على الشائعات على المستوى الحكومي، ولكنها امتدت للأحزاب السياسية الذين أصبحوا يدركون حجم الشائعات وخطورتها، لعل آخرها دعوة تيسير مطر رئيس حزب إرادة جيل ووكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ، وأمين عام تحالف الأحزاب المصرية المكون من 42 حزبا سياسيا، لإطلاق حملة تستهدف مواجهة الشائعات أولا بأول.
وقال «مطر»، إن الإعلام يواجه الشائعات التى تتزايد يوما بعد الآخر وخاصة فى ساحة السوشيال ميديا، داعيا أن تعمل الأحزاب من خلال اللجان الإعلامية للأحزاب على مواجهة الشائعات، مطالبا كافة رؤساء الأحزاب بتفعيل دور الإعلام الحزبى فى تفعيل الدور التوعوى الذى وجب علينا جميعا تأديته، لتعريف المواطنين ببواطن الأمور حتى لا يقعوا فريسة لبراثن الشائعات التى تستهدف الدولة المصرية.
ولم تكن هذه الدعوة هي الأولى من نوعها، فقد سبقها مطالبة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بالإعداد داخل الأحزاب على وجود مركز إعلامي قوي لمواجهة الشائعات، وتوصيل الرسائل الصحيحة والواضحة.
وشهدت الفترة الأخيرة عددًا من الشائعات خاصة في ظل الحرب على غزة، لعل أبرزها، قيام مصر بالإعداد لتشييد وحدات لإيواء الأشقاء الفلسطينيين في المنطقة المحاذية للحدود المصرية مع قطاع غزة، رغم تأكيدات الدولة مرارًا وتكرارًا أن مخطط الكيان الصهيوني لتهجير الفلسطينيين للأراضي المصرية سيواجه بيد من حديد.
كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي والأوساط السياسية جدلًا بشأن تعديل قانون عمل «هيئة قناة السويس» وإنشاء صندوق خاص يدير أصولها، وما استتبعه من شائعات تحدثت عن «بيع أصول القناة»، وهو ما نفته الحكومة في حينها.
أخطر 5 شائعات
ونشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريرًا شاملا عن حصاد مواجهة الشائعات وتوضيح الحقائق خلال عام 2023 للعام العاشر على التوالي.
وتطرق التقرير إلى 5 شائعات جرى تداولها في عام 2023، والتي جاءت كالتالي:
1- شائعة تداول منشور يزعم تعاقد هيئة قناة السويس مع إحدى الشركات لإدارة خدماتها من خلال عقد امتياز مدته 99 عامًا.
2- شائعة اعتزام الحكومة تقليص المخصصات المالية لمرتبات العاملين بالدولة تزامنًا مع الأزمة الاقتصادية العالمية.
3- شائعة استيراد شحنات دواجن مجمدة فاسدة ومنتهية الصلاحية.
4- شائعة الإفراج عن شحنات قمح فاسدة وغير صالحة للاستهلاك.
5- شائعة إصدار قرار بتجميد حركة الطيران بمطار العاصمة الدولي نتيجة غياب معايير الأمان الدولية عند الهبوط.
إحصائيات مفزعة
وكشف تقرير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، عن ترتيب السنوات طبقًا لمعدل انتشار الشائعات منذ عام 2014 حتى عام 2023، وفقًا لتوزيع نسبي لإجمالي الفترة، حيث بلغ 18.8% عام 2023، و16.7% عام 2022، و15.2% عام 2021، و14.8% عام 2020، و12.8% عام 2019، و8.4% عام 2018، و6% عام 2017، و4.2% عام 2016، و2% عام 2015، و1.1% عام 2014.
كما تضمن التقرير أخطر الشائعات بشأن تداول رسالة صوتية على تطبيق «واتس آب» تحث المواطنين على إحكام غلق أبواب منازلهم بدعوى وجود تشكيل عصابي، واعتزام الحكومة إلغاء العلاج على نفقة الدولة، خلال الفترة المقبلة، بجانب شائعة تراجع الاستحقاقات الدستورية الخاصة بالإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي في الموازنة العامة الجديدة 2024/2023، ودخول مصر في موجات وبائية جديدة حذرت منها منظمة الصحة العالمية، علاوة على تداول مقطع صوتي على مواقع التواصل الاجتماعي يزعم تفشى مرض الدرن فى مصر من خلال النازحين إليها من دول الجوار.
وشملت الشائعات المكررة، شائعة إرسال وزارة القوى العاملة رسائل نصية تتضمن رابط لتحديث بيانات العمالة غير المنتظمة، وتداول لحوم محقونة بهرمونات محظورة دوليًا، إضافة إلى شائعة انتشار بطيخ مسرطن بمختلف الأسواق على مستوى الجمهورية، علاوة على شائعة إصدار قرار بحذف أجزاء من مناهج شهادة الثانوية العامة.
وتناول التقرير الحديث عن أبرز الشائعات المتعلقة بالأزمة الاقتصادية العالمية عام 2023، ففيما يتعلق بقطاع الاقتصاد تضمنت الشائعات، اعتزام الحكومة استقطاع جزء من تحويلات المصريين في الخارج، تداول منشور تعليمات منسوب لرئيس مصلحة الجمارك بحظر استيراد عدد من السلع لمدة 3 أشهر، واعتزام الحكومة بيع «شركة مصر للطيران».
كما تشمل الشائعات المتعلقة بالاقتصاد أيضًا، تعثر مصر في سداد مدفوعات وارداتها من القمح المستورد، بجانب اعتماد مصلحة الضرائب المصرية بعض الشركات كوسيط لإرسال الفواتير لمنظومة الفاتورة الإلكترونية، وإصدار قرار بتحصيل ضرائب على حسابات المصريين بالخارج المستوردين للسيارات.
مصير مروجي الشائعات
والتصدي لنشر الشائعات والبيانات والأخبار الكاذبة، لا يقتصر على الجزء التوعوي فقط، فالقانون المصري يعطي الحق في الملاحقة القانونية، إعمالًا لنصوص المواد 80(د)، و102 مكرر، و188 من قانون العقوبات والتي تعاقب مُخالِفَها بالحبس وبغرامة تصل إلى عشرين ألف جنيه.
وتضمن قانون العقوبات على المادة رقم 80 (د): "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصري أذاع عمدًا في الخارج أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأية طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن حرب".
التربص بالدولة ومعركة الوعي
وفي هذا السياق، قال ناجى الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطى، إن الشائعات التى تضرب البلاد من وقت آخر هى من ضمن حروب الجيل الرابع والجيل الخامس التى تدخل فى إطار مخططات الأعداء المتربصة بالدولة المصرية والوطن، مشيرا إلى أنه يجب تسليح المواطنين بالمعرفة والوعى وتفنيد كل شائعة على الفور.
وأضاف «الشهابي»، في تصريح خاص لـ«النبأ» أن الاهتمام بزيادة وعى الجماهير عن الإعلام الوطنى المباشر وغير المباشر وكذلك عن طريق الأحزاب السياسية سيكون له تأثير قوى على هذا النوع من الحروب الذى يعتمد على الشائعات ونشر المعلومات الكاذبة والخاطئة والمغلوطة والتى تستهدف ضرب التضامن والتكاتف الشعبى مع الدولة ومؤسساتها مما يسهل على مخطاطات الأعداء تحقيق أهدافهم الشيطانية الخبيثة.
وشدد على أهمية قيام الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها الإعلامية والحزبية ومنظمات المجتمع الأهلى والنقابات المهنية والعمالية لمواجهة تلك الشائعات ونشر الحقائق للجماهير.
الحكومة السبب
بدورها، حملت النائبة مها عبدالناصر، الحكومة مسؤولية إطلاق الشائعات، مشيرة إلى أن عدم مصارحتها المواطنين بحقيقة المشكلات وغياب الشفافية وراء تلك الإشكالية.
وأضافت «عبدالناصر»، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن وقف هذه الإشكالية بيد الحكومة وحدها، معقبة: «الأحزاب ليس لها علاقة؛ لأنها ليست مصادر الأخبار ولا تمتلك الحقيقة من عدمها».