رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

فرص ضائعة وعمل مهدد..

خريجو الانتساب الموجه بين ناري عدم اعتراف الخليج بشهادتهم وتجاهل التعليم العالي

خريجو الانتساب الموجه..الخليج
خريجو الانتساب الموجه..الخليج لا تعترف بهم والوزارة تتجاهلهم

- دول خليجية ترفض الاعتراف بخريجي «الانتساب الموجه» معتبرينه بنظام غير حضوري
- الانتساب الموجه: نظام تعليم حضوري ويحق لطلابه التحويل إلى الانتظام في حال الحصول على تقدير جيد
- متضرر: تقدمت بشكوى عبر موقع الشكاوى والتعليم العالي قالت إن هذا ليس اختصاص أمانة الأعلى للجامعات
- خريج انتساب موجه: خايف أخسر شغلي بالكويت والمفروض الوزارة تحل المشكلة وتبلغ القنصليات إن الانتساب الموجه نظام حضوري
- متضرر: مين المسؤول عن المهزلة دي الوزارة ولا المجلس الأعلى للجامعات ولا الجامعة!
- خريج انتساب موجه: عايز أعرف إزاي المعاهد الخاصة والجامعة المفتوحة اللي مش بتدخل من مكتب التنسيق توثق وإحنا لا!

عدم اعتراف وحرمان من العمل.. فرص ضائعة يومًا تلو الآخر رغم تقبلهم مرارة الغربة والابتعاد عن الأهل بحثًا عن «لقمة العيش»، هذا هو حال حاملو شهادات «الانتساب الموجه» من الجامعات المصرية الحكومية الراغبين في الحصول على فرصة عمل بدول الخليج، الذين تعلو صرخاتهم على مدار الأيام الماضية، بعدما فوجئوا بعدم قبول شهاداتهم في الملحقية الثقافية لبعض دول الخليج للحصول على تأشيرة عمل، لاسيّما المملكة العربية السعودية والكويت، ما يُعني عدم الاعتراف بهم وبالتالي ضياع الفرص على بعضهم -لطالما بقيت المشكلة قائمة- التي طالت زملائهم الذين حصلوا على فرصة للسفر قبل الأزمة وباتوا مهددون من الفصل من عملهم بسبب عدم الاعتراف بشهاداتهم، في حال عدم حل المشكلة خلال فترة بعينها أمهلتها تختلف باختلاف المؤسسة التي يعمل بها المتضررين.

الأزمة التي ضيقت الخناق على أولئك المصريين المتضررين، جعلتهم يستغيثون بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، علها تجد حلًا مع المجلس الأعلى للجامعات لتلك «المصيبة» -حسبما وصفها بعضهم- وطالبوها بمخاطبة المكاتب الثقافية السعودية والكويتية لإيضاح طبيعة الدراسة «الحضورية» لنظام الانتساب الموجه، إلا أنه لا حياة لمن تنادي.

سوء فهم

سوء فهم نظام التعليم «الانتساب الموجه» من قبِل السعودية والكويت، سبب الأزمة القائمة، خصوصًا بعد تصنيفه ضمن نظام التعليم عن بُعد «أونلاين» على خلاف الحقيقة، التي تؤكد أنه نظام تعليم حضوري.

نظام «الانتساب الموجه» يخلتف عن نظام الانتساب، في أنه يكون ضمن تنسيق الثانوية العامة، ويكون مجموع الالتحاق فيها أقل من الانتظام، ويحق لطلاب «الانتساب الموجه» حضور المحاضرات الكبيرة، والسكاشن بجانب المحاضرات، إلا أن مصاريف نظام انتساب موجه تكون أكثر من نظام الانتظام، ويحق للطالب التحويل من نظام انتساب إلى انتظام، إذا استطاع في السنة الدراسية الأولى الحصول على تقدير عام جيد، بشرط سداد المصروفات بشكل كامل.

أما نظام الانتساب فهو ليس نظامًا حضوريًا، غالبًا ما يلجأ إليه الحاصلون على شهادة جامعية معينة أو موظفون بإحدى المؤسسات ويريدون الحصول على مؤهل عالٍ، وهو ما يتح له الالتحاق بكلية نظري تتضمن نظام انتساب؛ لتحسين الدرجة الوظيفية.

إهمال وتوتر

“أنا عايز أعرف إزاي المعاهد الخاصة والجامعة المفتوحة اللي مش بتدخل من مكتب التنسيق توثق وإحنا لا!” هكذا استنكر محمد محمود -اسم مستعار- الحال الذي وصل إليه التعامل مع شهادة «الانتساب الموجه».

عدم استجابة المسؤولين إلى استغاثات المتضرريين، جعلت البعض ييأسون من حل الأزمة، معتبرين عدم الاعتراف بهم وعدم النظر إلى أزمتهم عبثًا، حسبما يصف «محمد»: “اللي بيحصل معانا دا منتهي الأهمال واللامنطقية”.

ترقب يصحبه توتر وقلق، ينتابون، يوسف منير «اسم مستعار»، خوفًا من فقدان وظيفته بدولة الكويت، التي حصل عليها بعد معاناة، والتي باتت مُهددة بعد الوضع الجديد، للتعامل شهادات «الانتساب الموجه».

لم يعلم «يوسف» الحاصل على شهادة «انتساب موجه»، كيف سيتم التعامل معه وهو الحاصل على موافقة التعليم الخاص منذ زمن بعيد على شهادته عند السفر إلى الكويت، ورغم أنه يمتلك إقامة على عمله؛ إلا أن القلق لم يفارقه ولم يجد من يجيبه عن تساؤلاته بشأن وضعه، وهل ما إذا كانت الإقامة الخاصة بهم مرتبطة بمعادلة الشهادة من عدمه!

ويقول: “أنا خايف أخسر شغلي هنا، المفروض الوزارة تشوف حل، يعني مش قادرين يخاطبوا القنصلية ويوضحوا لهم إن الانتساب الموجه، حضوري مش أونلاين، دا استهتار بمستقبل الناس!”.

من المسؤول!

الاعتراف بمؤهلات وشهادات «التعليم المفتوح»، في حين رفض شهادات «الانتساب الموجه»، كان مسار استنكار أحمد عبدالعزيز، المعلم بإحدى المدارس بالمملكة العربية السعودية.

ويرى أنه يحق للمتضررين من الوضع، السؤال عن المسؤول عن ما وصفه بـ«المهزلة»، ولماذا يتجاهلون المشكلة وماذا ينتظرون؟ ولماذا؟

لم تكن تلك تساؤلات «أحمد» بمفرده، بينما تدور التساؤلات ذاتها في أذهان جميع المتضررين من الوضع، سواء في السعودية أو الكويت؛ إلا أنه كان من أوائل المصدمون بتعامل الجهات المعنية في مصر مع أزمتهم، لاسيَّما بعدما تقدم بشكوى عبر بوابة الشكاوى الحكومية، بتاريخ 5 يوليو 2023، والإجراءات التي اتخذت بشأنها كانت صادمة، لاسيَّما وأن كل جهة تتنصل من المسؤولية عن المشكلة.

شكاوى والتماس

وردًا على الشكوى من قِبل وزارة التعليم العالي في 13 يوليو من الشهر ذاته، أن أمانة المجلس الأعلى للجامعات التابع للوزارة ليست جهة الاختصاص في هذا الشأن، ما جعله يستنكر الأمر، لاسيَّما وأن أمانة مجلس الوزراء  ردت على الوزارة بتاريخ 16 من الشهر ذاته أيضًا، لتؤكد لها أن الشكوى مازالت ضمن اختتصاص الوزارة.

وفي 5 سبتمبر و26 أكتوبر 2023، طالبت أمانة مجلس الوزراء وزارة التعليم العالي، بالاستعجال للإفادة بنتيجة التي تمت بشأن الشكوى، وانتهى أمر الشكوى في 6 مارس الماضي، كآخر إجراء بشأنها دون جدوى.

ما آل إيه أمر الشكوى جعل «أحمد» يضرب كفًا بكفٍ، متسائلًا: “يا ترى مين المسؤول عن المهزلة دي الوزارة ولا المجلس الأعلى للجامعات ولا الجامعة اللي اتخرج منها حاملي شهادة الانتساب الموجه!”.

لجأ المتضررون إلى تدوين استغاثتهم عبر الصفحات الرسمية لوزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات على «فيسبوك»، قالوا فيها: “معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور ايمن عاشور، ترفض السعودية والكويت تصديق شهادات شباب المصريين خريجي الجامعات المصرية الحكومية بنظام الانتساب الموجه، وهو نظام تعليم حضوري مطابق لنظام الانتظام، وليس تعليم عن بعد حسبما صنفوه لديهم.. الرجاء حل هذه المشكلة بمخاطبة المكاتب الثقافية لكلا من السعودية والكويت لتوضيح طبيعة دراسة الانتساب الموجه، حيث خسر آلاف الشباب المصريين وظائفهم وفرص العمل المعروضة بسبب سوء فهم هذا النظام التعليمي، نرجو الحل السريع لهذه المشكله فضلًا”.

سبق تلك الاستغاثات، تقدم عددًا من حاملي شهادات «الانتساب الموجه» بـ التماس إلى وزير التعليم في المملكة العربية السعودية، بشأن رفض مصادقة شهاداتهم والصادرة من الجامعات الحكومية لدى الملحقية الثقافية بالقاهرة، كخطوة في سبيل الحصول على تأشيرة العمل، ما يعني عدم الاعتراف بمؤهلاتهم الجامعية وعليه عدم تمكنهم من الحصول على تأشيرات العمل المناسبة لمؤهلاتهم وفقًا لما تقتضيه النظم واللوائح المنظمة لذلك بالمملكة العربية السعودية -حسب وصفهم- في الالتماس.

ملجأ أخير

لم تُجدِ الاستغاثات والالتماسات جدوى، ما دفع عددًا من المتضررين إلى تدشين مجموعة وصفحة عبر موقع التواصل الاجتماعي حملتا اسم «خريجو الانتساب الموجه المتضررين من عدم مصادقة مؤهلهم فى دول الخليج»؛ لتكون صوتهم الرسمي المعبر عن معاناتهم؛ لتوصيل مشكلتهم إلى الرأي العام بأكمله، على أمل تحرك الجهات المعنية لإنقاذ الموقف وحل المشكلة.

مقارنات بين مواعيد وجداول امتحانات طلاب بكالوريوس تجارة الفرقة الرابعة جامعة القاهرة، لطلاب نظامي«انتساب الموجه» و«انتظام»، ويكشف الجدول طلاب النظامين يؤدون امتحانات البكالوريوس معًا وفي نفس القاعات وبالجدول ذاته، ما يؤكد أنه لا فرق بين النظامين، وفقًا لما شاركه المسؤولون عن الصفحة والمجموعة، التي اعتبروها نافذة لتوصيل أصواتهم إلى الرأي العام؛ لتحريك الجهات المعنية لحل الأزمة.

مقترحًا من البعض لرفع دعوى قضائية لإجبار الجهات المعنية على سرعة التحرك، الأمر الذي رفضه السواد الأعظم منهم، معتبرين أن «حِبال القضاء» طويلة، وبالتالي الكثير من الفرص ستضيع على الجميع، ويجب البحث عن حل أسرع، وقال أحدهم: “يا جماعة موضوع قضية تستمر سنة أو سنة ونصف ده أمر صعب، الناس هتستفاد إيه بعد سنة ونصف وتكون الفرص ضاعت، أكيد فيه حل أسرع من كدا”.