رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل الدولة حققت النجاح المنشود في تطبيق منظومة التعليم الرقمي؟

محمد عبد اللطيف وزير
محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني

شهدت وزارتي التربية والتعليم والتعليم الفني، والتعليم العالي والبحث العلمي في الآونة الأخيرة اهتماما كبيرا بالتحول الرقمي لمواكبة العصر الحديث والعالم أجمع، فالحكومة تعلم جيدا أهمية هذا القطاع فهو الاستثمار المستقبلي للدولة وتسير نحوه منذ سنوات.

وأولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الاهتمام الكلي بـ "التحول الرقمي في التعليم"  لتوفير فرص العمل للشباب، ولتحقيق التنمية المستدامة لـ 2030، وسينعكس  هذا لاحقا في مجالات أخرى.

مرت الدولة بخطوات مهمة على مدار السنوات السابقة في العملية التعليمية وربطها بالتحول الرقمي والتكنولوجيا، بعمل بنية تحتية مناسبة لهذا التحول، وتحويل نظام الثانوية العامة لـ "التابلت" والكثير يؤكدون على فشلها وصولا بـ "البابل شيت"، كما أن الكثير من المحاضرات في الجامعات أصبحت عبر الأنترنت، وتسعى الدولة حاليا إلى تعيل الكاكيرات داخل الفصول لمنع الغش، وتم التوسع في إنشاء جامعات وكليات تكنولوجية وتخريج أشخاص مدربين قادرين على مواكبة العصر، وتعمل حاليا على توفير فرص عمل لهم في المستقبل، كما أن هناك مشروع قانون لعمل نقابة للتكنولوجيين  .. ماذا بعد صرف هذه المليارات على هذه المنظومة الإلكترونية هل الدولة نجحت في تفعيلها بالشكل المطلوب؟

وكان قد شارك  في الأيام الماضية محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني فى جلسة تحت عنوان "مشروع المدارس المفتوحة للجميع المدعومة بالتكنولوجيا"، وذلك خلال مؤتمر "أسبوع التعلم الرقمي 2024" بفرنسا، والذي تنظمه منظمة اليونسكو.

وأكد الوزير  خلال الجلسة أن مصر انتهجت خطوات هامة في رحلتها لتحقيق تحول جذري في التعليم، إيمانًا بأن التكنولوجيا ليست مجرد أداة بل هي محفز لإطلاق الإمكانات، ورعاية الإبداع، وتوسيع الفرص لكل من المعلمين والمتعلمين، مشيرًا إلى أن نجاح المرحلة الأولى من هذا المشروع هو شهادة على التزام معلمينا وشركائنا.

وأشار الوزير إلى أنه في هذا السياق، تم إطلاق المركز الوطني للتعلم عن بعد، وكذلك استوديو المحتوى الرقمي في الأكاديمية المهنية للمعلمين في مصر (PAT)، مؤكدًا أن هذه الإنجازات تعد ركائز لجهود الوزارة، حيث تمكننا من تعزيز نظام تعليمي أكثر شمولًا ومرونة وقابلية للتكيف، ويعد هذا أمر بالغ الأهمية في سد الفجوة بين التعليم في المناطق الريفية والحضرية، وضمان حصول الطلاب في جميع أنحاء مصر على نفس التجارب التعليمية عالية الجودة.

وتابع الوزير: "بينما ننتقل إلى المرحلة الثانية من المشروع، نهتم بالاستمرار في النجاح حيث ستشهد المرحلة المقبلة تمكين المعلمين من خلال أطر كفاءات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز المركز الوطني للتعلم عن بعد، وتوسيع المجتمعات الافتراضية للممارسة بحيث تضمن هذه الجهود أن يكون كل معلم مجهزًا لتحقيق النجاح".

وأضاف الوزير محمد عبد اللطيف أن هذه الرحلة تتطلب التعاون المستمر لجميع أصحاب المصلحة مثل الحكومات الوطنية، والمنظمات الدولية، وشركاء التكنولوجيا، والأهم من ذلك، المعلمين الذين يسخرون هذه الأدوات في فصولهم الدراسية.

مقترحات لتطوير منظومة التعليم الرقمي

ومن جانبه قال  الدكتورعاصم حجازي  الخبير التربوي أستاذ علم النفس والقياس والتقويم التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، إن البنية التحتية التكنولوجية في مجال التعليم جيدة جدا، وفيما يخص عملية التعليم فلا يوجد مشكلة في استخدام المنصات المختلفة والمادة العلمية الموجودة على هذه المنصات متنوعة بشكل كبير وتتوافق مع أساليب التعلم المختلفة للطلاب.

وأضاف "حجازي"، أن تطبيق نظام الامتحانات من صورة واحدة والذي يتطلب دخول جميع الطلاب لأداء الامتحان في نفس الوقت فإن البنية التكنولوجية لا زالت في حاجة إلى تطوير نظرا لعدم قدرتها على تحمل الأعداد الكبيرة من الطلاب وهو ما دعا إلى اللجوء لاستخدام البابل شيت كحل وسط بين الامتحانات التقليدية والاليكترونية.

وتابع أنه فيما يخص القدرة على تنفيذ محاضرات تفاعلية تزامنية عن بعد فإنها إذا تمت بموعد واحد لجميع الطلاب فستواجه نفس مشكلات الامتحانات الاليكترونية ولكن إذا تم عمل أكثر من محاضرة تفاعلية في أوقات مختلفة لنفس الدرس وتكون صلاحية الدخول لعدد معين من الطلاب فيمكن حينئذ أن تنجح، مؤكدا أن تجربة التابلت لم تفشل في التعليم ولكنها فشلت في التقويم أو استخدام التابلت كوسيلة تجرى من خلالها الاختبارات الالكترونية.

وفيما يتعلق باهتمام التطوير بالتكنولوجيا أكد أن مناهج جميع المواد أصبح لها ظهير أو نظير رقمي إن جاز التعبير ويوجد باركود يمكن للطالب مسحه للدخول إلى المنصة مباشرة والاطلاع على محتوى أكثر تنوعا وثراء. 

وأشار إلى أن منظومة التحول الرقمي جيدة وحققت الكثير من أهدافها لكنها تحتاج بلا شك إلى مزيد من التطوير وخاصة فيما يتعلق بالامتحانات.

وفيما يتعلق بمقترحات التطوير أوضح أننا في حاجة إلى: 

_ الاعتماد على الامتحانات ذات الصور المتعددة والمسحوبة من بنوك أسئلة وفقا للأسس العلمية وهو ما يتيح للطلاب الدخول في أوقات مختلفة وليس في وقت واحد لأداء الامتحان نظرا لاختلاف الأسئلة في محتواها واتفاقها في مستويات السهولة والصعوبة.

_ التوسع في استخدام التعليم غير المتزامن الذي لا يشترط دخول الطلاب في نفس الوقت والتوسع في الاعتماد على القنوات التليفزيونية بجانب المنصات.

_ تحديث وتطوير القدرات التكنولوجية كحل أساسي لتحقيق الاستفادة القصوى من المميزات التي يوفرها التحول الرقمي.

وفيما يتعلق بجهود الدولة  لفت إلى أنها بذلت جهود كبيرة لدعم التحول الرقمي في التعليم لكن نجاح المنظومة يعتمد على حسن استغلال هذه الجهود من قبل أطراف العملية التعليمية المعلم والطالب واتجاهاتهم الإيجابية نحو هذا التحول المهم في مسيرة التعليم، منوها إلى أن الدولة لا زالت إلى الآن تواجه حالة من عدم الارتياح لدى بعض أولياء الأمور والطلاب وبعض المعلمين تجاه التحول الرقمي في التعليم وهو ما يقلل إلى حد كبير من الاستفادة من الجهود المبذولة.

وأشار إلى أهمية التحول الرقمي الذي سيطر على كثير من المجالات بشكل غير مسبوق وبوتيرة متسارعة بشكل كبير، مؤكدا أنه يحتاج إلى عنصر بشري من نوعية خاصة مدرب ومؤهل بشكل كافي على التعامل مع المستحدثات التكنولوجية وتوظيفها بشكل جيد لخدمة أهداف التنمية.

ونوه إلى أن هناك العديد من التطبيقات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقدم للطلاب والباحثين العديد من الخدمات التعليمية والبحثية التي كان يصعب الحصول عليها قبل ذلك فهي توفر الوقت والجهد وتوفر أيضا قدرا أكبر من الدقة، ولاشك أيضا في أن التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم سيعمل على إحداث ثورة معرفية كبيرة جدا وسيسهم بشكل فعال في القضاء نهائيا على كثير من مشكلات النظام التعليمي وعلى رأسها الدروس الخصوصية والغش.

وأشار إلى أن الإلمام بالتكنولوجيا بشكل جيد يفتح المجال أمام الخريجين لإيجاد فرص عمل متميزة ومتعددة في الوقت الذي أصبحت فيه الوظائف المرتبطة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي هي الأعلى دخلا والأكثر تواجدا، وذلك لتحول معظم سوق العمل إلى العمل باستخدام التكنولوجيا، ولذلك فإن المستقبل يفتح أبوابه للمتميزين في الجانب التكنولوجي بشكل أكبر من أولئك الذين يمتلكون مهارات تقليدية قد لا تجد لها مكانا في سوق العمل بعد سنوات قليلة معدودة.

وأكد “الخبير التربوي”، أن وزارتي التعليم والتعليم العالي تبذلان جهودا كبيرة من أجل تطوير البرامج المقدمة للطلاب واستحداث برامج جديدة أكثر ارتباطا بسوق العمل وبالجانب التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، فهناك المدارس التكنولوجية وهناك الكليات التكنولوجية وكليات الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى البرامج الخاصة في عدد كبير من الكليات وحتى في المناهج المقدمة للطلاب في الكليات النظرية أصبح الاعتماد على توظيف التكنولوجيا في التعليم أمرا شائعا في معظم الكليات.

 خطوات حديثة في منظومة التعليم الرقمي

وفي السياق قالت الدكتورة صباح صابر عميد كلية التكنولوجيا جامعة سوهاج سابقا، إن الدولة المصرية اتخذت خطوات حديثة في منظومة التعليم الرقمي خاصة بعد  جائحة كورونا.

وأضافت "صابر"، أن التعليم الرقمي واحد من رؤى الدولة المصرية في رؤية 2030 وهي التي تخدم فكرة التحول الرقمي.

وتابعت أن الدولة تسير بخطى سليمة نحو الحول الرقمي في التعليم، ولكنها تحتاج إلى بعض الوقت والجهد للوصول إلى ما نحلم به، مؤكدة أن الاهتمام بهذا القطاع سيؤثر إيجابيا على منظومة التعليم الفني والتكنولوجي في مصر. .

وأكدت "عميد كلية التكنولوجيا جامعة سوهاج سابقا"، أن الدولة تمتلك بنية تحتية جيدة ولديها الكثير لتقديمه في الفترة القادمة.